الاماكن والمدن والدول

نبذة تعريفية عن شبه جزيرة “سيناء” المتواجدة في مصر

2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مصر شبه جزيرة سيناء الاماكن والمدن والدول المخطوطات والكتب النادرة

سَيْنَاءُ شِبْهُ جزيرةٍ تابِعَةٍ لِمِصْرَ، وتَقَعُ في شَمالِها الشَّـرْقِيِّ.

وهي المَعْبَرُ البَرِّيُّ الّذي يَرْبِطُ قارَّةَ أفريقيا بقارَّةِ آسْيا، كما أنَّها مَكانُ اتِّصالِ جَناحَيْ الوَطَنِ العَرَبِيِّ في الشَّـرْقِ والغَرْبِ.

سَيْنَاءُ مشهورةٌ منذُ أقدَمِ العُصورِ، فَقَدْ عَرَفَها المصريُّونَ الفَراعِنَةُ باسمِ «نوشريت»، ومَعْناها الأَرضُ الجَرْدَاءُ، وسمَّاها الأشوريُّون باسمِ «مَدْيَنَ»، وهو أَحَدُ أسْمَاءِ سَيْنَاءَ.

قال تعالى(وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ) (البقرة:51)، وقال تعالى(إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى) (النازعات:16).

 

أمَّا كَلِمَةُ سَيْنَاءَ فمُقْتَبَسَةٌ من كَلِمَةِ «سين» ومعناها بالعِبْرِيَّةِ «القَمَرُ»، لأنَّ أهلَ سَيْنَاءَ كانوا يعبُدُونَ القَمَرَ قديمًا.

ووَرَدَ اسمُ سَيْنَاءَ في القرآنِ الكريمِ، مَرّتَيْن: مَرَّةً بلفظِ "سيناء" (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ) (المؤمنين:20)، ومرَّة بلفظ "سينين" (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ ) (التين: 1-2).

ولسَيْنَاءَ مكانَةٌ عالِيَةٌ عند جميعِ أصْحابِ الدِّياناتِ السَّماوِيَّةِ، فقد خرجَ إليها اليهودُ مِنْ مِصْرَ مع سَيِّدِنا موسَى عليه السَّلامُ، وفيها تاهُوا. وفيها نَزَلَتْ الوَصَايا العَشْرُ، وفيها الوادي المُقَدَّسُ ومواعَدَةُ الله لنبيِّه أربعينَ ليلةً.

 

كذلك مَرَّ فيها بعدَ ذلكَ سَيِّدُنا عِيسَى، عليه السَّلامُ، عندَما خرجَتْ به أُمُّهُ مَرْيَمُ العَذْراءُ من فِلِسْطِينَ قاصِدَةً أرضَ مِصْر.

وقَدْ عَبَرَتْ سَيْنَاءَ منذُ أقْدَمِ عصورِ التَّاريخِ هِجْراتٌ بَشَرِيَّةٌ متعدِّدَةٌ، كما كانَتْ مسرحًا للحروبِ وحَرَكَةِ الجيوشِ، سواءٌ الغازِيَةُ لِمِصْـرَ أمِ الخارِجَةُ منها. ولذلك وُصِفَتْ سَيْنَاءُ بأنَّها بَوَّابَةُ مِصْرَ.

وتَبْدو سَيْنَاءُ علَى شَكْلِ مُثَلَّثٍ رَأْسُهُ في الجَنوبِ وقاعِدَتُه في الشَّمالِ. ورأسُ سَيْنَاءَ في الجنوبِ تُسَمَّى رَأْسَ مُحَمَّدٍ؛ أمّا شَمالُ سيناءَ فيُطِلُّ على البَحْرِ المُتَوَسِّطِ. ويسيرُ الضِّلْعُ الشَّـرْقِيُّ لسَيْنَاءَ مع ساحِلِ خليجِ العَقَبَةِ وخَطِّ الحدودِ الدَّولِيَّةِ بينَ مِصْرَ وفِلِسْطِينَ المُحْتَلَّةِ.

 

أمَّأ الضِّلْعُ الغربِيُّ فَيَمْشِي مع ساحِلِ خليجِ السُّوَيْسِ ثم قناةِ السُّوَيسِ.

وتبلغُ مساحَةُ سَيْنَاءَ 61 ألفَ كيلومترٍ مربَّعٍ، أيْ نحوَ 6% من مساحَةِ مِصْر، كما يَصِلُ طولُ سواحِلِها إلى 700 كيلومترٍ، أيْ نحو 30% من مجموعِ السواحِلِ المِصْرِيَّةِ.

ويمكنُ تقسيمُ سَيْنَاءَ إلى ثلاثَةِ أجزاءٍ مختلِفَةٍ: فالجزءُ الجنوبِيُّ تَنْتَشِرُ فيه الجبالُ الشاهِقَةُ الارْتِفاعِ، المُتَعَدِّدَةُ القِمَمِ، وأعْلاها قِمَّةُ سانْتْ كاتْرين الّتي يبلغُ ارتفاعُها 2641 مترًا، وهي أيضًا أعلَى قِمَّةٍ في مِصْرَ كلِّها.

 

والجُزْءُ الأوسَط من سَيْنَاءَ يتألَّفُ من هَصْبَتَيْن يتراوَحُ ارتفاعُهُما بينَ 500 و 1500 مترٍ، وهما: هَضْبَةُ العَجمَةِ في الجنوبِ، وهَضْبَةِ التِّيهِ في الشَّمالِ.

أمَّا الجزءُ الشَّمالِيُّ من سَيْنَاءَ فهو إقليمٌ سَهْلِيٌّ ينحدِرُ من الجَنوبِ إلى الشَّمالِ، تَتَنَاثَرُ فيه بعضُ التِّلالِ الّتي لا يتعدَّى ارتفاعُها مئاتٍ قليلةً من الأمتارِ.

وتكثرُ في هذا الجزءِ الأوْدِيَةُ والآبارُ والعيونُ. وقُرْبَ السّاحِلِ تنتشرُ الكثبانُ الرَّمْلِيَّةُ، وكذلك المُسْتَنْقَعَاتُ والسَّبْخاتُ والبُحِيْراتُ الّتي تُزَرْكِشُ السَّاحِلِ. وأكبرُ البُحَيْراتِ السَّاحِلِيَّةِ هي بُحَيْرَةُ البَرْدَويلِ الّتي تبلغُ مساحَتُها 700 كيلومترٍ مربَّعٍ.

 

وسَيْنَاءُ غَنِيَّةٌ بوِدْيانِها الّتي لا تجرِي فيها المياهُ إلاَّ في فَصْلِ الشّتاءِ حينَما تَسْقُطُ الأمطارُ. هذه الأودِيَةُ تمزِّقُ سطحَ شِبْهِ الجزيرَةِ فتزيدُه وُعُورَةً، ولكنَّها تُقَدِّمُ طُرُقًا طبيعيَّةً سَهْلَةً لاختراقِها، كما أنّها تكشِفُ المَخْبوءَ من ثَرَواتِها المَعْدِنِيَّةِ.

وأهَمُّ وأكبرُ هذه الأودِيَةِ العَريشُ، وبِسَبَبِ كَمِّيَّةِ المياهِ الضَّخْمَةِ الّتي تجرِي فيه كلَّ شتاءٍ، تُبْنَى السُّدودُ لمَنْعِ أخطارِهِ وللاسْتِفادَةِ من المياهِ المُتَجَمِّعَةِ أمامَ السُّدود في أعمالِ السَّقْي والزِّراعَةِ وغيرِها.

ومُناخُ سَيْنَاءَ، بصِفَةٍ عامَّةٍ، مُعْتَدِلُ الحرارَةِ شتاءً وحارٌّ في الصَّيفِ. وتزيدُ الحرارةُ كلّما اتَّجَهْنا جنوبًا ولكنّها تقِلُّ فوقَ المُرْتَفَعاتِ.

 

ونسبةُ الرُّطوبَةِ مُنْخَفِضَةٌ على الدَّوامِ خَاصَّةً عندَ الابْتِعادِ عن السَّواحِلِ. وتسقطُ الأمطارُ في فصلِ الشِّتاءِ بمُعدّلاتٍ قليلةٍ، وبصورةٍ غيرِ مُنْتَظِمَةٍ، وهي تكثرُ علَى السّواحِلِ الشَّمالِيَّةِ.

وقد ظَلَّتْ سَيْنَاءَ إحدَى مُحافَظَاتِ الحُدُودِ الّتي يُشرفُ عليها الجيشُ المِصْرِيُّ، خاصَّةً بعدَ إنشاءِ دَوْلَةِ إسرائيلَ عامَ 1948، حيث أصْبَحَتْ مِنْطَقَةَ مُواجَهَةٍ مَعَها. وخضَعَتْ سَيْنَاءُ للاحتلالِ الإسرائيلِيِّ مُدَّةَ سِتِّ سنواتٍ بعد هزيمَةِ العَرَبِ في عامِ 1967.

واستطاعَ العَرَبُ في أكتوبَرَ 1973 رَدَّ الهزيمَةِ وتحريرَ معظمِ سَيْنَاءَ الّتي عادَتْ بكامِلِها إلى السّيادَةِ المِصْرِيَّةِ في 25 أبريل عام 1982، وهو التّاريخُ الّذي تحتفلُ فيه مصرُ كلِّ عامٍ باسْم عِيدِ سَيْنَاء.

 

وتَنْقَسِمُ سَيْنَاءُ حاليًّا إلى محافَظَتَيْن: شمالِ سَيْنَاءِ وعاصِمَتُها العَريش، وجنوبِ سَيْنَاءَ وعاصِمَتُها الطُّورُ.

وقد جاءَ اسمُ «الطُّور» في القرآنِ الكريمِ في عشرة مواضِعَ، منها قوله تعالى(وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا) (مريم:52).

والظروفُ الجُغرافِيَّةُ والتَّاريخِيَّةُ لسَيْناءَ جَعَلَتْها حتَّى وقتٍ قريبٍ مُنْعَزِلَةً قليلةَ السّكَّانِ ومُتَأَخِّرَةً في التَّنْمِيَةِ.

 

فحتَّى النِّصْفِ الأولِ من القرنِ العشرينَ لم يَزِدْ عددُ السّكّان عن 50 ألفَ فردٍ، أكثرُهُم من قبائِلِ البَدْو الرُّحَّلِ الذينَ كانوا يُمَثِّلونَ 75% من جُمْلَةِ البَدْوِ في مِصْرَ.

وبعدَ انْتهاءِ فَتْرَةِ الحروبِ وزيادَةِ اهتمامِ الدَّولَةِ بسَيْناء، زادَ عددُ السُّكّان إلى 208 آلافٍ في سنةِ 1986، وتحوَّلَ أَغلبُهُمْ من حياةِ البَدْوِ المُتَنَقِّلَةِ إلى حياةِ الحَضَـرِ المُسْتَقِرَّةِ.

ويتركَّزُ السّكّنُ في شمالِ شَرْقِ سَيْنَاءَ حَوْلَ مدينَةِ العريشِ، كما تجتذِبُ السَّواحِلُ أعدادًا كبيرةً منهم في حين يَقِلُّ السّكّانُ كثيرًا في داخِلِ سَيْنَاء.

 

وتَضُمُّ سَيْنَاءُ حوالَيْ 15 مدينةً، أكبرُها مدينَةُ العَرِيشِ الّتي يزيدُ سُكَّانُها على 70 ألفَ فردٍ، أيْ حَوَالَيْ ثُلُثِ سُكّان سَيْنَاءَ كلِّها. وتاتي بعدَها مدينةُ رَفَح (21 ألفَ فردٍ). أمّا بقيَّةُ المُدُنِ فَيَقِلُّ عددُ سُكَّانِ أيِّ مدينةٍ مِنها عن عَشَرَة آلافِ فردٍ.

وبعضُ هذه المُدُنِ قائمٌ علَى اسْتِغلالِ حُقولِ البترولِ، مثل رَأْسِ سُدْرِ، وأبو رِديس؛ أو معادِنَ أخرَى كالمَنْجَنيزِ في مدينةِ أبو زِنيمَةَ؛ وبعضُها الآخَرُ يعتمِدُ علَى السِّياحَةِ مثل ذَهَب، وشَرْمِ الشَّيْخِ، وسانْتْ كاتْرين.

ويتَّصِفُ اقتصادُ سَيْنَاءَ بالتَّنَوُّعِ، فالبَدْوُ يقومونَ بِرَعْي الإِبِلِ والأغْنامِ. وتُمَثِّلُ سواحِلُها الطّويلَةُ، بما تَضُمُّه من بُحَيْراتٍ وخِلجانٍ صغيرةٍ، بيئةً صالِحَةً تمامًا لصيدِ الأسماكِ.

 

وهناكَ مِساحاتٌ لا بَأسَ بها من الزِّراعَةِ في شمالِ سَيْنَاءَ تقومُ علَى مِياهِ الأمْطارِ الشتْوِيَّةِ، ومياهِ العُيونِ والآبارِ، فضلاً على قيامِ الدّولَةِ بمَدِّ أنابيبِ مياهٍ عَذْبَةٍ من النِّيلِ إلى سَيْنَاءَ. وأَهَمُّ المَحاصيلِ المَزْروعَةِ الزَّيتونُ والبَلَحُ، الذي يُعَدُّ من الثَرَواتِ الأساسِيَّةِ في سَيْنَاءَ، وبعضُ الخُضَرِ والفواكِهِ.

وهناك القليلُ من الصِّناعاتِ البسيطَةِ في سَيْنَاءَ، مثل: عَصْرِ الزيتونِ وتعْبِئَةِ الفواكِهِ، والصّناعَاتِ اليَدَوِيَّةِ التقليدِيَّةِ. ولسيناءَ شهرةٌ تاريخِيَّةٌ في التَّعدِينِ، فقد استخرجَ الفَراعِنَةُ خَامَ النُّحاسِ منذُ آلافِ السنينَ، وقامَ آخرون باسْتِغلال الذَّهَبِ الموجودِ فيها.

وقَدْ ازدادَتْ أهَمِّيَّةُ سَيْنَاءَ بعدَ ظُهورِ البِتْرولِ في غربِها عام 1946، ويبلُغُ إنتاجُ خليجِ السُّويْسِ 85% من جُمْلَةِ إنتاجِ البترولِ في مِصْـرَ. كما تُسْتَخْرجُ موادُّ البِناءِ، وخاصَّةً الجِبْسَ والرُّخامَ والجرانيتَ، وكذلك الأحجارُ الكريمَةُ كالفَيْروزِ.

 

ويأتي إلى سَيْنَاءَ الآلافُ من السُّيَّاحِ من جميعِ أنحاءِ العالَمِ كلَّ سَنَةٍ للتَّمَتُّعِ بشواطِئِها السَّاحِرَةِ، خاصَّةً في جنوبِها حيثُ توجدُ في بحارِها أجْمَلُ مستعمراتِ الشِّعابِ المَرْجانِيَّةِ في العالَمِ، والّتي تتجمَّعُ حولَها الأسماكُ من شتَّى الأصنافِ والألوانِ.

ويمارسُ هؤلاءِ السّائحونَ الرِّياضَاتِ المائِيَّة كالسِّباحَةِ والغَطْسِ وغَيرِها. كذلك يَحْرِصُ الكثيرٌ منهُم علَى زِيارَةِ الآثارِ الفِرْعَوْنِيَّةِ، والقِلاعِ والحُصونِ التَّابِعَةِ لعُصورٍ تاريخِيَّةٍ مُخْتَلِفَةٍ.

 

وبينَ أحضانِ جبالِ سَيْنَاءَ يوجدُ دَيْرُ سانْتْ كاتْرين، الّذي يُعَدُّ من أقْدَمِ الأدْيِرَةِ في العالَمِ.

وتتمتَّعُ الجبالُ المحيطةُ بهِ بأَهَمِّيَّةٍ دينيَّةٍ كبيرَةٍ، مثل جَبَلِ موسَى، وجَبَلِ المناجاةِ وجَبَلِ الصَّفْصافَةِ، وجميعُها شَهِدَتْ أحْداثَ نزولِ الدِّيانَةِ اليهودِيَّةِ علَى موسَى، عليه السَّلامُ.

وعلَى ساحِلِ سَيْنَاءَ الغَرْبِيِّ توجدُ واحَةُ عُيونِ موسَى التاريخِيَّةِ، إضافةً إلى مجموعةٍ من العُيونِ الطَّبيعِيَّةِ ترتَفِعُ بها نِسْبَةُ الكِبريتِ، بُنِيَتْ حَوْلَها حمّامَاتٌ للاسْتفادَةِ من خواصِّها العِلاجِيَّةِ تسمَّى حمَّامَاتِ فِرْعَونَ. كذلك توجدُ جبالُ سيريال الّتي تخرجُ منها خَمْسُ قِمَمٍ تُشَكِّلُ حَلْقَةً دائِرِيَّةً تشبهُ تاجًا عظيمًا.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى