إسلاميات

نبذة تعريفية عن أحكام نظام المِيْراث كما ورد في الإسلام

2004 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السادس عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

نظام المِيْراث أحكام نظام المِيْراث إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

كلمةُ مِيراثٍ فِعْلُها «وَرِثَ»، ويُسَمّى الميراثُ أيضاً «الإِرْثَ»، وهوَ يَعْني انتقالَ المُلْكِيَّةِ من الميِّتِ إلى وَرَثَتِهِ الأَحْياءِ، بمعنى أنَّ كُلَّ ما يُخَلِّفُهُ الشَّخْصُ بعدَ موتِهِ مِنْ أَموالٍ نَقْديةٍ أو حيواناتٍ أو عِقَارٍ أو أراضٍ زراعيَّةٍ.. يُوَزَّعُ على ورثتِهِ.

ويختلفُ نِظامُ توزيعِ التِّرْكَةِ عَلى الوارثينَ قديماً وحديثاً مِنْ أُمَّةٍ إلى أُخْرى، وينحصِرُ هذا الاختلافُ في أمرينِ أساسيينِ، أوَّلُهما: تحديدُ الوَرَثَةِ، أيْ الأشخاصِ الّذينَ لهم الحَقُّ في تِرْكَةِ المُتَوَفَّى، وثانيهما: نَصيبُ كُلِّ وارثٍ في هذِهِ التِّرْكَةِ.

فالميراثُ في اليهوديةِ حَقٌّ للذكورِ دُونَ الإناثِ أساساً، فالمرأَةُ لا تَرِثُ ما دامَ للميتِ قريبٌ ذكرِ كالابْنِ أو الأبِ أو الأخِ، والزوجُ يَرِثُ زوجَتَهُ وهي لا تَرِثُهُ.

 

وكانَ من حقِّ الابنِ الأكبرِ أنْ يأخذَ نصيبَ اثنينِ، كما أنَّ لأيِّ إنسانٍ الحقَّ في أنْ يُوصي بِما يَشاءُ لِمَنْ يَشاءُ إعطاءً أو حِرماناً، سواءٌ كانَ الموصَى لَهُ قريباً أو أَجْنَبِيَّاً.

وحَرصَ النِّظامُ الرُّومانِيُّ عَلى عَدَمِ تفتيتِ الثَّرْوَةِ، وتَرَتَّبَ على ذلكَ أنَّ الأُمَّ إذا ماتَتْ لا يَرِثُها أوْلادُها، بَلْ يَرِثُها أفرادُ أُسْرَتِها، مَنعاً لانتقالِ الثروةِ من أُسْرَةٍ إلى أُخْرى، وللسَّبَبِ نفسِهِ لا تَرِثُ الزوجَةُ زَوْجَها.

أمَّا العربُ فقدْ جعلُوا المِيراثِ حقّاً للقادِرِ عَلى القِتالِ، ومِنْ ثَمَّ كانوا يَحرمونَ المستضعفينَ مِنَ النِّساءِ والوُلْدانِ.

 

ولمَّا جاءَ الإسلامُ، نزلتْ سُورَةُ النِّساءِ بِأحْكامِ الميراثِ، وتَوَلَّى اللهُ سُبحانَهُ وتَعالَى بَيانَ الوَرَثَةِ وأَنْصِبائِهِمْ، ووضَعُ هذهِ القاعدةَ قال تعالى(آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ ) (النساء:11).

فَأَصْبَحَ واضِحاً كُلَّ الوُضوحِ أَنَّ تَحديدَ الوَرَثَةِ، وتحديدِ نَصيبِ كُلٍّ منهمْ في التَّركَةِ أَمْرٌ شَرْعِيٌّ، تَوَلَّى القُرآنُ الكريمُ بَيانَهُ، لأنَّ اللهَ تَعالى هوَ الخالِقُ، وهوَ العالِمُ بِمَصالِحِ خَلْقِهِ.

وأمْرٌ آخَرُ مُهِمٌّ جِدَّاً، وهوَ أنَّ أحكامَ الميراثِ ليستْ قائمَةً برأسِها، بَلْ هيَ تَأْتَلِفُ مَعَ أحكامِ إلَهِيَّةٍ أُخْرى في النفقَةِ وَصِلَةِ الأَرْحامِ. فإِذا جَالَ في خاطِرِكَ تَساؤُلٌ، أو جادَلَكَ أَحَدٌ، حولَ حُكْمٍ من أحكامِ الميراثِ، فاتْلُ هذهِ الآيةَ، وكفى.

 

وعِلمُ المواريثِ – ويُسمَّى أيضاً علمَ الفَرائضِ – من أَهَمِّ العلومِ الإسلاميةِ بعدَ معرفةِ أركانِ الدِّينِ. والَّذي يُريدُ إتْقانَ هذا العلمِ لا بُدَّ لَهُ من معرفةِ أمريْنِ، أوَّلُهما: الأحكامُ الفِقْهِيَّةُ الخاصَّةُ بِهِ، وثانيهما: المعرِفَةُ بالحِسابِ.

وعلمُ المواريثِ بحاجَةٍ إلى مراجعةٍ دائمةٍ حتَّى لا يُنسَى، ولذلكَ كانَ أصحابُ رسولِ اللهُ صلى الله عليهِ وسلَّمَ إذا اجْتَمَعوا تَدارَسُوا عِلْمَ الفَرائِضِ.

وأيضاً لَجَأَ بعضُ العُلَماءِ إلى وَضْعِ قَواعِدِ هَذا العلمِ وما يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ أحكامٍ في هَيْئَةِ مَنْظوماتٍ شِعْرِيَّةٍ، حتَّى يَسْهُلَ حِفْظُها، كَما فَعَلَ أبو عبدِ اللهِ مُحمَّدٌ بنُ عليّ بنِ حُسَين الرحبيّ (ت677هـ) وتُسَمَّى مَنظومَتُهُ «الرحبيَّةَ»، وهي مَشْهورَةٌ ومَطْبوعَةٌ.

 

وقَدْ كانَ عُلَماءُ الفِقْهِ في القرنَيْنِ الثَّاني والثَّالثِ الهجريَّيْنِ يَخُصُّونَ عِلْمَ المواريثِ بتآليفَ مُفْرَدَةٍ، ولَمْ يَكونُوا يُضَمِّنُونَهُ كُتُبَهُم الفِقْهِيَّةَ الكبيرةَ، مِثْل «المدوَّنة» لسَحْنون في الفِقْهِ المالكيِّ، وكتابِ «الأُمِّ» للإِمامِ الشَّافعيِ، وكتابَيْ محمدٍ بنِ الحسنِ «الجامعِ الكبيرِ» و«الجامعِ الصَّغيرِ» في الفِقْهِ الحَنَفِيِّ.

ولم تَبْدَأْ كُتُبُ الفقهِ تَضُمُّ ما يتعلقُ بالميراثِ إِلَّا في القَرْنِ الرَّابعِ الهجريِّ، واستمرَّ الأمرُ على ذلكَ.

ولكنْ بَعْدَ أنْ صارَ للميراثِ منهجٌ خاصٌّ في المعاهِدِ العُلْيا والكُلِّياتِ الَّتي تهتمُّ بتدريسِ هذا الفَرْعِ من فُروعِ الشَّريعةِ، مِثْل كلياتِ الحقوقِ والكُلِّياتِ الإِسلاميَّةِ، عادَ الأَمْرُ كَما كانَ، وأصبحَ للمواريثِ مُؤلّفاتٌ خاصَّةٌ بها، تَتَفاوَتُ طُولاً وقِصراً.

 

وإذا أرَدْتَ أنْ تَكونَ مِنْ عُلَماءِ المواريثِ، وهذا فَضْلٌ كَبيرٌ يُحسَبُ لَكَ عندَ اللهِ وعندَ النَّاسِ، فابدأْ بِحِفْظِ الآياتِ الخاصَّةِ بِأَحْكامِ المواريثِ في سُورَةِ النِّساءِ، وهيَ الآياتُ: 11، 12، 176، ثُمَّ افْهَمْها فَهْماً دَقيقاً، ثُمَّ حاوِلْ معرفةَ تطبيقِها. يقولُ اللهُ عزَّ وجَلَّ.

قال تعالى(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ۞ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۚ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم ۚ مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ ۚ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ۚ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ ) (النساء: 11-12).

قال تعالى(يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ۚ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ۚ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ ۚ وَإِن كَانُوا إِخْوَةً رِّجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۗ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّوا ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (النساء:176).

 

وسَوْفَ نَتَعاوَنُ معاً في فَهْمِ وتطبيقِ الأَحكامِ الَّتي نَصَّتْ عليها هذهِ الآياتِ.

1- لاحِظْ أنَّ توزيعَ التَّرِكَةِ يَسْبِقَهُ سَدادُ الدِّيونِ الَّتي عَلى الميتِ إنْ كانَ مَدِيناً، وتَنفيذُ الوصيَّةِ إنْ كانَ قَدْ أَوْصى بِجُزْءٍ من مالِهِ لِأَحَدٍ غيرِ الوَرَثَةِ أو لجهةٍ منْ جِهاتِ الخيرِ.

وقدْ تَكَرَّرَ في الآياتِ ثلاثَ مَرَّاتٍ النَّصُّ على أنَّ توزيعَ التَّركةِ يكونُ مِنْ بعدِ وَصيَّةٍ يُوصَى بِها أو دَيْنٍ.

 

والوصيَّةُ تكونُ في حدودِ ثُلْثِ التَّركةِ، فإنْ زادَتْ على ذلكِ فإنْفاذُها مَشْروطٌ بِرِضا الوَرَثةِ، فإنْ لَمْ يَرْضُوا نُفِّذَتْ في حُدودِ الثُّلْثِ فَقَط.

واشْتَرَطَتِ الآيَةُ (12) في الدَّيْنِ أَنْ يَكونَ «غَيرَ مضارّ»،فبعضُ النَّاسِ يَقصدُ الإِضرارَ بالوَرَثَةِ أو بعضِهِمْ، فيُقرُّ على نفسِهِ بِدَيْنٍ لوارِثٍ أو لشَخْصٍ آخَرَ، والحقيقةُ أنَّهُ ليسَ مَديناً. وإذا ثَبَتَ أنَّ الدَّينَ للإضرارِ لم يُنَفَّذْ.

ويُخْصَمُ من التَّركةِ أيضاً قَبْلَ التَّوزيعِ على الوَرَثَةِ تكْلِفَةُ تجهيزِ الميتِ.

 

2- ميراثُ أولادِ الميتِ مِنْ بنينَ وبناتٍ حَدَّدَهُ قَوْلُهُ تَعالى(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ) فإذا ماتَ شَخْصٌ، رجلٌ أو امْرأةٌ، وليسَ للميتِ وَرَثَةٌ إلَّا وَلَدٌ واحِدٌ ذَكَرٌ، وبِنْتُ واحدةٌ، كانَ نصيبُ الذَّكر ثُلْثيْ التَّركةِ، ونصيبُ البنتِ الثُّلْثُ الباقي.

فإنْ كانَ للميتِ بِنْتانِ وَوَلَدٌ واحدٌ ذكرٌ، أَخَذَ الذَّكَرُ نِصْفَ التركةِ، والنِّصفُ الباقي يُوَزَّعُ على البِنْتَينِ بالتَّساوي. فإنْ كانَ للميتِ ولدٌ واحدٌ ذكرٌ أَخَذَ التّركةَ كلَّها.

 

3- إنْ كان للميتِ مَعَ الأولادِ أصحابٌ فروضٌ، كالزوجينِ أو الأَبوينِ، فإنَّ أصحابَ الفُروضِ يأخذونَ أنصِبَتَهُم أوَّلاً، وما تَبَقَّى مِنَ التركةِ يُقَسَّمُ على الأولادِ كَما وَضَّحْنا في الفِقْرَةِ السَّابقةِ.

4- إنْ كانَ أولادُ الميتِ قَدْ ماتُوا قَبْلَهُ، ولكنَّهُم تَرَكوا أولاداً، فأَوْلادُ الابنِ يقومونَ مَقامَ الأولادِ، لأنَّ قولَهُ تَعالى(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ) يَتَناوَلُ أولادَ الميتِ من صُلْبِهِ، وأولادَ الابنِ مَهْما نَزَلُوا.

 

5- إنْ تَرَكَ الميتُ ذريَّةً مِنَ البناتِ فقطْ، فميراثُهُنَّ على الوجْهِ الآتي:

أ- إِنْ كانتْ بِنْتاً واحدةً فَنَصيبُها نصفُ التركةِ.

ب- إنْ كانَتَا بنتينِ أو أكثرَ فنَصيبُهُنَّ ثُلْثا  التّركةِ، يُوزَّعُ  بينهنَّ بالتَّساوي.

 

6- بَعْدَ ذلكَ بَيَّنتِ الآيةُ حُكمَ ميراثِ الأَبوينِ قال تعالى(وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ)

وهذهِ هي الأحْكامُ:

أ- إنْ كانَ لميتِ فَرْعٌ وارِثٌ (ابنٌ أو ابنُ أبنٍ) فَنَصيبُ كُلٍّ مِنَ الأبِ والأمِّ سُدْسُ  التركةِ.

 

ب- إذا انْفَرَدَ الأَبَوانِ، فلمْ يكُنْ مَعَهما أحدٌ مِنَ الأولادِ، ولا زَوْجٌ ولا زَوْجَةٌ، فإنَّ الأُمَّ تَرِثُ ثُلثَ التركةِ، والباقي وهو الثُّلْثانِ يكونُ للأبِ.

 

ج-  إذا وُجِدَ مَعَ الأبوينِ إخْوَةٌ للميتِ، اثْنانِ فَأَكْثَرُ، فإنَّ نصيبَ الأُمِّ يهبطُ مِنَ الثُّلثِ إلى السّدسِ، والباقي – وهو خَمْسَةُ أسْداسٍ  التّركةِ يكونُ للأبِ.

 

وهُنا مُلاحَظَتانِ:

الأولى: يَسْتَوي أَنْ يكونَ إخوةُ الميتِ الَّذينَ يحجبُونَ الأُمَّ مِنَ الثُّلْثِ إلى السّدسِ، ذكوراً أو إناثاً أو مُختلفين، وسواءٌ كانوا اثنينِ أو أكثرَ، فإنَّ الواحِدَ لا يَحْجِبُ الأُمَّ من الثُّلْثِ إلى السّدْسِ.

والثانيةُ: أنَّ هؤلاءِ الإخوةَ والأخواتِ لا مِيراثَ لَهُمْ بِسَبَبِ وُجودِ الأَبِ، فهو يحجبُهُم، ومعَ ذلكَ حَجَبُوا الأُمَّ من الثُّلْثِ إلى السُّدْسِ.

فائِدَةٌ: يَعْني الحَجْبُ مَنْعَ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ عَنْ مِيراثِهِ: كُلِّهِ أو بَعْضِهِ، بوجودِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ عَنْ مِيراثِهِ: كُلِّهِ أو بَعْضِهِ، بوجودِ شَخْصٍ آخَرَ. والحَجْبُ نَوْعانِ: حَجْبُ حِرْمانٍ، وحَجْبُ نُقْصانٍ. وحَجْبُ الحِرْمانِ لا يَدْخُلُ على سِتَّةِ أَشْخاصٍ: الأبوانِ، والزَّوْجانِ، والوَلَدانِ. وحَجْبُ النُّقْصانِ كَما رَأَيْنا مَعَ الأُمِّ في حالَةِ وُجودِ الإِخْوَةِ والأَخَواتِ، وكَما سَنَرى مَعَ الزَّوجينِ.

 

7- بدأتِ الآيَةُ الثانيةَ عَشْرَةَ بِبَيانِ ميراثِ الزَّوْجِ إذا ماتَتِ زوجته،وميراث الزوجة (أو الزوجات) إذا مات الزوج.   

فإذا ماتت الزوجة ولم تُخَلِّفْ فَرْعاً وارِثاً، كانَ نَصيبُ الزَّوْجِ نِصْفَ التركةِ، أَمَّا في حالَةِ وُجودِ الفَرْعِ الوارِثِ فإنَّ نَصيبَ الزَّوْجِ الرُّبْعُ.

وإذا ماتَ الزَّوجُ وَلَمْ يُخَلِّفْ فَرْعاً وارِثاً، كانَ نَصيبُ الزَّوْجَةِ (أو الزَّوْجاتِ) الرُّبْعَ، فإنْ خَلَّفَ فرعاً وارثاً، كانَ نصيبُ الزَّوجَةِ (أو الزَّوجاتِ) الثُّمنِ.

(لاحِظْ أنَّهُ في حالَةِ وجودِ الفرعِ الوارِثِ يهبطُ نصيبُ كُلٍّ مِنَ الزوجِ والزوجةِ، وهذا يُسَمَّى حَجْبَ نُقصانٍ، كَما سَبَقَ بَيانُهُ).

 

8- قَدْ يَموتُ شَخْصٌ ولَمْ يُخَلِّفْ ابْناً ولا بِنْتاً ولا ابْنَ ابنٍ، ولمْ يتركْ أيضاً أباً ولا جَدَّاً، فهذا الشَّخْصُ تُسَمِّيهِ العَرَبُ كلالةً، فالكلالَةُ: مَنْ يرثُهُ الإخوةُ أو الأَعْمامُ أو أبناءُ الأَعْمامِ.

وأَحْكامُ ميراثِ الكَلالَةِ تَضَمَّنَتْها بقيَّةُ الآيةِ (12) والآيَةُ (176) من سُورَةِ النِّساءِ. وهذهِ الأحكامُ على النَّحْوِ التَّالي:

 

أ- حُكْم الإخوةِ والأخواتِ لأمٍّ، وهُوَ مبيَّنٌ في الآية (12):

ب- إذا ماتَ عن أخٍ لِأُمٍّ مُنفردٍ أو أُخْتٍ لِأُمٍّ مُنفردةٍ، فإنَّ نَصيبَ الواحِدِ منهُما سُدْسُ التركةِ.

 

ج- إذا ماتَ عن أكثرَ من ذلكَ، ذكوراً أو إناثاً أو مُخْتَلِطينَ، فهمْ شُرَكاءُ في الثلثِ، يُوَزَّعُ بَيْنَهُم بالتَّساوي، أَيْ أنَّ الذَّكَرَ يَأْخُذُ مِثْل الأُنْثى لا ضِعْفَها.

د- حُكْم الإخوةِ والأَخَواتِ الشَّقيقاتِ أو لِأَبٍ، وهوَ مُبَيَّنٌ في الآيَةِ (176).

 

أولاً: إذا ماتَ وخلَّفَ أُختاً واحدةً، شقيقةً أَوْ لِأَبٍ، ولَمْ يكنْ لَهُ أَصْلٌ ولا فَرْعٌ وارِثٌ، فَلِلْأُخْتِ الشَّقيقةِ أو الأختِ لأبٍ نصفُ التّركةِ.

ثانياً: إذا ماتَ وخلَّفَ أُخْتينِ، شَقيقتينِ أو لأَبٍ، فَأَكْثَرَ، ولَمْ يَكُنْ لَهُ أصلٌ ولا فَرْعٌ، فللشقيقتينِ أو لأبٍ (أو أكثرَ) ثُلْثاً التركةِ 

 

ثالثاً: إذا ماتَ وخَلَّفَ إخوةً وأخَواتٍ، أشِقَّاءَ أو لِأَبٍ، تَقاسَمَ الإخوةُ والأخواتُ التركةَ، للذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ.

رابعاً: إذا ماتَتْ الأخْتُ الشقيقةُ، ولم يكنْ لها أصْلٌ ولا فَرْعٌ، يأخذُ الأَخُ الشقيقُ جميعَ التركةِ. وإنْ كانَ هُناكَ أكثرُ مِنْ أخٍ تَقاسَمُوا التركةَ على عَدَدِ الرؤوسِ.

وهكذا حُكْمُ الإخوةِ والأَخَواتِ لأبٍ عِنْدَ عَدَمِ وجودِ الإخوةِ الأَشِقَّاءِ أوِ الأخواتِ الشَّقيقاتِ.

 

تدريبات

– ماتَتْ امْرأةٌ، وخَلَّفَتْ زَوْجاً، وأُخْتاً شقيقَةً، وأخاً لِأَبٍ.

الحلُّ: هذِهِ المرأةُ ليسَ لها فَرْعٌ وارِثٌ، فنصيبُ الزَّوجِ كَما نَصَّتِ الآيَةُ 12 قال تعالى(وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ) ولَهُ أختٌ فلها نِصفُ ما تَرَكَ. أما الأخ لأبٍ فيسقط حيث لا يَبْقَى له شيء.

 

– مات رجل، وخَلَّفَ زوجةً، وأباً، وابْنين، وبنْتاً.

الحَلُّ: الخُطْوةُ الأُولى يُعطى أصحابَ الفُروضِ نَصيبَهُمْ، وهُمْ في مَسْألَتين، الأبُ والزوجةُ: الفرع الوارث تأخُذُ الزوجة الثَّمنَ. لِقولِهِ تَعالى في الآية 12 قال تعالى(فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم) ويأخذُ الأبُ السّدسَ. لقولِهِ تَعَالى في الآيةِ 12 قال تعالى(وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ) 

والخُطْوَةُ الثَّانيَةُ: نُوَزِّعُ الباقي من التّركةِ على الابْنَينِ والبِنْتِ كَما قالَ سبحانه (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ) هذا يعني تقسيمَ الباقي خَمْسَةَ أَسْهُمٍ، لِكُلِّ ابنٍ سَهْمانِ، ولِلبِنْتِ سَهْمٌ واحِدٌ.

وبالحلِّ الحِسابِيِّ الَّذي تَعَلَّمْتَهُ عَلى أساسِ تَوْحيدِ المَقاماتِ، تُقَسَّمُ التَّركةُ إلى (120) سَهْماً، تَأخُذُ الزوجةُ مِنْها 15، والأبُ 20 فيكونُ الباقي 85 سَهْماً يَأْخُذُ كُلُّ ابنٍ مِنْها 34 سهماً، وتَأْخُذُ البِنْتُ 17 سَهْماً.

 

– ماتَتْ امْرَأَةٌ، وخَلَّفَتْ: ابناً وبنتاً وزَوْجاً وأُمّاً وأَباً.

الحَلُّ: الخطوةُ الأُولى: نُعطي أصحابَ الفُروضِ أنْصباءَهُمْ: الزوجَالتركةِ، والأبَ  التركةِ، والأُمَّ التركةِ.

والخطوةُ الثانيةُ: يُقَسَّمُ الباقي بينَ الولَدِ والبنتِ بِنِسْبَةِ 1:2 .

وبالحلِّ الحسابيِّ على أَساسِ تَوحيدِ المَقاماتِ، تُقَسَّمُ التّركةِ 36 سَهْماً، للزَّوْجِ منها 9، وللأَبِ 6، وللأُمِّ 6، والباقي وهُوَ 15 سَهْماً يُقَسَّمُ بينَ الوَلَدِ والبنتِ فيَأْخُذُ الولدُ (10) أسْهُمٍ، والبِنْتُ (5).

 

ويُلاحَظُ أنَّ هذِهِ الأَحْكامُ الَّتي قَدَّمْناها لا تَسْتَوْفي ما يَتَعَلَّقُ بعِلْمِ الميراثِ، وإنَّما هيَ مُجَرَّدُ بِدايَةٍ نَحْسِبُها كافِيَةً في حُدودِ أهدافِ هذهِ الموسوعَةِ.

وإذا أرَدْتَ المزيدَ فاقْصُدْ إلى المَكْتَبَةِ العامَّةِ واسْتَخْرَجْ مِنَ الكَشّافاتِ أَسْماءَ الكُتْبِ المؤَلَّفَةِ في هَذا العِلْمِ وهيَ وَفيرَةٌ جِدّاً، فَضْلاً عَلى المطَوَّلاتِ الفِقْهِيَّةِ، وارجِعْ المَدْخَلَ "إرثَ" في الجزءِ الثَّالِثِ مِنَ الموسوعَةِ الفِقْهِيَّةِ الكويتيَّةِ.

بَقِيَتْ كَلِمَةٌ نَوَجِّهُها إلى النَّابِهينَ والنَّابِهاتِ مِنْ شَبابِنا وشَوابِّنا قُرّاءِ هذهِ المَوسوعةِ:

 

لَقَدْ حاوَلَ كَثيرٌ مِنَ العُلَماءِ مُنْذُ القِدَمِ تَسْهيلَ الإِلْمامِ بِأَحْكامِ المواريثِ وتَطْبيقِها، ومِنْ ذلكَ صياغَتُها في شَكْلِ مَنْظوماتٍ، وتقديمُ حلولٍ للمسائِلِ المُشْكِلَةِ، وعَمَلُ جَداوِلَ رياضِيَّةٍ نَسْتَطيعُ باسْتِخْدامِها تَقْسيمُ الثَّرْوَةِ عَلى الوَرَثَةِ حَسْبَ الحالاتِ المُختلفةِ.

وأنْتَ اليومَ، وخاصَّةً بَعْدَ التطورِ الكبيرِ في الآلاتِ الحاسِبَةِ والحاسِباتِ الآليَّةِ تَستطيعُ أنْ تُقَدِّمَ خِدْمَةً لِدِينِكَ، بِإبِداعِ طريقةٍ مُيَسّرَةٍ، أَوْ عَمَلِ برنامجٍ في الكمبيوترِ بحيثُ يَهْتَدِي المسلمُ بسهولةٍ لِتَوزيعِ التّركةِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى