نبذة تعريفية عن الصحابي “زيد بن ثابت”
1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الصحابي زيد بن ثابت إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة
هوَ زيدُ بنُ ثابت بنِ الضحَّاك بنِ زيدٍ بنِ لوزانَ بنِ عمرو بن عبد عوف بنِ غنمٍ بنِ مالكِ بنِ النجار ثعلبْة، وكُنيتُه أبو سعيد.
وُلِدَ زيدٌ بالمدينة، وعندما قدِمَ النبيُّ – صلّى الله عليه وسلّم – إليها كان عُمرُه إحدى عشرةَ سَنة. وقد قُتِلَ أبوهُ في يَوْم بُعاث، وكان عُمرُه يومئذٍ سِتَّ سنواتٍ. وقد أتى به أهله إلى النبيِّ – صلى الله عليه وسلم – عِندَ مَقدمهِ المدينة، فقالوا: يا رسول الله، هذا غلامٌ من بني النجّار، وقد قرأَ ممّا أُنزلَ عليك سبعَ عشرةَ سورة.
فقرأ على رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم – فأعجبهُ ذلكَ، وقال: «يا زيدُ، تعلَّمْ لي كتاب يهود، فإنِّي والله ما آمنُهُم على كتابي».
قال زيد فتعلَّمْتُه فما مضى نِصفُ شهر حتى حذِفتُه، وكنت أكتبُ لرسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – إذا كتبَ إليهم. وقد جاءَ زيدٌ إلى رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم – ليشاركَ إخوانه في قتالِ المُشركينَ يوم بدْرٍ، فردَّه الرسولُ لِصِغَرِ سنِّه.
كان زيدٌ يكتبُ الوحيَ لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -: فأيُّ فضلٍ يُداني كتابةَ الوحي المبارك؟ وعن القاسم بنِ محمدٍ: كان عُمرُ يستخلفُ زيداً في كل سَفَرَ. وعن سالمٍ: كنَّا مع ابنِ عُمرَ يوم ماتَ زيدُ بن ثابت، فقلتُ مات عالمُ الناس اليوم.
فقال ابن عمر: يرحمهُ الله، فقد كان عالِمَ النَّاس في خلافةِ عمرَ وحَبْرِها. وقال ابنُ يَسار: ما كان عُمَرُ وعُثمان يُقدمان على زيدٍ أحداً في الفرائض والفتوى والقِراءةِ والقضاءِ.
وليس أدلَّ على فضل زيدٍ من تولّيه كتابةَ القرآن العظيم في صُحُفٍ، وقد اعتمد عليه أبو بكر في جمع القرآن من أفواهِ الرّجال ومن الأكتاب والرِّقاع.
ولقد احتفظوا بتلكَ الصُّحفِ مدةً، فكانَتْ عند الصديق أبي بكرٍ، ثم تسلَّمها الفاروق عُمَرُ، ثم كانت بعدُ عند أمِّ المؤمنين حفصة، إلى أن ندبَ عثمانُ زيدَ بن ثابتِ، ونفراً من قريش لكتابةِ المُصحفِ العثماني الذي ملأ بلاد الاسلام ولمْ يَبقَ بأيدي الأمّةِ قرآنٌ سواه.
وهذا يدل على فضل زيدٍ وأمانتِهِ وعلمِهِ، فما كان أبو بكرٍ ليُسندَ هذا العملَ الكبيرَ إلاّ إلى رجلٍ مشهود له بالأمانة والرُسوخ في العلمِ والتَّدين.
قال عبيدُ بنُ السباق : حدثني زيدٌ، أنَّ أبا بكرٍ قال له: إنك رجلٌ شابٌ عاقِلٌ لا نتهمُك، قد كنتَ تكتبُ الوحيَ لرسولِ الله – صلَّى الله عليه وسلّم – فتتبَّع القرآنَ فاجْمعْه.
فقلتُ: كيف تَفْعلون شيئاً لم يَفْعلهُ رسولُ الله – صلّى الله عليه وسلّم -؟ قال: هو والله خيرٌ. فلم يزَلْ أبو بكرٍ يراجُعني حتى شَرَحَ اللهُ صدْري للَّذي شرحَ له صَدْرَ أبي بكرٍ وعُمَرَ. فكنتُ أتتَبَّعُ القرآنَ أجمعُه من الرِّقاعِ والأكتافِ والعُسُبِ وصدورِ الرجالِ.
وقد نال زيدُ بنُ ثابتٍ تقديرَ صحابةِ رسولِ الله حتى قامَ له ابنُ عباسٍ وأَخَذَ بركابهِ. فقال زيدٌ: تنحَّ يا ابنَ عمِّ رسولِ الله – صلَّى الله عليه وسلّم – فقال: هكذا نفعلُ بعلمائِنَا وكُبرائِنا.
وكانت رايةُ بني مالكِ بنِ النَّجار يومَ تبوكٍ مع عِمارةَ بنِ حزْم، فأخذَها رسولُ الله – صلّى الله عليه وسلّم – ودَفعها إلى زَيْدِ بنِ ثابت، فقال عِمارةُ: يا رسولَ الله بلَغكَ عنِّي شيءٌ؟ قال: لا، ولكنَّ القرآنَ مُقدَّم، وزيدٌ أكثرُ أخذاً للقرآنِ منْكَ.
ومِنْ مواقفهِ أنَّه لما تُوفِّيَ رسولُ الله – صلّى الله عليه وسلّم – قامَ خطباءُ الأنصار فتكلَّموا، وقالوا رجلٌ مِنَّا ورجلٌ منكم. فقام زيدُ بنِ ثابت، فقال: إنَّ رسولَ الله – صلّى الله عليه وسلّم – كان من المهاجرين ونحْنُ أنصارُه، وإنَّما يكونُ الإمامُ من المهاجرين ونَحْنُ أنصارُه.
فقال أبو بكر: جزاكُم الله خيراً يا معشَرِ الأنْصار، وثبَّت قائلِكمْ، لو قلتمْ غيرَ هذا ما صالحْناكُم.
تُوُفِّي زيدُ بنُ ثابتٍ سنةَ خمسٍ وأربعين عن سِتٍّ وخمسينَ سنةً.
وقال أبو هريرةَ حين ماتَ: «اليومَ مات حَبْرُ هذهِ الأمة، ولعلَّ الله أن يجعلَ في ابنِ عباسٍ خَلَفاً».
وقال حَسَّانُ بنُ ثابت:
مَنْ لــلــــقـــوافــي بَعْدَ حسان وابنـــِه؟
وَمَنْ لِلْمــثــانـي بعدَ زيدِ بنِ ثابتِ
(والمثاني إشارةٌ إلى القرآنِ الكريمِ، والقوافي كنايةٌ عن الشِّعرِ).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]