الحيوانات والطيور والحشرات

نبذة تعريفية عن خصائص وأنواع حيوان “الفقمة”

2002 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثالث عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

حيوان الفقمة أنواع الفقمة خصائص الفقمة الحيوانات والطيور والحشرات البيولوجيا وعلوم الحياة

أشهر الفقم سباع البحر، التي نعجب بألعابها البارعة في السرك والعروض المائية.

والفقم ثدييات بحرية آكلات للحوم. وكانت تلحق برتبة اللواحم (التي تضم الأسود والذئاب والدببة وأمثالها)، ولكنها تلحق الآن برتبة مستقلة، نظرا لتكيفها للحياة المائية.

فأرجل الفقم تتحور إلى ما يشبه المجاديف أو الزعانف، ولذلك تسمى هذه الرتبة «ذوات الأقدام الزعنفية».

 

ولكن تحور أرجل الفقم للسباحة ليس تحورا كاملا، كما هي في الحيتان والدلافين وعرائس البحر، فما تزال آثار أصابعها ظاهرة من الخارج، كما أن كل إصبع منها تنتهي بظفر واضح في معظم الأحوال.

وذيل الفقمة قصير وضامر، ولا ينتهي بزعنفة ذيلية مستعرضة كتلك التي في الحوت أو الدلفين أو بقر البحر أو عروس البحر. كذلك تتميز الفقم بأن أجسامها مغطاة بالشعر، الذي قد تنتشر تحته، في بعض الأنواع، فروة كثيفة.

وأجسام الفقم انسيابية ليس فيها أجزاء بارزة، إلا الأطراف الأربعة. وللفقمة عينان واسعتان، وأنف في مقدمة الرأس، وشارب واضح من شعرات طويلة قوية؛ ولها عنق واضح يتحرك الرأس عليه بسهولة. وللإناث ثديان أو أربعة أثداء في منطقة البطن، ولكنها غير بارزة.

 

وتتفق الفقم في كثير من صفاتها العامة، ولكن بعضها يختلف عن بعض في قليل من المميزات الخاصة. ولذلك يصنف العلماء الفقم في ثلاث فصائل:

1- فصيلة الفقم الصلماء، أي التي ليس لآذانها صوان خارجي (انظر: أذن). وهي تضم 18 نوعا من «الفقم الحقيقية» و«أفيال البحر». وتعد هذه الفصيلة أرقى الفصائل الثلاث، وأوسعها انتشارا، وأكثرها تكيفا للحياة المائية.

2- فصيلة الفقم ذوات الآذان، أي التي لآذانها صوان خارجي. وهي تضم 14 نوعا من «سباع البحر» و«الفقم ذوات الفراء».

3- فصيلة الفظ، وهي تضم نوعا واحدا يعرف بهذا الاسم.

 

وتعيش الفقم في المياه المعتدلة والباردة والقطبية. ويستطيع بعضها العيش في الأنهار الكبيرة أو البحار المغلقة، كبحر قزوين. وتغتذي الفقم بالأسماك، والقشريات (كالروبيان)، وأنواع الحبار والأخطبوط، وغيرها من اللافقاريات المائية.

وقليل منها، كالفقمة الفهد، يصيد الطيور، وبخاصة طيور البطريق، بل حتى صغار الفقم الأخرى.

وتستطيع الفقم الإبصار في الهواء والماء، ولكن يبدو أنها أكثر اعتمادا على حاسة شمها القوية. ومن المشاهد المألوفة تساقط دموع غزيرة من عيون الفقم وهي على اليابسة.

 

وهذا قد يثير مشاعر الشفقة عليها، ولكن الحقيقة أن هذه ظاهرة طبيعية لا تدل على حزن الفقمة أو ضيقها، وإنما سببها أنه ليس لعيونها قنوات تصرف الدموع إلى أنوفها.

والفقم سابحات بارعة، ولها مقدرة كبيرة على الغوص في الماء. فبعضها يستطيع الغوص إلى عمق بعض عشرات أو مئات من الأمتار، بل إن نوعا منها يستطيع الغوص إلى نحو ستمئة متر.

ولكن الفقم، كغيرها من الثدييات، تتنفس الهواء، ولذلك فهي مضطرة إلى الصعود إلى السطح على فترات لاستنشاق الهواء.

 

والفقم ذوات الآذان أقل مقدرة على البقاء في الماء، دون تنفس، من الفقم الحقيقية التي يستطيع بعضها البقاء تحت سطح الماء نصف ساعة، بل أكثر من ساعة كاملة في بعض الأنواع.

والإمساك عن التنفس تحت الماء يتطلب تكيفات خاصة. فالفقمة إذا غاصت انغلق منخراها، وعزل اللسان وسقف الحنك اللين تجويف الفم عن الحنجرة.

وهكذا يمنع الماء من الدخول إلى الرئتين إذا اضطرت الفقمة لفتح فمها للإمساك بفريستها. وفي الفقمة أيضا مخزون كبير من الأكسيجين، وهذا راجع إلى احتواء جسمها كمية أكبر نسبيا من صبغ الهيموجلوبين القادر على الاتحاد بالأكسيجين.

 

هذا فضلا على إبطاء نبض القلب، وتكيفات أخرى تقلل من حاجة الجسم إلى الأكسيجين في أثناء الغوص الطويل.

ومع ذلك لم تنقطع صلة الفقم باليابسة، فهي تتزاوج وتلد وترضع صغارها وتبدل فراءها على البر! ولكن الفقم لا تحسن الحياة والحركة في البر، وتكون عرضة لافتراس أعدائها، ولذلك تهاجر الفقم إلى ملاجئ برية آمنة، كبعض الجزر المنعزلة؛ أما فقم الشمال فتمارس حياتها البرية على الجليد.

وفي موسم التزاوج، في الربيع والصيف، تصل الذكور إلى الملاجئ الآمنة أولا، وتقتتل كي يحرز كل منها منطقة خاصة به. وبعد ذلك بأيام أو أسابيع تصل الإناث.

 

وتصل الإناث إلى الملاذات الآمنة وهي حوامل على وشك الولادة، فسرعان ما يضع كل منها صغيرا (جروا) واحدا (أو جروين نادرا).

وترضع الأمهات جراءها مدة قصيرة، لا تتجاوز الأيام أو الأسابيع، ثم تفطمها. ويحدث التزاوج بين الذكور والإناث بعد فطام الجراء، وبعدها تنزل الإناث إلى البحر للاغتذاء الذي كانت محرومة منه وهي على اليابسة.

وفي بعض الأنواع تعود الأم لإرضاع صغيرها بين الحين والحين، وهي تهتدي إليه برائحته. ثم يعود الجميع إلى الماء بعد موسم التزاوج ليمضوا الخريف والشتاء، وهكذا.

 

ولا تكتب الحياة إلا لعدد محدود من الصغار، فبعضها يدوسه الكبار في الزحام، وبعضها يموت لإصابته بالطفيليات، وبعضها تأكله الدببة والثعالب والحيتان المفترسة.

والفقم الصلماء، الحقيقية، لا تستطيع أن تثني رجليها الخلفيتين إلى الأمام، وهي لذلك تجر أجسامها جرا على اليابسة. أما في الماء فهي تمد هاتين الرجلين إلى الخلف وتستخدمهما في السباحة.

ومنها أنواع «الفقمة الراهبة»، التي يعيش أحد أنواعها في البحر المتوسط، ووصفه المؤلفون العرب، وأسموه «الشيخ اليهودي» أو «شيخ البحر».

 

ومنها نوعان من «فيل البحر»: فيل الشمال، وفيل الجنوب، وهما يكتسبان اسم الفيل من نمو خطم الذكر كثيرا (إلى نحو 30 سنتيمترا) مشبها خرطوم الفيل.

وفيل البحر الجنوبي هو أضخم الفقم، فقد يبلغ طول الذكر ستة أمتار ويبلغ وزنه أربعة أطنان (ولكن الإناث تبلغ نحو نصف هذا الحجم والوزن).

ومن الأنواع الصلماء الأخرى: فقمة الفهد، والفقمة الرقطاء، وفقمة الميناء، والفقمة الشائعة، والفقمة القيثارية (فقمة الهارب).

 

أما الفقم ذوات الآذان فتستطيع أن تثني رجليها الخلفيتين إلى الأمام، ومن ثم أرجلها الأربع في المشي على اليابسة. وفي الماء تستخدم هذه الفقم رجليها الأماميتين للتجديف، والخلفيتين للتوجيه.

و«فقم الفراء» لها فراء كثيفة جدا، قد يبلغ عدد الشعر في السنتيمتر المربع الواحد فيها 50000 شعرة. وهذه الفراء، مع طبقة الدهن الكثيفة، تعزل هذه الفقم تماما عن الجو البارد من حولها، ولكنها تجعلها مطمعا للصائدين.

ومن أشهر هذه الأنواع فقمة الفراء الشمالية «دب البحر». وتنتمي إلى هذه الفصيلة أيضا سباع البحر، وفراؤها أرق، وأشهرها «سبع كاليفورنيا البحري» الذكي الذي يعد من نجوم السرك وحدائق الحيوان.

 

ويستطيع سبع البحر أن يرفع جسمه منتصبا على رجليه الخلفيتين، مصفقا بزعنفتيه (أي يديه)، أو ضاربا بهما، أو مؤديا بعض الحركات.

أما الفصيلة الثالثة من الفقم، فلا تضم إلا نوعا واحدا هو «الفظ»، الذي يقطن أقصى البحار الشمالية. وتتفاوت أحجام الفظ، ولكن الذكور قد تبلغ أطوالها أربعة أمتار، وأوزانها طنا ونصف طن؛ والإناث أصغر حجما بشكل ملحوظ.

وتتميز هذه الفقم بجلدها السميك المتغضن، الذي يتغطى بفروة قصيرة، إلا في الذكور المسنة التي يسقط معظم شعرها.

 

وتتميز هذه الفقم أيضا بنابين طويلين ينموان من الفك العلوي للذكور والإناث، ولكنها في الذكور أطول وأقوى، وقد يبلغ طولها نصف متر.

وتستخدم هذه الفقم نابيها في إبراز سطوتها وسيادتها، وفي الدفاع عن أنفسها، وفي تكسير الجليد، وفي الاعتماد عليهما، وكأنهما رجل خامسة، في القيام أو الحركة. والجلد السميك يحمي الفظ من طعنات أنياب الأفراد المنافسة له.

وكانت الفقم موضع اهتمام الإنسان منذ القدم، فقد كان يصيدها للحصول على جلودها وفرائها ودهنها ولحمها. وتعد الفقمة صيدا كبيرا نسبيا، وصيده أسهل من صيد الحوت.

 

ويصاد الفظ لكبر حجمه وللحصول على عاج نابيه الذي لا يفوقه إلا عاج ناب الفيل. وبعد تقدم وسائل الصيد أفرط الطامعون في اصطياد فقم الفراء، وجرائها بوجه خاص.

وكانوا يفضلون الفقم ذات الفراء الفاخرة، كفقمة الفراء الشمالية، والفقمة القيثارية، فصادوا منها كميات هائلة.

وتقع الفقم فرائس سهلة وهي في تجمعات التزاوج الكبيرة على اليابسة، حيث تكون حركتها بطيئة ثقيلة وكان من دوافع صيد الفقم في بعض الأحيان، الاعتقاد بأنها تنافس الإنسان في الحصول على الأسماك.

 

وأدى الإفراط في صيد الفقم، وتلوث المياه القريبة من الشواطئ، وإفساد بيئاتها الطبيعية لاستغلالها للرياضات البحرية.

أدى هذا كله إلى تناقص أعدادها إلى درجة تهدد بعض أنواعها بالانقراض. ولكن هناك جهود دولية لتنظيم صيدها، وحمايتها، ورعايتها، والحفاظ على بيئاتها الطبيعية.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى