علوم الأرض والجيولوجيا

نبذة تعريفية عامة عن العصر الكمبري وأنواع اللافقاريات البحرية التي ازدهرت خلاله

1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الخامس

ترجمة أ.د عبد الله الغنيم واخرون

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العصر الكمبري اللافقاريات البحرية أنواع اللافقاريات البحرية المزدهرة في العصر الكمبري علوم الأرض والجيولوجيا

هو فترة زمنية في تاريخ الأرض (عصر الكمبري Cambrian Period) وسجله الصخري يعرف بنظام الكمبري (Cambrian System).

وتختلف تقديرات بداية هذا العصر ونهايته في تقسيمات الزمن الجيولوجي المختلفة، إذ يرى البعض أنه يشمل الفترة الزمنية الممتدة من 600 مليون سنة مضت إلى 500 مليون سنة.

في حين أن بعض التقسيمات الحديثة تعتبر أن عصر الكمبري قد بدأ منذ حوالي 570 مليون سنة ودام حوالي 70 مليون سنة، بينما يرتفع به البعض الآخر إلى 550 مليون سنة مضت مما يقصر مداه إلى 50 مليون سنة فقط .

 

وترجع تسمية هذا العصر بالكمبري إلى العالم البريطاني سدجويك (Sedgwick) الذي اقترح هذا الاسم سنة 1836م نسبة إلى كمبريا (Cambria) وهو الاسم الروماني لمقاطعة ويلز، حيث اكتشفت صخور هذا العصر لأول مرة وحيث توجد قطاعاته المثالية .

وعصر الكمبري هو أول عصور حقب الحياة القديمة (الباليوزوي Paleozoic Era-). ويوضح الجدول التالي وضعه في تقسيم الزمن الجيولوجي:

ومع بداية عصر الكمبري ظهرت لأول مرة – أحياء مائية بحرية ذات أصداف كلسية، ويضم نظام الكمبري أنواعاً كثيرة من الصخور الرملية البحرية والأحجار الجيرية والدولوميتية والبركانية .

 

والحياة في العصر الكمبري كانت كلها حياة مائية سواء النباتية أم الحيوانية. فقد وجدت في صخور هذا العصر بعض بقايا نباتية وبحرية نادرة، مثل الطحالب البحرية التي كانت تفرز في بعض الأحيان هياكل كلسية صلبة، هي التي حفظت في صخور هذا العصر.

ومن المعروف أن الطحالب البحرية تمثل الصورة النباتية السائدة في العصر الكمبري. ويعتقد أنها كانت أكبر مما يشير سجلها الاحفوري لأن هذه الكائنات في غالبيتها ليس لها هياكل – صلبة مما يحول دون حفظها في الصخور .

وبالنسبة للحياة الحيوانية في الماء، فقد وجدت بقايا لمعظم مجموعات الحياة الحيوانية اللافقارية في صخور العصر الكمبري.

 

ويعتبر ظهور الحياة بمثل هذه الوفرة (إذا ما قورنت – بندرة وجودها في صخور ما قبل الكمبري) أمراً لا يزال يحتاج إلى كثير من التفسير.

ومن الحياة الحيوانية اللافقارية في صخور الكمبري أحصى العلماء ما يزيد على 1500 نوع وأكثر من 60% منها تمثله مجموعة منقرضة من القشريات تعرف باسم ثلاثيات الفصوص (الترايلوبيتات) و 30% منها يتبع المسرجيات والنسبة الباقية تتمثل في صور من أنواع اللافقاريات البحرية التي ليست لها أهمية من الناحية الطباقية لندرتها أو لسوء حفظها.

وتشمل مجموعات من قبائل الأوليات والإسفنجيات والجوفمعويات والحزازيات والجلدشوكيات – والرخويات والديدان. ويوضح شكل (1) صور الحياة الحيوانية اللافقارية البسيطة التي ازدهرت في بحار الكمبري .

 

وفيما يلي نبذة مبسطة عن الأنواع الرئيسية من اللافقاريات البحرية التي ازدهرت خلال العصر الكمبري :

– المفصليات : Arthropods

وقد مثلت بالعديد من أجناس وأنواع الطوائف المنقرضة المعروفة باسم ثلاثيات الفصوص، وبعض أجناسها مثل أولينللس (Olenellus) وأولينس (Olenus) وبارادوكسيد (Paradoxides).

قد اقتصر مداها على العصر الكمبري فقط بينما استمرت أجناس أخرى مثل أجنوستس (Agnostus) وأوجيجيا (Ogygia) إلى العصر السيلوري .

وفي ضوء التغييرات المتابعة في سجل تطور الحياة خلال العصر الكمبري، وبواسطة بقايا الترايلوبيتات أمكن تقسيم العصر الكمبري إلى ثلاثة عهود متتالية :

 

الكمبري المتقدم (الجورجي Georgian) والترايلوبيتات المميزة له هي من جنس أولينللس، ثم الكمبري المتوسط (الأكادي – Acadian) حيث تميز بترايلوبيتات من جنس بارادوكسيد – وأخيراً الكمبري المتأخر (البوتسدامي – Potsdamain) وتميز بجنس أولينس (Olenus) .

وهذه العهود الثلاثة : الكمبري المتقدم والمتوسط والمتأخر (Early, Middle, and late Cambrian) تقسم بدورها في القارات المختلفة إلى مراحل، يشتمل كل منها أيضاً على العديد من النطاقات ولكن مضاهاة هذه الأقسام التفصيلية فيما بين القارات المختلفة ما زال أمراً صعب التحقيق في بعض الأحيان.

فمثلاً أمكن التعرف على خمسة عشر نطاقاً في صخور العصر الكمبري بشبه الجزيرة الاسكندنافية، وأمكن مضاهاتها بمثيلاتها في ويلز وعلى الشاطئ الشرقي لأمريكا الشمالية وبعض الأماكن الأخرى.

 

كما أمكن بواسطة بقايا تلك المجموعة التعرف على مناطق جغرافية محددة، يتميز كل منها بتجمع خاص من بقايا ثلاثيات الفصوص مثل المنطقة الأطلسية (Atlantic Province) والمنطقة الباسيفيكية (Pacific Province).

وتعتبر ثلاثيات الفصوص أكثر حيوانات ذلك العصر تعقيداً وانتشاراً، وتختلف الهياكل اختلافاً بينا في أحجامها حيث تتراوح هياكل الأنواع المختلفة من هذه المفصليات البحرية المنقرضة – بين 18 بوصة في الطول وما يقرب من حجم رأس الدبوس .

وتجدر الإشارة إلى أنه إضافة إلى الترايلوبيتات كانت هناك مجموعات من القشريات المنقرضة من أهمها وابتيا (Waptia) .

 

– المسرجيات : Barchiopoda

تقتصر أهمية المسرجيات في تحديد سحنات العصر الكمبري المختلفة حيث يندر استخدامها كأحافير مرشدة لهذا العصر.

ومن أهم المسرجيات في صخور الكمبري بقايا أجناس لينجيولا (Lingula) وأبولاس (Obolus) وهي تتميز سحنات بحرية شاطئية.

وأغلب مسرجيات هذا العصر يتميز بأصداف قرنية أو فوسفاتية أو كلسية والأولى كثيراً ما تتفحم بقاياها وتترك أثارها على هيئة بقع كربونية في صخور ذلك العصر .

 

– الأركيوكياثيدات : Archaeocyathids

وهي مجموعة لم يتفق العلماء بعد على وضعها التقسيمي، ولذا يضعونها في قبيلة مستقلة بين الإسفنجيات والجوفمعويات، وذلك لأنها من بانيات الحواجز المرجانية.

وجُدرها مثقبة مما يقارب بينها وبين الإسفنجيات، وهي تمثل مجموعة خاصة في صخور الكمبري وتنتشر بكثرة في صخور الجورجي العلوي أي الفترة المتأخرة من الكمبري المتقدم .

 

– الرخويات : Mollusca

الرخويات بصفة عامة نادرة في صخور العصر الكمبري مما يجعل قيمتها الطباقية محدودة – للغاية.، وقد مثلت في صخور العصر الكمبري ببعض أنواع البطنقدميات (Protogastropoda) والفاسقدميات الابتدائية (Prosobranchia) وقليل من الأصداف المخروطية الشكل، والتي تشبه إلى حد كبير مجموعة مجنحات الأقدام (Pteropoda) التي تملأ البحار الحالية والتي يعتقد أنها الأصل الذي ظهرت عنه الرأسقدميات (Cephalopoda).

ويوضح الشكل رقم (2) أنواع حفريات الكمبري المرشدة ومن الواضح أن بقايا الكائنات الحية في صخور الكمبري كثيرة، وتدل على درجة كبيرة من التطور.

ويشير هذا إلى أن الحياة قد ظهرت على سطح الأرض قبل العصر الكمبري بكثير. وهناك أدلة متعددة على وجود حياة في حقب ما قبل الكمبري.

 

ولكن لم تترك تلك الكائنات الحية إلا آثاراً قليلة كما سبق أن أشرنا، ومن أسباب ذلك أن صخور ما قبل الكمبري شديدة التحول وهو ما أدى إلى محو آثار الحياة فيها .

وهناك أسباب أخرى للظهور المفاجئ والكبير لبقايا الكائنات الحية في رسوبيات الكمبري، أهمها أن الكمبري قد شهد ظهور أول الهياكل الصلبة لدى الحيوانات البحرية، لأن آكلات اللحوم بدأت تنتشر في حقب الكمبري.

فأصبحت حماية الأجسام الرخوة ضرورة، وأدى هذا إلى تكاثر الأجزاء الصلبة الصالحة للتحفر لدى الحيوانات.

 

ويدعم هذا الافتراض آثار لكائنات رخوة ضخمة ليس لها أية هياكل صلبة في صخور ما قبل الكمبري، وهو يدل على أنه لم تكن هناك حينئذٍ – ضرورة لتكوين هياكل خارجية، لأن الحيوانات لم تكن تحتاج إلى حماية بسبب عدم وجود أعداء لها .

حماية الأجسام الرخوة ضرورة، وأدى هذا إلى تكاثر الأجزاء الصلبة الصالحة للتحفر لدى الحيوانات. ويدعم هذا الافتراض آثار لكائنات رخوة ضخمة ليس لها أية هياكل صلبة في صخور ما قبل الكمبري، وهو يدل على أنه لم تكن هناك حينئذٍ – ضرورة لتكوين هياكل خارجية، لأن الحيوانات لم تكن تحتاج إلى حماية بسبب عدم وجود أعداء لها .

 

جغرافية الكمبري :

ترجع معلوماتنا عن جغرافية الكمبري، وتطور تاريخ هذا العصر إلى نتائج الدراسات التفصيلية لصخوره التي أصبحت مكاشفها متاحة اليوم للتعرية وغيرها من العوامل الجيمورفولوجية.

وبالرغم من قدم هذا العصر إلا أن هناك سجلاً جيداً محفوظاً لصخور بحرية تابعة لعصر الكمبري، موجودة في أماكن مختلفة من العالم.

 

وكل نوع من هذه الصخور يمدنا بمعلومات عن بيئة الترسيب – ومن إجمالي هذه المعلومات بالإضافة إلى المعلومات التي نحصل عليها من الأحافير التي لها نفس العمر، وكذلك معلوماتنا عن التوزيع الجغرافي الحالي لأماكن الكمبري، فإنه يمكننا التوصل إلى صورة عامة عن جغرافية العالم خلال عصر الكمبري والتغييرات التي طرأت أثناءه .

وتتيح نظرية تكتونية الألواح شواهد يمكن عن طريقها تصور توزيع اليابس والماء وذلك العصر، وتشير الأدلة إلى أن عالم الكمبري يشتمل على خمس قارات رئيسية على الأقل .

 

أحداث العصر الكمبري:

في بداية عصر الكمبري كانت قارات العالم مكشوفة كما هي الآن إلى حد كبية. ولسبب غير مفهوم تماماً حتى الآن ازدهرت البحار بصورة فجائية باللافقاريات ذات الأصداف الكلسية بعد حوال 4000 مليون سنة خالية من الحياة تقريباً.

وكانت هناك أحزمة من جزر بركانية تحد شرق أمريكا الشمالية والأجزاء الغربية من قارة جنداونا (Gondwana) وجنوب سيبريا. ويشير وجود هذه الأحزمة إلى احتمال أن حركة ألواح القشرة الأرضية في ذلك الوقت مشابهة إلى حد ما لما يحدث اليوم.

 

واستمر النشاط البركاني والظروف التبخيرية في الكمبري المتوسط في سيبريا وأجزاء من جنداونا وشمال كندا. ومع ذلك فيبدو أن أحداثاً درامية أدت إلى انقطاع ترسيب الكربونات في جنوب أوروبا والأجزاء الشمالية الغربية الأفريقية من قارة جندوانا، والتي من المحتمل أن تكون قد ارتفعت.

وأصبحت أكثر برودة – لكن بحار الكمبري كان مستواها في ارتفاع مستمر في معظم أجزاء العالم خلال الكمبري المتوسط، مما أدى إلى اكتساح الفيضانات للأجزاء الداخلية في معظم القارات.

 

وخلال فترة الكمبري المتأخر بدأت تحدث تغييرات في القشرة الأرضية، وتشير الدلائل إلى أن المحيط (Lapetus Ocean) الذي كان يفصل بين أمريكا الشمالية وجندوانا والبلطيق بدأ يغلق، وفي أماكن أخرى كثيرة تكونت من البحار الضحلة رسوبيات كربوناتية واسعة الانتشار.

ثم اضمحلت كمية الأحياء البحرية إلى أن انقرضت تماماً. وقد تم ذلك على خمس مراحل على الأقل في أمريكا الشمالية، وتحدد المرحلة الأخيرة منها نهاية عصر الكمبري.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى