علوم الأرض والجيولوجيا

نبذة تعريفية عامة حول صفة “السحنة” التي تكتسبها الصخور

1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الثالث

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الصخور سحنة الصخور علوم الأرض والجيولوجيا

يطلق اسم السحنة (Facies) على أي صفة يتسم بها صخر ما، كمظهره الكلي، أو تركيبه، و ظروف تكونه، و التغيرات التي يمكن أن تحدث في هذه الصفات في منطقة جغرافية معينة يوجد بها الصخر.

وللفظة السحنة عدة معان في الاستخدامات الجيولوجية الشائعة، فهي قد تشير إلى:

– أية أجسام موجودة في محتوى صخر معين، فيقال على سبيل المثال: سحنة الطبقات الحمراء.

– مجموعة المكونات التي يتألف منها صخر ما، كما هي الحال في قولنا: سحنة الطفل الصفحي الأسود (Black shale facies).

– جزء من منطقة جيولوجية محددة (يمكن رسم خريطة له) لجسم صخري يشغل مساحة جغرافية.

 

كما قد تستخدم اللفظة كإصطلاح شامل يتضمن جميع الأنواع الخاصة والمحصورة من السحن.

ويستخدم مصطلح السحنة – على نطاق واسع – مع الأجسام الصخرية الرسوبية ولكنه غير مقصور عليها. وتعكس التغيرات التي تنتاب سحن الصخور الرسوبية التي حدثت في البيئات التي ترسبت فيها هذه الصخور. 

فعلى سبيل المثال، يمكن ملاحظة التغيرات في البيئات من خلال ملاحظة سحن الصخور، فبيئات مياه الأنهار العذبة تتغير إلى بيئات المياه المالحة عند المصبات ثم إلى البيئة البحرية في المحيطات.

 

وبوجه عام لا تقتصر العلاقة بين الصخور الرسوبية والسحن على الصفات التي تتسم بها هذه الصخور خلال عمليات التجوية أو التحول أو التغيرات التي تحدث في بنية الصخر.

ويمكن تمييز السحن في الصخور المتحولة عن طريق التعرف على المعادن الموجودة فيها والتي تدل على درجات التغير التي انتابت هذه الصخور خلال مراحل تحولها.

 

 السحن الصخرية

إن أكثر السحن التي يتم تحديدها بشكل واضح في الدراسات الجيولوجية هي السحن الصخرية.

ويعرف هذا النوع من السجن بأنه «قسم جانبي من جسم صخري طباقي (استراتجرافي) يكون مميزاً بسماته الليثولوجية عن أية أجزاء صخرية مجاورة لهذا الجسم».

 

ويتم فصل السحن الصخرية جانبياً بإحدى طريقتين:

الأولى: بواسطة مستويات التحطيم العمودية التي تقسم الوحدة الصخرية إلى عدة أجزاء يختلف بعضها عن بعض.

والثانية: عن طريق تداخل السطوح وهذا النوع يمكن رسم خرائط له.

 

وتوجد عدة أسس ليثولوجية لتمييز السحن الصخرية الممثلة بالخرائط:

1- التركيب الليثولوجي الإجمالي (الذي يشتمل على تحديد النسبة المئوية للحجر الرملي والطين الصفحي والحجر الجيري، أو تحديد نسبة أي من هذه الصخور إلى الباقي).

2- السمات الليثولوجية المميزة (مثل لون الطين الصفحي أو اختلافات أنواع الحجر الجيري).

3- تجميع السمات الصخرية التي تحدد الظروف التي ترسبت خلالها الرواسب مثل السحن البرية أو البحرية أو سحن الأحواض العظمى (Geosynclinal facies) (انظر: صخور رسوبية – ترسيب)

 

وتبين خرائط السحن الصخرية التوزيع المساحي للمظاهر الليثولوجية المميزة والمتعددة.

وتستخدم هذه الخرائط في عمليات استكشاف النفط، إلى جانب الخرائط الأخرى (الخرائط الكنتورية التركيبية (Structure-contour) وخرائط السمك الحقيقي (Isopach Maps) التي تبين السمك الكلي لأي وحدة طباقية، وتفيد خرائط السمك الحقيقي والخرائط التركيبية في تمثيل المعلومات المتعلقة بالهندسة الكلية لجسم الصخر الطباقي (الاستراتجرافي).

فعلى سبيل المثال تعطى خريطة السمك الحقيقي معلومات عن مدى المسامية (Porosity) والتغيرات في السمك، بينما توضح الخريطة التركيبية الهيئة البنيوية للسطح العلوي لجسم الصخر.

 

وتعطى خريطة السحنة الصخرية معلومات مفيدة عن التركيب المتغير لجسم الصخر من خلال وجوده الجغرافي، ويدل هذا التركيب المتغير على المناطق المفضلة لإجراء عمليات استكشاف النفط أو الغاز، وذلك بسبب وجود تجمعات معينة من الصخور الرسوبية في المناطق التي يمكن إنتاج الزيت منها.

وهكذا فإن معرفة التغيرات في السحن الصخرية بالإضافة إلى معرفة المناطق الجيولوجية ذات التراكيب التكوينية العلوية (كالقباب domes والطيات المحدبة anticlines) تعتبر عوامل هامة لتحديد الأماكن التي يوجد فيها الزيت أو الغاز.

وفي بعض الأحيان يمكن التعرف على أماكن حقول النفط الاستراتجرافية والتي تعد الخصائص السحنية العوامل الرئيسية المتحكمة فيها – باستخدام خرائط السحن الصخرية وذلك على المستوى الإقليمي. 

 

كما يمكن التعرف أيضاً على أماكن وجود الأنواع الأخرى من الرواسب المعدنية التي تكون مصاحبة للأجسام الصخرية الرسوبية (كما هي الحال في رواسب خامات اليورانيوم والرصاص والزنك)، باستخدام خرائط السحنة، إذ أن هذه الرواسب ترتبط عادة بالنماذج السحنية للصخور الرسوبية.

وتلقى دراسة السحن الصخرية الضوء أيضاً على الجيولوجيا التاريخية للصخور الرسوبية، حيث تزودنا بالمعلومات التي تفيد في تحديد الظروف التي ترسبت خلالها الرواسب، كأن تكون المياه البحرية التي حدثت فيها عملية الترسيب ضحلة أو عميقة.

كما تفيد في معرفة ظروف تكون دلتات الأنهار والبحيرات الشاطئية، وأية ظروف أخرى للترسيب، وهي توفر أيضاً بعض الدلائل العلمية عن السمات المميزة لحدوث هبوط نسبي في قشرة الأرض أثناء تراكم الرواسب.

 

السحن الحياتية

تسهم دراسات السحن الصخرية في توفير معلومات إضافية عن البيئات القديمة، ومع ذلك فإن بعض مظاهر هذه البيئات لا يمكن تفسيره إلا من خلال دراسة المتعضيات الأحفورية الموجودة في الصخور الرسوبية.

ويشكل التركيب الجزئي الجانبي لأي وحدة استراتجرافية – الذي يختلف عن التركيب المماثل لأي وحدة أخرى مجاورة في الخواص الحياتية (البيولوجية) – ما يعرف بإسم السحنة الحياتية وتقوم خرائط السحن الحياتية على أساس نسب المتعضيات الأحفورية بعضها إلى بعض. 

 

وكما هي الحال في خرائط السحن الصخرية فإن هذا النوع من الخرائط يقوم على أسس الخصائص الليثولوجية.

وتفيد خرائط السحن الحياتية – بشكل خاص – في التعرف على بيئة الترسيب حيث تعكس المتعضيات عادة الظروف البيئية التي وجدت خلالها هذه المتعضيات كعمق المياه، والملوحة، ودرجة الحرارة، وغير ذلك من الظروف والعوامل البيئية.

 

خرائط السحن

تتمثل أهمية التغيرات في سحن الصخور في التعرف على التاريخ الجيولوجي القديم وفي استكشاف الخامات والرواسب المعدنية، وبسبب ذلك ازداد الاهتمام باستنباط عدة طرق لإعداد خرائط السحن.

ويتم إعداد معظم الخرائط بطريقة الخريطة الكنتورية، وذلك عن طريق رسم خطوط متساوية القيمة عبر حقل من الإعداد التي تمثل القيم الملاحظة للسمات الصخرية التي تم قياسها.

ويتم الحصول على البيانات الأساسية للسحن الصخرية عن طريق تحديد السمك لأنواع متعددة من الصخور التي يتم سبرها بواسطة الآبار في المناطق التي يجري رسم الخرائط لها، أو لجوانب الوديان ذات الصخور المنكشفة.

 

وفي أبسط أنواع خرائط السحنة (النوع المعروف بخريطة تساوي السحنة الصخرية (Isolith Map)، يتم تحديد السمك الكلي لنوع مختار من الصخور (كالحجر الرملي) في الوحدة الاستراتجرافية عند كل نقطة من نقاط الملاحظة. 

كما يتم رسم الخطوط الكنتورية (التحديدية) للسمك الكلي للحجر الرملي عن طريق وصل الأرقام بعضها ببعض، وتوضح مثل هذه الخريطة الكمية المطلقة للحجر الرملي في الوحدة الاستراتجرافية، وهي مفيدة في دراسة مكامن النفط المحتمل وجودها في المنطقة قيد الاهتمام.

ومن خرائط السحن أيضاً نوع يعرف بخرائط المحتوى الصخري النسبي (Maps of Relative Rock Content)، وهذا النوع يفيد في إعطاء معلومات أخرى عن جسم الصخر، مثل النسبة المئوية للحجر الرملي في الوحدة الاستراتجرافية أو النسبة بين الحجر الرملي والطين الصفحي.

 

وبصورة عامة يتم إعداد خرائط متعددة للسحن الصخرية لأي وحدة استراتجرافية قيد الدراسة، وذلك بهدف توفير بيانات وافية عن أكثر من خاصية ليثولوجية.

ومن التطبيقات المفيدة لتقنيات النسب المستخدمة في الخرائط السحنية مضاهاة الأجزاء الفتاتية للجسم الرسوبي (الرمال أو الطين المحمول إلى موقع الترسيب بواسطة التيارات المائية أو أية وسائط نقل أخرى) ومقارنتها بالرواسب غير الفتاتية (كالحجر الجيري الذي قد يتكون مباشرة في بيئة الترسيب من خلال عمليات كيميائية أو بيولوجية)

ويمكن التعبير عن هذه المضاهاة باستخدام اصطلاح (النسبة الفتاتية) (Clastic Ratio).

 

وتعرف النسبة الفتاتية بأنها نسبة حاصل جمع سمكي الحجر الرملي والطين الصفحي في وحدة استراتجرافية إلى سمك الحجر الجيري.

وتدل هذه النسبة – في مثل هذه الحالة – على عدد الأقدام من الرمال والطين التي ترسبت بالنسبة لكل قدم من الحجر الجيري، أي أنها تعتبر مقياساً للمقارنة بين الإسهام النسبي للمواد المنقولة إلى البيئة، وبين الرواسب التي تكونت محلياً.

وهكذا توفر النسب المستخدمة في الخرائط السحنية وسائل مفيدة لبيان العلاقات المشتركة بين عدة مكونات ليثولوجية باستخدام فئة واحدة من الخطوط الكنتورية.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى