علوم الأرض والجيولوجيا

نبذة تعريفية عامة حول “النِفط”

2004 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السادس عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

النفط البترول علوم الأرض والجيولوجيا

عَرَفَ الإنسانُ النِّفطَ من أكثرَ من نحو ستةِ آلافِ عامٍ، وذلكَ في حَوْضِ نَهْرِ الفُراتِ بالعراقِ، وكانَ يستخدمُهُ في أغراضٍ شَتّى: كوقودٍ. 

وفي تَغْطيةِ الزَّوارقِ الخَشَبيَّةِ لحمايَتِها من الماءِ، وفي علاجِ بَعْضِ الأمْراضِ الجِلْديّةِ. كما عَرَفَهُ المصريونَ القُدماءُ كذلكَ وكانُوا يَستخدمونَهُ في عملياتِ التَّحْنيطِ والطِّلاءِ.

ثُمَّ تبيَّنَ للإنسانِ بعدَ ذلكَ أنَّ النَّفْطَ كوقودٍ يَتميَّزُ عن أنواعِ الوقودِ الصَّلْبةِ الفَحْمِ والخَشَبِ. 

فهو سائِلٌ سَهْلُ النَّقلِ والضَّخِّ ولا يَتركُ رَمَاداً بعدَ احتراقِهِ كما أنَّهُ نظيفٌ نِسبيَّاً في التَّعاملِ مَعَهُ ويُعْطِي طاقَةً حرارية تزيد بنسبة 50% على تلك التي يعطيها الفَحْمُ مثلاً.

 

وكلمةُ «بترولٍ»، المرادفةُ لكلمةِ نِفْطٍ في بعضِ الدُّولِ العَربيَّةِ، كلمةٌ مَنْحوتَةٌ من كلمتينِ يونانيتينِ قديمتينِ هما «بترا» بِمَعْنَى الصَّخرِ و «أوليم» وتَعْني زَيْتاً، أيْ زيتَ الصَّخْرِ، نَظَراً لِتفجُّرِهِ وانْسيابِهِ بينَ الصُّخورِ.

وجَدَّ العلماءُ في معرفَةِ سببِ تَكوُّنِ النِّفْطِ ووضَعُوا لذلكَ نظريتينِ إحداهُمَا تُؤكّدُ الأصلَ العضويَّ له، والأُخْرى تُشيرُ إلى أصْلِهِ غيرِ العضْويِّ.

إذ تَرَى النظريةُ الأُولى، وهي الأكثرُ قبولاً، أنَّ النِّفْطَ ينتجُ عن تَحلُّلِ الحيواناتِ المَطْمورةِ في باطنِ الأرضِ بِفِعْلِ الضَّغْطِ والحرارةِ. بينَما تفترضُ النظريةُ الثانيةُ أنَّ النَّفْطَ ناتِجٌ عن اتِّحادٍ بينَ غازاتٍ وعناصرَ معيَّنةٍ موجودةٍ في باطنِ الأرضِ.

 

ويتواجدُ النَّفْطُ في مصائدَ ذواتِ أشكالٍ عديدةٍ في باطنِ الأرضِ تَكَوَّنتْ نتيجةَ عملياتٍ أرضيَّةٍ كبيرةٍ تسبَّبتْ في تغييرِ شكلِ طبقاتِ الأرضِ بحيثُ أصبحتْ قادرةً على حجزِ النِّفْطَ وتخزينِهِ بداخِلِها.

ويوجدُ النَّفْطُ عادةً مَصْحوباً بكميّاتٍ هائلةٍ من الغازِ الطبيعيِّ من فوقِهِ لأنَّهُ أخفُّ منهُ والماءِ مِنْ أسفلِهِ لأنَّهُ أثقلُ منهُ، ومن حُسنِ الحظِّ أنَّهما يساعدانِ في عملياتِ اسْتخراجِهِ.

ويمكنُ للإنسانِ التعرُّفُ على أماكنِ التَّجمعاتِ النَّفْطيّةِ عن طريقِ دراسةِ طَبقاتِ الأرضِ ومعرفةِ خَواصِّها بدقَةٍ، ومن ثَمَّ يتمُّ التأكدُ من وجودِ النِّفْطِ بها عن طريقِ حَفْرِ الآبارِ الَّتي تَصلُ إلى أعماقٍ كبيرةٍ.

 

ويتمُّ تبطينُ الآبار بمواسيرَ من الحديدِ تُثَبَّتُ بأنواعٍ خاصَّةٍ من الأسمنتِ للمُحافظةِ على الآبارِ فترةً طويلةً هي عمرُ البِئْر الَّتي قدْ تصلُ أحياناً إلى أربعينَ أو خمسين عاماً.

ومِمَّا يجدرُ ذكرُهُ هنا أنَّ عمليَّةَ حفرِ بئرِ النِّفْطِ عمليَّةٌ مُكْلِفَةٌ، إذْ قدْ تزيدُ أجرةُ جهازِ الحفْرِ على خمسينَ ألفِ دينارٍ كويتيٍّ في اليوم الواحدِ، وتستغرقُ عمليّةُ حفرِ البئرِ من عشرينَ يوماً إلى ثلاثةِ أَشْهرٍ.

والنَّفْطُ خَليطٌ مُعَقَّدٌ من الهيدروكربوناتِ الغازيّة والسَّائلةِ والصُّلْبَةِ الّتي تتكوَّنُ أساساً من عُنصرينِ هما الهيدروجينُ والكربونُ مُتحدينِ معاً بِنِسَبٍ وأَشْكَالٍ تَخْتلفُ من خَزَّانٍ نفطيٍّ إلى آخرَ.

 

والنَّفْطُ الخَامُّ بمثابَةِ زيتٍ أسودَ اللّونِ غالباً، وأحياناً ما يكونُ أصفرَ أو أخضرَ، تَتَراوحُ كثافتُهُ بينَ 0.8 جم/سم3 و 0.98 جم/سم3. 

وتبدأُ درجةُ غَليانِهِ من درجةِ حرارةِ الغُرفَةِ وتمتدُّ إلى أكثرَ من 350° سيلزية، وهو يُحَلُّ بسهولة في المذيباتِ العضويَّةِ المَعْروفةِ.

واسْتخداماتُ النِّفْطِ تكادُ لا تَقَعُ تحتَ حَصْرٍ، فهو يُستخدَمُ لإنتاجِ الكهرباءِ، كما تَدْخلُ مذيباتُهُ في صناعاتٍ كثيرةٍ لعملِ الأحْبارِ والورنيشِ والبوياتِ والشّموعِ وأدواتِ التَّجميلِ والكريماتِ والورقِ والجلودِ والبلاستيكِ والمَطّاطِ وغَيْرِها.

 

وقدْ أَوْدَعَ الخالقُ سبحانَهُ وتَعَالَى النَّفْطَ في باطِنِ الأرضِ منذُ ملايينِ السنينَ، وشاءتْ قدرتُهُ أنْ يظلَّ مَحْبوساً كمَوْردٍ طبيعيٍّ يستخرجُهُ الإنسانُ ويُحوِّلُهِ – بعدَ إجراءاتٍ مُعَيَّنةٍ – إلى ثَرْوةٍ طبيعيَّةٍ.

ومِمَّا يجدُرُ ذكرُهُ هنا أنَّ مَردودَ بَيْعِ النَّفْطِ الخامِّ يقلُّ بكثيرٍ عن مردودِ مُنْتجاتِ تكريرِهِ إذْ يبلغُ المردودُ الثّاني عَشرةَ أمثالِ المردودِ الأوَّلِ على الأقلِّ!

وإذا كانَ ثَمنُ برميلِ النِّفْطِ الخَام قَدْ يصلُ أحياناً إلى ثلاثينَ دُولاراً أمريكيّاً فإنَّ ما تدرُّهُ البتروكيماوياتُ (وهي موادَّ كيماويّةٌ ذواتُ أَصْلِ بتروليٍّ) للبرميلِ الواحِدِ يُقَدَّرُ بعدَّةِ آلافٍ من الدّولاراتِ.

 

ومِنْ ثُمَّ فإنَّ اسْتخدامِ النِّفْطِ كوقودٍ يُعْتَبَرُ هَدْراً لذلكَ المَوْردِ الغَالي الّذي حَبَانا اللهُ بِهِ ومَنَحَنَا إياهُ بغيرِ ما طَلَبٍ مِنّا ولا أموالٍ ندفعُها فيه.

ونَظَراً كذلك لأنَّ النَّفْطَ هو مَوْرِدٌ طَبيعيٌّ غيرُ متجدِّدٍ، فحريٌّ بنا أَنْ نَصونَهُ وأَنْ نرشِّدَ استغلالَهُ لمَنفَعَتِنا ومنفعةِ أجيالٍ عَديدةٍ قادِمَةٍ، ومِنْ ثَمَّ لا يكونُ استخراجُهُ إلا بِحِكْمةٍ وبمقدارٍ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى