نبذة تعريفية عن “الزواحف”
1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الزواحف خصائص الزواحف الحيوانات والطيور والحشرات البيولوجيا وعلوم الحياة
الزَّواحِفُ هي أولى الفقارياتِ الأرضيةِ الحقيقيةِ التي ظهرتْ على اليابسَةِ.
وتشتمِلُ هذه الطائِفَةُ على نحو 7000 نوعٍ، يحتلُّ الكثيرُ مِنها مَواطِنَ مائِيةً وأرضِيَّةً متنوعةً، مما يدلُّ على أنَّها مجموعةٌ فائِقَةٌ النجاحِ في الحياةِ.
وكانتْ الزواحِفُ في الماضي البعيدِ أكثرَ الحيواناتِ انتشاراً على سطح الأرضِ، وكانت لها السيادَةُ الكامِلَةُ في البرِّ والبحرِ والجوِّ في ذلك الوقتِ الذي يُطلَقُ عليه اسمُ: «عصرِ الزواحِفِ».
وامتدَّ هذا العصرُ ما يقربُ من 155 مليونَ سنةٍ ظهرتْ خلالَهُ الدينوصوراتُ الضخمة ثم اختفتْ بعد ذلكَ كلُّ هذهِ الزواحفِ الضخمةِ ولم يَبْقَ منها إلاّ ما يدلُّ على سابقِ وجودِها، وتلك هي البقايا المتحجرةُ التي تُعرفُ باسمِ الأحافير.
وفي عصرِنا الحاضر لا يُمثِّلُ هذه الزّواحفَ البائِدَةَ سوى نوعٍ واحدٍ صغيرِ الحجم، يقتصرُ وجودُهُ حالياً على نيوزيلندا، واسمه «سفينودون». ولذلكَ يوصَفُ هذا الحيوانُ بأنّهُ «أحفورةٌ حيَّةٌ»، فهوَ يُشْبِهُ إلى درجةٍ كبيرةٍ في صفاتِهِ التشريحيَّةِ ما كانَ موجوداً في الحفرياتِ القديمةِ البائِدَةِ.
ولقدْ استحوذَ هذا الحَيوانُ على اهتمامِ عُلماءِ الحيوانُ نظراً للعديدِ من صفاتهِ البُدائِيّةِ ولمطابِقَةِ لتلكَ الصفاتِ المميَّزةِ لحفرياتِ الحُقبِ الأوسطِ منذ 200 مليون سنةٍ.
وتقعُ الزواحفُ الحديثةُ في أربعِ رُتَبٍ فقطْ هي كُلُّ ما بقيَ في سِجلِّ الزَّواحفِ. وتشيرُ الأدلَّةُ المتعدِّدَةُ على أنَّ الطيورَ والثدييّاتِ تشتركُ مع الزواحفِ في سَلَفٍ مشتركٍ حيثُ يؤدِّي أحدُ الخطوطِ التطوريَّةِ إلى الطيورِ بينما يؤدّي الآخرُ إلى الثدييَّاتِ.
والرتُبُ التي تضمُها الزواحفُ هي: رتبةُ الحرْشَفيّاتِ، وتضمُّ العظايا (السحالي) والثعابين، ورتبةُ السُّلْحفيّاتِ وتضمُّ السَّلاحفَ المائية والأرضية، ورتبةُ التّمساحيّاتِ وتضمُّ التماسيحَ، ورتبةُ خرطومياتِ الرأسِ (الرينكوسيفاليا) والتي يعيشُ منها نوعٌ واحدٌ هو السفينودون، كما ذكرنا.
وهذِ هي الرتبُ الأربعُ التي بقيت من 14 رتبةً معروفةً كانتْ مزدهرةً في الحقبِ الميزوزوي، عصر الزواحِفِ، حينَ كانت هي الحيوانات السائدةَ. والزواحفُ هي أوّل مجموعةٍ من الفقارياتِ تكيَّفتْ للحياةِ في الأماكنِ الجافّةِ على الأرضِ. وقبلها كانتْ البرمائياتُ، التي تعيشُ في الأماكن الرطبة، هي السائدةَ.
ويعيشُ معظمُ الزواحفِ في المناطقِ الاستوائيةِ وشبهِ الاستوائية، وتنخفضُ أعدادها انخفاضاً كبيراً كلّما اتجهنا للقطبين أو المرتفعات الشاهقة.
وتقطنُ الزواحفُ أنواعاً متباينةُ من البيئات: فتعيش معظمُ الثعابينِ في المناطق الاستوائية، وتوجدُ التماسيحُ في النهارِ وعلى شواطئ البحارِ، والسلاحفُ المائيةُ الكبيرةُ وقليلُ من الثعابين في المحيطاتِ، والسلاحفُ الأرضيةٌ العملاقةُ توجدُ في جزرِ المحيطات.
ويعيشُ معظم العظايا والثعابين على الأرض ولكنَّ بعضها يتسلّقُ الصخور والأشجار، وتستخدمُ الثعابين غالباً الجُحورَ التي تخصُ القوارضَ.
وجسمُ الزواحفِ مقسمٌ إلى أربعِ مناطقَ هي الرأسُ والعنقُ والجذعُ والذيلُ. وهو مغطى بجلدٍ متينٍ ذي حراشفَ قرنيةٍ للحماية من الجفاف ومخاطر العواملِ الطبيعية.
ويتكوّنُ الجلدُ من بشرةٍ رقيقةٍ وأدمةٍ ناميةٍ أكثرَ سُمكاً. والحراشفُ هي ثنياتٌ من البشرةِ تتكوّنُ من مادّةٍ قرنيةٍ شفّافةٍ تُسمّى كيراتين.
والأَدَمَةُ مزودةُ بحاملاتِ الصِبغ، وهي خلايا تحملُ ألواناً تُكسبُ الكثيرَ من السحالي والثعابين والسلاحفِ أشكالها المميّزة.
وتتسبّبُ هذه الألوانُ في ارتفاعِ أثمانِ جلودِ التماسيحِ والثعابينِ، التي تُستعملُ في صناعةِ الحقائبِ والأحذيةِ.
وتتميّزُ الزواحفُ بظاهرةِ الانسلاخ حيثُ تنسلخُ الطبقةُ القرنيةُ الخارجيةُ دورياً قطعةً فقطعةً كما في العَظايا (السحالي) أو قطعةَ واحدةً كما في الثعابين.
أمّا في السلاحِفِ والتماسيحِ فإنّ الطبقةَ القرنيةَ تبلى بالتدريجِ ويحلُّ محلّها طبقةٌ أخرى من أسفلها.
ومُعظمُ الزواحِفِ له زوجانِ من الأطرافِ، كلُّ طرفٍ منها له خمسُ أصابعَ، تنتهي عادة بمخالبَ قرنيّةٍ، ومعدّةٍ للجري والزحفِ أو التسلُّقِ.
وفي السلاحفِ المائية تتحوّرُ الأطرافُ لتلائمَ الحركة في الماء، بينما تكونُ ضامرةً في بعضِ العظايا، وغيرَ موجودةٍ في عدد قليلٍ من العظايا وكلِّ الثعابينِ.
ويغتذي معظمُ الزواحفِ أساساً بالحيواناتِ. فمعظمُ العَظايا والثعابينِ الصغيرةِ تأكلُ الحشراتِ وبعضَ الديدان واللافقاريات الصغيرة، بينما القليل من العظايا وبعضُ السلاحفِ الأرضيةِ والمائيةِ يأكلُ النباتاتِ.
أما الأنواع الكبيرةُ من العظايا والسلاحفِ المائية والثعابين والتماسيحِ فتقتنصُ فقارياتٍ مختلفةً، من الأسماكِ حتى الثديياتِ. وتتنفّسُ الزواحفُ بالرّئاتِ، وبعضها يمكنهُ استخلاص الأكسجين من الماءِ من خلالِ الأغشية التي تبطن الفمَ.
وكما نعرفُ، القلبُ في الطيور والثدييات ذو أربعِ حجراتِ (أي يتكوَّنُ من أُذيْنَينِ وبُطَيْنَين). أمّا الزواحف، عدا التماسيحَ، فالقلبُ ثلاثيُّ الحجراتِ (أُذَيْنَيْن وبُطينٍ واحدٍ)، ولكنَّ البطينَ يوجدُ بهِ حاجزٌ غير كاملٍ، أي أنّهُ لا يفصلُ البطين إلى حجرتين فصلاً كاملاً.
أما في التماسيح فالحاجزُ البطيني كاملٌ، وبذلكَ يكونُ القلبُ مكوّناً من أربعِ حجراتٍ. والجهازُ الإخراجيُّ في الزواحفِ ذو كفاءةٍ عاليةٍ، فهو قادرٌ على إخراج كميةٍ قليلةٍ من البول، وبذلك تستطيع الزواحفُ المحافظة على الماء في داخل جسمها، وهي شيءٌ ثمينٌ بالنسبة لها. وهذه صفةٌ مهمةٌ جداً للزواحفِ التي تعيشُ في البيئاتِ الجافة.
وتتمتّعُ معظمُ الزواحفِ بحاسّةِ نظرٍ جيدة، ومجالُ الرؤيةِ جيدٌ جداً خاصةً في الحرابي (انظر: حرباء). وحاسّةُ الشمِّ مهمّةٌ جداً لمعظمِ الزواحف.
وتتميّزُ الثعابين والعظايا بوجود عضوٍ «جاكوبْسون»، وهو عضوٌ حِسِّيٌ. مُتخصصٌ يعملُ مع اللسانِ كحاسّةِ شمٍ.
ولجميع الزواحفِ أذنٌ وُسطى وأذنٌ داخليةٌ (ولكن ليس لها صيوانُ أذنٍ ظاهر). وعلى الرغم من ذلك فإنَّ حاسّة السمع ضعيفة في الكثير من هذه الحيوانات.
وإنَّهُ لخطأٌ شائعٌ أن نصفَ الزواحفَ بأنها حيواناتٌ «ذاتُ دمِ باردٍ». فالواقعُ انَّ درجةً حرارةِ جسم الحيوانِ الزاحفِ ترتفعُ بارتفاعِ درجة حرارة الوسطِ الذي يعيشُ فيه، وتنخفضُ بانخفاضِها.
لذلك فالصوابُ أن نقول، إنّ الزواحفَ «متغيِّرةُ درجة الحرارةِ»، حيثُ لا يوجَدُ بها آليةٌ لإنتاج الحرارةِ ولتنظيم درجة حرارةِ الجسم. ولذلك تستمدُّ الزواحفُ معظم حرارتها من مصادر خارجَ أجسامها (مثل الأسماك والبرمائيات).
وقد كان لعدمِ قدرةِ أجسامِ الزواحف على إنتاج الحرارةِ أثرهُ في توزيعها الجغرافيِّ، فهي لم تستطعْ أن تنتشرَ في المناطق شديدة البرودةِ من العالم.
ويلاحظ أنّ الزواحفَ تكونُ نشيطة طوال العامِ من المناطق الاستوائيةِ، أمّا في الأماكن الأخرى فإنها تمارسُ فترةً منَ السُّباتِ تعتمدُ على طولِ وقسوةِ موسمِ البردِ وفي الصحاري تتجنّبُ الزواحفُ حرارةَ وسطِ النهارِ الزائدةَ.
ويتكاثرُ معظمُ الزواحفِ في الربيع، وكما هي الحالُ في معظم الحيواناتِ الأخرى، فإنَّ التقاءَ الذكر بالأنثى يحفزُهُ زيادةٌ في مستوياتِ الهرموناتِ الجنسية، وهذا يكونُ ردَّ فعلِ لتغييراتِ مثلَ طولِ النهارِ، ووفرةِ الطعام، أو الارتفاع في درجة الحرارة. وقد تتكاثرُ زواحفُ المناطق الحارةِ عدةَ مراتٍ في العامِ ولكنّها جميعاً تتبعُ دورةً موسميّةً.
والإخصابُ داخليٌّ في جميع أنواع الزواحف، ورغم ذلكَ فإنَّ معظمها يضعُ البيض المخصب خارجَ الجسم (كما تفعلُ الطيورُ). ويتمُ تكوين الجنين في هذا البيض المخْصَبِ. ويفقسُ الصغيرُ بيضتهُ بعدَ تمامِ نموهِ الجنيني .
ولكنَّ بعضَ أنواع الثعابين والسحالي ولودٌ بيوضٌ حيث يفقسُ البيضُ داخلَ جسمِ الأم، وبذلك تضعُ الإناثُ صغاراً أحياءً.
ويحيطُ ببيضةِ الزواحف، قشرةٌ سميكةٌ مرنةٌ. وتحتوي البيضةُ على الموادِّ اللازمة لتغذيةِ الجنين المتكوِّن وأهمُّا المحُّ (الصّفارُ).
ويُحاطُ الجنينُ في أثناء تكوينهِ بالأغشيةِ الجنينيةِ، وهذه تُشكّلُ ظاهرةً جديدةً في الفقاريات تحدثُ لأوَّلِ مرةٍ في الزواحفِ، وهي تكيُّفٌ لحمايةِ الجنين ضدِّ الجفاف والصّدماتِ الطبيعية في أثناء التكوين.
وقبلَ الفقسِ يتكونُ على طرفِ الفكِ العلوي للجنين سنُّ جيريةٌ (كما في الطيور) يستخدمها الجنينُ في كسر قشرة البيضة بعد الفقسِ.
وعادةً ما يشبهُ الصغيرُ أبويه عند الفقس، ويصبحُ مستقلاً في الحال. ويختلفُ عددُ البيض، من عدّةِ مئاتٍ في السُّلحفاةِ البحرية إلى بيضةِ واحدةٍ في البُرصِ المنزليِّ.
وأيضاً تختلفُ فترةُ التكوين الجنينيِّ في الزواحفِ المختلفة فتتراوحُ من أسابيع قليلةٍ إلى عدة شهورٍ، وينفردُ سفينودون نيوزيلاندة في أنه يتطلَّبُ نحو 13 شهراً.
والعجيبُ أن إناثَ بعضِ العظايا تتكاثر بالتوالُدِ البكريِّ، حيثُ لا يوجدُ بينها ذكورٌ، ويُطلقُ عليها عظايا وحيدةُ الجنس.
وقد اكتشفها عالمُ الأحياء الروسيِّ داريفسكي وأطلقَ عليها «عظايا أرمينيا السوفيتية»، وكانَ ذلك عام 1958، حيثُ وجدَ بضعَ جماعاتٍ من العظايا تتكونُ من الإناثِ فقط. وقد وُجدَ بعضٌ منها أيضاً في الجنوب الغربيِّ من الولايات الأمريكية.
وللإنسان مع الزواحفِ بأنواعها المختلفةِ قِصَصٌ وحكاياتٌ. ومما لا شكَّ فيه أنَّ الإنسانَ حاولَ أنْ يستفيد من الثعابينِ والعظايا والسلاحفِ والتماسيح مثلما استفادَ من باقي الكائناتِ الحيّةِ.
وهناك توازنٌ حيويٌّ أوجدهُ الخالقُ، سبحانَهُ وتعالى، فالثعابينُ والعظايا تقضي على بعضِ القوارضِ والحشراتِ الضارةِ ولكنّها في الوقت نفسه تفترسُ بيض الدواجنِ وطيورِ الصيدِ والطيورِ المغرِّدةِ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]