إسلاميات

نبذة تعريفية عن النبي لوط “عليه السلام”

2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الرابع عشر

عبد الرحمن أحمد الأحمد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

النبي لوط عليه السلام إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

لوطٌ هو ابنُ أَخِي إِبراهيمَ، عَلَيْهِما السَّلامُ. وقَدْ هاجرَ لوطٌ مِنْ بَلْدَةِ عَمِّهِ إِبراهيمَ إلَى مَدينةِ سَدوم، وكانَتْ مدينةً كبيرَةً بجوارِها قُرَى صغيرَة. وقَدْ اشْتَهَرَ أَهْلُها بالكُفْرِ والفُجورِ، وقَطْعِ الطَّريقِ، مَعَ إِتيانِهِمْ المُنْكَراتِ في مَكانِ اجْتِماعِهِم.

فَدَعاهُم لوطٌ، عليه السَّلامُ، إلَى عِبادَةِ اللهِ وَحْدَه لا شريكَ لَهُ، ونَهاهُمْ عن ارْتِكابِ تِلْكَ المُحَرَّماتِ والفَواحِشِ. ولكنَّهُم لَمْ يَسْتجيبوا لَهُ، ولَمْ يُؤْمِنوا بِهِ، حتَّى ولا رَجُلٌ واحِدٌ مِنْهُم.

ولَمْ يَكْتَفوا بِذَلِكَ بَلْ هَمُّوا بإخراجِ رسولِهِمْ مِنْ قَرْيَتِهِمْ وطَرْدِهِ منها. وما ذَلِكَ إلاَّ لأنَّه كانَ يَنْصَحُهم، ولَمْ يُوافِقْهم علَى مُنْكَراتِهِم.

وقالَ تَعالَى (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ) (النمل:56).

 

وبَلَغَ بِهِمُ التَّمادِي في الإلْحادِ أَنْ قالُوا لِلوطٍ، عليهِ السَّلام، مُسْتَهْزِئينَ: (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ ۖ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (العنكبوت:29)، عِنْدَ ذَلِكَ دَعا عَلَيْهم نبيهُم لوطٌ طالِبًا مِنْ رَبِّهِ النُّصْرَةَ علَى القَوْمِ المُفْسدينَ.

فاسْتجابَ اللهُ لِدَعْوَتِهِ، وبَعَثَ رُسُلَهُ الكِرامَ وملائِكَتَهُ العِظامَ، وهم جِبْريلُ وميكائيلُ وإسرافيلُ عليهم السّلام. فأَقْبلوا حتَّى أَتَوْا أَرْضَ سَدومَ في صُوَرِ شُبَّانٍ حِسانٍ اخْتِبارًا مِنَ اللهِ تَعالَى لِقَوْمِ لوطٍ، عليه السَّلامُ، وإِقامَةً للحُجَّةِ عَلَيْهم، فاسْتَضافَهُم لوطٌ، عليه السَّلامُ.

فَخَرَجَتْ امْرَأَةُ لوطٍ فأَخْبَرَتْ قَوْمَها وقالَتْ: إنَّ في بَيْتِ لوطٍ رجالاً ما رأَيتُ مِثْلَ وُجوهِهِمْ قَطُّ حُسْنًا وجمالاً فجاءَهُ قَوْمُه مُسْرِعينَ لِكَيْ يَفْعَلُوا الفَاحِشَةَ بِهؤلاءِ الضّيوفِ.

 

فخرجَ لَهُمْ لوطٌ واعِظًا لَهُمْ بِتَقْوَى اللهِ وخَشْيَتِهِ ومُحَذِّرًا لَهُم من هذا الفِعْلِ الشّنيعِ بِضُيوفِهِ، وقَدْ عَرَضَ عَلَيْهِم الطَّريقَ الحلالَ، وهو الزَّواجُ مِنْ بَناتِهِ وعَدَمِ التَّعَرُّضِ للضّيوفِ بِفِعْلِ الحَرامِ، وخَاطَبَهُم إنْ كانَ فيهم رَجُلٌ عِنْدَهُ عَقْلٌ وفيه خَيْرٌ وخُلُقٌ ودينٌ.

ولَكِنْ مَعَ كلِّ ذَلِكَ لَمْ يَنْتَفِعوا بِنُصْحِ لوطٍ، عليه السَّلامُ، بَلْ أَصَرُّوا علَى ما يُريدونَ لأَنَّهُم جميعَهم سُفهاءٌ فَجَرَةٌ أَقْوياءٌ كَفَرَةٌ أَغْبياءٌ. فكانَ رَدُّهُمْ قبيحًا، ولَمْ يَخَافُوا عِقابَ اللهِ.

ولِهذا قالَ لوطٌ، عليه السَّلامُ،: وَدِدْتُ لَوْ أَنَّ لي قُوَّةً أَمْنَعُكُم مِنْ فِعْلِ ما تريدون، أو تكونَ لي عشيرةٌ تساعِدُنِي علَى ذَلِكَ، ثُمَّ أَغْلَقَ البابَ، ودَفَعَهُم ومَنَعَهُم من الدُّخولِ، لَكنَّهُم أَصَرُّوا علَى الدُّخولِ فَجَعَلَ يَعِظُهُم مِنْ خَلْفِ البابِ، ويُهَدِّدُهُمْ بِعِقابِ اللهِ تعالَى لَهُم إِنْ هُمْ أَصَرُّوا علَى ذَلِكَ.

 

عِنْدَ ذَلِكَ تَكَلَّم هؤلاءِ الضيوفُ وقالوا للوطٍ، عليه السَّلامُ، لا تَخَفْ ولا تَحْزَنْ نَحْنُ رُسُلُ رَبِّكَ ولَنْ يَمَسُّوكَ بأَذًى.

عِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَتْ الملائكةُ لوطًا، عليه السَّلامُ، أَنْ يَخْرُجَ وأَهْلُهُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ ولا يَلْتَفِتْ مِنْهُم أَحَدٌ عِنْدَ سَمَاعِ صَوْتِ العَذابِ إِذَا حَلَّ بِقَوْمِهِ، علَى أَنْ يكونَ في آخِرِهِم. فسارَ لوطٌ، عليه السَّلامُ، بأَهْلِهِ، وهُمْ زَوْجَتُه وابْنَتَاهُ، ولَمْ يَتْبَعْهُ رَجُلٌ واحِدٌ.

 

ولمَّا خَرَجَ مِنْ بَلْدَتِهِ وطَلَعَتْ الشَّمْسُ، جَاءَهُم مِنْ أَمْرِ اللهِ ما لا يُرَدُّ، وهو العَذابُ باقْتِلاعِ قَرْيَةِ سَدومِ من قَرارِها، ثُمَّ قَلَبَها عَلَيْهم فجَعَلَ عالِيَها سافِلَها، وأَتْبَعَ ذَلِكَ بإِمْطارِهِمْ بِحجارَةٍ شديدةٍ مكتوبٍ علَى كُلِّ حَجَرٍ مِنْها اسمُ صاحبِهِ الّذي يَهْبِط عَلَيْه فَيَدْمَغُهُ ويَزْهَقُ رُوحَه.

أمَّا امْرَأَةُ لوطٍ لمَّا سَمِعَتْ الصَّيْحَةَ وسُقوطَ البَلْدَةِ الْتَفَتَتْ إلَى قَوْمِها وخَالَفَتْ أَمْرَ رَبِّها فقالَتْ واقَوْماه فسَقَط عَلَيْها حَجَرٌ فَدَمَغَها وأَلْحَقَها بِقَوْمِها إِذْ كانَتْ علَى دِينِهِمْ، وكانَتْ تُحْرِّضُ قَوْمَها علَى زَوْجِها لوطٍ، عليه السَّلامُ، وهذا نوعٌ من الخِيانَةِ في الدِّينِ. وأَلْحَقَها اللهُ بالعَذابِ لِكُفْرِها ولِتَواطُئِها مَعَ قَوْمِها ضِدَّ زَوْجِها، وهو نَبِيُّ اللهِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى