نبذة تعريفية عامة حول مفهوم “الغريزة” المتواجدة لدى الإنسان والحيوان
2002 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثالث عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
مفهوم الغريزة العلوم الإنسانية والإجتماعية البيولوجيا وعلوم الحياة
الغريزة في معناها الأصلي دافع حيواني، ومحرك فطري بيولوجي (حيوي) موروث في الكائن الحي إنسانا كان أو حيوانا.
والغريزة عامة في أفراد النوع الواحد، ولا يمكن أن يستغني عنها النوع. فبدون إشباعها يتهدد كيان الفرد أو يتهدد النوع كله بالفناء.
فمثلا، لو لم يشبع الإنسان غريزة الاغتذاء هدده الموت جوعا، وإذا لم يشبع الكائن الحي الغريزة الجنسية لم يحدث التناسل الذي يحفظ بقاء النوع. فالغرائز تدفع إلى سلوك لا يمكن أن يستغني عنه الكائن الحي أو نوعه.
ولكل غريزة أساس فيزيولوجي (في وظائف الأعضاء)، وأساس نفسي معا.
فالغرائز إذن محركات لكل نشاط حركي أو عقلي يقوم به الفرد. وتعد الغرائز سلوكا منتظما داخل الجهاز العصبي، وهي تحدث ذاتيا استجابة لمثيرات معينة، كما أنها مبرمجة بيولوجيا في الجهاز العصبي المركزي لكثير من الحيوانات، وفي البشر.
فمثلا: بعض الطيور يرقص ويأتي بحركات رائعة قبل التزاوج، كما أن طيران الطيور غريزة لأن الطيران يشتمل على مجموعة من الأفعال غير المكتسبة.
وقل مثل ذلك في المشي أو سباحة السمك، أو نسج العنكبوت لبيتها، أو بناء النحل لخلاياه السداسية، أو هجرة الطيور.
ويعرف عالم النفس «ماكدوجل» الغريزة بأنها استعداد فطري نفسي – جسمي يدفع الفرد إلى أن يدرك أشياء من نوع معين وينتبه إليها، وأن يشعر بانفعال خاص عند إدراكها، وأن يسلك نحوها مسلكا خاصا.
فالفأر إن رأى قطا انتبه إليه انتباها خاصا، ثم شعر بانفعال الخوف منه، فاندفع هاربا، والطفل إن رأى شيئا غريبا عليه كالساعة أو الكتاب، مثلا، اعتراه انفعال التعجب وحب الاستطلاع، فيأخذ في فحص الساعة وقد يحاول كسرها أو تقليب أوراق الكتاب.
وكلما ارتقى الحيوان وزاد ذكاؤه لا تؤدي هذه الزيادة إلى ضعف الغرائز أو زوالها بل إلى زيادة قدرة الفرد على التحكم فيها وتعديلها.
وقد أخذ بهذه النظرية بعض علماء النفس وعلماء الاجتماع واتخذوها أساسا لتفسير سلوك الأفراد وبيان أسباب الظواهر الاجتماعية كنشأة الأسرة والقبيلة، وقيام الحروب.
وكان علماء النفس في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين يفسرون سلوك الإنسان على أساس وجود غرائز فطرية توجه سلوكه، ولكنهم فطنوا فيما بعد إلى عيوب نظرية الغريزة، فالغرائز لا تفسر السلوك في الحقيقة وإنما تصنفه، وتسميه بأسماء معينة.
كما أن هذه النظرية أغفلت تأثير التعلم في السلوك. وفي الواقع لا يوجد سلوك إنساني يمكن أن نقول عنه إنه غريزي بحت دون أن يكون للتعلم تأثير فيه.
ونتيجة لعدم اقتناع علماء النفس بنظرية الغرائز، اتجهوا منذ العشرينيات من القرن العشرين إلى مفهوم «الدوافع». والدافع حالة عامة من الإثارة، ناتجة عن حاجة جسمية أو عضوية، كالحاجة للغذاء والشراب والهواء، أو تجنب المؤثرات المؤلمة. وهذه الحالة من الإثارة تحفز المؤثرات المؤلمة.
وهذه الحالة من الإثارة تحفز الكائنات الحية للقيام بسلوك يشبع تلك الحاجة. فنقص الطعام، مثلا، ينتج تغيرات كيميائية معينة في الدم، كانخفاض مستوى سكر الجلوكوز، تدل الكائن على حاجته إلى الطعام، فتولد فيه حالة من التحفز أو التوتر، تدفعه للسعي إلى إشباع هذه الحاجة إلى الأكل.
وأساس السلوك الفطري الغريزي موروث، ومن الخصائص التي تنقلها الجينات من جيل إلى جيل.
ولكن بعض صور هذا السلوك الموروث قابل للتعديل بالتعلم. وللعلماء تجارب ودراسات ممتعة في هذا المجال، ويمكنك تعرف بعضها في مدخل: "سلوك الحيوان".
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]