نبتون
2013 أطلس الكون
مور ، السير باتريك مور
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
نبتون
بعد اكتشاف كوكب أورانوس ببضعة سنوات، أصبح من الواضح أنه لا يتحرك كما كان متوقعًا. كان السبب المنطقي اضطرابًا جراء كوكب مجهول على مسافة أكبر من الشمس. وقام عالما رياضيات، هما ي. ج. ج. لو فيريير (U. J. J. Le Verrier) في فرنسا، وج. س. أدامز (J. C. Adams) في إنجلترا، كل بشكل مستقل، بحساب موقع هذا الكوكب الجديد، وفي عام 1846 قام يوهان غالي (Johann Galle) وهينريخ دي أريست (Heinrich D’Arrest)، في مرصد برلين، بالتعرف عليه. وبعد بعض النقاش تم تسميته نبتون (Neptune)، وهو إله البحر في الأساطير.
نبتون أخفت من أن يرى بالعين المجردة، إذ يبلغ قدْره 7.7، لذلك فهو ضمن نطاق المناظير، وتظهر المقرابات أن لديه قرص صغير أزرق اللون. هو متطابق من حيث الحجم تقريبًا مع أورانوس لكن كتلته أكبر بكثير. تصل فترته المدارية إلى 165 سنة تقريبًا. وكما هو الحال مع الكواكب العملاقة الأخرى، يعتبر سريع الدوران، إذ يمتلك فترة دوارن محورية تبلغ 16 ساعة و7 دقائق. لا يتشاطر نبتون الانحرافات الغريبة لكوكب أورانوس، فمحوره مائل بـ 28° 48’ فقط إلى الخط العمودي.
بالرغم من أن أورانوس ونبتون شبه توأمين، إلا أنهما ليسا متطابقين. فعلى العكس من أورانوس، يمتلك نبتون مصدرًا قويًا من الحرارة الداخلية، ولذلك درجة الحرارة في أعالي السحاب هي تقريبًا نفس درجة الحرارة في أورانوس، بالرغم من أن نبتون أبعد عن الشمس بأكثر من 1600 مليون كيلومتر (1000 مليون ميل). أما من حيث التركيب، يفترض أن نبتون تهيمن عليه ’مواد جليدية‘ كوكبية، مثل الماء الجليدي؛ وربما يكون هناك لب من السيليكات يحيط به غلاف اللب، لكن من المحتمل أن اللب قد لا يكون شديد التمايز عن المكونات الجليدية.
إن جُل معرفتنا المفصلة عن نبتون استقيناها من مركبة فضائية واحدة هي ڤويجير 2، التي حلقت متجاوزة الكوكب في 25 أغسطس 1989 – على بعد 4425 مليون كيلومتر (2750 مليون ميل) من الأرض. عبرت ڤويجير فوق القطب الشمالي المظلم بسرعة متوسطة تزيد قليلًا عن 17 كيلومتر (10 ميل) في الثانية، وفي ذلك الوقت كان نصف الكرة الجنوبي في ’صيفه‘ الطويل.
قبل اقتراب ڤويجير بكثير، بينت الصور أن نبتون كان عالمًا أكثر ديناميكيةً من أورانوس. أوضح المعالم على سطحه الأزرق كانت البقعة الداكنة الكبرى، البيضاوية الشكل والهائلة الحجم، على خط العرض 8°28’ جنوبًا، ولها فترة دوران تزيد على 18 ساعة، لذلك فهي تتجه إلى الغرب بالنسبة إلى السحب القريبة بسرعة 30 متر (100 قدم) في الثانية. وقد دارت بطريقة معاكسة لإتجاه الساعة، وأظهرت بدرجة أو بأخرى تغيرات متوقعة في شكلها وإتجاهها. وتعلوها سحب رقيقة تتألف من كريستالات الميثان)’سحب الميثان الرقيقة‘( وبين هذه وسطح السحب الرئيسية هناك منطقة فارغة تبلغ 50 كيلومتر )31 ميل(. وبالتوغل جنوبًا )42° جنوبًا( كان هناك مَعلم أصغر الحجم، شديد التميز، به مركز ساطع، وله فترة دوران أقصر، تمت تسميته ’الدراجة الصغيرة‘، وبالتوغل مزيدًا نحو الجنوب )55° جنوبًا( كانت هناك بقعة داكنة ثانية. أصبحت الآن معالم نبتون ضمن نطاق مقراب هابل الفضائي – ومن الغرابة أن الصور التي التقطت في أغسطس 1996 )ومنذ ذلك الوقت( لم تظهر أثرًا للبقعة الداكنة الكبرى. فقد شوهدت معالم أصغر حجمًا، ويبدو ألا مناص من التوصل إلى إختفاء البقعة الداكنة الكبرى. تم تسجيل بقع أخرى، وأصبح من الواضح أن نبتون أشد تمايزًا مما كان يتوقع.
نبتون مكان تعصف به الرياح. فعند خط الاستواء تهب الرياح بإتجاه الغرب )تراجعية( بسرعة تصل إلى 450 متر )1500 قدم( في الثانية؛ عند الإتجاه أكثر إلى الجنوب تتباطئ الرياح، وبعد خط العرض 50° تتجه نحو الشرق، فتصل إلى 300 متر )1000 قدم( في الثانية لكنها تنخفض مجددًا بالقرب من القطب الجنوبي. وتظهر قياسات درجات الحرارة وجود مناطق باردة بين خطوط العرض مع كون خط الاستواء والقطب أشد دفئًا.
يتألف الغلاف الجوي الأعلى بشكل رئيسي من الهيدروجين )85 بالمئة(، مع كمية كبيرة من الهيليوم وشيء من الميثان. توجد طبقات مختلفة من السحب، يعلوها الضباب الرقيق المكون من الميثان.
كوكب نبتون مصدر للموجات الراديوية، وهذا كان من المتوقع، لكن اتضح أن المجال المغناطيسي يحمل مفاجأة كبيرة. فالمحور المغناطيسي يصنع زاوية 47° مع محور الدوران، ومن هذا الوجه يشبه نبتون أورانوس أكثر من المشترى أو زحل. هنا أيضًا لا يمر المحور المغناطيسي بمركز الكرة، لكنه منحرف بـ 10,000 كيلومتر )6200 ميل(. إن ذات المجال المغناطيسي أضعف من الذي في الكواكب العملاقة الأخرى. وتم التثبت من وجود أضواء الشفق، بالرغم من أنها بالطبع أشد سطوعًا عند القطبين المغناطيسيين.
أثبتت ڤويجير أن لنبتون نظامًا حلقيًا، إلا أنه أقل وضوحًا من أنظمة الكواكب العملاقة الأخرى. فإجمالاً، يبدو أنه توجد خمس حلقات منفصلة، إضافة إلى ما يطلق عليها ’هضبة‘، ونطاق ضعيف من مواد تتكون من جسيمات ضئيلة جدًا. وقد يكون هناك ’غبار‘ يمتد حتى أعالي السحب.
تم تسمية الحلقات تكريمًا لعلماء الفلك الذين شاركوا في اكتشاف كوكب نبتون. حلقة أدامز (Adams) هي أبرزها، وهي ’متكتلة’ مع ثلاثة أقواس براقة ربما تكون بسبب قوة جذب غالاتيا (Galatea)، أحد أحدث الأقمار الصغيرة اكتشافًا. فالحلقة التي تقع على مسافة 62,000 كيلومتر (38,750 ميل) هي على مقربة من مدار غالاتيا. وتبدو الحلقات مظلمة وشاحبة، أما الأقسام الأشد خفوتًا فهي بالكاد تخطت الحد الفاصل لقابلية الرؤية بالنسبة لـﭭويجير.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]