نبذة تعريفية عن شخصية “سندباد” المتواجدة في القصص الخيالية
2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
سندباد القصص الخيالية التاريخ المخطوطات والكتب النادرة
السِنْدِبَاد أَشْهَر بَطَلٍ خَيَالِيّ لِأَشْهَرِ مَجْمُوعَةٍ قَصَصِيَّةٍ مِنْ قِصَصِ البَحْرِ: الذَّائِعَةِ في التّرَاث القَصَصِي العَرَبِي عَامًّة، وحِكَايَات أَلْف لَيْلَة ولَيْلَة خاصَّة.
وَقَدْ عُرِفَتْ هَذِهِ المَجْمُوعَةُ بِاسْمِ «قِصَص أَو حِكَاياتِ السِنْدِبَاد» وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ القِصَصُ أَو الحِكَاياتُ قَدْ اتَّخَذَتْ مِنْ قالَبِ الرِّحْلَة (وَقِوَامُها السَّفَرُ في البَحْرِ) إِطاراً فَنِّيًّا لَها.
فَقَدْ عُرِفَتْ هَذِهِ المَجْمُوعَةُ أيضًا بِاسْم «رِحْلاتِ السِنْدِبَادِ البَحرِيّ» وعُرِفَ السِنْدِبَادُ – بَطَلُها – بِاسْمِ «السِنْدِبَادُ البَحرِيُّ».
وهَذِهِ المَجْمُوعَة القَصَصِيَّة التي يَلْعَبُ فيها السِنْدِبَادُ دَوْرَ البُطُولَة تَتَضَمَّنُ سَبْعَ قِصَصٍ أَو حِكاياتٍ (أَو سَفَراتِ أَو رِحْلات بَحْرِيَّة).
وَكُلُّ واحِدَةٍ مِنْها تَنْطَوي عَلى مُغامَرَةٍ مُثيرَةٍ لِلسِنْدِبَاد، تَقَعُ لَهُ في إِحْدَى الجُزُرِ أَو البِلادِ أَو المُدُنِ المُمْتَدَّة بِطُولِ الطُرُقِ البَحْرِيَّةِ الَّتي عَرَفَها البَحْرِيُّونَ والتُّجَّارِ العَرَبُ القُدَامى، والمُمْتَدَّةِ مِنَ البَصْرَةِ عَلى الخَلِيجِ العَرَبِيِّ.
ومَدِينَةِ صُحَارٍ العُمَانِيَّة، ومِنْها إلى السَّوَاحِلِ الإِفْرِيقِيَّةِ أو إلى جَنُوبِ شَرْقي آسْيَا عَبْرَ ما يُسَمَّى آنَذاكَ بِالبَحْرِ الشَّرْقِيّ الكَبِيرِ (حَيْثُ شَواطِئُ السِّنْدِ ومُدُنُ الهِنْدِ، وَبِلادُ سَرَنْدِيبَ أو سَيْلان، وجُزُرُ الهِنْدِ الشَّرْقِيَّةِ وسُوقَطْرَةُ والمَلايُو حَتَّى بَحْرِ الصِّينِ الشَّمَالي، عَبْرَ المُحِيطِ الهِنْدِيّ وجُزْءٍ منَ المُحِيِط الهَادِي).
وكَانَ لِكُلِّ رِحْلَةٍ أَو سَفْرَةٍ مِنْ أَسْفَارِ السِنْدِبَادَ البَحْرِيَّةَ هَدَفانِ، أَحَدُهُما: التِّجَارَةُ وطَلَبُ المالِ والثَّرْوَة، مِنْ خِلالِ التَّبادُلِ التِّجارِيّ، أو البَيْعِ والشِّرَاءِ والمُقَايَضَة عَلى البَضَائِعِ.
والآخَرُ: الاكْتِشافُ وَطَلَبُ المَعْرِفَةِ، مِنْ خِلالِ مُشاهَدَةِ السِنْدِبَادِ لِعَجائِبِ البَحْرِ وغَرَائِبِ البَرِّ، والتَّعَرُّفُ عَلى حَضَاراتِ الشُّعُوبِ وثَقافاتِها ومُعْتَقَداتِها وعاداتِها وتَقالِيدِها، والرَّغْبَةُ المَعْرِفِيَّة الجامِحَة في الكَشْفِ عَن المَجْهُولِ.
ولِذَلِكَ كانَ قالَبُ الرِّحْلَةِ هُوَ الإِطارَ المُناسِبَ لِشَخْصِيَّةِ السِنْدِبَادِ الَّتي تَطْمَحُ في كُلِّ سَفْرَةٍ «لاكْتِسَابِ المَالِ والفُرْجَةِ عَلَى بِلادِ النَّاسِ».
وَمِنْ هُنا صَوَّرَتْهُ الحِكاياتُ، عَلَى أَنَّهُ تَاجِرٌ كَثيرُ الأَسْفارِ، وجَعَلَتْهُ مُقِيماً في بَغْداد عَاصِمةَ الخِلافَةِ العَبَّاسِيَّة آنَذاكَ – مِنْها يَنْطَلِقُ وَإِلَيْها يَعُودُ، بَعْدَ كُلِّ رِحْلَةٍ أَوْ مُغَامَرَةٍ بَحْرِيَّةٍ مُثِيرَة.
ويُشيرُ كِتابُ أَلْفِ لَيْلَةٍ وَلَيْلَة إلى أَنَّ قِصَصَ السِنْدِبَادِ قَدْ حَدَثَتْ وَقَائِعُها وأَحْداثُها في زَمَنِ هارُونَ الرَّشيدِ (الخَلِيفَةِ العَبَّاسِيّ الأَشْهَر في الثَّقافَةِ العَرَبِيَّة الشَّعْبِيّة) حَيْثُ اسْتَمَعَ بِنَفْسِهِ إلَيْها مِن السِنْدِبَادِ البَحْرِيّ شَخْصِيًّا، وَقَدْ «أَعْجَبَتْهُ غايَةَ العَجَبِ»
وَعِنْدَئِذٍ أَمَرَ المُؤَرِّخينَ «بِكِتَابَةِ هَذِهِ الحَكايات» والاحْتِفَاظِ بِها في خِزَانَتِهِ (مَكْتَبَتِهِ) حَتَّى يَعْتَبِرَ بِها كُلُّ مَنْ رَآها» أَوْ قَرَأَها مِنَ الأَجْيَالِ اللاَّحِقَةِ.
الأَمْرُ الَّذي يُضْفِي عَلَى هَذِهِ الحِكَاياتِ الخَيَالِيَّةِ، حِكَاياتِ السِنْدِبَادِ السَّبْع، نَوْعاً مِنَ القِيمَةِ الأَدَبِيَّة، ويُوحِي بِصِدْقِ مَا وَرَدَ فيها مِنْ وَقَائِعَ وَأَحْدَاثٍ وَمَعارِف، أَوْ مِنْ غَرَائِبَ أَو عَجَائِبَ كَانَتْ مَعْرُوفَةً في الثَّقَافَةِ العَرَبِيَّةِ الإِسْلامِيَّةِ آنَذاك، وخَاصَّةً في كُتُبِ الرِّحْلاتِ والتُّراثُ الجُغْرافِيّ، أَو في كُتُبِ العَجَائِبِ والغَرَائِبِ.
فَضْلاً عَن المَرْوِيَّاتِ والحِكَاياتِ والمَعَارِف الّتي كانَتْ ذَائِعَةً عَلى لِسَانِ الرُّبَّانِ أو النَّوَاخِذَةِ والبَحْرِيِّينَ والتُّجَّارِ والمُسَافِرينَ آنَذَاكَ، أي في أَثْنَاءَ ازْدِهارِ النَّشاطِ التِّجارِي البَحْرِيِّ العَرَبيّ في العَصْرِ العَبَّاسي حَيْثُ امْتَدَّ هَذا النَّشاُط البَحْرِيُّ لِلْعَرَبِ حَتَّى بَحْرِ الصِّينِ الشَّمالِيّ ومُدُنِهِ الخَيَالِيَّةِ أو العَجَائِبِيَّةِ في رأيِهِم.
ومِنَ الجَديرِ بالذِّكْرِ أَنَّ خَريطَةَ رِحْلاتِ السِنْدِبَادِ، كَمَا رَسَمَتْها حِكَايَاتُهُ الَّتي وَرَدَتْ في أَلْفِ لَيْلَةٍ وَلَيْلَة.
وَكَما كَشَفَ العُلَمَاءُ عَنْها بَعْدَ ذَلِكَ – هِيَ نَفْسَها الخَرِيطَةُ البَحْرِيَّةُ المَعْرُوفَةُ آنَذاكَ مِنَ البَحَّارَةِ والتُّجَّارِ العَرَبِ القُدَامَى الَّذِينَ جابُوا أَعَالي البِحار لِلتِّجَارَةِ البَحْرِيَّةِ في المُحيطيْن الهِنْدِي والهَادِي، مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ عَام.
إذا كانَ الشَّيْءُ بالشَّيْءِ يُذْكَر فَإِنَّ الخَرِيطَةَ السِنْدِبَادِيَّة هِيَ نَفْسَها تَقْرِيباً، خَرِيطَةُ البَحْرِيينَ والتُّجَّارِ العَرَبِ مِنْ أَهْلِ الخَليجِ في الأَزْمِنَةِ الحَدِيثَة، لِمِئاتِ السنينَ.
وَحَتّى اكْتِشفاِ النَّفْط، حَيْثُ تَوَقَّفُوا عَنْ «السَّفَرِ» لِلتِّجارَةِ (أَوِ الْغَوْصِ) ومِنْ ثَمَّ لا عَجَبَ أَنْ يُوصَفَ أَهْلَ الخَليجِ بِأَنَّهُم (أَبْنَاءُ السِنْدِبَاد) وَأَنْ تَحْتَلَّ حِكَاياتُ السِنْدِبَادِ وَرِحْلاتُهُ مَوْقِعاً مُتَمَيِّزاً في التُّراثِ البَحْرِيّ الشَّعْبِيّ الخَلِيجي، خَاصَّةً أَهْلَ عُمَانَ الَّذينَ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ السِنْدِبَادَ مِنْ مَدِينَة (صُحَار) العُمَانِيَّةِ وَلَيْسَ مِنْ بَغْداد.
وطِبْقًا لِرِوايَةِ أَلْفِ لَيْلَةٍ وَلَيْلَة، فَإِنَّ السِنْدِبَادَ البَحْرِيَّ قَدْ قَامَ بِسَبْعِ رِحْلاتٍ بَحْرِيَّةٍ، وفي كُلِّ رِحْلَةٍ لَهُ قِصَّة، وفي كُلِّ قِصَّةٍ مُغَامَرَة، وفي كُلِّ مُغَامَرَةٍ مُخَاطَرَة وكانَ النَّجاحُ دائِماً حَليفَهُ.
وَلَكِنْ بَعْدَ أَنْ يُقاسِيَ الأَهْوال ويُعاني الشَّدائِدَ، حيثُ يَكْتُبُ لَهُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى النَّجَاةَ، والعَوْدَةَ في كُلِّ مَرَّةٍ سَالِماً غَانِماً إلى بَغْداد – بَلَدِهِ وَوَطَنِهِ وَهُوَ أَكْثَرُ ثَرَاءً وَمَعْرِفَةً عَنْ ذِي قَبْل. ومِنْ أَشْهَرِ هَذِهِ القِصَصَ:
1- قِصَّةُ السِنْدِبَادِ وَطَائِرِ الرُّخِّ في وادِي المَاسِ والحَيَّاتِ.
2- قِصَّةُ السِنْدِبَادِ في جَزِيرَةِ الغُولِ الأَسْوَدِ العِمْلاق.
3- قِصَّةُ السِنْدِبَادِ في جَزِيرَةِ الأَقْزَامِ مِنْ أَكَلَةِ لُحُومِ البَشَرِ.
4- قِصَّةُ السِنْدِبَادِ وَشَيْخِ البَحْرِ المُتَوَحِّشِ في مَدِينَةِ القُرُودِ.
5- قِصَّةُ السِنْدِبَادِ في جَزِيرَةِ الكُنُوزِ والطِيبِ (العُطُور).
6- قِصَّةُ السِنْدِبَادِ وَمَقْبَرَةِ الأَفْيالِ، وهِيَ آخِر سَفْرَاتِهِ.
ويُرْوَى أَنَّ هَذِهِ القِصَصَ قَدْ كُتِبَتْ مُنْفَصِلَةً في القَرْنِ الثَّالِثِ الهِجْرِيِّ (الحَادِي عَشَرَ الميلادِي) ثُمَّ عَرَفَتْ طَريقَها بَعْدَ ذَلِكَ بِقَلِيلٍ إِلى كِتَابِ أَلْفِ لَيْلَةٍ وَلَيْلَة، كَمَا أَنَّها عرَفَتْ أَيْضاً طَرِيقَها إلى التَّرْجَمَةِ إلى مُعْظَمِ اللُّغاتِ العَالَمِيَّةِ مُنْفَصِلَةً أَوْ مَعَ أَلْفِ لَيْلَةٍ وَلَيْلَة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]