نبذة تعريفية عن خصائص نبات “العرعر”
2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
نبات العرعر خصائص نبات العرعر النباتات والزراعة الزراعة
العَرْعَرُ نباتٌ شَجَرِيٌّ، يَنْتَمِي لإحدَى فَصائِلِ النباتات عارية البذور، الّتي تَتَمَيَّزُ أنواعُها بأنَّها من أطولِ النّباتاتِ أَعْمارًا، وهناكَ أشجارٌ من العَرْعَرِ لا تَقِلُّ أعمارُها عن مِئاتِ السِّنين.
وهناكَ كثيرٌ من الشَّواهِدِ التَّاريخيَّةِ الّتي تُؤَكِّدُ أنّ العَرْعَرَ كانَ أكثرَ انْتِشارًا علَى سَطحِ الكُرَةِ الأَرْضِيَّةِ مع بِدايَـةِ الــعَصْـرِ الجيـولـوجـيِّ الحالـي، حيـثُ كانَـتْ أشجارُه مُكَوِّنـا أساسيًّا لغاباتٍ واسِعَـةِ الانْتِـشـارِ فـي جـميـعِ أرجـاءِ الوَطَنِ العَرَبِيِّ وشَرْقًا إلى جنوبِ غَرب آسْيا.
ولَقَدْ أدَّى التَّحَوُّلُ التدريجيُّ للمُناخِ في الوَطنِ العَرَبِيِّ، الّذي صاحَبَهُ الجفافُ الحاليُّ، إلى اخْتِفاءِ العَرْعَرِ من العديدِ من مواقعِ شيوعِهِ وانْتشارِهِ السَّابِقَةِ.
فضلاً على ما تتعرَّضُ له هذه المواطنُ من زَحْفٍ سُكَّانِيٍّ، أو اقتلاعٍ للأَشجارِ بهَدَفِ اسْتِخدامِ الأَخْشابِ أو الأَجْزاءِ الخضـرِيَّةِ للنباتِ في أغراضٍ صِناعِيَّةٍ أو طِبِّيَّةٍ شَتَّى.
ويَقْتَصِرُ وجودُ العَرْعَرِ حالِيًّا علَى «جُيوبٍ» أو مَواقِعَ محدودَةِ المِساحَةِ في الوَطَنِ العَرَبِيِّ. وتَتَمَيَّزُ هذه المناطقُ بأنَّها مواقِعُ جبلِيَّةٌ مُتَوَسِّطَةُ أو عالِيَةُ الارْتفاعِ، تَتساقَط فيها الأَمطارُ بمعدَّلٍ سَنَوِيِّ لا يَقِلُّ عن مئةٍ وخمسين ملِّيمترًا.
ولجــذورِ الـعَرْعَـرِ قــدرَةٌ فائِقَةٌ علَى تَخَلُّلِ أو اخْتِراقِ الصُّـخــورِ، فتنمــو أَشــجــارُهُ لارتفاعاتٍ تتجاوَزُ أَحيانًا عشرةَ أَمتارٍ، لِتَكوِّنَ ما يُعْرَف بالغاباتِ الجَبلِيَّةِ الجافَّةِ.
وهي مساحاتٌ محدودةٌ، تَنْتَشِـرُ بمُرْتَفعاتِ شمالِ أفريقيا، وشرقًا إلى شِبْهِ جزيرةِ سَيْنَاءَ والأردُنِ والأَجزاءِ الشمالِيَّةِ في المملكةِ العَرَبِيَّةِ السَّعودِيَّةِ بمناطِقِ الحِجازِ.
ولا يتجاوَزُ ارْتِفاعُ أَشجارِ (أو شُجَيراتِ) العَرْعَرِ في الوَطَنِ العَرَبيِّ ثمانيةَ أمتار. ويبلغُ مُتَوَسِّطُ عُمْرِ الشَّجَرَةِ، مَا لَمْ تتعرَّضْ للقَطْعِ أو الاقْتِلاعِ ثَلاثَمِئَةِ عامٍ.
وللشَّجرَةِ جِذْعٌ واحدٌ يَحْمِلُ عددًا من الفُروعِ الجانبيَّةِ الرئيسِيَّةِ تُكْسِبُ الشَّجرةَ هيئةً مَخْروطيَّةً مُمَيَّزَةً. ويَنْتَشِرُ علَى الفروعِ الجانِبيَّةِ فروعٌ خَضَرِيَّةٌ كثيفَةٌ تحمِلُ أوراقًا دقيقةَ الحَجمِ دائمةَ الخُضْرَةِ.
وتكونُ الأوْراقُ في أَطوارِ نُمُوِّها الأُولَى إِبَرِيَّةَ الشَّكْلِ، لا تَلْبَثُ أَنْ تتحوَّلَ عند اكْتمالِ نُمُوِّها إلَى تراكيبَ حَرْشَفيَّةٍ.
ولا تتجاوَزُ مساحةُ الورقةِ عند اكْتمالِ نُمُوِّها بِضْعَةَ مِلِّيمتْراتٍ. ويوجَدُ علَى السَّطْحِ العُلْوِيِّ لكلِّ ورقَةٍ غُدَّةٌ غائِرَةٌ تفرزُ موادَّ طيَّارَةً زكيَّةَ الرائِحَةِ.
أشجارُ العَرْعَرِ ثُنائِيَّةُ المَسْكَنِ، فهناكَ أشجارٌ تَحْمِلُ أَزْهارًا مُذَكَّرَةً، وأَشْجارٌ أخرَى تحملُ أَزْهارًا مُؤَنَّثَةٍ.
ويتراوحُ طولُ الزّهرَةِ بين 3 و4 ملِّيمتراتٍ، ويتكوَّنُ كلٌّ منها من عددٍ من الأَوْراقِ الزَّهْرِيَّةِ بُنِّيَّةِ اللونِ، يَحْمِلُ كلٌّ مِنْها عددًا من أكْياس حُبوبِ اللَّقَاحِ.
أمَّا الأَزهارُ أو المخاريطُ المُؤَنَّثَةُ فَتَنْتَظِمُ في مجاميعَ طَرَفِيَّةٍ أو جانِبِيَّةٍ. وهي دقيقةُ الحَجْمِ أيْضًا، دَكْناءُ اللَّوْنِ، كُرَوِيَّةُ الشَّكْلِ.
ويبلغُ قُطْرُ الزَّهْرَةِ الواحِدَةِ عِنْدَ اكْتمالِ نُمُوِّها بضعةَ مِلِّيمتراتٍ، وتتكوَّنُ من عددٍ من الأَوْراقِ الزَّهْرِيَّةِ الخصيبةِ (الكرابِلِ) يحملُ كلٌّ منها بُوَيْضَةً واحِدَةً علَى الأَقَلِّ.
ويَتِمُّ التلقيحُ من خِلالِ انْتِقالِ حبوبِ اللَّقاحِ بواسِطةِ الرِّياحِ إلَى حيثُ توجدُ الكَرابِلُ. ويَعْقُبُ إِخْصابَ البويضَةِ تكوُّنَ الجنِينِ، الّذي يكوِّنُ عندَ اكتمالِ نُمُوِّه، معَ قَدْرٍ من الغِذاءِ المُخْتَزنِ، البِذْرَةَ.
ولا يتجاوَزُ عددُ البذورِ الناتِجَةِ عن الزَّهْرَةِ الواحِدَةِ (أو المخروطِ الأُنثوِيِّ) تِسْعَ بُذورٍ، تحيطُ بها الكرابِلُ الّتي تتَّخِذُ هيئةَ الحَراشِفِ الّتي تكوِّنُ في مجموعِها تركيبًا كُرَوِيَّ الشَّكْلِ، أُرْجوانِيَّ أو بُرْتُقالِيَّ اللّوْنِ، يبلغُ قطرُهُ 10 – 12 مِلِّيمترًا.
ويُعْرَفُ هذا التركيبُ تجاوزًا بالثَّمرَةِ الّتي تَخْتَلِفُ في تَرْكيبِها عَن الثِّمارِ الحقيقِيَّةِ للنباتاتِ كاسيةِ البُذورِ.
فالثَّمَرَةُ في العَرْعَرِ، وبَقِية عارياتِ البذورِ، مكوَّنَةٌ من عددٍ من الحراشِفِ الّتي لا تَلْتَحِمُ لتَكوِّنَ تركيبًا مُغْلقًا (كالثَّمَرَةِ في كاسياتِ البذورِ)، وإنَّما تظلُّ هذه الحراشِفُ سائِبَةً تَتَكَشَّفُ عَلَيْها البذورُ؛ وهذا أَصْلُ التَّسْمِيَةِ بعارياتِ البذورِ.
وتُسْتخدمُ أوْراقُ وثمارُ العَرْعَرِ في أَغْراضٍ شَتَّى للطِّبِّ الشَّعبيِّ. ويُسْتخدمُ الخَشَبُ في صناعَةِ بعضِ أدواتِ الزِّينَةِ، أو يُحْرَقُ مع البَخورِ لما يحتويهِ من زيوتٍ عِطْرِيَّةٍ ذاتِ رائِحَةٍ زكيَّةٍ.
ويتبارَكُ البَدْوُ في مناطِقِ نُمُوِّ العَرْعَرِ بأشجارِهِ ويتناقَلُ بدوُ سَيْناءَ قِصةَ مرورِ السَّيِّدَةِ مَرْيمَ العَذْراءِ، مع طِفلِها الوليدِ السَّيِّدِ المَسيحِ، بغابَةٍ من أشجارِ العَرْعَرِ النامِيَةِ في شمالِ سَيْناءَ في أثناءِ رِحْلَةِ العائلَةِ المُقَدَّسَةِ إلَى مِصْر.
ونظرًا لتغيُّرِ الظّروفِ المُناخِيَّةِ، لَمْ يَبْقَ من غاباتِ العَرْعَرِ بشمالِ سَيْنَاءَ سِوَى عددٍ قليلٍ من الأَشجارِ المُتناثِرَةِ بمِنْطَقَةِ المُغارَةِ بِجَبَلَيْ الحَلالِ ويَعْلُق.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]