نبذة تعريفية عن أشكال “الطيّات” وكيفية تكوّنها
2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الطيّات أشكال الطيّات كيفية تكوّن الطيّات علوم الأرض والجيولوجيا
القشْرَةُ الأَرْضِيَّةُ غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ، لَكِنَّنا لا نُحِسُّ عَدَمَ اسْتِقْرارِها إلاَّ عِنْدَ وُوقعِ زَلزالٍ. وتُسَمَّى الحَرَكاتُ الأَرْضِيَّةُ النَّاشِئَةُ عَن الزَّلزالِ «الحَرَكاتِ السَّريعَةَ لِلْقِشْرَةِ الأَرْضِيَّةِ»؛ ذَلِكَ لأَنَّها تَحْدُثُ فَجْأَةً وتَنْتَهِي بِسُرْعَةٍ في مَدَى ثوانٍ في العادَةِ أو دَقائِقَ قَليلَةٍ جدًّا في النَّادِرِ.
وإذا كانَ الزِّلْزَالُ قَوِيًّا فإنَّه يُسَبِّبُ دَمارًا في المُنْشآتِ أو تَشَوُّهاتٍ أَو تَصَدُّعاتٍ في القِشْرَةِ الأَرْضِيَّةِ نُحِسُّها ونُعاني مِنْها الكثيرَ مِنَ الوَيلاتِ.
لكنْ هُناكَ حَرَكاتٌ أَرْضِيَّةٌ أُخْرَى أَقْوَى مِنْ الحَرَكاتِ النَّاشِئَةِ عَنْ الزَّلازِلِ لا نُحِسُّها إطْلاقًا مع أَنَّها أَكْثَرُ قُوَّةً إِذْ إنَّها تُقيمُ الجِبالَ وتَرْفَعُها، وتَخْفِضُ القَارَّاتِ أَوْ تَخْسِفُ أَجْزاءً مِنْها. كما أَنَّها تَطْوِي الطَّبَقاتِ وتُصَدِّعُها، وتُقيمُ مِنْها التَّراكيبَ البِنائِيَّةَ الهائِلَةَ.
وهذِهِ الحَرَكاتُ وتَأثيراتُها الجَبَّارَةُ في طَبَقاتِ الصُّخورِ لا نَشْعُرُ بِها لأَنَّها بَطيئَةٌ لِلْغايَةِ. لَكِنَّنا لِحُسْنِ الحَظِّ يُمْكنُ أَنْ نُقَدِّرَ قُوَّتَها الهائِلَةَ وآليَّاتِ نَشاطِها مِنْ دِراسَةِ ما خَلَّفَتْه من تَراكيبَ بِنَائِيَّةٍ نَجَمَتْ عن طَيٍّ لِطَبقاتِ الرُّسوبِيَّاتِ الّتي تَراكَمَتْ عَلَى قُعورِ البِحارِ خِلالَ الزَّمَنِ الطَّويلِ.
وهَذِهِ الحَرَكاتُ تَخْتَلِفُ في طَبيعَتِها تَمَامًا عَنْ الحَرَكاتِ الّتي تَرْتَبِطُ بالزَّلازِلِ؛ وتُسَمَّى «الحَرَكاتِ البَطيئَةَ لِلْقِشْرَةِ الأَرْضِيَّةِ».
فَلْنَرَ إذَنْ ونَتَفَهَّمْ هذِهِ التَّراكيبَ الّتي خَلَّفَتْها الحَرَكاتُ الأَرْضِيَّةُ البَطيئَةُ في الصُّخورِ أَدِلَّةً علَى حُدوثِها في الزَّمَنِ الجيولوجيِّ الطويلِ؛ ولنَعْرِضْ للنّماذِجِ المُخْتَلِفَةِ مِنْها.
فَهُناكَ الطَّيَّاتُ الصَّغيرَةُ أو البَسيطَةُ نِسْبِيًّا الّتي يُمْكِنُ رُؤْيَتُها بِنَظْرَةٍ مُباشِرَةٍ أَو بالالْتِفافِ حَوْلَها في زَمَنٍ قصيرٍ، إِذْ لا تَزيدُ أَبْعادُها الأُفُقِيَّةُ عَلَى كيلومترٍ واحدٍ في كيلومترٍ واحدٍ تَقْريبًا. ومِنْها ما لا يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ إلاَّ بِنَظْرَةٍ واسِعَةٍ، فَقَدْ تَصِلُ أَبْعادُها الأُفُقِيَّةُ إلَى عِدَّةِ كيلومِتْراتٍ.
وهُناكَ أيضًا الطَّيّاتُ العُظْمَى الّتي تَتَجاوَزُ أَبْعادُها الأُفُقِيَّةُ عَشَـراتِ بَلْ مِئاتِ الكيلومِتْراتِ، فَلا تُعْرَفُ طَبيعَتُها ولا تُسْتَوْعَبُ أَشْكالُها وخَصائِصُها إلاَّ بأَعْمالِ المِساحَةِ ورَسْمِ الخَرائِطِ الجيولوجِيَّةِ.
وهَذِهِ الطَّيَّاتُ العُظْمَى تُصاحِبُها عادَةً تَراكيبُ أُخْرَى كالصُّدوعِ بأَنْواعِها والطَّيَّاتُ المُصَدَّعَةُ، وغَيْرُها.
والطَّياتُ بِجانِبِ اخْتِلافِها مِنْ حَيْثُ الحَجْمُ تَخْتَلِفُ أَيْضًا في طَبيعَتِها وهَنْدَسَتِها؛ فمِنْها ما هُوَ مُحَدَّبٌ أيْ مَطْوِيٌّ إلَى أَعْلَى، وهذا يُسَمَّى «الحَنَيرَة»، أمَّا إذا كانَ الطَّيُّ إلَى أسْفَلَ فَتُسَمَّى الطَّيَّةُ «القَعيرَةَ».
وفي الحَنَيرةِ يكونُ مَيْلُ جَناحَيْها إلَى الخارِجِ أَيْ بعيدًا عن الخَطِّ المِحْوَرِيِّ للطَّيَّةِ، أَمَّا القَعيرَةِ فيكونُ مَيْلُ الجَناحَيْن إلَى الدَّاخِلِ أَيْ نَحْوَ الخَطِّ المِحْوَرِيِّ للطَّيَّةِ.
وهناكَ أَيْضًا نَوْعٌ آخَرُ مِنَ الطَّيِّ البَسيطِ يكونُ مَيْلُ الطَّبَقاتِ فيه في كُلِّ الاتِّجاهاتِ بَعيدًا عَن النُّقْطَةِ المَرْكَزِيَّةِ للطَّيَّةِ، وهَذِهِ البِنْيَةُ تُسَمَّى «القُبَّةَ».
وعَكْسُ هذا تَمامًا يُوجَدُ فيما يُسَمَّى «الحَوْضَ»، وفيهِ تَميلُ الطَّبقاتُ في كُلِّ الاتِّجاهاتِ إلَى الدَّاخِلِ نَحْوَ النُّقْطَةِ المَرْكَزِيَّةِ للطَّيَّةِ.
وقَدْ تَكونُ الطَّيَّةُ مُسْتَطِيلَةً، ويكونُ المَيْلُ مُتماثِلاً في جَناحَيْها أو يكونُ مُخْتَلِفًا. فَفي الحالَةِ الأُولَى تُسَمَّى الطَّيَّةُ حَنيرَةً أَوْ قَعيرَةً مُتَماثِلَةً، أمَّا في الحالَةِ الثَّانِيَةِ فَتُسَمَّى الطَّيَّةُ حَنيرَةً أَوْ قَعيرَةً غَيْرَ مُتَماثِلَةٍ.
وقَدْ يَميلُ أَحَدُ جَنَاحَيْ الطَّيَّةِ مَيْلاً كبيرًا بالنِّسْبَةِ لِلْجَناحِ الآخَر.
وقَدْ يَزْدادُ هَذا الاخْتِلافُ في المَيْلِ حَتَّى تَميلَ الطَّيَّةُ برُمَّتِها وبِمُسْتَواها المِحْوَرِيِّ الّذي يَصِلُ إلَى الحالَةِ الأُفُقِيَّةِ أَوْ قَريبًا مِنْها بِحَيْثُ يَرْتَكِزُ أَحَدُ الجناحَيْنِ فَوْقَ الآخَر.
وعِنْدَئِذٍ تُسَمَّى الطَّيَّةُ «طَيَّةً مُضْطَجِعَةً»، إذْ تَبْدو كأَنَّها راقِدَةٌ عَلَى أَحَدِ جَنَبيْها.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]