نبذة تعريفية عن حفيدة الرسول “زينبُ بنتُ عليِّ بن أبي طالبٍ”
1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
حفيدة الرسول زينب بنت علي بن أبي طالب إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة
في مدينةِ القاهرةِ حيٌّ كبيرٌ يحمِلُ اسمَ «السيدةِ زينبَ»، بهِ مسجدٌ أثريٌّ ومَقصورةٌ يزعمُ الناسُ أنَّ بها قَبْرُ «السيدة زينبَ».. وجنوبيِّ مَدينَةِ دمشقَ قبرٌ مشهورٌ، يُقالُ أيضاً إنَّهُ قَبْرُ «السيدةِ زينبُ».
وزينبُ المقصودةُ هيَ زينبُ بنتُ عليِّ بن أبي طالبٍ، سبطةُ رَسولِ الله – صلى الله عليه وسلم -، شقيقُة الحَسَنِ والحُسينِ، أمُّهمْ فاطمةُ الزّهراءُ رَضيَ الله عنهم جميعاً.
ولا نَظْفرُ في كُتُبِ التَّراجم والتواريخِ بِتَفْصيلاتِ كَثيرةٍ عَنْ حياةِ السيدةَ زينبَ، رغمَ شُهرَتِها الكبيرةِ، التي جَعَلَتْ البلادَ المصْريّةَ والشاميَّةَ تَتَبرَّكُ بِبناءِ قَبْرٍ لها بينَ رُبوعِها. ولكنَّنا، نَستطيعُ – مِنْ خلالِ تتبُّعِ المراجعِ – رَصْدَ مجموعةٍ من الأخبارِ عَنْ حياتِها وأخلاقها..
فقدْ وُلِدَتْ في حياةِ النبيِّ – صلّى الله عليه وسلّم -، ويُؤرِّخُ البعضُ بأنَّ ذلك كانَ قبلَ وفاةِ رسولِ الله بخمسِ سَنواتٍ، أي حوالَيْ سَنةَ 6 هـــ. فإن صَحَّ ذلكَ.
فَمِنَ الراجحِ أنَّها وَعَتْ موتَ جدّها رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم –، وأنَّها وَعَتْ وفاة أمِّها الزَّهراءِ التي لَحِقَتْ أباها بعدَ مَوتهِ بستَّةِ أشهرٍ.
وزينبُ معدودَةٌ في الصّحابيّاتِ، فإنّها رأتْ رَسولَ الله – صلّى الله عليه وسلّم – وهيَ طِفلةٌ، ومِنْ ثمَّ ترجمَ لها ابنُ الأثير في «أُسْدِ الغابَة» وابنُ حجر في «الإصابة».
وعِندما بلغتْ سنَّ الزَّواج، تقدّمَ إليها ابنُ عمِّ أبيها: عبدالله بنُ جعفرِ بنُ أبي طالبٍ، فزوَّجها ابوها إيّاهُ، وولدتْ لعبدِالله عدَّةَ أولادٍ: علياً، وعوناً الأكبرَ، وعباساً، ومحمداً، وأمّ كُلثومٍ.
وقد عاشَتْ رضيَ الله عَنْها حيثُ وُلِدتْ، في المدينةِ، وعايَشتْ أحداثَ الدولةِ الإسلاميّةِ الكِبارَ، إذْ شَهدتْ حُكمَ أبي بكرٍ الصديقِ، وعمرَ بن الخطابِ، وعثمانَ بن عفّانَ، ووالِدُها عليُّ بنُ أبي طالبٍ.
وكانَ بنينُها الهاشميُّ النبويُّ في مركز الأحداثِ، وبخاصَّةٍ فترةَ خِلافةِ أبيها الّتي امتَدَّتْ خمسَ سنينَ إلاّ ثلاثةَ أشهُرٍ، وفيها انتقلَ عليٌّ من المدينةِ إلى الكوفةِ.
وكانتْ وقعةُ الجَمَلِ وَصِفِّينَ والنهروان، وكُلُّها مَعارِكُ بينَ المسلمينَ بعضُهم وبعضٍ، ثمَّ انتَهَتْ حياةُ أبيها أمير المُؤمنينَ بالقتل غِيلَةَ (40 هـ)، فتولَّى بعدهُ أخوها الحَسَنُ، ثمَّ تنازَلَ رَضِيَ الله عنهُ عن الخِلافةِ لمُعاويةَ بنِ أبي سفيانَ، وعادَ البيتُ العُلويُّ مَرَّةً أُخْرَى إلى المدينةِ.
ولكنَّ أكبرَ ما شهدتْهُ السيدةُ زَينَبُ موقعةَ كربلاءَ، معَ أخيها السيِّدِ الشهيد: الحسينِ بن عليِّ. وفي هذهِ الموقعةِ الأليمةِ، التي صَحبَ فيها الحسينَ أهلُ بيتِه فاستشهدو جميعاً إلاَّ عدداً قليلاً، رأت السيدةُ زينبُ أهوالاً منَ الشدَّةِ والبَلاءِ.
فقدْ كان حصارُ عُبيدِ الله بن زيادٍ بجيشِهِ الكثيف، للعددِ القليل الذي مع الحسينِ (45 فارساً، ومئة راجل، من بينهم 17 شابً من أهلِ بيتهِ) غَشوماً ظلوماً وحشيَّاً، بحيثُ منعُوا عنهمْ الماءَ، وأعملُوا فيهم السيفَ بغايةِ القسوةِ والغِلظة.
وكانَ من الناجينَ: السيدةُ زينبُ، وأختُها فاطِمةُ بنت عليِّ، وابنُ أخيها: عليٌّ بنُ الحسينِ وكان مريضاً.. وحُمِلوا في هيئةِ السبايا، وأُدخلوا على ابنِ زيادٍ، ثمَّ أُرسلوا إلى يزيدَ بنِ معاوِيَةَ الخليفةِ في الشام.
وفي مجلسِ يزيدَ حدثَ ما يدلُ على ثباتِ السيدةِ زينبَ وقوَّةِ قلبِها. فقدْ رأى شامِيٌّ مِنْ جُلَساءِ يزيدَ، فاطِمَةَ بنتَ عليٍّ، وكانت جميلةً فقالَ ليزيدَ: يا أميرَ المؤمنينَ هبْ لي هذه.
فأُرْعِدَتْ فاطِمَةُ، ولاذَتْ بأُختِها زينبَ التي قالَتْ للشاميِّ على الفَوْرِ: كذبتَ ولؤُمْتَ، فما ذلك لكَ ولهُ!
قالَ يزيد: كذبِت واللهِ، إنَّ ذلك لي، لو شِئتُ لفعلتُهُ.
قالتْ: كَلاَّ واللهِ، ما جعلَ اللهُ ذلكَ لكَ إلاَّ أنْ تخرجُ من ملّتِنا وتدينَ بغير ديننا.
فاستشاطَ يزيدُ غَضباً، وأغلظَ لها القَوْلَ، فقالت: أنتَ واللهِ أميرٌ مُسَلَّطٌ، تشتمُ ظالماً، وتقهرُ بسلطانِك..
فلمْ يَمْلكْ يزيدُ إلاَّ أن استحيا وقالَ للشاميِّ: اغْربْ (ابتعد)، وهبَ اللهُ لَكَ حَتْفاً قاضياً. (دعا عليه بالموت).
وبعدَ إقامَةِ كريمةٍ في قصرِ يزيدَ مَعَ نسائِهِ، أمرَ يزيدُ النعمانَ بنَ بشيرٍ أن يختارَ رجلاً أميناً يحمِلُهم إلى المدينةِ..
وتعودُ السيدَةُ زينبُ إلى مدينةِ رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، ولا نعلمُ من أمرِها إلاَّ أنَها ماتَتْ سنةَ 62هـــ..
بَقيَ أنْ تعلَمَ أنَّ المُحَقِّقينَ من المؤرِّخينَ أفادوا أنَّ السيدةَ زينبَ لمْ تدخُلْ مِصرَ في الحياةِ ولا بَعدَ الممات، وكذلك الشأنُ مَعَ القَبْرِ الَّذي في جَنوبِ دمشقَ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]