نبذة تعريفية عن “الصفا والمروة” وكيفية السعي بينهما
2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الصفا والمروة كيفية السعي بين الصفا والمروة إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة
الصَّفا والمَرْوَةُ اسْمانِ مُقْتَرِنَانِ بالمَسْجِدِ الحَرامِ، وبالحَجِّ والعُمْرَةِ، حيث يقول الله عزل وجل (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) (البقرة 158).
الصَّفا والمَرْوَةُ مُقْتَرِنَانِ أَيْضًا بذِكْرَى أَبي الأَنْبِياءِ سَيِّدِنا إبْراهيمَ، عليه السَّلامُ، وابْنِه سَيِّدِنا إسماعيل، عليه السَّلامُ وأمِّه هاجَرَ.
ومِنَ فَوْق الصَّفا صَدَعَ رَسولُ اللهِ، صلَّى الله عليه وسلّم، بِدَعْوَتِه عِنْدَما نَزَلَ عَلَيهِ قَوْلُ الحَقِّ تَبارَكَ وتعالى (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (الشعراء 214).
فما الصَّفا؟ وما المَرْوَةُ؟ وأَيْن مَوْضِعُهُما من المَسْجِدِ الحَرَامِ؟ وما ارْتِباطُهُما بِعِبادَتَيْ الحَجِّ والعُمْرَةِ؟
إذا قَصَدَتْ إلَى مَكَّةَ المُكَرَّمَةَ، ودَخَلَتْ المَسْجِدَ الحَرامَ، فَقِفْ تَحْتَ بابِ الكَعْبَةِ واجْعَلْها مِن خَلْفِكَ، ثُمَّ امْشِ يَمينًا (جَنوبَ شَرْقِيِّ الكَعْبَةِ) حَيْثُ تَجِدُ بابًا (اسْمُهُ: بابُ الصَّفا)؛ ادْخُلْ مِنْه، وتَقَدَّمْ قَليلاً.
أَنْتَ الآنَ فَوْقَ مُرتَفَعٍ مِنَ الأَرْضِ، ويُمْكِنُكَ أَنْ تَرَى الكَعْبَةَ مِنْ مَوْقِفِك. هَذا المَكانُ المُرْتفِعُ هُوَ الصَّفا. اتَّجِهْ بِبَصَرِكَ للجِهَةِ المُقَابِلَةِ للصَّفا، فَماذا تَرَى؟ مَمْشًى طَويلٌ، في نِهايَتِهِ مُرتَفَعٌ آخَرُ. هذا المُرْتَفَعُ الآخَر اسْمُهُ المَرْوَةَ. (شمالَ شَرْقِيِّ الكَعْبَةِ).
والمَمْشَى بَيْنَ الصَّفا والمَرْوَةِ يَبْلُغُ طولُه 405 أمتار، وهُو ثَلاثَةُ أَقْسامٍ، أَو ثَلاثَةُ طُرُق:
قِسْمٌ يَسيرُ فيهِ النّاسُ مِنَ الصَّفا إلى المَرْوَةِ، وقِسْمٌ يَعودُ فيهِ النَّاسُ مِنَ المَرْوَةِ إلَى الصَّفا.
وبَيْنَ القِسْمَيْن طَريقٌ مخصَّصٌ لِلْكَراسِيِّ «الطِّبِّيَّةِ» المُتَحَرِّكَةِ، يَجْلِسُ عَلَيْها الضِّعافُ وكِبارُ السِّنِّ مِن الرِّجالِ والنِّساءِ، ويَدْفَعُها رِجالٌ أَصِحَّاءُ. وهَؤلاءِ الّذينَ عَلَى الكَرَاسِيِّ أيضًا يَتَّجِهونَ مِنَ الصَّفا إلى المَرْوَةِ، ثُمَّ يَعودونَ مِنَ المَرْوَةِ إلَى الصَّفا.
وبدقَّةِ المُلاحَظَةِ سَوْفَ تَرَى:
1- أَنَّ هُناكَ مسافَةً مَحْدودَةً يَجْريها أَو يُهَرْوِلُ فِيها الرِّجالُ دُونَ النِّساءِ.
2- وأَنَّ هَذهِ المَسافَةَ لها عَلامَةٌ في بِدايَتِها وعَلامَةٌ في نِهايَتِها، هي مِصْباحُ «نِيون» طويلٌ، ذو زُجَاجٍ أَخْضَرَ.
3- وأَنَّ علَى المَرْوَةِ بَعْضَ الرِّجالِ يَحْلِقُونَ رُؤوسَهُم بالمُوسَى، وبَعْضُهُم يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِه الطَّويلِ بِمِقَصٍّ.
وبِقِراءَةِ كُتُبِ التَّفْسيرِ والفِقْهِ والتَّاريخِ والجُغرافيا، أو سُؤالِ العُلَماء، سَوْفَ نَعْرِفُ:
1- الطَّريقُ بَيْنَ الصَّفا والمَرْوَةَ يُسَمَّى «المَسْعَى»، والسَّعْيُ بَيْنَهما مِنْ واجِباتِ الحَجِّ والعُمْرَةِ. فالحاجُّ أو المُعْتَمِرُ إذا فَرغَ مِن الطَّوافِ بِالكَعْبَةِ، تَوجَّه إلَى الصَّفا لِيَبْدأَ السَّعيَ مِنها.
2- السَّعيُ سَبْعَةُ أَشْواطٍ؛ يَبْدأُ الشَّوطُ الأَوَّلُ من الصَّفا ويَنْتَهِي بالمَرْوَةَ؛ ومنَ المَرْوَةِ يَعودُ السَّاعِي إلَى الصَّفا وهَذا شَوْطٌ ثَانٍ، وهَكَذا حَتَّى يَنْتَهِيَ الشّوطُ السَّابِعُ عَلَى المَرْوَةِ.
3- الصَّفا والمَرْوَةُ جُبَيْلان (أيْ: جَبَلانِ صَغيران)، أو أَكَمَتَان، وكلٌّ مِنْهُما في الأَصْلِ جُزْءٌ مِن جَبَلٍ: الصَّفا مِنْ جَبَل أَبي قُبَيْسٍ، والمَرْوَةُ من جَبَلِ قُعَيَقِعان.
وهَذا المَسْعَى بَيْنَهُما كانَ طريقًا مَسْلوكًا، يَمْشي فيهِ النَّاسُ والدَّوابُّ، وعَلَى جانِبَيْهِ مَحَلاَّاتٌ تِجارِيَّةٌ.
فَلَمَّا كانَتْ التَّوْسِعَةُ السُّعودِيَّةُ الأُولَى لِلْحَرَمِ، الّتي بَدَأَتْ 1375هـ (1955م) عُزِلَ المَسْعَى عَنِ العُمْرانِ، كيْ يكونَ مَقْصورًا علَى السَّاعِينَ وَحْدَهُم.
4- فإذا رَجَعْنا إلَى التَّاريخِ القَديمِ، تَذَكَّرْنا السَّيِّدَةَ هَاجَرَ، أُمَّ سَيِّدِنا إسْماعيلَ. لَقَدْ تَرَكَها زَوْجُها سَيِدُنا إبْراهيمُ بِأَمْرِ اللهِ هُنا، مَعَ طِفْلِها الرَّضيعِ، حَتَّى إِذا نَفِدَ الماءُ الّذي مَعَها، وجَفَّ لَبَنُها، أَخَذَتْ تَنْظُرُ لَعَلَّ حَيًّا مِنَ النَّاسِ يُنْقِذُها ورَضِيعَها، فكانَتْ تَصْعَدُ علَى الصَّفا وتَنْظُر، ثُمَّ تَنْزِلُ مُتَّجِهَةً إلَى النَّاحِيَةِ الأُخْرَى، وتُسْرِعُ ما اسْتَطاعَتْ حتَّى تَصِلَ إلَى المَرْوَةَ، فَتَعلُوها وتَنْظُر….. تَفْعَلُ ذَلِكَ مِرارًا، حتَّى بَعَثَ اللهُ تَعالَى المَلَكَ الّذي حَفَر لَها زَمْزَمَ. لَقَدْ أَصْبَحَ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفا والمَرْوَةَ إِحْياءً لهَذِهِ الذِّكْرَى.
5- أمّا المَسافَةُ الّتي يَجْري فِيها الرِّجالُ أَو يُهَرْوِلُونَ، فَقَدْ كانَ يَشُقُّها مِنَ الشّـَرْقِ إلَى الغَرْبِ وادٍ يُسَمَّى «وادي إبراهيم»، وهُوَ المُحدَّدُ بالمصابيحِ الخَضْـرَاءِ، ولا يَجْري النِّساءُ، حِفْظًا لَهُنَّ وسَتْرًا.
6- الّذينَ يَحْلِقُونَ رُؤوسَهُم، أَوْ يُقَصّـِرونَ شُعورَهُم، هُمْ: الّذين فَرَغوا مِنَ العُمْرَةِ، والمُتَمَتِّعونَ بالعُمْرةِ إلَى الحجِّ. (أمَّا المُفْرِدُ والقَارِنُ فلا يَحْلِقُ ولا يقصّـِرُ، بَلْ يَظَلُّ مُحْرِمًا حتَّى يَتَحلَّلَ بأَعْمالِ يَوْمِ النَّحر).
7- هُناكَ مَسْعًى في الطَّابِقِ الثَّانِي، بُنِيَ حَديثًا، لِلْتَخفِيفِ عَلَى السَّاعينَ أَيَّامَ الزِّحامِ الشَّديدِ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]