نبذة تعريفية عن حركة بيوت الشباب والغاية من وجودها
1994 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الخامس
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
حركة بيوت الشباب العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
بدأت حركة بيوت الشباب في ألمانيا نتيجة لتجربة قاسية جربها أستاذ مدرسة ابتدائية يدعى «رخارد شيرمان»، فقد انطلق مع طلابه في أحد الأيام في رحلة سيرا على الأقدام من بلدته «ألتينا» باتجاه مدينة «أخن» في السادس والعشرين من أغسطس – آب من عام 1909.
وكان الأستاذ وطلبته قد وصلوا قرب ما أصبح _ اليوم _ العاصمة «بون»، حيث فوجئت المجموعة بعاصفة غير متوقعة جعلت استمرار الرحلة مستحيلا.
وذهب الأستاذ «شيرمان» إلى المزارعين يطلب منهم السماح لمبيت طلابه في مزارعهم، لكنهم رفضوا استقباله مع طلبته.
ونتيجة لذلك توجه إلى أقرانه من المعلمين بالمنطقة ورجاهم أن يسمحوا لطلبته بالمبيت ليلة واحدة في حجرات المدرسة.
وهكذا أزيحت المقاعد والمناضد، وفرش القش على أرضية الغرفة، ونام الطلبة سعداء بهذه المغامرة، بينما ظل أستاذهم ساهرا يفكر في طريقة تجنبهم مثل هذه المشكلة في المستقبل.
ولدى عودته لبلدته بدأ «شيرمان» اتصالاته مع المدارس والتفاوض معهم، حتى حصل على موافقة منهم لاستعمال غرف تلك المدارس أثناء العطلات الصيفية لمبيت الطلبة المتجولين في رحلات سيرا على الأقدام.
فاتضح له فيما بعد أن هذا الحل لا يكفي، وأن عليه إقامة بيوت خاصة للطلبة تفتح أبوابها لهم على مدار العام.
وكان هدف شيرمان من ذلك هو إخراج طلبة المدارس الصغار من المناطق الصناعية التي يعيشون فيها إلى المناطق الأخرى والتعرف على الطبيعة، حيث يقومون برحلات سيرا على الأقدام او مستعملين الدراجات الهوائية، ويبيتون في بيوت الشباب.
وقد سدت تلك البيوت حاجة ماسة في المجتمع، إذ سرعان ما أثبتت نجاحها وبدأ عددها في الازدياد، حتى أن «شيرمان» قرر في عام 1918 توسيع نشاطاتها من مجرد بيوت لاستقبال طلبة المدارس الصغار، إلى بيوت لجميع الشباب.
ولكنها ظلت شبه محطات يتوقف فيها الشباب أثناء تجوالهم، ويبيتون فيها ليلة ثم يواصلون تجوالهم في اليوم التالي.
وفي عام 1988 أقيم احتفال كبير بمناسبة مرور 80 عاما على إنشاء أول بيت للشباب في قصر قديم في بلدة «ألتينا» والذي لا زال شاهدا على بداية ظهور حركة بيوت الشباب، واستقبل وفود الشباب من جميع أنحاء العالم.
ونصت الخطة على بناء شبكة من تلك البيوت في جميع أنحاء ألمانيا والدول المجاورة بحيث لا يبعد الواحد منها عن الآخر اكثر من ثلاثين كيلومترا. أي مسافة يمكن أن يقطعها الشخص في النهار لكي يصل البيت الآخر في المساء.
وبما أنهم افترضوا بقاء النزيل لمدة ليلة أو ليلتين قبل مواصلة رحلته، فقد جاءت البيوت بسيطة جدا لا تتعدى غرف النوم التي يضم كل منها ثمانية أسرة.
مع غرفة كبيرة لجميع النشاطات الأخرى. أما الحمامات والمطابخ فهي أيضا بسيطة جدا، إذ أن التقشف كان شعار القائمين على الحركة، والذين لا يحبذون الرفاهية ويعتبرون تعاون الجميع على القيام بالأعمال في بيت الشباب أمرا مفروغا منه.
وقد شهدت بيوت الشباب أهم تحول في عام 1945 حين ظهرت وجهة نظر جديدة تسمح بالبقاء أسبوعا او أكثر في بيت الشباب بدل أن يكون محطة توقف في طريق الرحلة.
ومع هذا التحول طرأ تغير على نشاطات بيوت الشباب، فصارت مركز دراسة خارج المدرسة ومكانا للتعلم، وممارسة الهوايات، ولإمضاء أيام العطلات. فبعد عام 1970.
ظهرت بيوت شباب تميزت بجو خاص وبنشاطات معينة، وصارت بيوت الشباب تستقبل من يصلونها بالسيارات، بعد أن أصبحت حركة عالمية، ومن غير المعقول أن يصلها الأعضاء من البلدان المختلفة سيرا على الاقدام.
كما انعكس كل ذلك على المباني فإلى جانب المباني القديمة والتاريخية، وغيرها من المباني التي أقيمت أساسا لأهداف أخرى، بدأت تظهر بيوت جديدة بنيت لهذا الغرض دون سواه، حتى أصبح عدد بيوت الشباب في ألمانيا فقط 600 بيت تضم 73 ألف سرير.
ويستعمل هذه البيوت الأعضاء الألمان الذين يزيد عددهم على المليون، بالإضافة إلى الزوار الأجانب من أعضاء «اتحاد بيوت الشباب الدولي».
ورغم التغيرات الكثيرة، ظلت بيوت الشباب محافظة على الروح الأصلية من إنشائها. فهي لا تزال حتى اليوم منظمات غير تجارية ولا تهدف للربح، وتمول نفسها بنفسها، وتتمسك بحيادها العقائدي، وتفتح أبوابها للأعضاء من جميع البلدان والأجناس والأعراق لقضاء الإجازات فيها.
أما العضوية لهذه البيوت فتتم بمجرد أن ينضم الشباب إلى عضوية اتحاد الشباب في بلده أو أي بلد آخر يمنح بطاقة هوية معترفا بها دوليا، ويبرزها أينما ذهب، وتعطيه حق المبيت في بيوت الشباب أينما وجدت، ولا بد من الحجز في بيوت الشباب مقدما.
ويوجد الآن حوالي 5000 بيت من بيوت الشباب منتشرة في 56 بلدا من بلدان العالم بينها عدة بلدان عربية.
ويمكن للأعضاء المبيت في بيوت خاصة للرجال والنساء وذلك تحت رعاية مشرفين ومشرفات معتمدين، بالإضافة إلى توفير لوازم الطبخ حيث يتولى العضو خدمة نفسه بنفسه، ويلتزم القيام بالخدمات والواجبات حسب ما يقرره المشرف.
كذلك تقوم بيوت الشباب بتنظيم الرحلات الجماعية والفردية التي توجه الشباب للاعتماد على نفسه في استثمار أوقات فراغه استثمارا مفيدا، وتوسيع مداركه، فيطلع على الآثار التاريخية والمعاهد العلمية ويتعرف على طبائع الناس واتجاهاتهم وطريق معيشتهم.
كما توفر له حصيلة من العلوم والمعرفة، والتجرية التي يتسلح بها الشباب في حياته وفي تعامله مع الآخرين، وتمكنه من تفهم مشكلات المجتمعات الأخرى وظروف الحياة في بلاده وخارجها.
والتعرف على الموارد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مختف البيئات المحلية والخارجية، كما يستفيد بما يعقد في بيوت الشباب من اجتماعات مشتركة وما تنفذه من برامج ترويحية.
ومن أهداف بيوت الشباب أيضا تعميق التفاهم بين شباب الشعوب المختلفة بتوسيع اللقاءات السلمية بينهم وتعميق ارتباطهم بالطبيعة والبيئة وتشجيع رحلات الاستجمام والثقافة بحيث يتعرفون على بلادهم والبلدان الأخرى.
وقد تأسست بيوت الشباب في الكويت في عام 1969 لاستقبال زوار الكويت من الشباب. ويوجد حاليا بيت واحد مجهز لاستقبال 60 شابا في وقت واحد. وقد بلغ عدد نزلاء البيت عام 1988: 210 نزيلا وبلغت ليالي المبيت 474 ليلة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]