علم الفلك

نبذة تعريفية عن الجرم السماوي “القمر” وخصائصه

2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الرابع عشر

عبد الرحمن أحمد الأحمد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الجرم السماوي القمر خصائص القمر علم الفلك

القَمَرُ جِرْمٌ سَماوِيٌ يَتْبَعُ أَحَدَ الكَواكِبِ ويدورُ حَوْلَهُ بانْتِظامٍ. ويَبْلُغُ عَدَدُ الأَقْمارِ في المَجْموعَةِ الشَّمْسِيَّةِ 64 قَمَرًا ، مُعْظَمُها شِبْهُ كُرَوِيَّ الشَّكْلِ.

وأَكْبَرُها «تيتان» الّذي يدورُ حَوْلَ زُحَلَ، وأَصْغَرُها القَمَرُ السّادسَ عَشَرَ الّذي عَثَرَ عَلَيْهِ الفَلَكِيّونَ في عام 1997 يَدورُ حَوْلَ يورانُوس ، حيثُ لا يَتَعَدَّى قُطْرُهُ عِدَّةَ كيلومِتْراتٍ.

ولكنَّنا حينَ نَذْكُرُ «القَمَرَ» ، نَعْنِي عادَةً قَمَرَ الأَرْضِ ، الّذي ينيرُ لَيالينا حينَ يَكْتَمِلُ بَدْرًا ، ويَتَغَنَّى بِجَمالِه الشُّعَراءُ.

 

ومنَ المَعْروفِ أَنَّ كُتْلَةَ قَمَرِ الأَرْضِ منسوبَةً إلَى الأَرْضِ هي 81:1 ، وحَجْمَهُ منسوبًا لِحَجْمِها 49:1 ، ومِساحَةُ سَطْحِ قَمَرِ الأَرْضِ 37 أَلْفَ كيلومترً مربَّعٍ تقريبًا ، ولا يُمْكِنُنا أنْ نَرَى سِوَى نِصْفِها ، لأَنَّ القَمَرَ يَدورُ حَوْلَ مِحْوَرِهِ متوافِقًا مَعَ دورانِهِ حَوْلَ الأَرْضِ.

ويُرَى قُرْصُ القَمَرِ حينَ يكونُ بَدْرًا مساوِيًا تقريبًا لِقُرْصِ الشَّمْسِ، نظرا لأن بعد الشمس عَن الأَرْضِ يزيدُ علَى بُعْدِ القَمَرِ عَن الأَرْضِ 390 مَرَّةً.

ويُتِمُّ القَمَرُ دَوْرَةً حَوْلَ الأَرْضِ كلَّ سَبْعَةٍ وعِشرينَ يَوْمًا وثُلْثِ يومٍ ، ولِذَلِكَ يَنْتَقِلُ في مدارِهِ بِمُعَدّلِ 13 دَرَجَةً يوميًّاً ، فَتَتَغَيَّرُ مَنازِلُه مِنْ لَيْلَةٍ إلى أخرى، وتتغير تبعا لذلك مجموعات النجوم الّتي تَراها خَلْفَهُ. ويَظْهَرُ بالجُزْءِ المُنيرِ مِنْ سَطْحِ القَمَرِ بَعْضُ المناطِقِ الدَّاكِنَةِ نِسْبيًّا

 

وهي سُهولٌ مُنْبَسِطَةٌ تَمْتَدُّ مِئاتِ الكيلومتراتِ وكانَ القُدَماءُ يَعْتَقدونَ أَنها بِحارٌ قَمَرِيَّةٌ. كَذَلِكَ تَظْهَرُ علَى القَمَرِ مِناطِقُ لامِعَةٌ تُغَطَّي رُبْعَ مِساحَةِ سَطْحِهِ تقريبًا ؛ وهي مجموعاتٌ من الجِبالِ والهِضابِ أَمْكَنَ حِسابُ ارْتِفاعاتِها ، فَبَلَغَ بَعْضُها خَمْسَةَ كيلومتراتٍ ونِصْفَ كيلومترٍ.

ولا يوجدُ علَى القَمَرِ ماءٌ سائٍلٌ ولا ثُلوجٌ ، كما لَمْ يَجِدْ رُوًّادُ الفَضَاءِ أَثَرًا للمِياهِ الجَوْفِيَّةِ هناكَ . ولَيْسَ لِلْقَمَرِ غِلافٌ جَوَّيٌ فلا سَحابَ ولا رِياحَ.

ولِهذا تَخْتَلِفُ دَرَجاتُ الحرارَةِ علَى سَطْحِه اخْتلافًا كبيرًا ؛ فيكونُ أَقْصاها في مُنْتَصفِ النَّهارِ القَمَريَّ ، الّذي يَسْتَمِرُّ نَحْوَ 14 يومًا ، وتَبْلُغُ حَينذاك 155 درجَةً سيليزيَّة. أمًّا النَّهايَةُ الصُّغْرَى لِدَرَجَةِ الحرارَةِ فتكونُ في الثُّلُثِ الأَخيرِ من اللَّيْلِ القَمَرِيَّ الطَّويلِ المُمْتَدَّ لأَكْثَرمن 13 يومًا منْ أَيَّامِنا.

 

وتَجْدُر الإشارَةُ إلَى أَنَّ كَوْكَبَ الأَرْضِ يَظْهَر في اللَّيْلِ القَمَرِيَّ منيرًا بأَلْوانٍ مخْتَلِفَةٍ وأَشْكالٍ مُبْهِرَةٍ في سَماءِ القَمَرِ الصَّافِيَةِ.

ويرجعُ ذِلكَ للاخْتِلافاتِ في ضَوْءِ الشَّمْسِ المُنْعَكِسِ من البِحارِ والمُحيطاتِ، أو أَنْواعِ السَّحابِ، وما يَنْعَكِسُ من الصَّحارِي أو الغاباتِ أو المَناطِقِ الثَّلْجِيَّةِ.

ويُغَطَّي سَطْحَ القَمَرِ عديدٌ مِنَ الفُوَّهاتِ المُخْلِفَةِ الأحجام والأشكال، تتراوح أقطارها بين بضعة أَمتارٍ وعِدَّةِ عَشَراتِ الكِيلومِتْراتِ.

 

ولَقَدْ تَمَّ تَصْنيفُها إلَى «فُوَّهاتٍ بُرْكانِيَّةٍ»، يوجدُ مُعْظَمُها فوقَ الجبالِ والهِضابِ، ويَخْرُجُ مِنْ بَعْضِها خطوطٌ شُعاعِيَّةٌ تُشيرُ إلَى تَدَفُّقِ الموادَّ المُنْصَهِرَةِ من الفُوَّهاتِ إلَى الاتّجاهاتِ المُخْتَلِفَةِ.

أمَّا النَّوْعُ الثّاني فيُطْلَقُ علَيْهِ اسمُ «الفُوَّهاتِ النَيْزَكِيَّةِ» إِذْ هي نَشَأَتْ عَنْ الارْتِطامِ الشَّديدِ للنّيازِكِ بِسَطْحِ القَمَرِ، نَظَرًا لِعَدَمِ وُجودِ الغِلافِ الجَوَّيَّ الّذي يَعْمَلُ علَى تَبْديدَ كُتْلَةِ الأَحْجارِ السَّاقِطَةِ بالاشْتِعالِ أو يقلَّل مِنْ سُرْعَةِ سُقوطِها بالاحْتكاكْ، كما يَحْدثُ علَى الأَرْضِ.

ولَقَدْ وَضَعَ أَوَّلُ أِنسانٍ قَدَمَهُ علَى القَمَرِ في 20 يوليو عامَ 1969.

 

وكَمْ كانَتْ سَعادَةُ رُوَّادِ القَمَرِ غامِرَةً حِينَما تأَكدُوا أَنَّ سُمْكَ الأَتْرِبَةِ الّتي تُغَطِّي سَطْحَ القَمَرِ لا يزيدُ علَى بضعَةِ سَنْتيمِتْراتٍ، وأنَّها لَيْسَتْ تُرْبَةً هَشَّةً، بَلْ يُمْكِنُهُم الوقوفُ عَلَيْها والتَّحَرُّكُ فَوْقَها، بَلْ والقَفْزُ بِرَشاقَةٍ فَوْقَ سَطْحِ القَمَرِ، نَظَراً لأَنَّ الأَوْزانَ هناكَ لا تزيدُ علَى سُدُسِ مَثيلاتِها علَى الأَرْضِ بِسَبب صِغَرِ جاذِبِيَّةِ القَمَرِ.

ولَقَدْ يَسَّر صِغَرُ هذه الجاذبِيَّةِ سُبَلَ هُروبِ الغَازاتِ والأَبْخِرَةِ المُتَصاعِدَةِ مِنْ براكينِ القَمَرِ عِنْدَما كانَتْ نَشيطَةً.

فَسَرْعانَ ما كانَتْ تُحَلِّق في سماءِ القَمَرِ ثمَّ تَتَسَرَّبُ إلَى الفَضاءِ تارِكَةً إيّاهُ صَحْراءَ جَرْداءَ، تَتَناثَرُ فيها الصّخورُ والأَحْجارُ.

 

وأمَّا السَّبَبُ في أنَّ سَطْحَ القَمَرِ تُغَطِّيه طبقةٌ مِنْ أَتْرِبَةِ هَشَّةٍ مُتَراكِمَةٍ فهو أنَّ هذه الأَتْرِبَةَ لا تَذْروها رِياحٌ، ولا تُبَلِّلُها أَمْطارٌ، ولا تَجْرِفُها سُيولٌ؛ فلا شَيْءَ من ذَلِكَ هناكَ.

وقَدْ تَمَكَّنَ الإنْسانُ بَعْدَ ذَلكَ من اسْتِخدامِ سَيَّارَةٍ قَمَرِيَّةٍ، كما وَضَعَ أَجْهِزَةً عِلْمِيَّةً لِدِراسَةِ أَحْوالِ القَمَرِ تمهيداً للإقامَةِ عَلِيْهِ وسَكْنِهِ.

 

والّذي يَنْبِغي أنْ نُشيرَ إلَيْهِ هو أنَّنا لا نَسْتطيعُ – ونحنُ علَى الأرضِ- إلاَّ أنْ نَرَى علَى الدَّوامِ وَجْهاً واحِداً، أَيْ نِصْفاً واحِداً بِعَيْنِه لِلْقَمَرِ.

أمَّا النِّصْفُ الثّاني فَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ ممن علَى الأَرْضِ! وتعليلُ ذَلِكَ أنَّ القَمَرَ، وهو يَدورُ حَوْلَ الأَرْضِ، يدورُ حَوْلَ مِحْوَرِهِ دَوْرَةً كامِلةً تَسْتَغْرِقُ الوَقْتَ نَفْسَهُ.

ومَعْنَى هذا أنَّ القَمَرَ يُوَاجِهُ الأرْضَ علَى الدَّوامِ بِنِصْفٍ واحِدٍ مِنْ سَطْحِهِ. ولَمْ يَرَ الإنْسانُ النِّصْفَ الآخَرَ مِنْ سَطْحَ القَمَرِ إلاَّ مِنَ الفَضَاءِ حينَ تَمَكَّنَ من ارْتيادِهِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى