إسلاميات

نبذة تعريفية عن الدين الإسْلاميّ

1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثاني

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الدين الإسْلاميّ إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

الإسلامُ هو دينُ اللَّهِ الحقُّ الذي بَعَثَ به رسولَه محمّداً، صلّى الله عليه وسلّم، وقد علَّمَنا النبيُّ الكريمُ أنَّ أركانَ الإسلام خمسةٌ،

أولُّها هو النطقُ بالشهادتيْنِ. فالشَّهادةُ الأولَى- أشهد أنْ لا إله إلاَّ اللّه- هي الإقرارُ بأنَّ للكونِ ربًّا واحداً، هو خالقُه وحافظُه ومدبِّرُ أمرِه، وهو اللَّهُ، سبحانهَ وتعالَى، الذي لا يُعبدُ بحقٍّ سِوَاهُ، دونَ شريكٍ أو وسيطٍ.

وأمَّا الشَّهادةُ الثانيةُ فهي الإقرارُ بأنَّ سيدَّنا محمّداً هو عبدُاللَّهِ ورسولُهِ، لأنه هو الذّي أبلغَنَا رسالةَ اللَّهِ وهدانا إلى دينِهِ. وإذا نطَق الإنسانُ بالشهادتَيْن أصبحَ مُسْلِماً.

 

ووجَبَتْ عليه أركانُ الإسلام الأربعةُ ىالأخرى، وهي إقامةُ الصلاةِ، وصومُ رمضانَ، وتأديةُ الزكاَة، والحجُّ إلى بيْتِ اللَّهِ الحرامِ. لِمَن يستطيعُ ذَلِكَ.

وكذلك ينبغي للمسلمِ أن يعملَ كلَّ ما أمرَه اللَّهُ به، وعلَّمه إياه النبيُّ، وأن يمتنعَ عن عملِ كلِّ ما نهاه اللَّهُ ورسولهُ عن فِعْلِه.

 

ومعنى لفظِ "الإسلامِ" هو الانقيادُ، أي الطاعةُ والخضوعُ دونَ تَرَدُّدٍ أو اعتِرَاض. وهو كما رأيتَ أقوالٌ معيَّنةٌ وأفعالٌ مُحَدَّدَة يأتيها المسلمُ طاعةً للّهِ.

ولكنَّ هذا الإسلامَ الظاهِرَ في أقوالِ المسلمِ وأفعالهِ، يصبحُ إسلاماً كاملاً حين يَعْتَمِدُ على عقيدةٍ مستقِرَّةٍ في القلبِ، وهذا هو الإيمانُ.

فالشهادتان يجب أن تَنْبُعَا من إيمانٍ صادقٍ. والمسلِمُ يؤمنُ بجملةِ أشياءٍ مترابطةٍ نقرأُها في الآيةِ الكريمة(آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (سورة البقرة: 285)ومن تمامِ الإيمانِ إيمانُ المُسلمِ باليومِ الآخِرِ والبعثِ وثَوابِ اللَّهِ وعقابِهِ.

 

ولكنَّ الإسلامَ ليس عقيدةً وعبادةً فقطْ، وإنّما هو دينُ حضارةٍ وقُوَّةٍ وتَقَدُّمٍ وهو نظامَ أو منهاجٌ كاملٌ للمسلمِ في كافَّةِ مناشِطِ حياتهِ، يكفُلُ له سعادتَه في دُنياه وفي آخِرَتِه.

ونحنُ نعرفُ هذا المنهاجَ الربَّانيَّ حين ندرسُ القرآنَ الكريمَ وسُنَّةَ الرسولِ، عليه أفضلُ الصلاةِ وأزكى التسليم.

وقد احترمَ الإسلامُ عَقْلَ الإنسانِ، فدعا القرآنُ الكريمُ المؤمنين إلى التَفَكُّرِ في خَلْقِ السَّمَواتِ والأرضِ والنَّظرِ في آياتِ اللَّهِ فِيهنَّ حتى يعرفَ الإنسانُ أسرارَ الكونِ الذي يعيشُ فيه وحتى يَقْوَي إيمانهُ به، سبحانَه وتعالى.

كذلك جعلَ الحديثُ الشَّـريفُ العلمَ فريضةً على كُلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ. وكرَّم اللَّهُ الإنسانَ، وجعلَه خليفَتَهُ في الأرضِ مسئولاً، بعقلهِ وعِلمِه، عن عِمَاَرتِها والحفاظِ على ما فيها من خيراتٍ ومخلوقاتٍ.

 

وكلَّف اللَّهُ المسلمَ بان يكونَ أميناً على دينهِ وعَقْلِه وشَرَفِه وصِحَّتِه ومالِه. وقد حرَّم اللَّهُ على المسلمِ. الخبائثَ التي تضـرُّهُ، كشـُرْب الخمرِ وأكل الميتةِ ولَعبِ المَيْسِـر، ولكنَّه أحلَّ لَه الاستمتَاع بطيِّباتِ الرزقِ ومُتَعِ اللَّهِ الحلالِ التي تُرَوِّحُ عن نفسِه ولا تؤذيه.

والإسلامُ نظامٌ ممتازٌ للمعاملاتِ والأخلاقِ، فعلَّم المسلمينَ قواعدَ العدلِ والشُّورَى والصِّدقِ والأمانةِ في البيعِ والشـراءِ وجميع معاملاتِهم، وأمرَهُم بإحسانِ أعمالِهم والإخلاص في أدائِها.

وجعلَ الإسلامُ التَرَاحُمَ أساسَ التعاملِ بين الناسِ، فالمسلمُ مَنْ سَلِمَ المسلمون من يَدِهِ ولِسَانِه. وأمرَ اللَّهُ المسلمين بِبِرِّ الوالديْن وصلةِ الرَّحِم وحِفْظِ حُقُوقِ الجارِ، ورعايةِ الفقراءِ والضُّعَفاءِ والصِّغارِ.

وحَفِظَ الإسلامُ للأنثى حقوقَها المادِّيَةَ المُسْتَقِلَّةَ، وكَرَّمها بِنْتاً وزوجةً وأمًّا، وحرَّم وَأْدَ البناتِ، أيْ دَفْنَهُنَّ أحياءَ، كما كان يفعلُ قُسَاةِ القلوبِ قبلَ الإسلامِ.

 

وهكذا يصبحُ مجتمعُ المسلمين متماسِكاً كالبُنْيَانِ المَرْصُوص. وكانَ الرَّسُول، عليه والصلاةُ والسلام، خيرَ قدوةٍ للمسلمينَ في رعايتهِ لبناتهِ وحُنُوِّهِ، علِيهنَّ، وكريمِ معاملَتِه لزوْجَاتهِ، وبِرَّه بذكرَى والدتهِ، بل حتَّى بُمْرضِعَتِه.

بل إن الإسلامَ رعَى حقوقَ غير المسلمين، وأمَّنهم على أنفسِهم وأموالِهم، فَشَمِلَتْ رَحمتُه الإنسانيَّةَ كلِّها.

فهكذا كانتْ دعوةُ الإسلامِ دعوةً لحفظِ حقوقِ الإنسانِ بِحَقٍّ. فقد كفَل الإسلامُ لكلِّ إنسانٍ حُرِّيَتَهُ، فحتَّى هذا الدينُ، الذي فيه سعادةُ الإنسانِ في الدنيا والآخرة، جعلَ دخولَه فيه باختياره واقتناعِه( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (البقرة: 256).

ودعَا الرَّسولُ، صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم، إلى دينِ اللَّهِ بالحِكْمَةِ والمَوْعِظَةِ الحَسَنَة، وكذلك فعلَ مِنْ بعدِه خلفاؤهُ وتابعُوهم.

 

فالأسلامُ قد انتشـرَ بمبادئِه وقُوَّةِ عقيدةٍ أتباعه وتفانيهم في الجهادِ في سبيلِ اللَّهِ حتى الاستشهادِ، وليس بكثرةِ عَدَدِهم وبَطْشِ أسْلِحَتِهم.

فهم قد كانوا أقلَّ عدداً وأضعفَ عُدَّةً من دَوْلَتَيْ الرُّومِ والفُرسِ، وأكبرِ قوتين في العالَمِ في ذلكَ الوقْتِ، ومع ذلكَ تَمَكَّنُوا من الانتصارِ عليهما.

وكانت حربُ المسلمين كَيْ لاَ يَقِفَ في سبيلِ دَعْوتَهِم سلطانٌ، وليس لقهرِ النَّاسِ على الدخولِ في دينهِم الحقِّ. ولمَّا رأى أهلُ البلادِ التي فَتحها المسلمون عظمةَ الإسلامِ وعدالَتَه وحلاوَتَه دخلُوا فيه أفواجاً وطواعيةً.

 

واليومَ يُشَكِّلُ المسلمون أَغلبيَّةَ السُّكَّانِ (أي أكثرَ مِن 50% منهم) في 34 دولة: 18 دولةٍ في آسيا، و15 في أفريقيا، ودولةٍ واحدةٍ في أوروبا (وهي ألْبَانيا).

وتُكوّن هذه الدولُ كتلةً متصلةً في النِّصفِ الشَّماليِّ من أفريقيا وقسم كبير من جنوبِ وجنوبِ غرب آسيا، ويبرزُ فيها الوطنُ العربيُّ الكبيرُ.

ولكنَّ المسلمين منتشـرون بدرجةٍ أقلَّ في قارَّاتِ الأرضِ السِّتِّ، ويُقَدَّرُ عددُهم بأكثرَ من 900 مليون فَرْد، يكوِّنون نحوَ 18.5% من سُكَّانِ العالَمِ. ولو أن مسلمِي اليوم عَرَفُوا حقيقةَ ديِنِهم وعَمِلُوا بمبادئِه السَّاميةِ ووحَّدُوا كلمَتهم، لعادُوا سَادَة الدُّنيا ورُسُلَ السَّلامِ والعَدْلِ فيها.

 

وجاءَ النبيُّ محمَدٌ، صلَّى اللّه عليه وسلَّم، مُصَدِّقاً لمن سَبَقَه من الرُّسُل. وكذلكَ المسلمون يؤمنونِ برُسُلِ اللَّهِ جميعاً ولا يُفَرِّقُون بين أحدٍ منهم. ولكنَّ محمّداً، عليه الصلاةُ والسلامُ، هو خاتَمُ النَّبِيِّين ورسالتُهُ هي آخرُ الرِّسَالاَتِ التي سوف تبقَى مع البشـريَّةِ إلى يومٍ القيامةِ.

وذلك لأنَه، صلّى اللَّهُ عليه وسلَّم، أُرسلَ إلى الناسِ كافَّةً، ولم يُرْسَلْ إلى قومِهِ وَحْدَهُم.

ولأنَّ شريعَة الإسلامِ شاملةٌ لكلِّ نواحِي الحياة. صالحةٌ لكلِّ زمانٍ ومكانٍ، وكذلك لأنّ القرآنَ الكريم، كتابَ الإسلامِ المجيدِ، وسُنَّةَ نَبِيِّ الإسلامِ الشـريفةِ، باقيان محفوظانِ.

وكذلك لأنَّ القرآنَ الكريمَ نزلَ على النبيِّ شيئاً فشيئاً، متمشِّياً مع الأحداثِ، مما مكَّنَ الرسولَ، عليه الصلاةُ والسلامُ، من أن يُعَلِّمَ المسلمين الأوائلَ أصولَ دينهِم تعليماً عَمَلِيا بالقُدْوةِ الطِّيِّبَةِ، حتى اكتملَ دينُ الإسلام، وأصبحَ الدينَ الكاملَ للبشـر جميعا(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة: 3).

 

ورسالاتُ الأنبياءِ كلُّها من اللَّهِ سبحانَه وتعالَى، وجاءَ محمّدٌ صلّى الله عليه وسلّم، كما قلنا، مُصَدِّقاً لها. فالأديانُ السابِقةُ كلُّها توصفُ بالإسلام، وذلك لأنَّها جميعاً تُفِيُد الخضوعَ للَّهِ وطاعَتِه.

وهذا ما يتأكد لنا من قوله تعالى(وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (البقرة: 132)، وقوله، عز من قائل(مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (آل عمران: 67).

بل إننا نستطيع أن نقولَ إنَّ الكائناتِ كلَّها، من حيوانٍ ونباتٍ وجمادٍ، تَدينُ بالإسلام، بمعنى أنَّها مُنْقَادةٌ لأَمرِ اللَّهِ فيها وتَسيرُ وَفْقَ السُّنَنِ التي جَعَلَها اللَّهُ لها. هكذا النجومُ والكواكبُ في أفلاكِها، والأجزاءُ الدقيقةُ في ذَرَّاتِ المَّادةِ وجزئياتِها، والكائناتُ الحَّيةُ في مناشِطِها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى