إسلاميات

نبذة تعريفية عن فريضة الجهاد وأنواعه

1996 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السابع

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

فريضة الجهاد أنواع الجهاد إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

الجهاد في اللغة العربية معناه بذلُ أقصى الجهد في فِعْلِ شيءٍ ما. وإذا سمِعَ الناس كلمةَ الجهاد انصرفتْ أذهانهم إلى نوع واحدٍ من أنواعه، وهو قتالُ الأعداد المحاربين.

وفي هذا المقام ينبغي أن نتذكَّرَ أن الجهادَ أو القتالَ بهذا المعنى مُقَيَّد في الإسلام بإنه «جهادٌ في الله» أو «جهاد في سبيل الله» وهذا متكرِّر بكثرة في القرآن الكريم والحديث الشريف وسبيلُ الله لا تَعْرِفُ العدوانَ والظلم، وهي في الوقتِ نفسِه تدفعُ العدوانَ ولا ترضى الذل.

والحقيقةُ أن دائرة الجهاد في سبيل الله، عند فقهاء المسلمين، أوسعُ بكثيرٍ من مجرّد القتال.

 

بقول ابن تيمية: أحمد بن عبد الحليم، وهو من أشهر فقهاء. ومفكري الإسلام (وفاته 728هـ 1328م):

«الجهاد إما أن يكون بالقلب، كالعزم عليه، أو بالدعوة إلى الإسلام وشرائعه، أو بإقامة الحُجَّة على المُبْطِل، أو ببيان الحقّ وإزالة الشُّبْهَة، أو بالرأي والتدبير فيما فيه نفعُ المسلمين أو بالقتال بنفسه، فيجب الجهاد بغاية ما يمكنه»

قال ابن حجر(واسمه: أحمد بن علي, ووفاته852ه=1449م) في كتابه «فتح الباري بشرح صحيح البخاري» أول الجزء السادس: «الجهاد أصلُه لغةً: المشقَّة, وشرْعاً: بذلُ الجهد في قتال الكفار. ويُطْلق أيضا على مجاهدة النفس والشيطان والفُسّاق».

 

وفي ضوء هذا الفهم العميق للجهاد، سنحاول الإلمام بمفهوم الجهاد بأنواعه المختلفة.

أولا:  الجهاد بعنى القتال: المقصود هنا قتالُ الأعداء، الذين يهاجمون أوطاننا، ويدبّرون لنا المكائد. ومن المعلوم أن كلَّ الدول لديها جيوش, مهمتُها الأساسية دفع المعتدين، وتحقيق الهيبة للدولة.

فواجبُ كلِّ قادرٍ من الشباب أن ينخرط في سلك الجنديَّة، وهو مؤمن بأنه يقوم بطاعةٍ لله من أفضل الطاعات، لأن هدفه كما  يقول أحد الفقهاء «إعزازُ دين الله، وْدفُع الشرِّ عن العباد، المقصود أن يأمن الناس، ويتمكَّنوا من القيام بمصالح دينهم ودنياهم".

وأبواب الجهادِ في هذا المجالِ كثيرةٌ جدا، بحيث يتمكنُ الصغير والكبير، والرجل والمرأة من القيام بحق الله تجاه وطنهِ وعبادهِ, ومن أمثلة ذلك:

 

1- شرح قضايا الوطن في الصحف والكتب وجميع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.

 

2- الردّ على ادعاءات الأعداء وما ينشرونه ضدَّ الدين والوطن. وهذان البابان من أنواع «الجهاد باللسان» فعلى الشاب والشابة التدرّب والتعلم لهذا المجال، طلبا لثواب الله عز وجل.

 

3- التفكير في صناعة آلة حربية، تدفع المعتدين، كالصواريخ المضادَّة للطائرات مثلا، بابٌ عظيم من أبواب الجهاد. ففي الحديث عن النبي ﷺ«إن الله تعالى يُدْخِل بالسهم الواحد ثلاثةَ نفرٍ الجنَّةَ: صانعَة يَحْتَسبُ فيه الخير, والرامي به، والمُمِدَّ به».

 

4- اختراع آلات أو أدوات أو أدوية تعالج الجرحى والمرضى والمصابين، باب من أبواب الجهاد..

وقِسْ على ذلك يقول ابن تيمية في مجموع الفتاوي ح28ص13: «وتعلّم هذه الصناعات، هو من الأعمال الصالحة، لمن يبتغي بذلك وجه الله عز وجل، فمَنْ علَّم غيره ذلك كان شريكَه في كلِّ جهادٍ يُجاهِدُ به, لا يُنْقَص أحُدهما من الأجر شيئا».

 

ثانيا: جهاد النفس: النفس تميل إلى الراحة والكسل وحبّ اللهو، وبعضُ النفوس تحب الرئاسة والتسلّط والظلم, وغير ذلك من العيوب. و

علاج هذه العيوب بحاجة إلى صَبْر طويل, وتدريب مستمر, ووعْى متيقّظ, استجابةً لقول الله عز وجل(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) (الحشر: 18).

– طلب العلم محتاج إلى صبر ومتابعة، وهذا جهاد.

– محاسبة النفس كل يوم، ماذا عمِلتْ، ثم محاولة التخلُّص من الخطأ والتقصير، والزيادة من الخير، من أصعب أنواع الجهاد.

– كفُّ النفس عن الشهوات المحرّمة، والسلوكِ الفاسد، جهادٌ عسير.

والنبي صلى الله عليه وسلم يوضح هذا النوع من الجهاد بقوله: «والمجاهد مَنْ جاهد نَفْسَه».

 

ثالثا: جهاد الشيطان: يقول الله عز وجل (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) (فاطر: 6) وهو يوسوس للإنسان بالشرّ، ويزيّن له الشهوات، ويُلْقى في النفس الشبهات، وأحبُّ شيء إليه تفريق الجماعة، وإلقاء العداوة بين الناس، وبثُّ الشكوك في القلوب. ومقاومة ذلك كله بحاجة إلى جهادٍ وقوَّةِ إيمان.

 

رابعا: الجهاد العام والمستمر: قدَّمنا النقل عن ابن تيمية أن الجهاد يشمل «الرأي والتدبير فيما فيه نفع المسملين». وهذا يعني أن ينشغل كل منا بمصالح المجتمع، كما ينشغل بمصالح نفسه.

إن الذي يقدِّم فكرة لتنظيم المرور، وهداية السالك في الشوارع والطرقات، مجاهد في سبيل الله.

 

والذي يَدْرُس الوسائل التي توفّر الغذاء هو من أعظم المجاهدين لأنها يُحْيي النفوس، والذي يبتدعُ طريقةً لجمع النفايات ودفع الأذى عن الناس، عامل مجاهد في سبيل الله. وهكذا وهكذا.

«فالجهاد يتضمّن كمالَ محبَّة ما أمر الله به، وكمال بُغْض ما نهى الله عنه» كما يقول فقهاء الإسلام، وصدق الله العظيم إذْ يقول(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) (العنكبوت:69)

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى