نبذة تعريفية عن الموت وتحديد الفترة التي يحدث عندها موت الإنسان بالكامل
2013 آلات الحياة
د.ديفيد س. جودسل
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
يُعرف الموت في قاموس راندوم هاوس (Random House Dictionary) بأنه «التوقف الكامل والمستديم لكل الوظائف الحيوية للحيوان أو النبات»
ولكن في هذه الحقبة التي نعيشها والتي تتميز بالتقنية الطبية المتقدمة، فإن الموت ليس بذلك المفهوم الواضع التعريف.
فضحايا الغرق أو الأزمات القلية والذين يبدون وكأنهم قد ماتوا من الممكن إعادتهم للوعي مرة أخرى عن طريق إنعاش القلب والرئتين (Cardiopulmonary Res–uscitation)
ومن ناحية أخرى فإنه يتم استخدام العاقير لإحداث حالات غيبوبة مؤقتة شبيهة بالموت عند القيام بجراحات خطيرة وذلك لحماية المخ.
نعرف جميعاً متى يكون الحيوان حياً: فقلبه ينبض، ويتنفس ويستجيب للألم والحرارة والبرودة.
ومن السهل أيضاً أن نرى متى يكون الحيوان ميتاً بالفعل وبدأ جسمه في التحلل. ولكن تحديد اللحظة الحقيقة التي يحدث فيها الموت يظل كمنطقة رمادية غامضة.
إلا أنه فيما يتعلق بالإنسان فإن الحاجة إلى تعريف دقيق وقاطع للموت تظل مطلباً أساسياً. ويرجع ذلك إلى ما يترتب على ذلك من جوانب قانونية وأخلاقية.
فنحن نحتاج لأن نعلم أن الشخص قد مات حتى يمكننا القيام بطقوس الدفن المتعارف عليها، وكذلك حتى يمكننا ترتيب تفاصيل نقل ممتلكاته إلى الورثة.
وفي مجتمعاتنا الحديثة فإن هناك أيضاً إمكانية لاستخدام الأعضاء لزرعها في اشخاص آخرين، ولا بد من إتمام ذلك في أسرع وقت عقب الوفاة.
ولقد اقترحت لجنة علمية بكلية الطب بجامعة هارفارد في عام 1968 تعريفاً لأدق وقت يحدث عنده الموت وما زال هذا التعريف قيد الاستخدام حتى يومنا هذا.
حيث عرفت اللجنة هذا الوقت بأنه المرحلة التي يحدث فيها فقد غير عكسـي لكل وظائف الدماغ.
وفي هذه المرحلة يحدث فقد لكل الوظائف الكهربية بالجسم مع عدم دوران الدم في الدماغ، والمنطق وراء تحديد هذه المرحلة الفاصلة بسيط وهو افتراض أن كل الجوانب المهمة لحياة شخص ما _ مثل أفكاره، وذاكرته، وسماته الشخصية، وقدرته على التحكم في جسده_ تظهر من خلال نشاط الدماغ. وفقدان كل ذلك يعني أن الشخص قد مات.
بعد الموت، يستسلم الجسد وبسـرعة لقوى «العشوائية» (الانتروبيا). حيث يبرد الجسد على مدار يوم أو يومين يعمل خلالهما وبدون تحكم مناسب ما تبقى من عمليات متعلقة بالتمثيل الغذائي.
تأخذ العضلات في التيبس ثم تسترخي مع استخدم كل ما بالخلية من كالسيوم ومركز أدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP). بعد ذلك يتحلل الجسد بسرعة ويفقد كل ما لديه من طرق للتنظيم والحماية.
وفي أغلب الثقافات الإنسانية، يتم التصرف في الأجساد الميتة قبل أن يصل الفساد فيها إلى مراحل شديدة، وذلك عن طريق حرق الجثة، أو تحنيطها، أو دفنها.
هناك العديد من الأجزاء بالجسم تبقى لفترة طويلة بعد الموت. فالعظام والشعر يمكثان لسنوات أو لقرون بعد الموت، على الرغم من عدم احتوائها على أي جزء به حياة، ولو تم حفظها كأحفوريات ، فإنها تترك بقايا منها حتى بعد مرور آلاف السنين.
ولقد استفاد الباحثون من هذه الظاهرة وبدأوا في البحث عن بقايا الجزيئات البيولوجية لكائنات ماتت منذ آلاف السنين.
وحققوا نجاحاً في بعض الحالات الخاصة والتي كانت فيها البقايا محفوظة جيداً. على سبيل المثال، فلقد أمكن عزل قطع صغيرة من الـ "دنا" من عظام إنسان بدائي (Neanderthal) كان حياً منذ 40 ألف عام، وهذا ساعدنا على استكمال شجرة القرابة الوراثية المعقدة الخاصة بنا.
ويمكن لهذا النوع من « علم آثار الـ "دنا" » (DNA Archeology) أن يعطينا نظرة عابرة عن أسلافنا الأباعد، وذلك بما يعيدهم إلى الحياة في مخيلتنا.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]