نبذة تعريفية عن الصحابي “أبو بَكْر الصِدِّيق”
1987 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الأول
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الصحابي أبو بكر الصديق شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة
اسمه عبدُ الله بن ُعثمان بنُ أبي قُحَافَةَ. وُلِدَ سنَة إحدى وخمسين قبلَ الهجرة وكان صَدِيقاً للنبي صلى الله عليه وسلم، قبل أن يرسلَه الله تعالى نبياً ورسولاً.
وكان أبو بكرٍ من عظماءِ قُرَيْش ومن كبار أغنيائهم. وكان مشهوراً بالشجاعة والحكمة، فلما بَعَث الله محمداً، وأمره أن يُبَلِّغ الإسلام إلى الناس جميعاً.
كَلَّم النبيُّ ، صلى الله عليه وسلم، أبا بكر ودعاه إلى الإسلام، فصدَّق أبو بكر ما قاله النبي، صلى الله عليه وسلم، ولم يَتَرَدَّدْ ولم يُنَاقِشْ، وأعلن إسلامَه، ولذلك سمي "الصِدِّيق".
ثم بدأ أبو بكر يدعو إلى الإسلام، أولاً بالسـر فكان يزور من يعلم فيه العقلَ والحكمةَ فيدعوه إلى الإسلام، فأسلَم على يديه بهذه الطريقة: عثمانُ بنُ عفان، ثم طلحةُ بن عُبَيْد الله، والزبيرُ بنُ العوّام، وسعدُ بنُ أبي وقَّاص، ثم عبدُ الرحمن بنُ عوف.
وهؤلاء الخمسة من العشـرة الذين بَشَّرهُم النبي صلى الله عليه وسلم بالجَنَّة، وهم من كبار الصحابة الكرام، ومن الذين كان لهم دورٌ كبيرٌ في نُصْرَة الإسلام والمسلمين وَنشْرِ دعوة التوحيد.
ولم يقفْ أبو بكر عند دعوة الناس بلسانه، بل كان يُنفق أموالَه الكَثيرةَ في سبيل نُصْرَة الإسلام والمسلمين، فكان إذا وَجَد فقيراً مسلما أعطاه من مالِه، وإذا أصابَ المسلمين جُوعٌ يُخْرجُ أموالَه كلَّها فيقدمها لهم، حتى أن ابنتَه عائشةً، رضي الله عنها، تقول: "إن أبي مات وما تركَ ديناراً ولا درهماً".
كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يحب أبابكر حباً شديداً، ويجب أن يجلسَ معه، وأن يسافرَ معه إذا سافر.
ولما اشتد إيذاءُ المشركين للنبي، صلى الله عليه وسلم، وللمسلمين وأمر صلى الله عليه وسلم المسلمين بالهجرة من مكة إلى المدينة، اختار النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، أن يكون أبو بكر رفيقَه في هذه الهجرة.
وكان المشركون يبحثون عنهما ليقتلاهما، وقد اختفيا في "غار ثَوْر"، ووصل المشركون إلى هذا الغار، لكن الله حفظهما من أعينِ المشركين ثم خَرَجا وواصلا السيرَ إلى المدينةَ. وهناك استقبلهما المسلمون استقبالاً كبيراً وفرحوا بهما فرحاً عظيماً.
وكانت صحبةُ أبي بكر للنبي صلى الله عليه وسلم في أوقات السِّلْم وفي أوقات الحرب. فكان أقربَ المجاهدين إليه وقتَ الحرب، يدافعُ عنه ويقاتل المشـركين، وقد اشترك في كل الحروب التي كان فيها النبي صلى الله عليه وسلم وما تخلَّفَ عن معركة واحدة. وكان شجاعاً قوياً لا يهاب الموتَ في سبيل الله.
ولذلك فقد سلَّمَه النبيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَمَ المسلمين ليكون في مقدمة الجيش في معركة من أكبر معارك المسلمين، وهي معركة تَبُوك.
ولقد أحبه المسلمون جميعاً، فكانوا يقدرونه ويقدرون رأيَه وحكمتَه. ولما تُوُفِيَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، حزن المسلمون عليه حزناً شديداً.
وحزن أبو بكر حزناً أشدَّ، ولكنه صبر وَعِلم أن هذا أمرُ الله تبارك وتعالى فجمع المسلمين ثم خطب فيهم، وَذكَّرَهُم بأن محمداً، صلى الله عليه وسلم، نبيٌ من الله جاء يبلغهم دعوةَ الإسلام لكنه بَشَرٌ مثلُ كلِّ الناس، وأنه يموت كما يموت البشر، وعليهم أن يحملوا دعوة الإسلام وينشروها في الأرض كلِّها، وبهذا يحققوا المَحَبَّة له.
وكان لا بد أن يكون للمسلمين حاكمٌ ورئيسٌ لدولتهم بعد النبي، صلى الله عليه وسلم، فاتفق المسلمون على أن يكون أبو بكر هو الحاكمَ والرئيسَ فَلَقَّبُوه "خليفةَ رسول الله"، فكان أولَّ خليفةٍ بعد النبي.
وكانت هذه مسئولية كبيرة جداً، فالأعداء من حول المسلمين كثيرون، وكلُّهم يريد أن يَقْضِيَ على الإسلام والمسلمين، ولكنَّ أبا بكر الصديق كان حاكماً تقياً وقوياً.
فكان رحيماً بالمسلمين عَادِلاً لَا يظِلِمُ أحداً، يُقَرِّبُ الفقراءَ والمساكينَ إليه، ويساوي بينهم وبين الأغنياء في المعاملة.
ولم يَتَغَيَّر شيءٌ من خُلُقِه وصفاته الطيبة بعد أن أصبح حاكماً على المسلمين كلِّهم بل ظل، كما كان، متواضعاً كريماً شجاعاً.
وكان إلى جانب رَحْمَتِه بالمسلمين قوياً في مواضع القوة والحرب على المشـركين. فحين تسلَّمَ الخلافة الإسلامية، لم يَرْضَ أن يَرْجِعَ الجيشُ الذي أمره النبيُ، صلى الله عليه وسلم، بالخروج لحرب المشركين بقيادة الصحابيِّ البطل أسامة بن زيد، فأمره بمواصلة السير.
وفي الوقت نفسِه عاقب الذين ضَعُفَ إيمانهم من المسلمين وامتنعوا عن إعطاء الزكاة التي فرضها الله عليهم، وكذلك اليهودَ والمنافقين الذين كانوا يقولون بألسنتهم إنهم مسلمون وهم كاذبون.
وأرادوا أن يُضْعِفُوا المسلمين ودولةَ الإسلام، ويُحْدِثُوا الفوضى في الدولة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. فواجه أبو بكر كلَّ هؤلاء وكلَّ هذه الصعوبات واستطاع بفضل الله ثم بمساعدة الصحابة أن ينتصر على هؤلاء جميعاً.
وظل أبو بكر الصديق خليفةً للمسلمين ورئيساً لدولة الإسلام العظيمة سنتين وثلاثةَ أشهر، وعلى الرغم من أنها مدةٌ قصيرة.
فإن أبا بكر استطاع أن يجعلَ الدولة الإسلاميةَ دولةً تُحْكَمُ بالعدل والمساواة، ودولةً مترابطةً قويةً يخشاها أعداءُ الإسلام خشيةً كبيرة.
واستطاع أن يَضُمَّ ما بقي من بلاد العرب في الجزيرة العربية إلى دولة الإسلام. وأصبحت الدولة الإسلاميةُ في هذه المدة القصيرة أقوى دولةٍ في العالم.
وفي عام ثلاثة عشر هجرية الموافق 634 ميلادية، مرض أبو بكر الصديق مرضاً شديداً وتُوُفّي به، فصلى عليه بعد وفاته عُمَرُ بنُ الخطاب رضي الله عنه، ثم دفن إلى جوار النبي صلى الله عليه وسلم.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]