نبذة تعريفية عن النبي يَحْيى “عَلَيْهِ السَّلام”
2004 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السادس عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
النبي يحيى عليه السلام إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة
يَحْيى -عَلَيْهِ السَّلامُ – أَحدُ رُسُلِ اللهِ، الَّذينَ بَعَثَهُم عزَّ وجلَّ إلى بَني إسْرائيلَ.
أبوهُ هوَ سيِّدُنا زَكريّا عليهِ السلامُ، نبيُّ اللهِ ورسولُهُ، وأُمُّهُ أَليصاباتُ، وكِلاهُما من نَسْلِ سيِّدِنا هارونَ عليهِ السلامُ، مِنْ عَشيرةِ تَتَوارَثُ خِدْمَةَ بيتِ اللهِ.
وكثيرٌ من أخبارِ سيِّدِنا يَحْيى مُدَوَّنٌ في الأناجيلِ، واسمُهُ فيها «يوحنّا»، ونجدُ أخبارَهُ عليهِ السَّلامُ في القرآنِ الكريمِ، مُخْتَصَرةً حيناً، ومَبْسوطَةً حيناً آخرَ.
فقطْ جاءَتْ مُختصرةً في هاتينِ الآيتينِ من سُورَةِ الأَنبياءِ قال تعالى(وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) (الأنبياء: 89- 90).
وجاءتْ مفصَّلَةً بعضِ التَّفْصيلِ في صدرِ سُورةِ مَرْيم إلى خمسَ عَشْرَةَ آيةً منها. وجاءَتْ أيضاً مفصَّلَةً، ولكنْ مُتَداخِلَةً معَ قصةِ السِّيدَةِ مريمَ أُمِّ المسيحِ في سُورَةِ آلِ عُمْرانَ، الآيات 33-41.
وخلاصَةُ سيرةِ سيِّدِنا يَحْيى، أَنَّ أباهُ سَيِّدُنا زكريّا عليهِما السَّلامُ، لَمْ يَكُنْ يُرْزَقُ بأولادٍ، إذْ كانَتْ زوجَتُهُ عاقِراً لا تَحملُ.
وخافَ سيِّدُنا زكريّا أنْ تنقَطِعَ بموتِهِ الدَّعْوَةُ إلى اللهِ، فكانَ يجتهدُ في الدُّعاءِ أَنْ يَهِبَهُ اللهُ تَعالى مَولوداً يَرِثُ عِلْمَهُ ويُواصِلُ طريقهُ في العبادَةِ، والدعوةِ إلى اللهِ، والأمرِ بالخيرِ، والنَّهي عن الشرِّ.
وبعدَ أنْ أسَنَّ زكريا وصارَ شيخاً ضعيفاً، وكذلكَ صارَتْ زوجَتُهُ عَجوزاً، فضلاً على كونِها كانَتْ عاقِراً، وبينَما هو قائمٌ يُصلِّي في المحرابِ، نادَتْهُ المَلائِكَةُ أنَّ اللهَ تَعالى يُبَشِّرُكَ بأنَّهُ سيولَدُ لَكَ من زوجِكَ العَجوزِ العاقرِ ولدٌ اسمُهُ يَحْيى.
ومعَ أنَّ زكريّا على عِلْمٍ كاملٍ بقدرةِ رَبِّهِ، وعلى عِلْمٍ بأنَّهُ تَعالى وَهَبَ إبراهيمَ وسارَةَ على الكِبَرِ ولَدهما إسحاقَ، فقد عَجِبَ من هذهِ البُشْرَى قال تعالى( قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ) ﱠوجاءَهُ الجوابُ الإلهي قال تعالى( قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ) (مريم: 8-9).
و طلب زكريّا أن يجعل اللهُ لَهُ علامةً على حملِ زوجتِهِ، فأَوْحى اللهُ إليهِ أنَّهُ سيعجزُ عن كلامِ النَّاسِ ثلاثةَ أيامٍ، يحتبسُ لسانُهُ إلاَّ عن الصَّلاةِ والذِّكْرِ، ولا يستطيعُ الحديثَ إلى النَّاسِ إلاَّ بالإشارَةِ في هذهِ الأيامِ الثّلاثَةِ.
ثمَّ وُلِدَ يَحْيى عليهِ السَّلامُ، وكانَتْ ولادَتُهُ قبلَ المسيحِ بقليلٍ، قبلَ خَمْسِ سنواتٍ، وقيلَ ثلاثٍ، وقيلَ بل ستةِ أشهرِ فقطْ.
ونَشَأَ يَحْيى في بيتِ النبوَّةِ نَشْأَةً صالِحَةً، ورزقَهُ اللهُ الفهمَ للتَّوْراةِ وهو صَبِيٌّ، وآتاهُ الحِكْمَةَ، واتْبعَتهُ نبيّاً وهوَ صغيرٌ.
وقد مَدَحَهُ القرآنُ الكريمُ بِعَّدةِ صِفاتٍ، مِنْها أنَّهُ مُصَدِّقٌ بكلمةِ من اللهِ، وبالفعلِ كانَ هوَ أوَّلَ المؤمنينَ بعيسى ابنِ مريمَ عِنْدَما بعثَهُ اللهُ رَسولاً، ومنها أنَّهُ «سيدِّ»، أيْ يفوقُ الآخرينَ في أفعالِ الخيرِ، ومنها أنَّ اللهَ سبحانَهُ أَلْقى في قلبِهِ الرَّحْمَةَ والطَّهارَةَ، ومنها أنَّهُ «حَصُورٌ»، أيْ يَكُفُّ نفسّهُ عن الشَّهواتِ لدرجةِ أنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ، وجماعُ هذهِ الصِّفاتِ وغيرِها أنَّهُ «نَبِيٌّ مِنَ الصّالحينَ».
ومن فضائِلِهِ عليهِ السَّلامُ أنَّ اللهَ سبحانَهُ هو الَّذي سَمّاهُ باسْمِ يَحْيى، ثُمَّ خَتَمَ حياتَهُ وهو دونَ الأربعينَ بالشَّهادَةِ في سبيلِ اللهِ جلَّ وعَلا، إذ كانَ عليهِ السَّلامُ قَوّاماً بالحقِّ، لا يَخْشى أحداً إلَّا ربَّهُ.
وحدَثَ أنَّ أحَدَ الحُكّامِ (واسمُهُ هيرودسُ أنتيباس كانتْ مدةُ حكمِهِ من 4 ق.م إلى 39م) أرادَ أن يتزوَّجَ امرأةً خائِنَةً لا يَحُلُّ لَهُ زَواجُها (اسْمُها: هِيروديا)، فَوَبَّخَهُ سَيِّدُنا يَحْيى.
وأَغْلَظَ لَهُ القَوْلَ، فَما كانَ من هَذا الجَبَّارِ إلاَّ أَنْ قَطَعَ رأْسَهُ وقَدَمَيْهِ. فرفِعَ اللهُ بالسَّلامِ ذكرَهُ، إذْ قالَ تقدَّسَتْ كَلِماتُهُ قال تعالى(وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ) (مريم:15).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]