نبذة تعريفية عن أنواع علم الفيزياء وتطبيقاته المختلفة
2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الرابع عشر
عبد الرحمن أحمد الأحمد
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
علم الفيزياء أنواع علم الفيزياء تطبيقات علم الفيزياء الفيزياء
أصْلُ كَلِمَةِ «فِيزْياء» أو «فِيزيقا» مَأْخوذٌ من اللَّفْظِ اليونانِيِّ القَديمِ «فَيْزِسْ»، الّذي يَعْنِي جَوْهَرَ الحقيقةِ أو أصْلَها.
وعِلْمُ الفِيزْياءِ هو أَحَدُ فُروعِ العُلومِ الطَّبيعِيَّةِ المَعْنِيَّةِ بِدِراسَةِ خَصائِصِ العالَمِ الطَّبيعيِّ الّذي نَعيشُ فيهِ وظَواهِرِهِ.
أي إنَّ الفيزيائيينَ يجتهدونَ في محاوَلَةِ فَهْم القَواعِدِ والقَوانينِ الأَساسيَّةِ الّتي تَحْكُمُ سَيْرَ العالَمِ الطَّبيعِيِّ، بِكُلِّ ما فيهِ من كائِناتٍ وظَواهِرَ.
ونظرًا لأنَّ نشاطاتِ الفِيزيائيِّينَ واهْتِماماتِهم تَتَغيَّرُ وتَتَطَوَّرُ مَعَ الزَّمَنِ، فإنَّ تَعْريفَ الفِيزْياء كعِلْمِ أَساسِيٍّ يَتَغَيَّر أيْضًا مَع الزَّمَنِ.
والدَّليلُ علَى ذَلِكَ أنَّ العديدَ من فُروع الفِيزْياءِ القائِمَةِ الآنَ لَمْ تَخْطُر علَى بالِ أَحَدٍ مُنْذُ جيلٍ أو جِيلَيْن.
ولكننا نجدُ، من ناحية أُخْرى، أنَّ بعضَ الموضوعاتِ الّتي تَدْخل الآنَ في عِلْمِ الكيمياءِ أو عِلْمِ الهَنْدسَةِ، مثلاً كانَتْ يومًا ما تُعَدُّ مِنْ مَوْضوعاتِ عِلْمِ الفِيزْياءِ.
وذَلِكَ لأنَّ الفيزيائيِّينَ يَنْسحبونَ تَدْريجِيًّا في بعضِ الأحْيان من مجالٍ مّا بِمُجَرَدِ مَعْرِفَةِ قوانينِهِ الأَساسِيَّةِ تاركينَ للآخرينَ القيامَ بالمَزيدِ من التَّطْويرِ والتَّطبيقاتِ العَمَلِيَّةِ له.
ولكنَّ اهْتِمامَ ذَوِي التَّخَصُّصاتِ الأُخْرَى بعِلْمِ الفيزْياءِ لَيْسَ مَقْصورًا علَى المُتَخَصِّصينَ في العَلومِ الطَّبيعِيَّةِ، ولَكِنَّه يمتدُّ أَيْضًا لدارِسِي التَّاريخِ والفَلْسَفَةِ، عِنْدَما يَتَعَرضونَ، مثلاً، لِعَلاقَةِ التَّطَوُّرِ بالنَّشاطاتِ الإنْسانِيَّةِ، أو لِشَرْحِ مَفاهيمِ «المادَّةِ» و«الفَراغِ» و«الزَّمَن» وغيرها.
ولَقَدْ تَعَدَّدتْ مباحِثُ عِلْمِ الفِيزْياءِ في العَصْرِ الحاضِرِ ونَمَتْ بِحَيْثُ أَصْبحَ كلٌّ مِنْها بِمَثابَةِ عِلْمٍ مُسْتَقِلًّ.
فهناك «عِلْمُ الميكانيكا» الّذي يُعْنَى بِدراسَةِ حَرَكَةِ الأَجْسامِ أو تَغييرِ مَواضِعَها. وهناكَ أيْضًا «عِلْم البَصَريَّات» الّذي يُعْنَى بِدراسَةِ طبيعة الضَّوْءِ وخواصِّه وتقنياتِه، و«عِلْم الصَّوْتيَّاتِ» الّذي يُعْنَى بِدراسَةِ خَواصِّ الصوت وتطبيقاته والظواهر المتعلقة بها.
أما علم «فيزياء الجوامد» فيبحث في تركيب المادة وخصائصها الضَّوئِيَّةِ والحَرارِيَّةِ والكهربائية والمغناطيسية.
وأما «الفيزياء الذرية والنووية» فَتُعْنَى بِدِراسَةِ المكوِّناتِ الدَّقيقةِ للذَّرَّةِ ونَواتِها ونَشَاطِها الإشْعاعِيِّ الطَّبيعِيِّ والصِّناعِيِّ
ومِنْ بَيْنَ العَلومِ الفِيزْيائِيَّةِ الّتي أَصْبَحَتْ عُلومًا قائِمَةً بِذَاتِها في الوَقْتِ الحاضِرِ نَذْكُر، علَى سبيلِ المِثالِ: «عِلْمُ الأَطياف»، و«فِيزْياءُ التَّعْدينِ» ، و«فِيزْياءُ اللِّيزَرْ»، و«فِيزْياءُ الطَّاقاتِ العالِيَةِ»، و«فِيزْياءُ أشْباه المُوَصِّلاتِ».
والفَوائِد الّتي تَجْنيها البَشَرِيَّةُ اليّوْمَ مِنْ تَطبيقاتِ العُلوم الفِيزْيائِيَّةِ عَديدَةٌ ومُتَنَوِّعَةٌ، ودَوْرُها في تحقيقِ المَزيدِ مِنَ الإنْجازاتِ الحَضارِيَّةِ خَطيرٌ ومُتَمَيِّزٌ.
ويكفي أَن نشيرَ، علَى سبيلِ المثالِ، إلَى ما حَقَّقَه الفِيزْيائيُّونَ في مَجالِ «الدَّوائِرِ الإلِكْترونِيَّةِ المُتَكامِلَةِ»، وهي ثَمَرَةُ تَطَوُّر عِلْمِ «الإلِكْترونِيَّاتِ» و«عِلْمِ أشْباهِ المُوَصِّلات».
فَبِفَضْل هذا الإنْجازِ العِلْمِيِّ أَمْكَنَ اخْتزالُ حَجْمِ الأَجْهِزَةِ الإلِكْترونِيَّةِ المُخْتَلِفَةِ بحيثُ أَمْكَنَ الوصولُ بِبَعْضِها مِنْ حَجْمِ الثلَّاجَةِ إلَى حَجْمِ عُلْبَةِ الثقابِ. وقَدْ أدَّى ذَلِكَ إلَى انْخِفاضٍ هائِلٍ في الجُهودِ والتَّكاليفِ والطَّاقَةِ اللازِمَةِ لإنْتاجِ هذه الأَجْهِزَةِ وتَشْغيلِها.
وهناكَ نَوْعٌ منَ الدَّوائِرِ المُتَكامِلَةِ يُسَمَّى «الدَّوائِرَ الرَّقْمِيَّةِ» يُسْتَخْدَمُ في بِناءِ «الدَّوائِرِ المَنْطِقِيَّةِ». وهذه الدَّوائِرُ يُمْكِنُها تَرْجَمَةُ ونَقْلُ المَعْلوماتِ في صورَةِ نَبَضَاتٍ كَهْرَبائِيَّةٍ خالِيَةٍ من التَشْويشِ.
وهي تَجْدُ تَطْبيقاتٍ هامَّةً في عَمَلِ الحاسِباتِ الإلِكْترونِيَّةِ، وفي تَوجيهِ الغَوَّاصاتِ في أَعْماقِ البِحَارِ، والتَّحَكُّمِ في مَساراتِ مَرْكَباتِ الفَضَاءِ، والصَّواريخِ مُتَعَدِّدَةِ المَراحِلَ مِنْ علَى الأَرْضِ
وتَمْتَدُّ تَطْبيقاتُ العُلومِ الفِيزْيائِيَّةِ في الوَقْتِ الحاضِرِ لِتَشْمَلَ بِصورَةٍ مُباشِرَةٍ أو غَيْرِ مُباشِرَةٍ مُخْتَلِفَ فُروعِ العِلْمِ والمَعْرِفَةِ.
ويَنْدُرُ أَنْ يتم اكتشاف ما في هذه العلوم بدون أن يكونَ للْفِيزْياءِ دَوْرٌ أَساسِيٌّ فيهِ. وأَوْضَحُ دَليلٍ عَلَى ذَلِكَ ظُهُورُ بَعْضِ العُلومِ «البَيْنِيَّةِ» بَيْنَ الفيزْياءِ والعُلومِ الأُخْرَى، مثلَ «الفيزْياءِ الجَوِيَّةِ» و«الفيزْياءِ الفَلَكِيَّةِ» و«الفيزْياءِ الجُيولوجِيَّةِ» و«الفِيزْياءِ الحَيَوِيَّةِ» و«الفيزْياءِ الطِّبِّيَّةِ» و«الفِيزْياءِ البِيئِيَّةِ» و«الفيزْياءِ الرِّياضِيَّةِ»، وغَيْرِها.
ولا نَنْسَى الدَّوْرَ الّذي قامَ به العُلماءُ العَرَبُ، في عُصورِ ازْدِهارِ الحضارَةِ الإسْلاميَّةِ، في تقدُّمِ عِلْم الفيزْياءِ وهم ما يزالونَ يُسْهِمونَ في هذا بِنصيبٍ، ونذكرُ من ذَلِكَ أَنْ كانَ منهم العالِمُ العربِيُّ أَحْمَد زُوَيْلِ الّذي نالَ عامِ 1999 جائِزَةَ نوبلْ العالَمِيَّةَ الكُبْرَى عن بُحوثِهِ لابْتِكار أَجْهِزَةٍ لِقياسِ الظَّواهِرِ الكيميائِيَّةِ الفيزْيائِيَّةِ في لَحَظاتٍ من الزَّمانِ بالِغَةِ القِصَرِ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]