النباتات والزراعة

نبذة تعريفية عن خصائص “الزيتون” وفوائده المتعددة

1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الزيتون خصائص الزيتون فوائد الزيتون النباتات والزراعة الزراعة

تنمو أشجارُ الزّيتونِ على سفوح الجبالِ وفي الأرضِ الصَّخْرية، وتتحملُ الجفاف إلى حدٍّ كبير، والملوحةَ إلى حدِّ متوسط. ولذلك يمكنُ زراعتُها في أراضٍ لا تصلحُ لزراعة محصولٍ آخر.

وقد تكونُ منطقةُ شَرْقِ البحْرِ المتوسِّط هي المَوْطِنَ الأصليَّ للزيتون، فهو يُزرعُ في شمال البحر الميِّت منذ حوالي 5700 سنة، كما يوجدُ في الشامِ جبلٌ يُعرف باسم جبلِ الزَّيْتون.

ويُزْرَعُ الزيتونُ في مِصرَ واليونانِ وجزيرةِ كريت من العصورِ المبكِّرة. وتنمو أشجارُ الزَّيْتونِ اليومِ في البلادِ الواقعةِ حوْل شاطئ البحر المتوسط، كما أنّ زراعتَهُ قد أُدخِلَتْ إلى بلادٍ كثيرة منها المملكةُ العربيَّةُ السعودية (أبها والباحة)، والولاياتُ المتَّحدة الأمريكيَّةُ (كاليفورنيا)، والصينُ، وجنوبُ أفريقيا، وأستراليا.

 

ويصِلُ ارتفاعُ الزّيتونةِ، أو شجرةٍ الزيتون، في الصِّنفِ المزروع إلى اثْنَيْ عشَرَ مِتراً، بينما قد يصلُ ارتفاعها إلى خمسة عشرَ متراً في نوعٍ برِّيِّ ينمو في بعض مناطقِ مصرَ والمملكة العربية السعودية.

وتعيشُ الزيتونة مئاتِ السّنين، فعمرُها في العادة يتراوح بينّ 500 سنة و 1000 سنة. وهي شجرةٌ دائمةُ الخُضْرةِ كثيرةٌ التفرُّع، ويبدأ تفرُّعُ جِذعها قربَ سطح الأرض.

ويتميَّزُ الصِّنفُ البريُّ بوجود أشواكٍ على فروعه بينما لا توجَدُ تلكَ الأشواك على الصنفِ المزروع. وأوراقُ شجرةِ الزيتونِ جلديَّةٌ، سطحها العلويُّ أخضرُ اللون أدْكَنُ، في حين يكونُ سطحُها السفليُّ فِضيِّ اللون لِكونه مُغطّى بشعيراتٍ بيضاء اللون تُقَلَّلُ فقدَ الماءِ من الأوراق في الجوِّ الجاف.

 

وتحملُ الزيتونةُ أزهاراً بيضاءَ صغيرةً كثيرةَ العدَدِ جداً، مرتبةً في مجموعات تُسمى نوْرات، لها رائحةٌ عَطِرةٌ.

ولكلِّ زهرةٍ مِبْيَضٌ أخضرُ اللونِ صغيرُ الحجم جداً، وبعد التلقيح والإخصاب يزداد كثيراً في الحجمِ ويُصبحُ هو ثمرةَ الزّيتونِ التي نأكُلها، ويكونُ لونُ الثمرةِ في البداية أخضرَ، ويظلُّ كذلك حتى يكتملَ حجمها ثم تتحوَّلُ إلى اللونِ الأُرجواني الأدكنِ أو الأسْوَدِ قُبَيْلَ النُّضج.

وتبدأُ شجرةُ الزيتونِ في الإثمارِ وعمرُها أعوامٌ قليلةٌ، ولكنَّ إنتاجها من الثمار يُصبحُ غزيراً عندما تبلغُ من العمر خمسة عشر عاماً ويستمرُ كذلك عدّةَ قرونِ من الزمان.

 

ويتراوحُ إنتاجُ الشجرةِ الواحدةِ في السنة بينَ خمسة كيلوجرامات وخمسينَ كيلوجراما من الثمار، على أنَّ بعضَ أشجارِ الزيتون يكونُ إنتاجها من الغزارة بحيثُ يصلُ إلى مئةٍ وخمسينَ كيلوجراماً من الثِّمارِ في السنة الواحدة.

ويُزرعُ الزّيتونُ بالبذور ولكنَّ زراعتهُ تنتشرُ أساساً بالعُقَلِ أو بتطعيم السُّلالاتِ المرغوب فيها على أصولِ جُذوع أشجارِ زيتون بريةٍ قوية.

وللزيتون فوائدُ غذائيةٌ وطبّيةٌ وصناعيّةٌ كثيرة. فمن خشبهِ الصُّلبِ تُصنعُ الكبائِنُ والمِقَشَّاتُ والفراجين والعصيُّ. ولأنه يُعمَّرُ طويلا فإننا نصنعُ منه أيضاً الأثاث، وأحياناً نستخدمُهُ وقوداً.

 

على أنَّ الفوائدَ التي نحصلُ عليها من ثمار الزيتون هي الأهمُّ، وهي الأساسُ الذي من أجلهِ تُزرعُ أشجار الزيتون.

وفي بلادنا العربية، وكذلك في باقي البلاد المُطِّلةِ على البحر المتوسّط، تُجمعُ ثمارُ الزيتون في فصل الخريف (من سبتمبر إلى نوفمبر) ويتمُّ جمعُ الثِمار باليدِ وبعنايةٍ حتى لا تُخدشَ الثِّمارُ، أو يتمُّ جمعُها فوق ملاءَةٍ نفرشها تحت الشجرة ثم نهزُّ الشجرةَ فتتساقطُ الثمارُ فوق المُلاءَة.

ويتمُّ جمعُ ثِمارِ الزيتونِ المخصصةِ للأكلِ قبل نُضجها، أمّا الثمارُ التي سيُستَخرجُ منها الزّيتُ فتتركُ على الشجرة حتى توشِكَ على النُّضجِ ثمَّ يتمُّ جمعها.

 

وتُؤْكَلُ ثمرةُ النوع البريِّ طازجةً لأنّها حلوةٌ المذاقِ؛ أمّا ثمرةُ الصّنفِ المزروع (الخضراء والسوداء) فهي مُرةُ المذاق، ولذلك يجبُ تخليلها أو تمليحُها قبل أكلها بأيام. والزّيتونُ الأخضرُ المخلّل، والأسودُ الممَلَّح يمكنُ حفظهما مدةً طويلةً دونَ تلف.

واليونانُ هي أشهرُ بلادِ البحرِ المتوسّط التي تُصدّرُ زيتوناً أسودَ محفوظاً في الزيت أو مُملّحاً. ونحنُ نأكل الزيتون الأخضرَ والأسودَ كطعامٍ فاتحٍ للشهيةِ ونأكلُ من الثمرةِ لُبِّها (لحمها) ولا نأكلُ بِذرتها الصُّلبة الخشنة.

وأحياناً تُنزعُ بذرةُ الزيتونِ قبل التّخليل أو التّمليح وتوضعُ مكانها حَشوةٌ من الجزر الأصفر أو الفلفل الأحمر. وللثمرةِ قيمةٌ غذائيةٌ عاليةٌ فهي تحتوي على دهونٍ (زَيْتٍ)، وبُروتين، وكالسيوم، وفوسفور.

 

ويتمُّ الحصولُ على الزيت من لُبِّ الثِّمار بخدشها ثم كَبسها (ضَغطِها أو عصرها) إما يدوياً أو آلياً. والزّيتُ المعصورُ يدوياً هو أفضلُ أنواع الزيت ولونهُ أصفرُ ذهبيُّ صافٍ شفاف.

وهو غذاءٌ مفيدٌ سهلُ الهضم ولا يُغيّرُ نسبة الكولسترول في الدّم، ولذلك فهو أفضلُ من الدُّهونِ الحيوانية التي ترفعُ تلك النسبة.

ولذلك نستخدمه للأكْلِ في السّلاطة وللطهو، ولحفظ الأغذية المعلّبة خصوصاً الأسماك (السردين والتونة وغيرها)، ولأغراضٍ طبية، وفي مستحضرات التجميل.

 

أما زيتُ الزيتون الأقلُّ جودةً فيميلُ لونُ إلى الاخضرار، ونحصلُ عليه من عَصرِ لُبِّ الثمارِ مرة ثانية موادً كيميائية. ولذلك نستخدمُه في تزييت الآلات، وفي صناعةِ الصابون والنَّسيج، وقديماً كان يُستخدمُ أيضاً في الإضاءة (إشعالِ مصابيح الزَّيت). ويستخرجُ الزيتُ أيضاً من البذور.

ويَستهْلِكُ الناسُ حوالَيْ مليونَ طنٍّ من زيتِ الزيتونِ في السنة في كل تلك الأغراض المذكورة. ودولُ البحر المتوسّطِ المنتجةُ لزيت الزيتون بكمياتٍ كبيرة هي: أسبانيا، وتركيا، وإيطاليا، واليونان، وتونس، والبرتغال، كذلك يُنتج الزيت بكميات محدودة في: سوريا، وفلسطين، ومصر، والأردن.

وبعدَ الحصول على الزيت من ثمار الزيتون تبقى بعضُ المخلّفاتِ (فضالة)؛ وهذه أيضاً يُستفادُ منها عَلَفاً للماشية.

 

وقد ورد ذِكرُ الزيتون في التوراةِ والإنجليل والكتابات القديمة للإغريق والرومان وقدماء المصريين، ومما جاءَ في هذه الكتاباتِ أنّ حمامةً أحضرت غُصنَ زيتونٍ إلى سفينةِ نوعٍ عليه السلام، كدليل على انحسار مياه الطوفانِ وظهورِ الأشجار وغيرها من الأشياء التي كانت مغمورةً تحتَ مياهِ الفيضان.

وبذلك كانت الحمامةُ التي حملَتْ غصْن الزّيتونِ أوّل من جاء بالبشرى لركّاب السفينة بقربِ نزولهم سالمين إلى الأرض.

ويبدو أن ذلك هو سببُ استخدام غصن الزيتون منذ القدم كعلامة على النية الحسنةِ. وفي أيامِنا هذه تُتَّخَذُ الحمامةُ التي تحملُ غصنَ الزيتون رمزاً للسلام في العالم كلِّه.

 

وقد وردَ ذكرُ الزيتونِ في القرآن الكريم عدّةَ مراتٍ. وكانت الزيتونةُ أو شجرةُ الزيتون هي الشجرة التي ضرب الله تعالى بها وبزيتها المثلَ لنوره، فاللهُ، سبحانهُ وتعالى.

قال تعالى(اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) النور (35).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى