نبذة تعريفية عامة حول “مادة الصهير” المكونة للصخور النارية
1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الثالث
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
مادة الصهير الصخور النارية علوم الأرض والجيولوجيا
الصهير هو المادة الخام التي تتكون منها الصخور النارية وهو يتكون من سائل صخري سيليكاتي معقد التركيب غليظ القوام درجة حرارته عالية، ويتركب كيميائياً من مركبات سيليكاتية غير قابلة للتطاير.
وتكون حوالي 97% من مكونات الصهير إضافة إلى مركبات متطايرة تشمل الغازات والأبخرة والماء وبعض الأملاح الذائبة فيه وتكون حوالي 3% من الصهير.
يوجد الصهير أسفل القشرة الأرضية على أعماق ذات حرارة عالية وضغط كبير. وعندما يصل الصهير إلى سطح الأرض من خلال البراكين والصدوع فإنه يعرف بإسم اللابة (جمعها لابات) أو الحرة (جمعها حرّات).
والصهير نظام متعدد المكونات حيث يمكن أن نحصى به أكثر من عشرة مكونات أساسية، فالمركبات السيليكاتية للصهير معقدة التركيب وتتكون من مجموعة من العناصر الأساسية، ومجموعة أخرى من العناصر النادرة أو الشحيحة.
ومن العناصر الأساسية في الصهير: الأكسجين – السيليكون – الألومينيوم – الحديد – المغنسيوم – الكالسيوم – الصوديوم – البوتاسيوم. ويوجد الأكسجين متحداً مع معظم هذه العناصر.
وبطبيعة الحال تختلف نسبة وجود هذه العناصر في الصهير الحامضي عنها في الصهير القاعدي، فمثلاً تزداد نسبة السيليكا (SiO2) في الصهير الحامضي عنه في الصهير القاعدي، الذي تزيد فيه نسبة الكالسيوم والمغنسيوم والحديد.
أما العناصر الشحيحة أو النادرة فتمثل نسبة قليلة من الصهير (حوالي 1%)، إلا أنها تشمل بقية العناصر المختلفة في القشرة الأرضية.
ومن أمثلتها: الكوبلت – النحاس – القصدير – النيكل – الرصاص – المنجنيز – الباريوم – السترونشيوم – الڨاناديوم – الليثيوم – الجاليوم – الكروم – الزيركونيوم – الزنك – اليورانيوم – الثوريوم.
والواقع أن هناك الكثير من العوامل التي تتحكم في سلوك (behavior) هذه العناصر الرئيسية والشحيحة، الداخلة في تركيب الصهير خاصة أثناء عملية التبلور.
ومن هذه العوامل نذكر على سبيل المثال وليس الحصر: تكافؤ العنصر، قدرته على التأين والتأكسد والاختزال، وخواص العنصر الكهروكيميائية، ووضعه في السلسلة الكهروكيميائية، ونصف قطره الذري…. الخ.
وبالرغم من أن المكونات المتطايرة للصهير تمثل نسبة قليلة تتراوح بين (2 – 3%) ممثلة بالغازات مثل: أول أكسيد الكربون – نيتروجين – هيدروجين – كلور – ثاني أكسيد الكربون – ثاني أكسيد الكبريت – فلور، والأبخرة والماء وبعض الأملاح الذائبة فيه.
إلا أن هذه المكونات يزداد تركيزها ويظهر أثرها جلياً في تكوين الكثير من المعادن الاقتصادية باستمرار عملية التبلور، خاصة في الأطوار الأخيرة لتبلور الصهير بعد تكوين المركبات السيليكاتية.
ويظهر أثر الماء في تكوين معادن الميكا والأمفيبول والتورمالين وغيرها. ويوجد الماء في اللابات بنسب تفوق وجوده في الصهير. وقد استدل على ذلك من زيادة متوسط نسبة الماء في الصخور البركانية عنه في الصخور الجوفية.
ويوجد الكثير من الأملاح الذائبة في ماء الصهير، مثل كبريتات المغنسيوم وفلوريدات الصوديوم والبوتاسيوم والمغنسيوم والأمونيوم وفلوريد الكلسيوم.
وتعمل المركبات المتطايرة على خفض درجة حرارة تكون بعض المعادن وكذلك تقليل لزوجة الصهير.
درجة حرارة الصهير:
أمكن التعرف على درجة الصهير من خلال قياس درجة حرارة اللابات عند خروجها إلى سطح الأرض، وكذلك باستخدام بعض المعادن كترمومتر جيولوجي.
حيث أن لكل معدن درجة حرارة يتصلب عندها وقد تبين من خلال هذه القياسات أن درجة حرارة الصهير تتراوح بين 800 – 1200˚ س، وإن كان بعض العلماء يرون أنها قد لا تزيد عن 1150˚ س لأن المركبات المتطايرة تعمل على خفض درجة حرارة الصهير.
وقد تبين من دراسات ماكدونالد (Macdonald) عن درجة حرارة الصهير البازلتي في براكين هاواي، أن درجة الحرارة تتراوح بين 1050-1200˚س.
وهذه تمثل درجة حرارة اللابة القاعدية والتي تأتي من أعماق سحيقة (طبقة السيما)، أما اللابة الحمضية فقد قدرت درجة حرارتها بحوالي 800˚س.
لزوجة الصهير:
سبقت الإشارة إلى أن الصهير سائل غليظ القوام، إلا أن ذلك لا يمنع انسيابه وتدفقه خلال الشقوق والفوالق الموجودة في الأرض.
والواقع أن المصهورات السيليكاتية تختلف اختلافاً بيناً في لزوجتها، فبعضها ذو لزوجة عالية كالصهير الحمضي والآخر ذو لزوجة منخفضة كالصهير القاعدي. وبصفة عامة يمكن القول أن لزوجة الصهير تزداد نتيجة العوامل التالية:
– انخفاض درجة الحرارة.
– النقص في كمية المياه المذابة.
– زيادة الجزء المتبلور من الصهير.
– زيادة نسبة السيليكا (SiO2).
وفي معظم الأحيان تتشابك هذه العوامل جميعها ولا يلعب كل عامل دوره منفرداً.
ونظراً لانخفاض نسبة السيليكا في اللابة القاعدية ومن ثم قلة لزوجتها فهي تنساب إلى مسافات كبيرة قد تصل إلى عدة كيلومترات ولا تكون قمماً جبلية كما يفعل الصهير الحمضي (أو اللابة الريوليتية) الغني بالسيليكا.
كثافة الصهير:
تتراوح كثافة الصهير بين 2,4 – 2,7 جم/ سم3. وعموماً فإن كثافة الصهير تكون أقل من كثافة البلورات المتكونة منه.
ومعظم أنواع الصهير البازلتي تكون ذات كثافة أعلى من مواد القشرة الأرضية القارية، ولذا فإنه يعتقد أنه قد دفع إلى السطح هيدروستاتيكيا أو بالدفع الشديد للغازات. الأنواع الأخرى من الصهير تكون أقل كثافة من الكثير من الصخور.
وتتوقف كثافة الصهير على عدة عوامل من أهمها:
– تركيب الصهير نفسه وكثافة العناصر الموجودة فيه، وكذلك كمية ونوع المركبات المتطايرة.
– درجة حرارة الصهير حيث تتغير كثافة الصهير بتغير درجة حرارته.
– الضغط الواقع على الصهير يؤثر بصورة مباشرة على كثافة الصهير ويؤكد ذلك الاختلاف الواضح بين كثافة الصهير والحمم أو اللابات.
وجود الصهير:
أما بالنسبة لأماكن وجود الصهير، فمن المؤكد علمياً أنه يوجد تحت سطح الأرض في المناطق ذات النشاط البركاني، ويشغل أحياناً مساحات هائلة في باطن الأرض على شكل فجوات كبيرة مملوءة بالمواد المصهورة.
وللدلالة على عظم كمية الصهير الموجود في الفجوات أنه في أحد الانفجارات البركانية العنيفة، اندفع ما يغطي حوالي 100 كم3 من المواد المنصهرة من فوهة أحد البراكين في عدة أسابيع فقط.
وقد توجد غرف الصهير في بعض الأماكن المستقرة أسفل قشرة الأرض والتي لا تشهد أي نشاط بركاني.
وبالرغم من صعوبة تحديد أماكن وجود غرف الصهير نظراً لخصائصه وما يصاحبه من وجود نسبة كبيرة من بخار الماء والغازات والأبخرة، إلا أن الأجهزة المستخدمة لقياس الزلازل مثل السيزموجراف ومقياس الجاذبية (Gravimeter) والمعلومات الأخرى المتعلقة بخصائص طبقات الأرض المختلفة.
قد ساعدت في تحديد بعض المناطق في قشرة الأرض التي توجد أسفلها غرف صهير كبيرة، كما هو الحال في منطقة يلوستون بارك (Yellow Stone Park) ومنطقة كتماي تريدنت (Katmai-Trident) في شبه جزيرة كمتشتكا في اليابان.
تبلور الصهير:
يتبلور الصهير نتيجة عمليات تبريد متتالية، وتنمو بلورات المعادن أثناء عملية التبلور للصهير اعتماداً على وفرة وقابلية كل مكون من مكونات الصهير.
ومن المعروف أن المواد الأكثر توافراً والأقل قابلية للذوبان في الصهير تتبلور أولاً ثم يتبعها تبلور المواد الأكثر ذوباناً والأقل وفرة.
ولقد تبين أن المتغيرات بين كم البلورات المتكون والمواد المصهورة المتبقية تتضح من معرفة نسبة الصوديوم إلى الكالسيوم، ونسبة الحديد الثنائي إلى المغنسيوم أثناء عملية التبلور.
ويلاحظ أنه في الكثير من الأنظمة الصهيرية نجد أن الصهارة الكبريتيدية غير الممتزجة تتبلور في مراحل مبكرة.
كما أن بعض المعادن مثل الأباتيت والزيركون والتي تحتوي على تركيزات عالية من العناصر الشحيحة، عادة ما تتبلور في مراحل متأخرة.
وعليه فإنه ليس هناك قاعدة ثابتة لعملية تبلور الصهير، بمعنى أن البلورات المتكونة مبكراً من صهير ما قد تتكون في مرحلة متأخرة من صهير آخر أو قد لا تتكون مطلقاً.
ومن الجدير بالذكر أن الصهير الذي يبرد بسرعة يكون بلورات صغيرة الحجم لا يزيد قطرها عادة عن مليميتر واحد.
في حين أن الصهير الذي يبرد ببطء فإنه يكون بلورات كبيرة الحجم تصل أقطارها عادة إلى عدة مليمترات، وفي بعض الأحيان قد يصل قطر البلورات إلى عشرات السنتيمترات.
أصل الصهير:
للصهير أصول متعددة، فالصهير البازلتي ذو الحرارة المرتفعة قد ينشأ من أعماق كبيرة تصل إلى عشرات الكيلومترات في النطاق الوشاحي للأرض.
كما أن التجارب الكثيرة التي تم إجراؤها مختبرياً تحت ظروف الضغط المرتفع، قد أوحت إلى كثير من العلماء أن معظم أنواع الصهير البازلتي قد تشكلت من مزيج من السوائل المتبقية من تبلور مصهور الوشاح والمواد المتبلورة من القشرة الأرضية.
أما الصهير الريوليتي الذي يتميز بدرجة حرارة أقل من الصهير البازلتي، فمن الممكن تكونه من الصهير البازلتي من خلال عمليات التفارق، أو أن أصله له علاقة مباشرة بمصهور مواد القشرة الأرضية.
ومن الممكن أن ينشأ الصهير المتوسط (متوسط التركيب بين الصهير البازلتي والصهير الريوليتي) من أصل وشاحي أو يتكون عن النواتج الجزئية للصهير البازلتي أو بانصهار مواد القشرة الأرضية.
وقد يتكون الصهير المتوسط كذلك نتيجة اختلاط أنواع مختلفة من الصهير مثل اختلاط الصهير البازلتي والصهير الريوليتي وكذلك فإن عملية التمثيل الصهيري لها دور هام في تكوين الصهير المتوسط.
وتجدر الإشارة إلى أن كلمة مُهل تقابل مصطلح الصهير الدارج في الكتابات المعاصرة.
والمهل في اللغة اسم يجمع معدنيات الجواهر، وجاء في لسان العرب أن المهل كل فلز أذيب، والفلز جواهر الأرض من الذهب والفضة والنحاس والحديد وغيرها.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]