نبذة تعريفية عن إمارة الشارقة
2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
إمارة الشارقة الاماكن والمدن والدول المخطوطات والكتب النادرة
إمارَةُ الشَّارقة إحدَى الإماراتِ السَّبْعِ الّتي تكوِّنَ منها اتِّحادُ دَوْلَةِ الإماراتِ العَرَبِيَّةِ المُتَّحِدَةِ عامَ 1971.
وهي إمارَةٌ عَريقَةُ التَّاريخِ، فقد كانَتْ المركزَ الأساسِيَّ لإمارَةِ القَواسِمِ منذُ مُنْتَصَفِ القَرْنِ الثَّامِنَ عَشَرَ، الّتي كانَتْ تضمُّ مجموعةً من المناطِقِ والمُدُنِ الأخرَى، وأهَمُّها رأسُ الخَيْمَةِ وأمُّ القيوينِ وعجمانَ والفُجَيرَةِ.
وكانَ آلُ القواسِمِ زعماءُ المِلاحَةِ في الخليجِ العَرَبِيِّ، وكانَتْ لهم صلاتٌ تجارِيَّةٌ ببلادٍ كثيرةٍ، وخاضوا حروبًا ومعارِكَ كثيرَةً لمُواجَهَةِ أطماعِ الأوروبيِّينَ للسَّيْطَرَةِ على المِنْطَقَةِ، وخاصَّةً الإنجليزَ.
وبين عامَيْ 1819 و1820 تَمَكَّنَتْ الحملةُ البريطانِيَّةُ من هزيمَةِ أسطولِ القَواسِمِ وتقسيمِ الإمارَةِ إلى عَدَدٍ من الإماراتِ الصُّغْرَى أُطْلِقَ عليها اسمُ الإماراتِ المُتَصالِحَةِ.
وعقدَتْ بِريطانْيا اتِّفاقِيَّةَ سلامٍ عامَّةٍ في يناير 1920 مع زعماءِ هذه الإماراتِ.
ومنذُ ذلِكَ الحينِ اتَّبَعَتْ بِريطانْيا سياسةَ التَّجْزِئَةِ، وشَجَّعَتْ القبائِلَ على انْفصالِ بَعْضِها عن بعضٍ. وهكذا ازدادَ نفوذُ بِرِيطانْيا وسَيْطَرَتُها على المِنْطَقَةِ حتَّى كانَ من حقِّ المُقيمِ السِّياسِيِّ البِريطانِيِّ وَضْعُ الحدودِ بينَ الإماراتِ.
وفي الوقتِ نفسِهِ ضَعُفَتْ قُوَّةُ إمارَةِ الشَّارِقَةِ فاستطاعَتْ إيرانُ فيما بعدُ احتلالَ جزيرةِ أبو موسَى التابِعَةِ للشَّارِقَةِ.
وفي عام 1952 أُنشِئَ مجلسٌ مُتَصَالِحٌ برئاسَةِ المُقيمِ السِّياسِيِّ البِرِيطانِيِّ يشارِكُ فيهِ زُعَماءُ الإماراتِ السَّبْعِ الّتي كانَتْ قائِمَةً في ذلكَ الوقتِ، بهدفِ تَدْعيمِ التَّعاوُنِ بينَ هذه الإمارَاتِ.
وقدْ تحقَّقَ الهدفُ من هذا المَجْلِسِ بعدَ ذلك في عام 1971 عِنْدَما أُعْلِنَ قيامُ اتِّحادِ دَوْلَةِ الإماراتِ العربِيَّةِ المُتَّحِدَةِ وإِنهاءِ النُّفوذِ البِرِيطانِيِّ.
وتبلغُ مِساحَةُ إمارَةِ الشَّارقَةِ حوالَيْ 2600 كيلومترٍ مربَّعٍ، أيْ ما يعادِلُ 3.3% من جُمْلَةِ مساحَةِ الدَّوْلَةِ، وهي ثالِثُ أكبرِ إمارَةٍ بعدَ أبو ظَبْي ودُبَيّ.
وبسببِ سياسَةِ التَّقْسيمِ البِرِيطانِيَّة وتَشْجيعِ القبائِلِ على الانْفصالِ، نجدُ أن هذهِ المساحةَ ليستْ مُتَّصِلَةً وإنَّما مُبَعْثَرَةً في الجزءِ الشَّمالِيِّ من الدَّولَةِ.
فالجزءُ الأساسِيُّ من مساحَةِ الشَّارقَةِ والّذي تقعُ فيه العاصِمَةُ تَشْغَلُ إمارَةُ عَجْمانَ جزءًا منه. كذلك تَتَوَزَّعُ الأجزاءُ الأُخْرَى في الشَّرْقِ، وتَضُمُّ التَّوابِعَ الآتيةَ: دبا، خورفكان، كلبا، إضافةً إلى مِنْطَقَةٍ داخِلِيَّةٍ جَبَلِيَّةٍ تشارِكُ إمارةُ الفُجَيْرَةِ في جزءٍ منها.
ويُقَدَّرُ عددُ سُكَّانِ إمارَةِ الشَّارِقَةِ في عامِ 1998 بنحوِ 392 ألفَ فردٍ، أيْ حوالَيْ 16% من جُمْلَةِ سُكَّانِ الدَّوْلَةِ. وبذلكَ تَأْتي الشَّارِقَةُ في المَرْتَبَةِ الثالِثَةِ من حيثُ عددُ السُّكَّانِ بعدَ أبوظَبيٍّ ودُبَيٍّ.
ويُشَكِّلُ المُهاجِرونَ الوافِدونَ أغلبِيَّةَ هؤلاءِ السُّكَّانِ، خاصَّةً القادمين من الدُّولِ الآسْيَوِيَّةِ. أمّا الوَطَنِيُّونَ فَمِنْ قبائِلَ مُخْتَلِفَةٍ، ولكنَّ مُعْظَمَهم من القواسِمِ.
وأراضِي الشَّارِقَةِ أراضٍ سَهْلِيَّةٌ ترتفعُ قليلاً كُلَّما ابْتَعَدْنا عن السّاحِلِ. وتكثرُ السَّبْخَاتُ قُرْبَ الساحِلِ، أمّا في الداخِلِ فتنتشرُ المُسَطَّحاتُ الرَّمْلِيَّةُ والكُثْبَانُ، كما توجدُ بعضُ التِّلالِ في الدّاخِلِ، مثل جبلِ مُليحه وجبل الفاية، ويقِلُّ ارتفاعُهُما عن 400 مترٍ.
ومُناخُ المِنطقةِ يكون معتدلاً في الشِّتاءِ مع سقوطِ بعضِ الأمطارِ، وفي الصَّيفِ ترتفعُ الحرارَةُ كثيرًا ويسودُ الجَفافُ. أمّا الرُّطوبَةُ فمُرْتَفِعَةٌ طولَ العامِ.
وقبلَ عامِ 1950 كانَتْ الشَّارقَةُ أكثرَ الإماراتِ انتعاشًا بسببِ عَلاقاتِها التِّجارِيَّةِ القديمةِ مع الدُّوَلِ القريبَةِ.
ولكنَّ انهيارَ الحاجِزِ الرَّمْلِيِّ الّذي كانَ يحمي ميناءَ الشَّارقَةِ جعلَ المِلاحَةِ البَحْرِيَّةِ تتحوَّلُ إلى ميناءِ دُبَيّ.
ولذلكَ تراجَعَ اقتصادُ الشَّارقَةِ فترةً من الوقتِ إلى أنْ اكتُشِفَ بها النِّفْطُ عام 1974 في حقلِ مبارك البَحْرِيِّ بالقربِ من جُزُرِ أبو موسَى، كما اكتُشِفَتْ كَمِّيَّاتٌ كبيرةٌ من الغازِ الطَّبيعِيِّ في مِنطقةِ الصجعةِ في الداخِلِ عام 1980. وهكذا انتعشَ اقتصادُ الشَّارقَةِ مَرَّةً أخرَى.
وحالِيًّا توجدُ مِنطقةٌ صناعيَّةٌ ضخمةٌ في جنوبِ مدينَةِ الشَّارقَةِ تَضُمُّ 35% من جُمْلَةِ المُنْشآتِ الصِّناعِيَّةِ في الدَّوْلَةِ.
وأهمُّ الصِّناعاتِ القائِمَةِ فيها صناعةُ السُّفنِ وتجميعِ الآليَّات الثقيلَةِ، وصناعةُ الأسْمَنْتِ والوَرَقِ ومنتجاتِ الصُّلْبِ والأَصْباغِ واللدائِنِ (البلاستيك).
كذلكَ توجدُ بعضُ الواحاتِ الزِّراعِيَّةِ في الدَّاخِلِ تنتجُ التَّمْرَ وبعضَ الخَضْـرَواتِ، إضافةً إلى تربيةِ أعدادٍ قليلةٍ من الحيواناتِ. ويستغلُّ سكّانُ الشارقَةِ طولَ سواحِلِها المُطِلَّةِ على الخليجِ العَرَبِيِّ وخليجِ عُمَان في صَيْدِ الأسماكِ.
ويدْعَمُ هذه الأَنْشِطَةَ الاقتصادِيَّةَ ميناءُ خالد في مدينةِ الشَّارِقَةِ وميناءُ خور فكان، وكذلكَ مطارُ الشَّارقَةِ الدُّوليُّ إضافةً إلى شَبَكَةٍ ممتازةٍ من الطُّرُقِ البَرِّيَّةِ.
تقعُ مدينةُ الشَّارقَةِ على ساحِلِ الخليجِ العربِيِّ، وقُدِّرَ عددُ سكّانِها في عام 1998 بنحوِ 308 ألفِ فردٍ.
وهي مدينةٌ ذاتُ تاريخٍ بعيدٍ، فهي وريثةُ بلدةِ مُلِّيحَة الّتي كانَتْ مُزْدَهِرةً في العصـرِ الهيليني (اليونانيِّ القديمِ) كمَحَطٍّ على طُرُقِ التِّجارَةِ.
وقد بدأ تَطوُّرُها قبلَ أيَّةِ مدينةٍ أخرَى في دولةِ الإماراتِ العربِيَّةِ المتَّحِدَةِ. فقد كانَتْ المَوطِنَ الأساسيَّ لآلِ القواسِمِ، زعماءِ المِلاحَةِ في الخليجِ العربيِّ، وحولَها تأسَّسَتْ إمارَةُ القواسِمِ الّتي بَلَغَتْ أقصَى قُوَّتِها في بدايَةِ القرنِ التاسعَ عَشَـرَ.
ولكنْ في عام 1820 شَنَّتْ بِرِيطانْيا حملةً عسكريَّةً كبيرَةً، فَرَضَتْ بها سيطرَتَها على المِنْطَقَةِ كُلِّها.
وأصْبَحَتْ الشَّارقَةُ عندَ نهايَةِ القرنِ التاسِعَ عَشَرَ المركزَ البِرِيطانيَّ على ساحِلِ الخليجِ العَرَبِيِّ. وفي أثناءِ الحربِ العالَمِيَّةِ الثانِيَةِ أنشأتْ بِرِيطانْيا مطارًا عسكريًّا في الشَّارقَةِ.
وبعدَ انتهاءِ الحربِ أصبحَ المطارُ مَحطَّةً مُهِمَّةً للطيرانِ بين الشَرْقِ والغَرْب، إضافةً إلى وجودِ ميناءِ الشارقةِ الذي كان عامِرًا بالسُّفنِ التِّجارِيَّةِ التي كانَتْ تتعاملُ مع الدُّوَلِ القريبَةِ.
وبعدَ اكتشافِ النِّفطِ وإنتاجِهِ عامَ 1974، شهدَتْ الشارِقَةُ توسُّعًا عُمْرانِيًّا عظيمًا صاحَبَهُ توسُّعٌ مماثِلٌ في دُبَيّ التي تجاوِرُها من ناحيةِ الجنوبِ، وعجمانَ التي تجاوِرُها من ناحيةِ الشَّمالِ، حتَّى أًصْبَحَتْ المُدُنُ الثَّلاثُ متَّصِلاً بعضُها ببعضٍ.
ومع اكْتِشافِ الغازِ الطَّبيعِيِّ في مِنطَقَةِ الصَّجْعَةِ تَوَفَّرَتْ أموالٌ كثيرةٌ استطاعَتْ بها الشارِقَةُ تنفيذَ مشاريعَ تَنْمَوِيَّةٍ كثيرةٍ، فتمَّ إنشاءُ ميناءٍ حديثٍ هو ميناءُ خالِدٍ، وهو أوَّلُ ميناءٍ رئيسيٍّ في الخليجِ تصادِفُهُ السُّفُنُ بعدَ عبورِ مضيقِ هُرْمُزَ.
وفي عامِ 1980 أُنشئَ مطارٌ دولِيٌّ جديدٌ يقعُ إلى الشَّرْقِ من المدينَةِ بدلاً من المطارِ القديمِ. كذلك تَوَسَّعَتْ شبكةُ الطُّرُقِ داخلَ المدينَةِ، والطُّرُقُ التي تُوَصِّلُ الشارِقَةَ بالمُدِنِ الأُخرَى، كما أُسِّسَتْ مِنْطَقَةُ الشارِقَةِ الصِّناعِيَّةُ التي تقعُ في جنوبِ المدينةِ، وتشملُ أَكْثرَ من ثُلُثِ المنشآتِ الصِّناعِيَّةِ في الدَّوْلَةِ، وهي توصفُ بالقلْبِ الصِّناعِيِّ للإماراتِ.
والسِّياحَةُ في الشَّارقَةِ من الأنْشِطَةِ الاقْتِصادِيَّةِ الجديدَةِ الّتي تجتذبُ العديدَ من الزُّوَّارِ.
وأهمُّ ما يُشَجِّعُ عليها هو مُناخُها الشتويُّ المعتدلُ والمُشْمِسُ، وشواطِئُها الرَّمْلِيَّةُ البيضاءُ، وفنادِقُها الفَخْمَةُ التي تُطِلُّ على الخليجِ مع تَوَفُّرِ الكثيرِ من المطاعِمِ والبنوكِ والمساجِدِ المتعدَّدَةِ الأشكالِ.
ولا عجبَ أن تهتمَّ الشارِقَةُ بالتعليمِ والثقافَةِ اهتمامًا كبيرًا، ففيها أُنْشِئَتْ أوَّلُ مدرسةٍ حديثةٍ في الإماراتِ في عامِ 1953. وهي الآن تضمُّ مركزًا ثقافِيًّا جديدًا يضمُّ مكتبةً عامَّةً كبيرَةً ومسـرحًا، وصالةً للفنون، وغيرَ ذلك.
وتستضيفُ الشَّارِقَةُ سنوِيًّا معرَضًا دَوْلِيًّا للكِتابِ، كما يوجدُ بها المَقَرُّ الرَّئيسِـيُّ لجمعيةِ الفنونِ الإماراتِيَّةِ.
واستفادَتْ المدينةُ من وجودِ خُورِ الشّارقةِ، الّذي ينتهي في آخرِه ببحيرةِ خالدٍ، في إنشاءِ كورنيش جميلٍ يحيطُ بمنتزَهٍ ترفيهِيٍّ مائِيٍّ يستطيعُ الناسُ فيه ممارسةَ رياضاتٍ مائيَّةٍ متنوِّعَةٍ، مثل التَّزَلُّجِ المائِيِّ، وركوبِ القواربِ الشِّراعِيَّةِ. وفي وَسَط الخُور توجدُ جزيرةٌ للتَّنَزُّهِ، ونافورةٌ من أعلَى النوافيرِ في العالَمِ.
ويقعُ جنوبَ شرقِ المدينةِ قَرْيَةٌ ساحِلِيَّةٌ قديمةٌ لصَيْدِ الأسماكِ هي قَرْيةُ الخانِ، وقد كانَتْ مُهَدَّدَةٌ بالزحفِ العُمرانِيِّ القادِمِ من جِهَةِ الشارِقَةِ، ولكنْ بعدَ تنظيمِها أصبحَتْ اليومَ مركزًا سياحِيًّا بما تضمُّهُ من مباني قديمةٍ وأبراجِ حِراسَةٍ أَثَرِيَّةٍ ومراكِبَ شِراعِيَّةٍ خشبيَّةٍ.
وخلفَ ميناءِ خالدٍ، عندَ رأسِ خُورِ الشَّارقَةِ، يوجدُ ميناءٌ صغيرٌ للمراكِبِ الشِّرَاعِيَّةِ الخَشَبِيَّةِ يمتلئُ دائمًا بالحَرَكَةِ حيثُ يوجدُ على جانِبَيْهِ الكثيرُ من المَحَلاَّتِ التِّجارِيَّةِ التَّقْليدِيَّةِ الّتي تُمَثِّلُ سوقَ الشَّارقَةِ القديمِ. ولكنَّ أكثرَ الناسِ يذهبونَ إلى الأسواقِ المركزِيَّةِ الحديثَة الّتي تشتهرُ بها الشَّارقَةُ، والمَبْنِيَّةُ على الطِّرازِ المِعْمارِيِّ الإسلامِيِّ والعربيِّ.
وميدانُ الرولَةِ في قلبِ المنطقةِ التجارِيَّةِ هو مركزُ المِهْرَجَانَاتِ الّتي تُقامُ سَنَوِيًّا في مُناسَباتٍ عديدَةٍ، خصوصًا مناسبةَ العيدِ الوطنِيِّ للدولَةِ. كما تقامُ فيه احتفالاتٌ أسبوعِيَّةٌ للرَّقْصِ الشَّعْبيِّ.
وعند مَدْخَلِ المدينةِ من ناحيةِ الجنوبِ يقعُ مركزُ «إكْسبو» المُخَصَّصُ للمعارِضِ التِّجارِيَّةِ الدّولِيَّةِ والّذي تُعْرَضُ فيه أيضًا بعضُ الفنونِ والألعابِ التَّرْفيهِيَّةِ.
والمركزُ على شَكْلِ خيامٍ فَسيحةٍ، مما يعطيهِ منظرًا فريدًا يَدُلُّ على طابَعِهِ العَرَبِيِّ. وتهتمُّ الشارِقَةُ بالأَنْشِطَةِ الرياضِيَّةِ. وأشهرُ الأحداثِ الّتي تَشْهَدُها سنَوِيًّا هي الدَّوْرَةُ السَّنوِيَّةُ لرِياضَةِ الكِريكِيتْ، الّتي تقامُ على اسْتادِ نادِي الشَّارقَةِ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]