نبذة تعريفية عن أَسْمَاءُ بنتُ أبِي بكرٍ “رَضِيَ اللّه عَنْهَا”
1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثاني
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
أَسْمَاءُ بنتُ أبِي بكرٍ شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة
هي أَسْمَاُء بنتُ أبِي بَكْرٍ الصِدِّيقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنه، وأُمُّها: قتيلةُ بنتُ عبدِ العُزَّى، وكانتْ أسماءُ، رضيَ الله عنها، من السَّابِقَاتِ إلى الإسلامِ بمَكَّةَ، وأَسْلَمَتْ بعدَ سبعةَ عشـرَ شخصاً.
وقد تَزَوَّجَتْ الزُّبَيْرَ بنَ العَوَّامِ ابنَ عَمَّةِ النَبِيِّ، صلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ، وأحدَ العَشَـرَةِ المُبَشَّـرينَ بالجَنَّةِ، وهاجرتْ من مكَّةَ إلى المدينةِ وهي حاملٌ بابنِها عبدِاللّه بنِ الزُّبَيْرِ فَوَلَدَتْهُ بالمدينةِ المُنَوَّرَةِ فكانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ للمسلَمينِ فيهَا.
وقد اشتهرَتْ بذاتِ النِّطَاقَيْن، الذي أطَلَقَه عليْها النبيُّ، صلَّى اللَّه عليه وسَلَّمَ، (والنِّطَاقُ حِزَامٌ يُشَدُّ بِهِ الوَسَطُ)، وذلك أنه عِنْدَما استعدَّ للهِجْرَة، ومعه أبو بكرٍ رَضِي اللّه عنه.
جَهَّزَتْ لَه أسماءُ رَضِيَ اللَّهُ عنهَا طعاماً وماءً ولم تَجِدْ ما تُرْبِطُ به الطعامَ والماءَ، فقالَتْ لأبيها "واللَّهِ ما أجدُ شيئاً أربِطُه به إلاَّ نِطاقِي" فقالَ لَها أبو بكرٍ: "فَشُقِّيه اثنيْن فاربُطِي بواحدٍ السِّقَاءَ وبالآخَر الطَّعَامَ".
ففعلتْ فسُمِّيَتْ بذاتِ النِّطَاقَيْن. وقد قالَ لها الرسولُ، صلّى اللَّه عليه وسَلَّمَ، "أَبْدَلَكِ اللّه بنطاقِكِ هذا نطاقَيْنِ في الجَنَّةِ".
وهي الفدائِيَّةُ المجاهِدَةُ الذَكِيَّةُ التي حَمَلَتْ الطعامَ إلى النَبِيِّ وأبي بَكْر وهُمَا بالغَارِ ثلاثةَ أيَّامٍ حافظَةً سِرَّ الهجرةِ فَلم تَبُحْ به لأَحَدٍ حتَّى عِنْدَما ضَرَبَها أبو جَهْل علَى وجهِها، وهي الفَتَاةُ الضعيفةُ بجَسَدِها القويَّةُ بإيمانِها.
وقد أَخَذَ الصِدِّيقُ مَالَهُ كُلَّه معه فلمَّا عَلِمَ والدُه "أبو قُحَافَةَ" بذلك جاءَ- وكان قدْ عَمِيَ- فقالَ لأسماءَ وإِخْوَتِها: "واللَّهِ إنَّ أباكُم قد ظَلَمَكُم بأَخْذِ مَالِه كُلِّه معه"، قالَتْ أسماءُ: "كَلَّا يا جَدِّي، إن أبي قد تَرَكَ لَنَا خَيْراً كثيراً".
ثم أَخَذَتْ أحجاراً فوضَعَتْهَا في مكانٍ بالبيت كانَ أبُو بكر يَضَعُ مَالَه فيه، ثم غَطَّتْه بِثَوْب وأَخَذَتْ بيدِ جَدِّهَا فَوَضَعَتْها عَلَيه، وهَكَذا اطمأَنَّ الجَدُّ وسَكَن غَضَبُه.
وكانتْ السَيَّدَةُ أسماءُ سيدةً مُجِدَّةً في بَيْتِها تقومُ على خِدْمةِ الزَّوجِ والأولادِ، ولا تعتذُر بأنَّ أَبَاها رَجُلٌ غَنِيٌّ، وكانَ زوجُها الزُّبَيْرُ بنُ العَوَّامِ فقيراً لا يَقْدِرُ عَلى استئجارِ خَادِمٍ، وكانَ له فَرَسٌ تقومُ عَلَى خِدْمَتِه أيضا.
وكانَتْ السَيِّدة أسماءُ مُحْسِنَةً مُلْتَزِمَةً وَصِيَّةَ الرَّسُولِ لَهَا بالسَّخاءِ وعَدَمِ البُخْلِ حتَّى لا يبخلَ اللَّهُ عَلَيْها.
كما كانَتْ مُعْتِقَةً للرَّقيقِ، وبارَّةً بأُمِّها فقدْ كانتْ أمُّها وهي كافرةٌ تَزُورُها فلم تَكُنْ تَقْبَلُ هدايا أُمِّها حَتَّى سَأَلَتْ الرسولَ الكريمَ فأَذِنَ لَهَا في قَبُولِ هَدِيَّةِ أُمِّها وإِكْرَامِها.
وكانتْ ذاتُ النطاقيْن مِنَ المجاهدَاتِ فقدْ شَهِدَتْ مع زوجِها مَعْرَكَةَ اليَرْمُوك، واشتهرَتْ بشَجَاعَتِها وقُدْرَتِهَا على استخدامِ السِّلاَحِ وكان لَهَا خِنْجَرٌ تَضَعُه تحتَ رأسِهَا لتدافعَ به عن نَفْسِها.
وكانَ صحابةُ رسولِ اللَّهِ، وعَلى رأسِهم عُمَرُ بنُ الخطَّاب يُعَظِّمُونَها. وكانَتْ إذَا سَمِعَتْ القرآنَ أو قرأَتْهُ بَكَتْ خَوْفاً من اللَّهِ، سُبْحَانَه وتعالَى.
وقَدْ كانَ بَلاَؤُهَا واختبارُ صَبْرِها وقوةِ إيمانِها عندَما رَفَضَ ابنُها عبدُالله بنُ الزبيرِ حُكْمَ الأمويين الوِرَاثِيِّ وثارَ عليهم وأَعْلَنَ نفسَه خليفةً. فشَجَّعَتْه على قتالِهم.
وكانَ إذَا شَكَا لهَا خَوْفَه من أن يُقَطِّعُوا جِسْمَه بعدَ قَتْلِهِ قالَتْ لَه: "إنَّ الشاةَ لا يَضُـرُّهَا سَلْخُها بعدَ ذَبْحِها".
وتَوَلَّى قتالَه الحَجَّاجُ بنُ يوسفَ، فَلَمَّا قُتِلَ عبدُاللّه صَلَبَه الحجَّاجُ عَلَى شَجَرَةٍ، فأَتَتْ أسماءُ وهي عجوزٌ عَمْيَاءُ فدخَلَتْ عليه وقالَتْ: "أَمَا آنَ لِهَذا الرَاكِب أَنْ يَنْزِلَ".
فقال الحجَّاج: "المُنَافِق"، فردَّت عليَه قائلةً: "كَذَبْتَ، كان بَرًّا بالوالديْن، صَوَّاماً قَوَّاما". قال: "اذْهَبِي". فذكَّرَتْه بسوءِ العاقبةِ وأنَّ إِسْرَافَه في الظُّلْمِ نذِيرٌ بعذابِ الله لَه.
وقد عاشَتْ مِئَةَ عَامٍ لَمْ تَسْقُطْ لَهَا سِنٌّ ولم يضعفْ لهَا عقلٌ، وماتَتْ بعد ابنِها بلَيَالٍ في جُمَادَى الأولَى سنةً ثلاثٍ وسبعين للهِجْرَةِ وقَدْ وُلِدَتْ قبلَ الهِجْرة بسَبْعٍ وعشرينَ عاماً.
وأسماءُ رَضِيَ اللَّهُ عنْها رَوَتْ أحاديثَ في صَحِيحَيْ البُخَارِي ومُسْلِم وغيرِهما، ورَوَى عنها أبناؤُها وأحفادُها وغيرُهم.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]