نبذة تعريفية عن الخصائص التي تتمتع بها “الشِّمس”
2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الشَّمْسُ مَصْدَرُ النُّورِ، وقِوامُ الحياةِ على الأرضِ؛ وهي ليسَتْ سِوَى نجمٍ من بلايينِ النجومِ المُنْتَشِرَةِ في الفَضاءِ.
وأهمُّ ما يميِّزُ شمسَنا أنَّ لها أسرةً من تسعةِ توابِعَ تدورُ حولَها، كُلٌّ في مدارِهِ الخاص بِهِ.
وهذه التوابِعُ هي الكواكِبُ التِّسعةُ بما فيها الأرضُ، والّتي تكوِّنُ مع الشَّمسِ ما يُسَمَّى «المجموعةَ الشَّمْسِيَّةَ».
والشَّمْسُ نجمٌ متوسِّطُ الحجمِ؛ أما مَوْقِعُها في الكَوْنَ فهي تحتلُّ مكانًا قريبًا من حافَةِ مَجَرَّتِنَا ذاتِ الشَّكْلِ القُرْصِيِّ: «دَرْبِ التَّبَّانَةِ».
وهي تدورُ حولَ نفسِها مرَّةً كلَّ 25 يومًا تقريبا، ومرَّة حولَ حافَةِ المَجَرَّةِ مرَّة كلَّ 200 مليون سنة!
الشَّمْسُ كُرَةٌ هائِلَةٌ من الغَازَاتِ المُتَوَهِّجَةِ المتأَيِّنَةِ (أيْ ما يُسَمَّى فيزيقِيًّا بحالَةِ البلازْمَا) ومعظَمُ الشَّمْسِ يتكوَّنُ من الهَيْدروجينِ (71%) والهِلْيوم (26%).
وقد أَسْفَرَتْ البحوثُ والحساباتُ المُعَقَّدَةُ عن أنّها قد سَلَخَتْ مقدارَ النِّصْفِ تقريبًا من عُمْرِها المُقَدَّرِ بنحوِ 11000 مليونٍ من السِّنيين. وتبلُغُ كُتْلَةُ الشَّمْسِ 330000 مَرَّةٍ قَدْرَ كتلةِ الأرضِ.
أمّا قُطْرُها فيبلغُ 109 مرَّةً قَدْرَ قُطْرِ الأرضِ. أمّا حجمُها فيُساوِي مليونَ مَرَّةٍ قَدْرَ حَجْمِ الأَرْضِ.
وهكذا نرَى أننا لوْ قذفْنَا بضعةَ آلافٍ من الأراضينَ، كأرضِنا بكلِّ ما عليها ومَنْ عليها، في جوفِ الشمسِ، لابتلعتْها وأحْرَقَتها في غمضةِ عَيْن!
وتبعُدُ الشَّمْسُ عنَّا بنحوِ مئةٍ وخمسينَ مليونَ كليومترٍ (870 597 149 كم). وهذهِ مسافةٌ يَقْطعُها الضَّوءُ في ثماني دقائقَ وعشرينَ ثانيةٍ.
ولكنْ لو أنَّ مركبةَ فضاءٍ تدورُ حولَ الأرضِ في ساعةٍ وُجِّهَت لتبلغَ الشَّمْسَ (دونَ أنْ تحترقَ)، لبَلَغَتْها في خمسةِ أشهرٍ.
وهذا البعدُ هو الذي يجعلُ الشَّمْسَ تبدو صغيرةً نسبيًّا أمامَنا. ولكنَّ الشَّمْسَ – في الوقتِ نفسِه – تبدو أكبرَ وأعظمَ نجومِ السماءِ، لأنها «قريبةٌ جدَّا» منَّا، إذا قورِنَتْ بغيرِها من النّجومِ. (والشِّعْرَى واحدةٌ من أقربِ النجومِ إلينا بعد الشَّمْسِ).
لقد ساعَدَتْ ظاهرةُ كُسوفِ الشَّمْسِ والأجهِزَةُ الدقيقةُ الّتي تُستعملُ في بحوثِ هذا المجالِ، علَى مَعْرِفَةِ الكثيرِ عمَّا يسمَّى بالجوِّ الخارِجِيِّ للشمسِ
فَعِنْدَما يحدثُ كسوفٌ كُلِّيٌّ للشمسِ يَحجُبُ ظِلُّ القمرِ قرصَ الشَّمْسِ تقريبًا فيما عدا الطبقاتِ الخارجيَّةَ، وهي على الترتيبِ من الخارِجِ إلى الداخِلِ: الإكْليلُ الشَّمْسِيُّ فالنِّطاقُ اللَّونِيُّ، فالنِّطاقُ الضَّوْئِيُّ.
ويمكنُ في هذه الأثناءِ من وَقْتِ الكسوفِ دراسةُ هذه النطاقاتِ الثلاثَةِ لجوِّ الشَّمْسِ. والذي تراه من الشمسِ عادةً هو نطاقُها الضَّوْئِيِّ.
ويمتدُّ جَوُّ الشَّمْسِ إلى ملايينِ الأمْيالِ في الفَضَاءِ الّذي حَوْلَ الشَّمْسِ. وتبلغُ درجةُ حرارَةِ هذا الجوِّ نحو 6000 درجةٍ سِلْزِيَّةٍ.
وتزدادُ هذه الحرارةُ بازديادِ القُرْبِ من مَرْكَزِ الشَّمْسِ حتَّى تَصِلَ هناكَ إلى أكثرَ من عشرينَ مليونَ درجةٍ سِلْزِيَّةٍ. وتَنْدَلِعُ من الجوِّ الخارِجِيِّ للشَّمْسِ أَلْسِنَةٌ أو نافوراتٌ عِمْلاقَةٌ من الغازاتِ المُلْتَهِبَةِ تَصِلُ إلى ارتفاعاتٍ تُقَدَّرٌ بمئاتِ الآلافِ من الأَمْيالِ.
لقد لوحِظَ منذ زمنٍ طويلٍ أنَّ وجهَ الشَّمْسِ تَعْتَرِيهِ بعضُ البُقَعِ الدَّكناءِ الّتي تُسَمَّى «البُقَعَ الشَّمسيَّةَ» أو «الكَلَفَ الشمسيَّ» وتبدو هذه البقعُ قاتِمَةً بالمقارنةِ بالنِّطاقِ الضَّوئِي المحيطِ بها؛ وأبعادُها هائِلَةٌ إِذْ تغطِّي الواحدةُ منها عِدَّةَ آلافٍ من الأميالِ المُرَبَّعَةِ من سَطْحِ الشّمسِ.
أما عَنْ طبيعَةِ هذهِ البُقَعِ فنحنُ لا نَعْرِفُ الكَثيرَ. ولعَلَّ أَشْيَعَ ما يُعْرَفُ عنها أنَّ لها عَلاقَةً ما بما يسمَّى «العَواصِفَ المِغْنَطِيسِيَّةَ» على الأرضِ، والّتي تُحدثُ عند «هبوبِها» في العادَةِ اضطراباتٍ في الاتّصالاتِ السِّلْكِيَّةِ واللاَّسِلْكيةِ، وفي بوصلاتِ الملاحَةِ البحريَّةِ.
وأَهَمَّ ما يَلْفِتُ النَّظَرَ في البُقَعِ الشَّمْسِيَّةِ أنّها تُظْهِرُ تغيُّراتٍ دَوْرِيَّةً من حيثُ عَدَدُها، وأنّ هذا النِّظامَ الدَّوْرِيَّ مستمِرٌّ بصفَةٍ مُنْتَظِمَةٍ ومُحَدَّدَةٍ.
وقد ثبتَ أنَّ طولَ الدورةِ 11 عامًا يزدادُ خلالَها عددُ البقعِ حتَّى يَصِلَ إلى نهايَةٍ عُظْمَى، ثم يَتَناقَصُ حتَّى يَصِلَ إلى نهايةٍ صُغْرَى، ثم تبدأُ دورةٌ أخرَى؛ وهَكَذا.
كَمِّيَّاتُ الطَّاقَةِ الّتي تَنْبَعِثُ من الشَّمْسِ بلا انقطاعٍ هائِلَةٌ جدًّا، ونحنُ لا نُحِسُّ إحساسًا مباشِرًا إلاّ بالأشِعَّةِ الضَّوْئِيَّةِ والحَرارِيَّةِ
ولكنَّ الأرضَ تستقبلُ من هذه الكَمِّيَّاتِ الهائِلَةِ مقداراً ضئيلاً يناسِبُ حجمَها، كما أنَّ الجزءَ الّذي تستفيدُهُ أحياءُ الأرضِ من هذا المقدارِ، والذي يستغلُّهُ الإنسانُ منه، ليسَ كبيرًا. فمن أينَ تأتي هذه الطاقَةِ؟
إن نافوراتِ اللّهَبِ الّتي ترتفعُ من سطحِ الشَّمْسِ نحوَ الخارِجِ قد توحِي بأنَّ مادَّةَ الشَّمْسِ تَحْتَرِقُ كما يحترقُ الوَقُودُ.
لكنَّ العلماءَ متأكدون أنَّ هذا رأيٌ خاطئٌ فقد دَلَّتْ حساباتُ العلماءِ على أنَّهُ لَوْ كانَ هذا يحدُثُ حقًّ لاستَهلَكَتِ الشَّمْسُ نَفْسَها (أيْ مادَّتَها) في بضعةِ آلافٍ من السِّنينَ، ولتناقَصَتْ كَمِّيَّةُ خَرْجِها من الحرارَةِ والضَّوءِ مع تَقَدُّمِ عَمَلِيَّةِ الاحتراقِ. وليس هذا صحيحًا.
ولكنَّ العلماءَ يعرفونَ اليومَ أن طاقةَ الشَّمْسِ تتولَّدُ في قلبِها نتيجةَ عمليَّاتٍ أخرَى، ليسَتْ عمليَّاتِ احتراقِ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]