نبذة تعريفية عامة عن عملية “النقل والإرساب النهري”
1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الخامس
ترجمة أ.د عبد الله الغنيم واخرون
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
عملية النقل والإرساب النهري علوم الأرض والجيولوجيا
تعتبر الأودية النهرية من أكثر أشكال التضاريس الأرضية انتشاراً على سطح الأرض، وعن طريقها تنقل المواد التي تجرفها مياه الأنهار من مجاريها مباشرة، أو تلك التي تجلبها إليها روافدها من بقاع أحواضها المختلفة، بالإضافة إلى المواد التي تنقلها مياه الأمطار والتدفقات من جوانب المنحدرات.
وتعرف هذه المواد بحمولة النهر من المواد الصلبة (Solid Load) التي تنقلها معها الأنهار ليترسب معظمها في نهاية المطاف في البحار والمحيطات أو البحيرات.
وينقل النهر حمولته بعدة وسائل هي: الجر أو السحب (traction) والقفز (Saltation) والتعلق (Suspension) والإذابة.
أما عن حجم المواد الصلبة التي يحملها أي نهر فتتفاوت تفاوتاً كبيراً بين حبيبات طينية دقيقة إلى جلاميد كبيرة الحجم تبعاً لطاقة النهر.
وتختلف طاقة أي نهر في حمل هذه المفتتات باختلاف انحدار النهر وسرعته وحجم المفتتات وكيمتها. فإذا ما زادت سرعة مياه النهر أثناء الفيضان مثلا – والذي يرتبط بها زيادة كميات التصريف المائي – ازدادت طاقته على حمل المفتتات الصخرية الكبيرة الحجم.
كما أنه كلما قبل حجم المفتتات المكونة لحمولة النهر، فإن هذا يتطلب طاقة أقل لتحريكها وحملها. أما إذا زادت حمولة النهر من المفتتات التي معها لا يستطيع أن ينقلها النهر، فلا بد أن تتخلص مياهه من هذه الحمولة الزائدة وذلك بإرسابها،
ويتم هذا بصورة تدريجية. إذ يقوم النهر بترسيب المفتتات الكبيرة الحجم والجلاميد الصخرية أولاً، ويتم هذا في الأحباس العليا للنهر، ثم ترسيب المفتتات الدقيقة ثانياً في أحباسه الدنيا.
فالنهر بصفة عامة لا يستطيع أن ينقل حمولة تزيد عن طاقته بل الغالب أن يحمل النهر كمية من المواد أقل من طاقته، وأي إضافة جديدة طارئة ويقابلها إرساب.
حمولة النهر: River Loads
بما أن النهر هو الذي يشكل ويكيف مجراه فإنه يعمل باستمرار على إحداث حالة من التوازن بين عمليات النحت والإرساب على طول مجراه.
فالنهر يجاهد دائماً لكي يكون له انحدار منتظم يسمح لمياهه بسرعة وقوة تكفي لحمل المواد المفتتة في يسر دون إحداث نحت أو إرساب ويكون النهر في هذه الحالة قد بلغ مرحلة التعادل أو التوازن ويسمى حينئذ بالنهر المتعادل (graded stream).
فالنهر المتعادل إذن هو ذلك المجرى المتوازن الذي يكون فيه الانحدار متعادلاً تعادلاً دقيقاً مع التصريف المتوفر ومع الخصائص السائدة للمجرى، بحيث يهيئ فقط السرعة المطلوبة لنقل الحمولة التي يمده بها حوض التصريف.
ويجب في هذا المجال أن نميز بين اصطلاحين يهمان كل من له صلة بدارسة الأنهار كالجيمورفولوجيين والجيولوجيين ومهندسي الري وهما: الكفاءة (Competence) وطاقة النهر (Capacity).
فقد استخدم جيلبرت (Gilbert 1914) مصطلح الكفاءة للدلالة على قدرة النهر على تحريك المواد الصخرية المفتتة، والتي تقاس بأقصى ما يستطيع أن يحركة النهر من هذه المواد.
في حين تعنى طاقة النهر كل ما يستطيع أن يحمله النهر من المواد المفتتة تحت ظروف معينة وتقاس بالوزن الكلي للمواد المحمولة في وحدة الزمن.
وتتوقف درجة التعادل إضافة إلى الانحدار المنتظم للمجرى وكفاءته وطاقته على عدة عوامل أخرى وهي:
1– سرعة مياه النهر.
2- خصائص مجرى النهر من حيث اعتراضه أو عدم اعتراضه بالمساقط المائية والجنادل والمسارع أو مروره بمسطحات مائية كالبحيرات.
3- نوع وأحجام المواد المفتتة التي يحملها النهر.
وتنقسم الحمولة النهرية إلى ثلاثة أنواع هي:
1- الحمولة العالقة.
2- الحمولة المذابة.
3– حمولة القاع (حمولة الجر).
الحمولة العالقة:
تتألف من المفتتات الدقيقة كالغرين والطين والرمل الناعم (أقل من 0.64 مم) ويمكن أن تظل هذه المواد عالقة بالماء لمسافات طويلة حتى تصل إلى مصب النهر.
وهنا يجب أن نشير إلى أن هناك نوعاً آخر من الحمولة العالقة وهي حمولة الغسل (Wash Load)، التي تكون شديدة النعومة ويُحمل هذا النوع على شكل مواد غروية معلقة.
الحمولة المذابة:
وهي عبارة عن أنواع مختلفة من الملاح تنقل كما يدل اسمها في حالة ذائبة. هذه المواد المذابة قد تكون أحماضاً عضوية نتيجة تحلل مخلفات الغطاء النباتي في حوض النهر.
أو تكون مواد جيرية إذا مر النهر بمناطق تكوينات الحجر الجيري، بالإضافة إلى الأحماض والأملاح التي تسقط مع الامطار، كما يساهم الإنسان ايضاً من خلال أنشطته المختلفة بجزء من هذه الحمولة.
حمولة القاع:
وأحياناً تسمى هذه الحمولة بحمولة الجر (Traction Load) وتتكون من المواد والمفتتات الصخرية الشديدة الخشونة (أكثر من 0.64 مم).
بحيث لا يمكن حملها بواسطة المياه الجارية لمسافة طويلة فتتحرك بالانزلاق أو الجر أو القفز، وتظل هذه الحمولة قريبة بصورة مستمرة من قاع النهر شكل(1).
ويتضح من الجدول رقم (1) أن النقل بواسطة الذوبان يتباين إلى حد كبير من نهر إلى آخر، ويتحكم فيه عدة عوامل كالمناخ وجيولوجية مناطق التغذية والإنسان.
فالحمولة المذابة يمكن أن تزيد في بعض البيئات المدارية الرطبة على النقل بواسطة التعلق، كما أن الأنهار التي تتكون صخور أحواضها من صخور قابلة للذوبان كالمواد الكلسية تزيد بها نسبة المواد المذابة إلى المواد العالقة.
ويلعب الإنسان ايضاً دوراً بارزاً في زيادة نسبة الحمولة المذابة عن طريق أنشطته المختلفة، لا سيما التي تؤدي إلى زيادة نسبة التلوث ويتضح هذا في حالة نهر سانت لورنس.
وترجع أهمية دراسة حمولة الأنهار من الرواسب للأسباب الآتية:
1- حمولة النهار من المواد العالقة والمذابة تمدنا بمعلومات عن نوع التجوية السائدة في الأحواض النهرية ومدى مساهمة كل من الانسياب السطحي المباشر والمياه الجوفية للمياه التي تجري في الأنهار.
2- يمكن معرفة معدلات التعرية الإجمالية لسطح أي حوض نهري، بل لسطح اليابس ككل بواسطة قياس الحمولة العالقة والمذابة في الأنهار، ولا سيما وأنها تمثل نتاج نحت سطح الأرض بفعل الأمطار والمياه الجارية. واستناداً على مقدار الحمولة العالقة لأنهار العالم.
فقد تم رسم ثلاث خرائط لتوزيع معدلات التعرية على مستوى العالم، الأولى لفورنييه (Fournier, 1960) والثانية لستراكوف (Strakhov, 1967) والثالثة لكليو (Kleo, 1980).
وتعتبر واعتمدت الأخيرة على عدد كبيرة من أنهار العالم (1250 نهراً) وتغطي أغلب النطاقات المناخية في العالم شكل (2).
3- تعكس قيم الحمولة النهرية مدى تدخل الإنسان في الأحواض النهرية من خلال استخداماته المختلفة للأرض.
4– ومن الناحية التطبيقية، تعتبر الرواسب العالقة أو المذابة نوعاً من التلوث، ووجودها في مياه الأنهار يعتبر مؤشراً دقيقاً لنوعية المياه، ومدى صلاحيتها للاستخدام البشري، كما أن وجود الرواسب العالقة بكميات كبيرة في مياه الأنهار ينجم عنه مشكلات عدة مثل الإرساب في الخزانات والترع والقنوات.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]