إسلاميات

نبذة تعريفية عن “الفقه الإسلامي” وخصائصه ومراحل أدوار التشريع في تاريخه

2002 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثالث عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الفقه الإسلامي خصائص الفقه الإسلامي إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

الفقه في اللغة: الفهم. يقال: فقه يفقه كعلم يعلم، أي الفهم بوجه عام، سواء ما ظهر أو خفي وسواء أكان الفهم دقيقا أو سطحيا؛ ويقال: فقه يفقه مثل كرم يكرم، أي صار الفقه له سجية أي طبيعة فيه.

ويقال: تفقه الرجل تفقها: أي تعاطى الفقه، ومنه قوله تعالى:(وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (التوبة 122).

والمتتبع لآيات القرآن الكريم يدرك أن لفظ الفقه يأتي أيضا للدلالة على إدراك الشيء الدقيق، كما في قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) (الأنعام 98)، وقول الرسول، عليه الصلاة والسلام: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين».

 

والفقه في الاصطلاح الشرعي، له عدة تعريفات أشهرها عند العلماء أنه: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية.

والمقصود بالعلم هنا: هو الإدراك مطلقا بصورة يقينية أو ظنية، وذلك وفق الدليل القطعي أو الظني. والأحكام: جمع حكم، وهو مطلوب الشارع الحكيم، كإيجاب الصلاة، وتحريم القتل، وإباحة الأكل والشرب، واشتراط الطهارة للصلاة.

والمراد بالأحكام الشرعية: المأخوذة من الشرع، لا من العقل مثل: الواحد نصف الاثنين، ولا من الحس مثل: الشمس مشرقة أو حارقة، ولا من اللغة العربية مثل: الفاعل مرفوع.

 

والمراد بالعملية: المتعلقة بالعمل سواء أكان قلبيا كالنية، أو غير قلبي يتعلق بممارسة الجوارح كالقراءة في الصلاة ونحوها.

والمراد بالمكتسب من الأدلة التفضيلية: أي العلم المستنبط بالنظر والاجتهاد في النصوص الشرعية التي تحتاج إلى فحص وتمحيص. ويراد بالأدلة: ما جاء في القرآن، والسنة، والإجماع، والقياس، لأن علم المقلد لا اجتهاد فيه.

 

وموضوع علم الفقه الإسلامي: هو أفعال المكلفين من حيث مطالبتهم بها، إما فعلا كالصلاة أو تركا كالسرقة، أو تخييرا كالطعام والشراب.

والمكلف شرعا هو البالغ العاقل الذي تعلقت بأفعاله التكاليف الشرعية.

 

ويمتاز الفقه الإسلامي بعدة خصائص، من أهمها ما يلي:

‌أ- أن أساسه ومصدره الوحي الإلهي.

‌ب- أنه يشتمل على كل متطلبات الحياة، من عبادات ومعاملات، لأنه للدنيا والآخرة.

 

‌ج- أن أحكامه تتصف بالصفة الدينية من حيث الحل والحرمة.

‌د-أنه يرتبط ارتباطا وثيقا بالأخلاق، ولمراعاته للفضيلة والمثل العليا والسلوك القويم.

 

هـ- أن الجزاء على المخالفة لأحكامه دنيوي وأخروي.

و- أنه صالح للبقاء والتطبيق الدائم، لمرونة قواعده، طالما أن الحكم المراد يقع في نطاق الشريعة الإسلامية وأصولها الصحيحة، ويتعلق بالمعاملات، لا بالعقائد والعبادات، لأنها لا تتغير ولا تتبدل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، شريطة عدم مخالفة تلكم المعاملات للنصوص الشرعية، أو للمباديء المستقرة مثل: شرط توافر التراضي في العقود، وقمع الإجرام، وحماية الحقوق.

 

وقد مر الفقه الإسلامي بعدة أدوار أو أطوار يتداخل بعضها في بعض، يؤثر المتقدم فيها بالمتأخر.

ولا نستطيع القول بأن هذه الأدوار متميزة من حيث الزمن تمييزا دقيقا، اللهم إلا عهد التشريع، المعروف بعصر النبوة، فإنه متميز عما بعده بكل دقة، بوفاة الرسول، صلى الله عليه وسلم.

 

ويمكن تقسيم أدوار التشريع ومراحله في تاريخ الفقه الإسلامي إلى الأدوار الآتية:

1-عهد التشريع (عصر النبوة): يبدأ من البعثة إلى وفاة الرسول، صلى الله عليه وسلم سنة 11هـ.

2-الدور الفقهي الأول: في عصر الخلفاء الراشدين، الممتد من سنة 11 إلى سنة 40 هـ. وهو عصر يتميز بكثرة الأحداث التي جدت بعد عصر النبوة، لكثرة الفتوحات واختلاط المسلمين بغيرهم من الأمم ذات الأعراف المختلفة.

 

3-الدور الفقهي الثاني: في عصر صغار الصحابة وكبار التابعين، يبدأ من ولاية معاوية إلى أوائل القرن الثاني الهجري.

4- الدور الفقهي الثالث: في عصر صغار التابعين وكبار تابعي التابعين. ويبدأ هذا الدور من أوائل القرن الثاني الهجري إلى منتصف القرن الرابع الهجري. ويتميز هذا العصر بأنه قد بدئ فيه بتدوين السنة مختلطة بفتاوى الصحابة والتابعين، ويسمى بعصر الاجتهاد، وشهد مولد علم أصول الفقه.

 

5- الدور الفقهي الرابع: يتناول الفقه من منتصف القرن الرابع إلى سقوط بغداد سنة 656هـ.

6- الدور الفقهي الخامس: يتناول مراحل وأطوار الفقه الإسلامي من سقوط بغداد إلى الوقت الحاضر.

 

هذه الأدوار أو الأطوار الفقهية لم تمس المبادئ والأصول المستقرة شرعا وإنما تعلقت بالفقه المبني على القياس ومراعاة المصالح والأعراف، ما دام الحكم يدخل ضمن نطاق مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء، بلا إفراط أو تفريط، ذلك في دائرة المعاملات، إعمالا لقاعدة «تتغير الأحكام بتغير الأزمان».

ويجب على المسلم أن يتعلم الأحكام المتعلقة بالعبادات المفروضة عليه، وأن يتعلم الأحكام المتعلقة بعمله، ليعرف ما يحل منه وما يحرم، لأن تعلم الفقه الإسلامي يمكن الإنسان من الوقوف عند حرمات الله.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى