الحيوانات والطيور والحشرات

نبذة تعريفية عن حيوان “الحوت”

1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثامن

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

حيوان الحوت الحيوانات والطيور والحشرات البيولوجيا وعلوم الحياة

الحوتُ حيوانٌ ينتمي إلى الثديياتِ البحريةِ. ومنذُ حوالي 50-60 مليونَ سنةٍ كانت الحيتانُ حيواناتٍ بريةً مثل الثدييات التي تعيشُ حالياً على البرِّ، ولسببٍ ما وَجَدَتِ المياهَ أكثرَ صلاحيةً.

فَهَجرَتِ اليابِسةَ وغَزَتِ المياهَ، واستطاعَتِ الحياةَ فيها، ولأنَّ الماء يستطيعُ أن يحمِلَ الأـوزانَ الثقيلةَ فقد أخذَ جِسمُ الحوتِ يزدادُ ضَخامَةً وحَجماً حتى أصبحَ أضخَمَ الحيواناتِ جَميعِها.

وقد حَدَثت تغيُّراتٌ في الحيتانِ لِتُلائمَ حياةَ المياهِ، فقد استطالتْ أجسامُها بدرجةٍ ملحوظةٍ، واتخذتْ أشكالاً إنسيابيةً تُشبِهُ الأسماكَ تقريباً لتُساعِدَها على العَوْمِ بسهولةٍ ورشاقةٍ.

 

وفَقَدتِ الحيتانُ الغِطاءَ الشَّعريَّ الذي كان يُغطي أجدادَها الأقدمين، ولم يَتَبقَّ منه سِوى بضع شَعراتٍ حسَّاسةٍ في مُقدمةِ الرأسِ، واستَعاضَتْ عنهُ بطبقاتٍ سَميكةٍ من الشحمِ تقعُ تحتَ الجِلدِ مُباشرةً، تعملُ كعازِل حراريٍّ وكَعوَّامةٍ إضافيةٍ. كذلك تحوَّرَ الطرفان الأماميانِ إلى ما يُشْبِهُ المجدافين.

وأُحيطَتِ الأصابعُ بِغطاءٍ جِلديٍّ يضمُّها جميعاً من الخارجِ. وأمَّا الطرفان الخلفيان فقد اختفيا تماماً من الناحيةِ الظاهريةِ، وظلَّ لهما أثرٌ بسيطٌ في هيكَلِها الداخليِّ.

وتكوُّنَتْ الزَعنفةُ الذيليةُ في مؤخِّرة الجِسمِ، حيثُ تمتدُّ أفقياً (بينما تمتدُّ الزعنفة الذيليةُ رأسيّاً في الأسماكِ).

 

والذَنَبُ في الحِيتانِ ذو شُعبَتيْنِ لِيُساعَدَها على السِّباحةِ في الماءِ، ويساعِدَها وَضْعُهُ المُستعرضُ الأفقيُّ في التحرُّكِ صُعوداً وهبوطاً: صُعوداً لاستنشاقِ الهواءِ الجويِّ وهُبوطاً إلى الأعماقِ بحثاً عنِ الغِذاءِ.

وتحتفظُ الحيتانُ بخصائصَ الثديياتِ البريةِ الأخرى، فللحيانُ دمٌ دافئٌ ذو درجةِ حرارةٍ ثابتةٍ، وتتنفسُ الهواءَ الجويِّ بواسطةِ الرئتينِ، وإذا لم تتمكّنْ منْ تَحقيقِ ذلكَ ماتت غَرَقاً.

ويغطي أجسامَها جِلدٌ، وتلدُ الحيتانُ وتُرضِعُ صِغارَها اللبنَ من الأثداء. وتستطيعُ الحيتانُ البقاءَ تحتَ سطحِ الماءِ فترةً تتراوحُ ما بين 15و 30 دقيقةً تحبسُ فيها أنفاسَها، ثمَ تَصْعدُ فوقَ سطحِ الماءِ لِتَتَنفَّسَ الهواءَ الجويَّ.

 

ولهذا يوجَدُ الأنفُ في مُقدِّمةِ الرأس ليظهَر كأول جُزءٍ عندما يصعدُ الحوتُ إلى أعلى، فيفتحُ أنفَهُ، الذي كانَ مُغلقاً بإحكام، ويَزفُرُ هواءً مُشبَعاً بِبُخارِ الماءِ، دافئاً لِبَقائِهِ في الرئتين مدةً طويلةً.

وعندما يُلامِسُ هواءُ الزفير الهواءِ الجويَّ الباردَ يتكاثفُ مُكَوِّناً عَموداً من البُخارِ قد يندَفِعُ من 5 إلى 6 أمتارٍ، ويُطلقُ عليه اسم «النافورة». وهذه العمليةُ غالباً ما تكونُ مصحوبةً بصوتٍ عالٍ ومُمَيَّزٍ، ومِن هذه النافورةِ يُمكِنُ مَعرِفةُ نَوعِ الحُوتِ.

وقد كانَ الاعتقادُ السابقُ أنَّ الحوتَ يأخذُ الماءَ من الفَم ثم يدفعُه من خِلالِ الأنفِ بشكلِ نافورةٍ، ولكنَّ هذا لا يحدُثُ، لأن الفتحاتِ الأنفيةِ لا تَتَّصِلُ بِمُؤخِّرةِ الفم كما في ثدييات البرِّ، ولكنّها متصلةٌ مُباشرةً بالرئتين بواسطةِ امتدادٍ للقصبةِ الهوائيةِ يقعُ في المَمرَّاتِ اللينة بينَ فتحتي الأنفِ والرئتينِ، فتحولُ دونَ اتصال القنوات الأنفيةِ بالفم.

 

وبذلكَ يستطيعُ الحوتُ أنْ يبتلِعَ طَعامَهُ تحتَ سطحِ الماءِ دونَ أنْ يصلَ منهُ شيءٌ إلى الرئتين. وكذلك يستطيعُ الصغيرُ أنْ يرضَعَ اللبَنَ من ثَديِ أُمَهِ دون أن يختلطَ بالماءِ، وذلك بأنْ تُفرِزَهُ الأمُ وتحقِنَهُ في فم صغيرِها بأنْ تضغطَ على عَضلةٍ دائريةٍ تُحيطُ بالثدي فيندفعُ اللبنُ إلى بُلعومِهِ بسهولةٍ ويُسر.

وعِظامُ الحوتِ إسفنجيةٌ وممتلئةٌ بالزيتِ ممّا يسمحُ للحيوان بالطَفوِ بشكلٍ أفضلَ. والحوتُ سبَّاحُ ماهرٌ، وقد يَسبَحُ بسرعةٍ تتراوحُ ما بين 11 و26 كيلو متراً في الساعةِ، وقد تبلُغُ حوالي 50 كيلوا متراً في بعضِ المواقفِ كأثناءِ الهربِ من الأعداءِ، أو عندَ مُحاولةِ اللحاقِ بِفريسةٍ، وتكونُ مثلُ هذهِ السرعةُ في فتراتٍ وجيزةٍ.

وتَنَعدمُ الأُذنُ الخارجيةُ في الحيتان لعدمِ حاجَتِها إليها لمعيشَتِها في المياه.. وأخذتْ في الضُمورِ جيلاً بعدَ جيلٍ حتى تلاشَتْ، وتَبقَّتْ منها فجوةٌ صغيرةٌ على جانبيِّ الرأس خلفَ العيْنِ.

 

أمّا العضلاتُ المتحكِّمةُ في الأُذنِ الخارجيةِ فلا تزالُ موجودةً تحتَ الجِلدِ، مما يُشيرُ إلى وُجودِ الآذان الخارجية سابقاً في فترةٍ ما.

والحيتانُ حادَّةُ السّمعِ، ضعيفةُ الرُؤيةِ، محرومٌة من حاسّةِ الشمَّ نِهائياً، وتُطلِقُ بعضُ الحيتانِ أصواتاً مختلفةً تحتَ الماءِ، وتَستَعمِلُ صَداها في التوجيهِ مثل جهازِ السُّونارِ. ومنَ المعتقدِ أنَّ هذه الأصوات بمثابةِ لُغةٍ مُعقدةٍ جداً.

وتستطيعُ الحيتانُ الغوصَ إلى مسافاتٍ عميقةٍ قد تصلُ إلى 900 متر تحتِ سطحِ الماء، وتتميزُ بصفاتٍ فسيولوجيةٍ تُؤهَّلُها لِتَحْمِّلَ الضغطَ المُرتفعَ الذي تتعرضُ له، هذا بِخلافِ ارتباط الأكسجين بموادَّ كيميائيةٍ في الدَّم والعَضَلاتِ لكي تَحصلَ الأعضاءُ على ما تحتاجُ إليه منه في أثناءِ الغطسِ، وعدمِ تمكُّنِهِ من التنفسِ.

 

يستطيعُ الحوتُ أيضاً ضخَّ الدَّماءَ من أعضائِهِ الداخليةِ إلى منطقةِ الرأسِ، أي الدِّماغ، حيثُ يحتاجُ إلى الأكسجينِ اكثرَ من باقي أجزاء الجِسم الأخرى.

وتتصلُ الضُّلوعُ الموجودةُ بالصَّدرِ بالعمودِ الفقَّاري اتصالاً خفيفاً حتى تتمكنُ الرِئتانِ من أخذِ كميةٍ كبيرةٍ من الهواء الجويَّ.

والحيتانُ مثلُ الثدييات الأخرى، تتميزُ بوجودِ رقبةٍ، وإن كانت لا تَظهرُ، وذلكَ لأنَّ عظامَ رقبةِ الحوتِ قصُرَتْ وتضاغطتْ في بَعضِها البعض لحمل رأسِهِ الضخمِ الكبيرِ. وتُعدُّ الحيتانُ من أهمِّ الحيواناتِ المُعَمَّرةِ، وقد تعيشُ إلى عُمرٍ يٌقاربُ 30 أو 40 عاماً.

 

والحيتانُ من أكثرِ الحيواناتِ ذكاءً، وتتمتعُ أيضاً بذاكرةٍ جيدةٍ، وقد أمكنَ تدريبُها. وحينما تنضجُ الحيتانُ ويتمُّ التزاوج بينها، تحملُ الأنثى غالباً بجنينٍ واحدٍ، ومدةُ الحملِ تتراوح ما بين 10إلى 16 شهراً بحسبِ نوعِ الحوتِ.

وحينما يقتربُ ميعادُ الوَضْعِ تبدو الأمُّ مُتعَبَةً وغيرَ نشيطةٍ وبطيئةَ الحركةِ. وتتمُّ عمليةُ الوضعِ في الماء، وبعدَ لحظاتٍ قليلةٍ من خُروجِ الصغيرِ تدفعُ به الأمُّ إلى أعلى لِيَسْتَقبلَ أولَ دفعةِ هواءٍ تدخلُ رئَتيُهِ، ويحصلُ على أولِ رضعةٍ من ثدي أمَّهِ قبلَ نهايةِ الساعةِ الأولى من خُروجِهِ إلى الحياةِ.

والأثداءُ مدفونةٌ في طبقةِ الشحم، وتوجَدُ الحَلَماتُ في شُقوقٍ على أسفلِ البطنِ.

وتضطرُ الأمُّ والصغيرُ إلى الصعودِ لسطحِ الماءِ بينَ الحينِ والآخر لِتَنقُّسِ الهواءِالجويِّ، لذلك يُضطرُّ الوليدُ إلى قطْعِ الرَضعاتِ مِراراً.

 

ويتمُّ الفِطامُ بعد 7 إلى 12 شهراً. وخلال فترةِ الرّضاعةِ لا يجرؤُ الصغيرُ على الابتعادِ عن أُمِهِ، بل يظلُّ ملتَصِقاً بها، سابحاً بجوارِها لا يُفارقُها.

وتعتني الأمُّ بوليدِها عِنايةً فائقةً فلا تتركُهُ أبداً، وإذا حَدثَ لهُ مكروهٌ أو تعرَضَ لخطرٍ ما، أو إلى صيدِ هذا الوليد الصغير، فإنَّ الأمَّ تتشبَّثُ به وتتعقَّبَهُ أينما ذَهَبَ. وكذلك يفعلُ الصغيرُ لو صِيدَت أمُّهُ.

وللحيتانِ فوائدُ كثيرةٌ، وتُعدُّ الشحومُ من أهمِّ مُنتجاتِها الأساسيةِ، وتُستعملُ في عملِ المسلى الصناعي، وصناعةِ الصابونِ وموادِّ التَشحيم.

 

وأنقى ألأنواع يُستَعملُ في صناعةِ مُستحضراتِ التجميل وكريماتِ الوجه.

وأمَّا البالينُ الموجودُ في فَم الحيتان غير المُسّننة فيمتازُ بالصَّلابةِ والمرونةِ، لذا يُستخدَمُ في بعضِ الأدواتِ المنزليةِ ومشدَّاتِ النساء. وأمَّا العنبرُ الذي تُنتِجُهُ أمعاءُ حوتِ العَنْبَر، فيُستخدمُ في صِناعةِ العُطورِ.

 

وتَنقَسِمُ الحيتانُ إلى مَجموعَتين بِحسبِ وجودِ الأسنانِ أو عدمِ وجودِها:

1- الحيتانُ ذواتِ الأسنان.

2- الحيتانُ عديمةُ الأسنانِ. وتسمى ايضاً البالينيِّة، وذلك لوجود صفائح قرنيَّةٍ كثيرةٍ تتدلّى من أعلى الفم كالستارةِ أو الحَصيرةٍ، وتعملُ كالمِصفاةِ فتحتجزُ الكائناتِ الحيَّةِ الصغيرةَ ليتغذى عليها، ويطردَ الماءَ بعدَ تصفيَتِهِ من العوالق. وقد يُطلَقُ عليها أيضاً أسم «الحيتان الدرداء».

 

وتضمُّ حيتانُ البالين 11 نوعاً تنخرطُ في مجموعتين هُما:

1- الحيتان الزَّعْنَفيَّةُ.

2- الحيانُ الأصليةُ.

 

وتتميزُ الحيتانُ الزَّعنَفيةُ بوجودِ زَعْنَفةٍ ظَهريةٍ، ووجودِ ثنايا صدريَّةٍ، وعظام البالين بها قصيرةٌ، ومن أهمِ أنواعِها:

الحوتُ الأحدَبُ، وحوتُ الكِبريتِ، وحوتُ برايد، وحوتُ المِنْكِ، والحوتُ الأزرقُ الذي يُعَدُّ أكبرَ حيوانٍ ظهرَ على سطحِ الأرضِ.

وتتميزُ الحيتانُ الأصيلةُ بعدمِ وجودِ الزَّعْنِفيَّةِ الظَّهريةِ، وعدم وجودِ ثنايا، وعظامُ البالين بها قصيرةٌ، ومن أهمّها: الحوتُ القِزْمُ، والحيتانُ الشَّهباءُ، والحوتُ ذو الرأسِ المقوَّس.

 

وتَضُمَّ الحيتانُ المُسنَّنةُ (80) نوعاً من أشهرها:

حوتُ العنبر، والحوتُ السفّاح، الحوت ذو المنقار، وكركدن البحرِ، وكذلكَ خنازير البحرِ التي قد يبلغُ عددُ أنواعِها اثنتين وستين نوعاً من الدَّلافين (الدَّرافيلِ).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى