النباتات والزراعة

نبذة تعريفية عن عضو “الزَهرة” الموجود في النبات

1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

عضو الزهرة النباتات والزراعة الزراعة

الزّهرةُ عضوٌ هامٌ من أعضاء النباتِ لأنّ وجودها يُميّزُ فئةً كبيرةُ هي النباتاتُ المُزهرةُ أو الزهرية، وغيابها يمّيزُ المجموعة الأخرى غيرَ المُزهرةِ أو اللازهرية.

وللزّهرةِ وظيفةٌ أساسيةٌ في حياة النبات لأنها تؤدي وظيفة التكاثر الجنسي الذي يتم عن طريق الذكر والأنثى، بخلافِ التّكاثُر الخضريّ الذي يتمُّ بوساطة الأعضاء الخضرية.

وعمليّةُ التكاثرِ الجنيسيِّ عمليةٌ هامّةٌ لأنها الوَسيلةُ التي يُكَثِّرُ بها النّباتُ نفسه، ويحافظ على نوعه من الاندثار والانقراض، إلا إذا تعرض لظروفٍ بيئيّةٍ شديدةِ القسوة.

 

وتتركّبُ الزّهرةُ من أعضاءٍ تنشأُ في مُحيطاتٍ مُتتالية، ويكون عضوُ التأنيثِ مركزاً لهذه المحيطات.

وهذ الأعضاءُ على نَوعين: أعضاءٍ لا تدخل مباشرةً في عمليةِ التّكاثُر وهي: الكأسُ والتُّوَيْجُ. وأعضاء أخرى تدخُلُ مباشرةً في العلمية، وهي: الطّلْعُ (أعضاءُ التذكير)، والمتاعُ (عضوُ التأنيث).

أما الكأسُ فيتركّبُ من وحداتٍ أو أوراقٍ صغيرةٍ تُسمى «سِبَلات»، لونهُا أخضرُ في العادة، وتترتّبُ في محيطِ أو دائرةٍ. ووظيفتها حماية ما يليها من الأعضاءِ عندما تكونُ الزّهرةُ صغيرةً غيرَ متفتّحة.

 

ويلي ذلك محيط التّوَيج الذي يتركّبُ من «بتلاتٍ» تكونُ في العادة زاهية اللونِ لتجذبَ الحشراتِ إليها عندَ عمليةِ التلقيح. والكأس والتُوَيجُ هما المحيطان الخارجيان من الزهرة.

أما تميُزُهما إلى أخضر ومُلَوَّنٍ فهو أحدُ الصفات المميزة لِذواتِ الفلقتين، ويكونُ عدمُ تميُزُهُما في اللونِ أحد صفات ذوات الفلقة.

وقد يغيبُ المحيطانِ في بعض الأزهارِ ويُستعاضُ عن غيابهما بقُنَّابةٍ صغيرةٍ تحمي بقية الأعضاء وتوصفُ الزهرةُ عندئذٍ بأنها عارية.

 

أما المحيطان أو العضوان المختصّانِ بالتكاثُرِ فُهما «الطَّلْع» و «المتاع». ويمَثِّلُ الطلعُ عضوَ التَّذْكيرِ ويتكوّنُ من وَحْداتٍ تُسمى «أْسدِيةً». وتتركّبُ السّداةُ من «خيطٍ» رفيع عقيم يَحْمِلُ عند قمَّتِهِ تركيباً أُسطونياً أو مُفَلطحَاً يسمَّى «المُتْكَ».

ويتركَّبُ المُتكُ من «فصَّيْن» على جانبَيْ الخيْط. وكل فصٍّ به حافظتانِ هُما كيسا اللقاح. ويحتوي كلُّ كيسٍ على خلايا صغيرةٍ تُسمى الخلايا الأم لحبوبِ اللَّقاح، وعندَ نشاطِها تنقسمُ لتكوِّنَ «حبوبَ اللّقاح». وحبَّةُ اللَّقاح هي المشيجُ ( الجاميت) المذكّرُ أو الخليةُ الذكَريَّةُ التي ستُؤدِّي دَوْرَ الذّكر.

والمتاعُ هو عضوُ التأْنيثِ ويتركَّبُ من ثلاثةِ أجزاء. الجزْءُ القاعديُّ جِسمٌ كُمَّثْريٌّ أو بيضيُّ الشكلْ عادة، يسمَّى «المِبْيَض». والمِبْيضُ اسمٌ جامعٌ لوِحداتٍ تُسمَّى «كَرْبلاتٍ أو كَرابلَ».

 

والكرْبلةُ جسمٌ مغلقٌ على فراغِ يسمّى المَسكن تبرزُ فيه البوَيْضة أو «البويضات». والبُويضةُ تحتوي على كيسٍ جنينيِّ به نَوىً يُمَثِّلُ أحدُها المشيجَ (الجاميتَ) الأُنثوي.

أما الجزءُ الثاني من المتاع فهو «القَلَمُ». والقلمُ خيطٌ أسطوانيٌّ رفيعٌ ينتهي عندَ قِمَّتِهِ بالجزءِ الثالثِ الذي يُعْرَفُ بالمَيسم. و«الميسِمُ» منطقةُ استقبالِ حُبوبِ اللَّقاحِ كما سَيَرِدُ فيما بعد.

وتحتوي بعضُ الأزهارِ على أعضاءٍ أخرى إلى جانِبِ الأعضاءِ سالِفَةِ الذِّكْر ويُطْلَقُ عليها الأعضاءُ الزهريَّةُ الزائدة. فقد يوجَدُ داخِلَ الزَّهرةِ غُدَدٌ رحيقيَّةٌ تتخذُ أشكالاً كثيرةً ومواضعَ مختلفة.

 

وتفرِزُ هذهِ الغُدَدُ رحيقاً تغتذي عليه الحشراتُ الزائرةُ التي تُساعدُ على سَيرِ عملية التلقيح.

وتتبايَنُ الأزهارُ في أحجامِ وألوانِ وَحْداتِها وانفصالِ بعضها عن بعض أو التحامِها، ووجودِها كامِلةً بأعدادِها النمطيَّةِ أو زيادَةٍ أو نُقْصانٍ في أعدادِها.

ويمثِّلُ كُلُّ ذلكَ صِفاتٍ تشخيصيةً يُستعانُ بها عند تمييزِ نباتٍ باسمِهِ أو فصيلةٍ بعينها. وهي أمورٌ يهتمُّ بها أحدُ فروعِ علمِ النباتِ وهو علمُ تصنيفِ النبات.

 

وقد تَتَشَكَّلُ بعضُ أجزاءِ الزَّهرةِ على صورَةِ تركيباتٍ خاصَّةٍ مُعقَّدةٍ لتُناسِبَ أنواعاً معيَّنَة من الحشراتِ تجذُبها إليها وتَسْمَحُ لها أن تَمرَّ داخلَها لتصِلَ إلى مَكانِ الرحيق.

وعند خُروجِ الحشَرَة – أو ما دَخلَ من جسمِها – تلتصِقُ حبوبُ اللِّقاح عليها أو تَعْلَقُ بأرجلِها، وبذلكَ تنتقلُ – أي حُبوبُ اللقاح – إلى زَهرةٍ أخرى لكي تتمَّ عمليةُ التلقيح.

وتصلُ أحياناً هذه التحوُّراتُ الشكليَّةُ درجةً غريبةً عجيبة، حتى أن بعض أزهارِ الأراكيد تتشكَّلُ في صورةِ الأُنثى لبعْضِ أنواعِ الزّنابيرِ، فينجذبُ الذَّكرُ إلى الزهرةِ لاعتقادِهِ أنها أنثاه، وعندما يأتي ليتزاوجَ معها تلتصقُ بهِ حُبوبُ اللّقاح.

 

وتوصَفُ هذ العمليةُ بأنَّها تزاوجٌ خادعٌ أو «شبه تزاوج»، لأنّهُ لا يمكنُ أنْ تتزاوَجَ حشرةٌ معَ نَبات.

ولَيْسَتِ الأزهارُ جميعُها مكتملةَ الأعضاءِ على النَّحو الّذي ذكرناه، لأنَّ بعضَ الأزهارِ ينقصُها محيطٌ أو أكثر. فالمحيطانِ الخارجيانِ قد يغيبانِ وتوصفُ الزّهرةُ بأنها عاريةٌ كما ذكرنا سابقاً.

وقد يغيبُ الطلعُ وتكونُ الزّهرةُ مؤنّثةً أو يغيبُ المتاعُ وتكونُ مذكّرةً.

وفي أيِّ من الحاليتن توصَفُ بأَنَّها وحيدةُ الجنس، تمييزاً لها عن الخنثى التي تحتوي على العضوينِ معاً. والأزهارُ الخُنْثى هي الأكثرُ شيوعاً في ذوات الفلقتين.

 

وتوصَفُ النباتاتُ طبقاً لجنسِ الزَّهْرةِ أو الأزهارِ التي تحملها. فإنْ حَمَلَ النَّباتُ أزهاراً مُذكّرةً فقط أو أزهارً مؤنَّثة فقط وُصِفَ بانهُ «ثنائيُّ المسكن».

وإذا كان النوعان محمولَيْن على نفْسِ النباتِ وُصِفَ بأنه «وحيدُ المسكن». مثل الذُّرَةِ. وإذا حَمَلَ النباتُ أزهارًا مذكَّرة ومؤنَّثة وخُنثى وُصِفَ بأنهُ «عديدُ المسكن» مثل نباتِ المانجو.

وتختلفُ النباتاتُ بالنِّسبةِ إلى عددِ الأزهارِ التي تَحْمِلُها. ويختلفُ أيضاً مكانُ الأزهار: إن كانت على السّاقِ الرئيسيّةِ أو الفروع. فالنباتُ الواحِدُ قد يَحْمِلُ زَهْرَةً واحدةً تحتلُّ قمَّة ساقِه، وهذه حالةٌ ليست شائعة.

 

لكنَّ العادةَ أن يحملَ النباتُ أزهاراً كثيرةً طرْفيّةَ المَوْضِعِ على الفروع، وأيضاً على جوانبها. وفي أي من الحالاتِ السابقةِ تُحْمَلُ الأزهارُ مفرَدة، فنجدُ أن كُلَّ زهرةٍ محمولةٌ على عُنُقِها.

لكنْ كثيراً ما تتجمَّع عِدَّةُ أزهارٍ فيحملُها محورٌ واحد، ويُعرَفُ هذا التجمٌّعُ باسم «النَّوْرة». وتختلِفُ النوْراتُ في أعدادِ أزهارها وأحْجامْها وطريقةِ تَرْتيبِها على المِحْور الذي يحملُها. ويمثِّلُ ذلكَ أنواعاً كثيرةً من النوْراتِ لها أسماءٌ معيَّنة.

فهناك النوْرةُ السُّنْبليَّةُ في الفصيلةِ النّجيليّةِ والنَّوْرَةُ الهاميّةُ في الفصيلةِ المركَّبةِ مثلَ نورةٍ عبَّادِ الشمس، والنورةُ الهِرِّيّةُ التي يتميَّزُ بها نباتُ التّوت، والنورةُ الخيميَّة في الفَصيلةِ الخيْمية… الخ.

 

وتبدأُ عمليةُ التكاثرِ عندما تَنْضَجُ أعضاءُ التذكيرِ وأعضاءُ التأنيثِ. وتتمُّ العلميةُ على مرحلتين، هما عمليةُ التلقيحِ وعمليةُ الإخصاب.

أما عمليةُ «التلقيح» فهِي مجرَّدُ انتقالِ حبوبِ اللّقاحِ من الطَّلْعِ لِتَسْقُطَ على مَيْسمِ المتاعِ. ويتمُّ الانتقالُ بوسائِلَ مختلفة: عن طريقِ الماءِ كَما في النباتاتِ المائية، أو بالهواءِ ويُعرَفُ بالتلقيحِ الهوائيِّ، أو بالحشراتِ ويُعْرَفُ بالتلقيحِ الحشري، أو بالإنسانِ مثلما يحدثُ عند تأبير النَّخْلِ.

والتأبيرُ هو أن يأخُذَ الإنسانُ طَلْعَ النخلةِ المذكرةِ ويصعَدَ بهِ النخلةَ الأنثى ليطرُقَ بها الأزهارَ المؤنثة. وإيّاً كانت وسيلةُ الانتقالِ فإنَّ العمليةَ تُعْرَفُ بالتلقيحِ الخلْطِيِّ، لأنَّ لقاحَ زهرةٍ ما يُلَقّح متاعَ زهرةٍ أخرى.

 

أما إذا لقَّحَتْ حُبوبُ لقاحِ زهرةٍ ما مَتاعَ الزهرةِ نفسِها عُرِفَ بالتلقيحِ الذاتي. والتلقيحُ الخلطيُّ هوالأكثرُ شيوعاً.

وتبدأ عمليةُ الإخصابِ عندما تسقطُ حبَّةُ اللِّقاحِ على الميْسمِ وتنمو عليهِ. ثُمَّ تنمو من حبَّةِ اللِّقاح أنبوبَةٌ، تخترِقُ نسيجَ القلم، ثم تستمرُّ ناميةً فيهِ إلى أن تصلَ إلى البويْضَة، وتنقلُ إليها ثلاثَ نَوَيَاتٍ ناتجةً من انقسام نواةِ حبَّةِ اللقاح. وكذلك يحدثُ في نواةِ البُوَيْضَةِ انقساماتٌ بطريقة خاصة.

وفي النهاية، تُخصِبُ إحدى النَّوَيَاتِ الذكريةِ إحدى نَوَيَات البويضة، فيتكوَّنَ، الزيجوت. وكذلكَ تَتَّحِدُ نَوَيَاتٌ أخرى لتكوِّنَ الخليَّة التي سوف يَنْشَأُ منها «الإندوسْبِرْم» الذي سوفَ يغُذِّي الجنينَ في المراحِلَ الأولى من الإِنبات.

 

والجنينُ في النباتِ يتكوَّنُ من جِذرٍ صغيرٍ يسمَّى جُذَيْراً، وساقٍ صغيرةٍ تُسمَّى ريشةً وأوراقٍ ممثَّلةٍ بفلقةٍ أو فِلْقَتين. ويحاطُ هذ الجنينُ والغذاءُ المرافقُ له بأغلفةٍ معيَّنَةٍ ليكوِّنَ البذرة.

وعندما تُزرعُ البذرةُ تنبتُ لتكوِّنَ نباتاً صغيراً يُسمَّى بادرةً. ثم تنمو البادرةُ إلى النباتِ البالغ الذي يحملُ أزهاراً تقوم بعملية التكاثُرِ كما أوضحنا. وهكذا تتكرَّرُ دورةُ حياةِ النبات.

وليستْ جميعُ النباتاتِ لها القدرةُ على التكاثُرِ الجِنسيِّ، إذ إنَّ بعضهَا لا يتكاثَرُ إلا خَضريّاً. وذلك إما لفشل في عمليةِ التلقيح، أو أنّ التَّلْقيحَ ينجَحُ ويفشلُ الإخصاب، أو أنّ العمليتين تنجحانِ لكن تكونُ البذرةُ الناتجةُ ضعيفة.

 

لذلك يلجأ النباتُ إلى التكاثُرِ الخضريُّ دونَ الحاجةِ إلى أعضاء التذكيرِ والتأنيث. وهناكَ نباتاتٌ تستطيع التكاثُرَ بالطريقتين معاً، أو بالطريقة الخَضَريَّة فقط مثل نبات الموز.

وللأزهارِ فوائدُ متعددة، إذ إنها تُضيفُ ناحيةً جماليةً بألوانِها الزاهية عندما تُزْرَعُ للزينةِ في الحدائقِ العامَّةِ والخاصَّةِ ونزيّنُ بها غرفَنَا ونُهديها إلى أعزّائِنا لنعبِّرَ بها عن مشاعرِنا الطيبة. هذا إلى جانبِ رائحتِها العطريَّة المحبَّبَة مثل رائحةِ أزهارِ الوردِ والياسمين والفل التي تملأُ الجوَّ بعبيرها.

وتحتوي بعضُ الأزهارِ على زيوتٍ عطريةٍ تُستَخرجُ لِتُستخدمُ في صناعَةِ العُطورِ مثل زيْت السَّعْتَر وزيت اللافانديولا.

وتستخدمُ بعضُ الزيوتِ العطريةٍ في الصناعاتِ الدّوائية. هذا فضلاً على ما تنتجه الأزهارُ من موادَّ غذائيةٍ سكرية.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى