نبذة تعريفية عن الصحابي “سعد بن أبي وقّاص”
2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الصحابي سعد بن أبي وقاص إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة
هُوَ أَبو إِسْحقَ سعدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصِ بْنِ عَبْدِ مَنافٍ بِنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ القُرَشِيِّ الزُّهْرِيِّ..
كانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاص ابْنَ عَمِّ السَّيِّدَةِ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ أُمِّ رَسُولِ اللهِ – صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَأَهْلُ الْأُمِّ يُعْتَبَرُونَ أَخْوالاً.
ذُكِرَ في كُتُبِ الترَّاجِمِ والتَّاريخِ الْإسْلاميِّ أّنَّهُ كانَ قَصيراً غليظاً ذا هَامَةٍ، شَشْنَ (أيْ: خَشِنَ) الأَصابِعِ، آدَمَ، أَفْطَسَ، أَشْعَرَ الجَسَدِ، يُخَضَّب بِالسَّوادِ.
مَنْزِلَتُهُ: كانَ أّوّلَ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ في سَبيلِ اللَّهِ، وَأَوَّلَ مَنْ أَراقَ دَماً في سَبيلِ اللَّهِ، وكانَ ثالِثَ رَجُلٍ في الْإِسْلامِ، وَقيلَ رَابِعُ.
وَهُوَ أَحَدُ السِّتَّةِ أَهْلِ الشُّورَى، وَهُوَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ المُقّرَّبينَ إلى رَسُولِ اللَّهِ، وَكَانَ يَفْخَرُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ – وَيَقُولُ:« هَذا خَالِي فَلْيُرِني امْرُؤٌ خَالَهُ».
قالَ سَعْدٌ: رَأَيْتُ في المَنَامِ قَبْلَ أَنْ أُسْلِمَ بِثَلاثِ لَيالٍ كَأَنِّي غارقٌ في ظُلُماتٍ بَعْضُها فَوقَ بَعْضٍ، وَبَيْنما كُنْتُ أَتَخَبَّطُ في لُجَجِها، إذْ اَضاءَ لِي قَمَرٌ فَاتَّبَعْتُهُ، فَرَأَيْتُ نَفَراً أَمامِي قَدْ سَبقُوني إلى ذَلِك الْقَمَرِ: رَأّيْتُ زَيْدَ بْنَ حارِثّةَ، وَعَلِيَّ بِنَ أَبِي طَالِبِ، وَأَبّا بَكْرِ الصِّدِّيقَ
فَقُلْتُ لهُمْ: مُنْذُ مَتى أَنْتُمْ هَاهُنا؟ فَقَالُوا: السَّاعَةَ. ثُمَّ إِنِّي لَمَّا طَلَعَ عَلَيَّ النَّهَارُ بَلَغَني أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ – يَدْعو إلى الإِسْلامِ مُسْتَخْفِياً.
فَعَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ بِي خَيْراً وَيَشاءُ أَنْ يُخْرِجَنِي بِسَبَبِهِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ، فَمَضَيْت إِلَيْهِ مُسْرِعاً حَتى لَقيتُهُ في شعْبِ جِيَادٍ وَقَدْ صَلَّى الْعَصْرَ، فأَسْلَمْتُ، فَمَا تَقَدَّمَني أَحَدٌ سِوى هَؤُلاءِ النَّفَرِ الَّذينَ رأَيْتُهُمْ في الحُلْمِ.
ثُمَّ تَابَعَ قِصَّةَ إسْلامِهِ فَقالَ: وَمَا إنْ سَمِعَتْ أُمِّي بِخَبَرِ إِسْلامِي حَتَى ثَارتْ ثائِرتُها، وكُنْتُ فضتَى بَرَّاً بِها مُحِبّاً لَها، فأقْبَلَتْ عَلَيَّ تَقُولُ: يا سَعْدُ ما هذا الدِّينُ الَّذي اعْتَنَقْتَهُ فَصَرَفَكَ عَنْ دِينِ أُّمِّكَ وَأَبِيكَ… واللَّهِ لَتَدَعَنَّ دِينَكَ الْجَدِيدَ أَوْ لا آكُلُ وَلا أَشْرَبُ حَتَى أَمُوتَ… فَيَتفطَّرُ فُؤَادُكَ حُزْناً عَلَيَّ وَيَأْكُلُكَ النَّدَمُ عَلى فَعْلَتِكَ الَّتي فَعَلْتَ وَيَعَرُّكَ النَّاسُ أَبَدَ الدَّهْرِ.
فَقُلتُ: لا تَفْعَلي يَا أّمَّاهُ، فَأَنا لا أَدَعُ دِيني لِأَيِّ شَيْءٍ. لَكِنَّها مَضَتْ في وَعِيدِها، فَاجْتَنَبَتِ الطَّعَامَ والشَّرابَ، ومَكَثَتْ أَيَّاماً عَلى ذَلِكَ لا تأْكُلُ وَلاَ تَشْرَبُ، فَهزُلَ جِسْمُهَا، وَوَهَنَ عَظْمُها، وخارَتْ قُواهَا.
فَجَعَلْتُ آتِيها سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ أَسْأَلُها أَنْ تَتَبَلَّغُ بِشَيْءٍ مِنْ طَعَامٍ أَوْ قَلِيلٍ مِنْ شَرَابٍ فَتَأْبَى ذَلِكَ أَشَدَّ الإباءِ، وتُقْسِمُ أَلاَّ تَأْكُلَ أَوْ تَشْرَبَ حَتّى تَمُوتَ أَوْ أَدَعَ دِيني.
عِنْدَ ذَلِكَ قُلْتُ لَها: يا أُمَّاهُ إِنّي عَلَى شَدِيدِ حُبِّي لَكِ لأشَدُّ حُبّاً لِلَّه وَرَسُولِه… وَوَاللَّهِ لَوْ كَانَ لَكِ أَلْفُ نَفْسٍ فَخَرَجَتْ مِنْكِ نَفْساً بَعْدَ نَفْسٍ مَا تَرَكْتُ دِيني هَذَا لِشَيْءٍ.
فَلَمّا رَأَتْ الجِدَّ مِنِّي أَذْعَنَتْ لِلأَمْرِ، وأَكَلَتْ وَشَرِبَتْ عَلَى كُرْهٍ مِنْها، فأنْزَلَ اللَّهُ قوله تعالى( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (لقمان:15).
وَذُكِرَ في مَنَاقبِهِ عَنْ سعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ قَالَ: قَالَ سَعْدٌ: ما أَسْلَمَ أَحَدٌ في الْيَوْمِ الَّذي أَسلَمْتُ فِيهِ، وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ.
وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: ما سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَفْدِي أَحَداً بِأَبَوَيْهِ إِلاَّ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ، فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ لَهُ في يَوْمِ أُحُدِ: (ارْمِ سَعْدٌ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي) (أَخْرَجَاهُ في الصَّحِيحَيْنِ). وَفي لَفْظٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيّ (ارْمِ أَيُّها الغُلَامُ الحَزُور).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سَأَلَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: نَعَمْ، إِذا حَدَّثَكَ سَعْدٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – شَيْئاً فَلا تَسْأَلْ عَنْهُ غَيْرَهُ.
وَرُوِيَ أَنّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: (اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لِسَعْدٍ إِذا دَعَاكَ).
ذِكْرُ وَفَاتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ماتَ سَعْدٌ في قَصْرِهِ بِالعَقيقِ عَلَى عَشْرَةِ أَمْيالٍ مِنَ المَدِينَةِ. فَحُمِلَ عَلَى رِقابِ الرِّجالِ إلى المدَينَةِ وَصَلَّى عَلَيْهِ مَروانُ بْنُ الحَكَمِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ وَالي المَدِينَةِ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ أَزْواجُ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – في حُجُرِهِنَّ
وَدُفِنَ بِالْبَقِيع، وَكانَ أَوْصَى أَنْ يُكَفَّنَ في جُبَّةِ صُوفٍ لَهُ حَيْثُ يَقُولُ فِيها: «لَقَد لَقِيتُ المُشْرِكينَ فِيهَا يَوْمَ بَدْرٍ، وَلَقَدِ ادَّخَرْتُها لِهذا الْيَوْمِ، فَكَفِّنَ فيها، وذّلِكَ في سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ، وَيُقالُ سَنَةَ خَمْسينَ، وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَسَبْعينَ، وَيُقالُ اثْنَتَيْنِ وَثَمانِينَ.
أَجَلْ، إِنَّ ذَلِكَ الثَّوْبُ الْخَلَقُ، لَمْ يَعُدْ مُجَرَّدَ ثَوْبٍ … إِنَّهُ الْعَلَمُ الَّذِي يَخْفِقُ فَوْقَ حَياةٍ مَدِيدَةٍ شَامِخَةٍ عَاشَها صَاحِبُها مُؤْمِناً، صادِقاً شُجَاعاً.
وفَوْقَ أَعْناقِ الرِّجالِ حُمِلَ إِلى المَدِينَةِ جُثْمانُ آخِرِ المُهاجِرينَ وَفاةً، لِيَأخُذّ مَكَانَةً في الإِسْلام إِلَى جِوَارِ ثُلَّةٍ طَاهِرَةٍ عَظِيمَةٍ مِنْ رِفاقِهِ الَّذينَ سَبَقُوهُ إلى اللَّهِ، وَوَجَدَتْ أَجْسَامُهُمُ الكادِحَةُ مَرْفَأً لَها في تُرَابِ البقيعِ وَثَراهُ.
وَدَاعاً، سَعْدُ…
وَدَاعاً، بَطَلَ القَادِسيَّة، وَفَاتِحَ الْمَدائِنِ، وَمُطْفِيءَ النَّار المَعْبُودَةِ في فَارِسَ إِلى الأَبَدِ…
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]