نبذة تعريفية عن الصحابي “عبدالله بن عمر بن الخطاب”
2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الصحابي عبدالله بن عمر بن الخطاب إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة
هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ بنِ نُفَيْلٍ القُرَشِيِّ العَدَوِيِّ، وكُنْيَتُه أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
صَحابِيُّ جَليلٌ، وُلِدَ في بَيْتٍ مِنْ أَعَزِّ بيوتاتِ قُرَيْشٍ في الجاهِلِيَّةِ. أُمُّه زَيْنَبُ بنتُ مَظْعونِ بنِ حَبيبٍ الجُمَحِيَّةِ. وُلِدَ سَنَةَ ثلاثٍ من المَبْعَثِ النَّبَوِيِّ.
أَسْلَم مع أبيهِ وهو صغيرٌ لَمْ يَبْلُغِ الحُلُمَ، وهاجَرَ مع أبيهِ إلَى المدينةِ وهو ابنُ عَشْـرِ سنينَ. عُرِضَ على النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، لِيَشْهَدَ غَزْوَةَ بَدْرٍ فاسْتَصْغَرَه، ثمّ بأُحُد كَذَلِكَ، ثمَّ بالخَنْدَق فأجازَهُ، وهو يومَئِذٍ ابنُ خَمسَ عَشْرَةَ سَنَةً.
كانَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، من المُكْثِرينَ في الرِّوايَةِ عن النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم. وكان، رَضِيَ اللهُ عَنْه، يَتَحَفَّظُ ما سَمِعَه من رَسولِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، ويَسْألُ مَنْ حَضَـر إذا غابَ عن قَوْلِهِ وفِعْلِهِ.
ولهُ في كُتُبِ الحديثِ 2630 حديثًا. وكانَ، رَضِيَ اللهُ عنه، كثيرَ الاتِّباعِ لآثارِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، فكانَ يَتْبَعُ آثارَهُ في كلِّ مَسْجِدٍ صَلَّى فيهِ.
وكانَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لا يَتْرك الحَجَّ، وكانَ إذا وَقَفَ بِعَرَفَةَ يَقِفُ في المَوْقِفِ الّذي وَقَفَ فيهِ رَسولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم.
كانَ مِن أَهْلِ الوَرَعِ والعِلْمِ:
قالَ سَعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، رَحِمَه اللهُ: لَوْ شَهِدْتُ لأحَدٍ أَنَّه من أَهْلِ الجَنَّةِ لَشَهِدْتُ لِعَبْدِ اللهِ بنُ عُمَرَ.
شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، بالصَّلاحِ قال: «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ لَوْ كانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيل». فكانَ عبدُ اللهِ، بَعْدَ أن سَمِعَ هذا من النبيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، لا ينامُ من اللَّيْلِ إلاَّ قَليلاً.
وكانَ كثيرَ التَّهَجُّدِ لَيْلاً. فَرُوِيَ أَنَّه كان يُصَلِّي ما قُدِّرَ لَهُ ثم يَصيرُ إلَى الفِراش فَيُغْفِي إغفاءَ الطائِرِ، ثُمَّ يَثِبُ فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُصَلِّي. يَفْعَلُ ذَلِكَ في اللَّيْلِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَوْ خَمْسًا.
وعَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ إمامٌ من أَئِمَّةِ الدِّين:
قالَ مالِكُ: كانَ إمامُ النّاسِ عِنْدَنا بَعْدَ عُمَرَ زَيْدَ بنَ ثابتٍ، وكانَ إمامُ النّاس عِنْدَنا بَعْدَ زَيْدٍ ابنَ عُمَرَ.
كانَ حافِظًا لِلِسانِهِ، ففي ذاتِ يومٍ جَعَلَ رَجُلٌ يَسُبُّ ابنَ عُمَرَ، وابنُ عُمَرَ ساكِتٌ، فَلَمَّا بَلَغَ بابَ دارِهِ الْتَفَت إليْه فقالَ: إنِّي وأخِي عاصِمًا لا نَسُبُّ النَّاسَ. كانَ شديدَ التَّحَرِّي والاحْتياطِ والتَوَقِّي في فَتْواه.
وقد أَفْتَى النّاسَ سِتِّينَ سَنَةً، ونَشَرَ نافِعٌ عَنْه عِلْمًا جَمًّا. كانَ زاهِدًا في الحَياةِ الدُّنْيا، فَعَنْ جابرٍ: ما مِنَّا أَحَدٌ إلاّ مالَتْ به الدُّنيا ومالَ بِها ما خَلا عُمَرَ وابنَهُ عَبْدَ اللهِ.
وقال فيه ابنُ مَسعودٍ: إنَّ من أَمْلَكِ شبابِ قُرَيشٍ لِنَفْسِهِ عَنِ الدُّنْيا لَعَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ.
وكانَ إذا اشْتَدَّ عَجَبُه بشيءٍ من مالِهِ قَرَّبَه إلَى رَبِّهِ عَزَّ وجَلَّ. قال نافِعٌ: كانَ رقيقُه قَدْ عَرَفوا ذلكَ مِنْه، فرُبَّما شَمَّرَ أَحَدُهُمْ فيلزمُ المَسْجِدَ، فإذا رآه ابنُ عُمَرَ علَى تِلك الحالَةِ الحَسَنَةِ أَعْتَقَهُ.
فيقولُ له أَصحابُهُ: يا أبا عبدِ الرَّحمنِ، واللهِ ما بِهِمْ إلاَّ انْخَدَعْنا لَهُ. قال نافِعٌ: ما ماتَ ابنُ عُمَرَ حتَّى أَعْتَقَ أَلْفَ إنْسانٍ أو ما زَادَ.
كُفَّ بَصَرُهُ في آخِرِ حياتِهِ، وهو آخِرُ من تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ من الصَّحابَةِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وسبعينَ وهو ابنُ أَرْبَعٍ وثمانينَ سَنَةً.
قالَ أبو سَلَمَةَ بنُ عبدِ الرَّحْمَن: ماتَ ابنُ عُمَرَ وهو مِثْلُ عُمَرَ في الفَضْلِ، وكانَ عُمَرُ في زمانٍ لَهُ نُظَراءُ، وعاشَ ابنُ عُمَرَ في زمانٍ لَيْسَ لَهُ فيهِ نَظيرٌ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]