نبذة تعريفية عن “آلُ عِمْران”
1987 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الأول
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
آل عُمران إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة
الآلُ والأهلُ بمعنىً واحد، وآل كل إنسان أهلُه وقرابتُه، وتكون أيضاً بمعنى الَأتْباع والأَنْصار.
وحين تكلم القرآن الكريم عن آل عمران وصفهم بأنهم أهلُ طاعة وخير، وأن الله سبحانه وتعالى اختراهم ومَيَّزَهم، وفضَّلهم على غيرهم لإيمانهم به، وإخلاصِهم في طاعته وعبادته، وهدايتِهم للناس بأمره، ودعوتِهم إلى طاعة الله، وبيانِهم للناس ما أَحَلَّ لهم وما حَرَّمَ عليهم، وإعانتِهم مَنْ حولهم على ما يُصلح شأنهم وشأنَ من يتصلون به.
وفي القرآن الكريم سورةٌ كبيرة سُمِّيت باسمهم، لأن كثيراً من تفاصيل حياتهم وَرَدَ فيها، ولأن اسمَهم ذُكِرَ بها، وكذلك لتكريمهم والدلالة على منزلتهم ومكانتهم العالية عند الله.
ورأسُ هذه الأسرة هو عِمرانُ بن ماثان، وهو من نسْل نبي الله داود عليه السلام. وكان عمران أحدَ رءوس بني إسرائيل وعُبَّادِهم، وكان إماماً، ومرجعاً في الفتوى، وصاحبَ القربان الذي يشـرف على تلقِّيها وتوزيعها على أصحاب الحاجات.
وكانت زوجتهُ تسمى "حَنَّة"، وقد كَبُرَتْ سِنُّها، وجاوزتْ السِنَّ المناسبة للحمل والولادة، ولكنها كانت تشتاق لذلك، وكانت تُكثر من الدعاء، وكانت في دعائها ترجو اللهَ أن يَهَبَهَا ولداً.
ونذرت لله إنْ وهبها الولدَ أن تفرغَه للعبادة، وخدمة بيت المقدس، ولا تشغَله عن ذلك بشيء. واستجاب الله دعاءَها فحملت وكانت سعيدةً بهذا الحمل، شاكرةً لله أن استجاب لها، وحقق أملَها. وفي أثناء الحمل مات زوجُها عمران، فَحَزِنَتْ لذلك حزناً شديداً.
وجاء اليومُ الذي وضعتْ فيه حَمْلَها، وتبينّ لها أن الذي وضعته ليس غُلاماً ذكراً، وإنما هي أنثى، فتألمت لذلك، وحارت ماذا تفعل، وكيف تَفِي بنَذْرِهَا، وبيت المقدس لا يُقْبَل لخدمته إلا الذكور.
وناجَتْ ربَّها، مُعْلِنَةً أسفها، ولكن الله سبحانه وتعالى قَبِلَ منها نذرها، وأصبحت ابنتُها أولَّ أنثى تخدم في المعبد. وكانت هذه الأنثى هي الصِّدِّيقة مَرْيَم – ومعناها في لغتهم العبَّادة – التي وصفها القرآن الكريم بكثير من صفات الكمال والعِفَّة والطهارة، وضرب بها مثلاً للصالحين من المؤمنين.
أخذتْها أمها وذهبتْ بها إلى بيت المقدس، وقدمتها إلى رجال الدين الذين يشرفون على خدمتِه ورعايته. وحينما وصلتْ إليهم تنافسوا على كَفَالتها، لأنها ابنةُ إمامِهم ومعلمهم الذي مات، وكلُّ واحد يريد أن يكونَ لهُ ذلك الشرف، وفاءً لمن مات، وتَقَرُّباً إلى الله بهذا العمل الصالح.
وكان من بين هؤلاء نبيُّ ذلك الزمان زكريا عليه السلام، وهو من نسل داود عليه السلام، وكان أيضاً كاهنَ المذبح، وزوجتُه كانت خالةَ مريم، وأَصَرَّ على أن يكون هو كافِلَها فهو أَحَقُّ بذلك من غيره لوجود خالتها في بيته، ولكن رجالَ المعبد لم يُسَلِّموا بذلك، فأُجْرِيَتْ قُرْعَةٌ فاز فيها زكريا، وأصبح وحدَه كافلاً لها.
أخذها إلى بيته، وضَمَّها إلى خَالتَها التي قامَتْ على رعايتها وتربيتها حتى كَبُرَت. وكانت خالَتُها سيدةً عجوزاً كزوجها الذي كان أكبرَ منها سناً، ولم يَكُنْ لهما وَلَدٌ يؤنس حياتَهما، ويقوم على رعايتهما.
وحين كبرت مريم أخذها زكريا إلى بيت المقدس، وأَعَدَّ لها فيه مكاناً لعبادتها لا يدخُله عليها سواه.
أقامت مريمُ تخدم، وتجتهدُ في العبادة، ولم يكنْ لها في ذلك الزمان نظيرٌ يماثلها أو يقاربُها. وكان زكريا كُلَّمَا دخل عليها محرابَ تَعَبُّدِها وجد عندها من رزق الله شيئاً كثيراً.
وحين يسألها من أين جاءك هذا؟ كانت ترد عليه قائلة: إنه من عندِ الله الذي يرزق من يشاء بغير حساب، لأنَّ ما عند الله لا ينتهي ولا ينفد.
كان زكريا عليه السلام، وقد كَبُرَتْ سِنُّه، يخشـى إنْ هو مات، أن يخرج بنو إسرائيل على دِينِهم، ويرتكبوا المعاصي دون أن يجدوا من يَرُدُّهُم أو يَعِظُهم ويُذَكِّرُهم لأنهم أهلُ شر وعدوان.
لذلك دعا الله أَن يرزقَه ولداً يخلفُه في هدايتهم، وصَدِّهم عن الشر والبَغْي والمعصية، فاستجاب اللهُ دعاءَه، وبشَّره بيحيى، الذي اختاره الله لرسالته، وأصبح نبياً يدعو الناسَ إلى الله وطاعته وهو في سن صغيرة.
وشاء الله لمريمَ العابدةِ الطاهرة أن تكون أُمَّا لولدٍ من غير زوج يتزوجها. والله سبحانه وتعالى إذا أراد شيئاً تحقَّق،
فقد خلق آدمَ من غير أب ولا أم. وتحققت مشيئةُ الله، وولدتْ مريمُ عيسى عليه السلام، والذي أصبح فيما بعد رسولا لله ، يدعو الناس إلى الهدى، ويَدُلُّهم على الطريق المستقيم.
هؤلاء هم آل عمران:
عِمران وزوجُه وأختُها، ومريمُ بنة عمران، وزكريا وابنُه يحيى، وعيسى بنُ مريم.
ولقد جاء في سورة آل عمران قوله تعالى( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) آل عمران: 33
ولقد ورد ذكرُ أفراد هذه الأسرة مجتمعين أو مُتَفَرِّقين في كثير من سور القرآن الكريم. وزكريا ويحيى وعيسـى عليهم السلام هم آخرُ أنبياء بني إسرائيل.
وقد قَتَلَ اليهودُ زكريا عليه السلام، ومن قبله قتلوا وَلَدَه يحيى عليه السلام، ومن بعدهما حاولوا قتلَ عيسى عليه السلام لكنْ رفعه اللهُ إليه. ولم يُمَكِّنْهم منه. وما كان ذلك إلا لأنهم حاولا هدايتَهم، ومَنْعَهم من الوقوع في الخطأ والمعصية، ولم يوافقوهم على ضلالهم.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]