الحيوانات والطيور والحشرات

نبذة تعريفية عن خصائص وأنواع حشرات “الصراصير”

2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

خصائص الصراصير أنواع الصراصير حشرات الصراصير الحيوانات والطيور والحشرات البيولوجيا وعلوم الحياة

الصَّراصيرُ حشراتٌ تعيشُ بضعةُ أنواعٍ منها علَى مَقْرُبَةٍ وثيقةٍ من الإنسانِ، في معظَمِ أنحاءِ الأَرْضِ.

وهناكَ مجموعةٌ أُخْرَى من أقارِبِ هذه الصّراصيرِ، هي الجداجدُ الَّتي «تَصِـرُّ»، أيْ تُصْدِرُ أصواتًا حادَّةً عالِيَةً، ولذلِكَ تسمَّى أحيانًا «صرَّاراتِ الغَيْطِ» أو «صراصيرَ الغَيْطِ» وهذه لَيْسَتْ «الصّراصيرَ» الّتي نتكلَّمُ عَنْها الآنَ، ومعظمُها مَنْزِلِيٌّ.

والصّراصيرُ تتراوَحُ أطْوالُها بين سنتيمتر واحِد وخَمْسَةِ سنتيمتراتٍ. أَجْسامُها بيضاوِيَّةٌ مُسْتَطيلَةٌ مُفَلْطَحَةٌ. وهذا يسمَحُ لها بالاخْتِباءِ في الشُّقوقِ الضَّيِّقَةِ، وبأنْ تَنْدَسَّ بين ثَنايا الأَشْياءِ.

 

وهذا يناسِبُ كراهِيتَها للضَّوْءِ، واعْتِيادَها النّشاطَ في اللّيلِ أو في الظَّلامِ. ومجرَّدُ وجودِ الإنْسانِ على مَقْرُبَةٍ منها، دونَ مهاجَمتِها، لا يمنَعُها من بعض الحَرَكَةِ والنَّشَاطِ.

وتُحِبُّ الصّراصيرُ الدِّفْءَ والرُّطوبَةَ، ولذلِكَ تكثُرُ حولَ أنابيبِ التَّدْفِئةِ والمياهِ السَّاخِنَةِ، وفي المطابِخِ حيثُ يتوفَّرُ الغذاء، وبين البالوعاتِ وأَنابيبِ الصَّـرْفِ الصِّحِّيِّ حيثُ يتوفَّرُ الظَّلامُ أيضًا.

والصّراصيرُ أَقدَرُ على تَحَمُّلِ الجوعِ من تَحَمُّلِها الجفافَ. وهي تكثُرُ في المخازِنِ والسُّفُنِ، وفي المطاعِمِ والفنادِقِ الّتي لا يُعْتَنَى بنَظافَتِها، وفي المساكِنِ رديئةِ «التَّشطيبِ» حيثُ تكثُرُ الفَجَواتُ والثُّقوبُ والشُّقوقُ.

 

وعِنْدما تَتَوَفَّر للصّراصيرِ الظروفُ الملائمةُ، مع إهمالِ النّظافَةِ التَّامَّةِ، يمكنُها أَنْ تَتَكاثَرَ تكاثُرًا ذريعًا. وتُسَجَّلُ المراجِعُ أنَّهُ قَدْ جُمِعَ من مبنًى واحدٍ نحوُ 8500 صُرصورٍ في ثلاثَةِ أَشْهُرِ!

ولمُعْظَمِ أنواعِ الصّراصيرِ زوجانِ من الأَجْنِحَةِ: الأماميَّان جِلْدِيَّان، والخَلْفيَّان غِشائيَّان وأَكْبَرُ كثيرًا من الجناحيْنِ الأماميَّيْنِ ويَنْطَوِيانِ تَحْتَهما. وللصّراصيرِ قَرْنا اسْتِشْعارٍ (زُبانَيانِ) طويلانِ شَعْرِيَّان مُسْتَدِقَّان، وسِتُّ أَرْجُلٍ طويلةٍ شائِكَةٍ قادِرَةٍ على المَشيِ والجَرْيِ.

وصَدْرُ الصُّرْصورِ – كسائِر الحشـراتِ – مُقَسَّمٌ إلى ثلاثِ حَلقاتٍ: الحَلْقَةُ الأَمامِيَّةُ (الأُولَى) منها كبيرَةٌ.

 

ولأنَّ الصّرصورَ يَثْني رَأْسَهُ عموديًّا إلَى أَسْفَلَ في معظمِ الأَوْقاتِ، يَتَوَهَّم بعضُ النَّاسِ أن هذه الحَلْقَةَ الصدريَّةَ الأُولَى هي الرَّأْسَ!

وفي مُقَدِّمَةِ الرّأسِ أَجْزاءُ فَمٍ قاضِمَة، يَقْرِض بها الصّرصورُ غذاءَه الجافَّ ويمضُغُهُ.

وتقتاتُ الصّراصيرُ بالبقايا النَّباتيَّةُ والحيوانيَّةُ؛ ولها مَيْلٌ للأَطْعِمَةِ السُّكَّرِيَّةِ، ولكنَّها – من النَّاحيَةِ العَمَلِيَّةِ – تكادُ تأكلُ كلَّ شَيءٍ: من النُّفاياتِ القَذِرَةِ، والوَرَقِ، والشَّعْرِ، بل حتَّى الجيرِ الّذي تُطْلَى به الجُدْرانُ. وتهتدي الصّراصيرُ إلَى طعامِها بحاسَّةِ الشَّمِّ.

 

والصّراصيرُ تُفْسِدُ من أَطْعِمَةِ الإنْسانِ أكثرَ ممَّا تأكُلُه منها. فهي تلوِّث ما ترتادُه من أَطْعِمَةٍ بأرْجُلِها القَذِرَةِ، وبفضلاتِها، وبِرائِحتِها المُنَفِّرَةِ الّتي تُفْرِزُها غُدَدٌ خاصَّةٌ، وتلك الّتي تسيلُ من فَمِها.

والغَلْيُ والطَّهْيُ لا يُذْهبانِ هذهِ الرَّائِحَةَ المُقَزِّزَةَ. وارتيادُ الصّراصيرِ للأماكِنِ القَذِرَةِ ثمَّ انتقالُها إلَى الأَطْعِمَةِ المكشوفَةِ، يجعلُنا نرتابُ في نقلِها لمُسَبِّباتِ الأَمراضِ، وإنْ لم يَثْبُتْ قطعيًّا قِيامُها بأيِّ دورٍ خاصٍّ في انتشارِ مرضٍ بعينِهِ من الأمراضِ، رُبَّما لأنها تقضي معظمَ حياتِها في منطقةٍ واحِدَةٍ.

ولكن ثَبَتَ للعلماءِ أن بَعْضَ البكتيرْيا المُمْرِضَة التي تَبْتَلِعُها الصَّراصيرُ معَ طَعامِها القَذِر تمُرُّ في أَمْعائِها وتخرُجُ حيَّةً في بُرازِها.

 

وتتميَّزُ الصَّراصيرُ عن معظَمِ الحشراتِ بأنَّ إِناثَها لا تضعُ بيضَها فُرادَى وإنَّما تضعُ كلَّ مَرَّةٍ عددًا منها، يَخْتَلِفُ في الأَنْواعِ المُخْتَلِفَةِ، مرصوصًا في صَفَّيْن، تَضُمُّهُما حافِظَةٌ متينةٌ أَنيقَةٌ.

والحافِظةُ كبيرةُ الحَجْمِ، وتبرُزُ من الطَّرَفِ الخَلْفِيِّ للأُنْثَى شيئًا فشيئًا، ثمَّ تَحْملُها الأُنْثَى معها، في هذا الوَضْعِ، مُدَّةً من الزَّمَنِ. ويُفْقَسُ البَيْضُ المكنونُ في الحوافِظِ بَعْدَ مُدَّةٍ تتراوَحُ بين 45 و90 يومًا، بحَسَبِ الأَنْواعِ.

وللصَّراصيرِ دورةُ حياةٍ تُوصفُ بأنَّها «تحوُّلٌ ناقِصٌ» فبين البيضَةِ والحَشَـرَةِ البالِغَةِ، لا يُوجَدُ إلاَّ أعمارٌ (وأَحْجامٌ) مُخْتَلِفَةٌ من طَوْرِ «الحورِيَّةِ»، الّذي يُشْبهُ الحَشَـرَةَ البالِغَةَ باستثناءِ عَدَمِ وجودِ الأَجْنِحَةِ وأَعْضاءِ التكاثُرِ الكامِلَةِ.

 

وحينَ يَنْسَلِخُ أيُّ طَوْرٍ من أَطْوارِ الصُّرصورِ، يخرُجُ الطَّوْرُ التّالي لا يحميهِ إلاَّ جِلْدٌ رقيقٌ أَبْيَضُ؛ ثمَّ يأخُذُ الغِطاءُ الكيتيني للجسْمِ في التَّصَلُّبِ وقتامَةِ اللَّونِ.

وقَدْ يتجاوزُ عَدَدُ الانْسلاخاتِ عَشَرَةً، تَسْتَغْرِقُ شهورًا قَدْ تقاربُ العامَ. وفي الأماكِنِ التي تكثُرُ بها الصَّراصيرُ، يمكن مشاهَدَةُ أغطيتِها الكيتينيَّةِ وحوافِظِ بيضِها الفارِغَةِ.

ولَعَلَّ أَبْرَزَ وأَشْهَرَ أنواع الصّراصيرِ هو «الصُّرصورُ الأمريكيُّ» (الّذي يُعْرَفُ بأسْماءَ أُخْرَى في البلادِ المُخْتَلِفَةِ)، وذلِكَ نظرًا لِكِبَرَ حَجْمِه، إذْ يتراوَحُ طولُهُ بين 30 و45 ملّيمترًا. لونُه بُنِّيٌّ مشوبٌ بِحُمْرَة.

 

وعلى الحَلْقَةِ الأُولَى من صَدْرِه بُقْعتانِ قاتِمتانِ تحوطُهما حافَّةٌ باهِتَةٌ. والأَجْنِحَةُ مُكْتَمِلَةُ النُّمُوِّ في الذّكورِ والإناثِ؛ وهو أَقْدَرُ الصّراصيرِ على الطَّيرانِ.

وتضمُّ حافظةُ البيضِ بين 14 و20 بيضة، وتضعُ الأُنْثَى في حياتِها نحو 50 حافِظَةٍ. تحْمِلُ الأُنْثَى حافِظَةَ البيْضِ بِضْعَ ساعاتٍ أو أَيَامًا قلائِلَ، ثُمَّ تمَهِّدُ لها مكانًا مناسِبًا تلْصِقُها فيه، بعدَ أن تُغَطِّيَها بما يُخْفيها من فُتاتِ الوَرَقِ أو الخَشَب أو طلاءِ الجدارِ.

ثمَّ تغطِّي هذا كلَّه بمادَّةٍ غرائيةٍ تُفْرُها من فَمِها. وهناكَ نوعٌ «أُسْتُرَالِيٌّ» شبيهٌ بالأمريكيِّ، ولكنَّه محدودُ الانْتشارِ.

 

ولكنْ لعلَّ أكثرَ الأَنواعِ انتشارًا في العالَمِ، وأقدرَها علَى الحياةِ في الغُرَفِ التي يحتلُّها الإنْسانُ، هو «الصُّرصورُ الأَلْمانيُّ»، وذَلِكَ لِقِلَّةِ «مطالبِهِ» المعيشيةِ، وصِغَرِ حَجْمِهِ (نحو 15 ملّيمترًا).

لونُهُ بنيٌّ فاتحٌ مائلٌ إلَى الصُّفْرَةِ، وعلَى الحَلْقَةِ الأماميَّةِ من صدرِهِ شريطانِ طوليَّانِ. وهو قليلُ الطَّيرانِ، ولكنَّهُ يَفِرُّ جَرْيًا، ويُسْقِطُ نَفْسَه من مكانٍ مرتفعٍ إذا حوصِرَ.

وتضمُّ حافظَةُ البيضِ نحوَ 40 بيضة في المتوسِّط، وتَحْمِلُها الأُنْثَى مَعَها بين 24 و40 يومًا حتَّى توشِكُ على الفَقْسِ.

وتضعُ الأُنْثَى في حياتِها عددًا قليلاً من حوافِظِ البيْضِ لا يتجاوَزُ الثَّلاثَةَ. وهناكَ نوعٌ شبيهٌ بالأَلْمانيِّ يُسَمَّى «صُرصورَ الأثاثِ»، يعيشُ أيضًا في غُرَفِ إقامَةِ الإنسانِ، في خزاناتِ الملابِسِ، والأَدْراجِ، ونحوِها.

 

و«الصُّرصورُ الشَّرْقِيُّ» واسِعُ الانتشارِ في بعضِ البلادِ. لونُهُ بُنِّيٌّ قاتِمٌ مائِلٌ إلَى السَّوادِ، ويتراوَحُ طولُهُ بين 20 و30 ملِّيمترًا.

والذَّكَرُ مُجَنَّحٌ، ولكنَّ أَجْنِحَتَهُ قصيرةٌ لا تغطِّي البطنَ كلَّه. أمَّا الأُنْثى فأَجْنِحَتها قصيرةٌ للغايةِ.

تحوِي حافِظَةُ البيْضِ نحوَ 16 بيْضةً، ولا تحْمِلُ الأُنْثَى الحافِظَةَ إلاَّ مدَّةً قصيرَةً، ثمَّ تتركُها في أيِّ مكانٍ بغيْرِ اهْتمامٍ. وتضعُ الأُنْثَى في حياتِها بين 5 و8 حوافِظ.

 

وتَفَلْطُحُ أجْسامِ الصّراصيرِ، وسُرْعَةُ جَرْيِها، وقُدْرَتُها على الاخْتباءِ، تجعلُ ضَرْبَها وقَتْلَها أمرًا مُتْعِبًا. وأفْضلُ وسائِلِ مكافَحتِها سدُّ الشُّقوقِ والفُتحاتِ والثُّقوبِ، والنظافَةُ التَّامَّةُ، وعدمُ تركِ أيِّ مادَّةٍ عُضْوِيَّةٍ مكشوفةٍ في متناوَلِ تِلك الحشراتِ.

أمَّا إذا استقرَّت الصّراصيرُ وتكاثَرَتْ، فإنَّها تُقاوَم باستِعْمالِ المبيداتِ الحَشَـرِيَّةِ المسحوقَةِ والسَّائلةِ، والمصايدِ، واللَّوحاتِ اللَّزِجَةِ الّتي تلتصِقُ بها الحشراتُ (ثمَّ تُبادُ).

كذلك يمكن «تدخينُ» الغُرَفِ والمساكِنِ، بعد إحكامِ إغلاقِها، بالغازاتِ والأَبْخِرَةِ الفعَّالَةِ، وتركُها مُغْلَقَةً مدَّةً مناسِبَةً.

 

ويراعَى في كلِّ هذا الحِرْصُ الشَّديدُ، لأنَّ المبيداتِ المستعْملَةَ لها أضرارٌ شديدةٌ، فلا يجوزُ اسْتِنْشاقُها أو لَمْسُها أو تلويثُ الأَطْعِمَةِ والأَشْرِبَةِ وأواني الطّعامِ والشّـرابِ بها.

وعلَى الأخَصِّ، ينبغي الاهتمامُ بعَدَمِ تَعَرُّضِ الأطفالِ والحيواناتِ الداجِنَةِ والمدلَّلَةِ لتلك الموادّ السّامَّةِ أو شديدةِ الأَذَى.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى