الطب

نبذة تعريفية عن مدى خطورة “كسور عظام الإنسان” وكيفية علاجها

2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الرابع عشر

عبد الرحمن أحمد الأحمد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

كسور عظام الإنسان كيفية علاج كسور العظام الطب

كثيراً ما نُصادِفُ كسورَ العِظامِ في حياتِنا، وبخاصَّةِ عَقِبَ حَوادِثِ الطَّرُقِ.

وأَوَّلُ ما يَنْبَغي الانْتِباهُ إلَيْهِ أَلاَّ يُحاوِلَ إنْسانٌ غَيْرُ مُتَمَرِّنٍ إِصلاحَ كَسْرٍ، أو تَحريكَ عَظْمٍ مَكْسورٍ، فَقْدْ ثبتَ أنَّ بعضَ هذه المُحاوَلاتِ يضاعِفُ المُشْكِلَةَ الّتي حَدَثَتْ نتيجةَ الكَسْرِ.

ويجبُ دائِماً منعُ تحريكِ الجزءِ المُصابِ خوفاً منْ أَنْ تُمَزِّقَ حافاتُ العظامِ المكسورَةِ بعضَ الشرايينِ أو الأَوْرِدَةِ أو الأَعْصابِ المجاوِرَةِ لَهُ.

 

وهكذا يَقْتَصِرُ الإسْعافُ الأَوَّلِيُّ لِكُسورِ العِظام علَى جَبْرِ العظامِ كما هي، أَيْ تَدْعيمِها بطريقَةٍ تمنعُ الجُزْءَ المُصابَ مِنَ الحَرَكَةِ في أَثْناءِ نَقْلِ المُصابِ مِنْ مَوْقِعِ الحادِثِ إلَى المٌسْتَشْفَى.

إذا صادَفَ أن اخْتَرَقَ العظمُ المكسورُ الجلدَ أو صاحبَ الكسرَ حدوثُ نَزْفٍ، فإنَّنا نَلْجَأُ إلَى الضَّغْطِ علَى مَوْضِعِ النَّزْفِ لإيقافِهِ.

ويمكنُ تَشْخيصُ حدوثِ كُسورِ العظامِ بمُلاحَظَةِ التَشَوُّهِ في العظمِ المُصابِ، وذَلِكَ بالمُقارَنِةِ بينَ الجزءِ المُصابِ ونظيرِهِ في النَّاحِيَةِ الأُخْرَى مِنَ الجِسْمِ.

وإضافةً إلَى هذا يمكنُ تشخيصُ حدوثِ الكَسْرِ بحدوثِ التَألُّمِ عَنْدَ لَمْسِ العَظْمِ المَكْسورِ، وبِحُدوثِ الوَجَعِ، وبحُدوثِ التَّوَرُّمِ.

 

ويُصَنِّفُ الأَطِبَّاءُ كسورَ العظامِ إلَى أنْواعٍ مُخْتَلِفَةٍ، فالكسرُ «البَسيطُ» (أو المُغْلَقُ) يَظَلُّ سطحُ الجلدِ فيهِ سليماً علَى الرَّغمِ من أنَّ العَظْمِ تَحْتَهُ مكسورٌ بِصِفَةٍ كامِلَةٍ أو جُزْئِيَةٍ.

أمَّا في الكَسْرِ «المَفْتوحِ» فتبرزُ أطرافُ العظامِ المُهَشَّمَةِ من خلالِ الجِلْدِ. وفي الكَسْرِ «المُتَفَتِّتِ» يَتَشَظَّى العَظْمُ إلَى أجزاءٍ صغيرَةٍ.

وفي الكَسْرِ «الضَّغْطِيِّ» تَنْضَغِطُ الفَقَراتُ المُكَوِّنَةُ لِلْعَمودِ الفقارِيِّ وتَنْكَسِرُ. وفي الأَطْفالِ، حيثُ لا تزالُ العظامُ لَيِّنَّةً، يحدثُ «كسرُ العودِ الأخْضَرِ» حيثُ تَنْغَلِقُ العظامُ جُزْئِيّاً دُونَ أنْ تَنْكَسِرَ.

 

وتَخْتَلِفُ المَظاهِرُ المَرَضِيَّةُ لِكُسورِ العِظامِ باخْتِلافِ مَواضِعَها، وكَذَلِكَ تَخْتَلِفُ العِلاجاتُ المُتاحَةُ لَها.

ففي كُسورِ الجُمْجُمَةِ يَحْدثُ نَزْفُ الأنْفِ أو الفَمِ أو الأُذنَيْنِ، كما قَدْ يحدثُ اخْتلافٌ في حَجْمِ إنْسانِ إحدَى العَيْنَيْن عنه في الأُخْرَى، كما قَدْ يحدثُ شَلَلٌ في أحَدِ الأَطْرافِ. ويجبُ تركُ من اُشْتُبِهَ في كَسْرِ جَمْجَمَتِهِ مُسْتَلْقِياً.

وإذا كانَ وجهُهُ مُحْتَقِناً يُفَضَّلُ رفعُ رَأْسِهِ وكِتْفَيْهِ إلَى أَعْلَى قليلاً، أمَّا إذا كانَ وجهُهُ شاحبِاً فَيُفَضَّلُ خَفْضُ رَأسِهِ إلَى أسْفَلَ قليلاً، كما يجبُ فَكُّ أَزْرارِ ياقَةِ القَميصِ أو أيِّ ملابِسَ مُحيطَةٍ بالرَّقَبَةِ.

وإذا كانَ المريضُ في غيبوبَةٍ يُدارُ رأسُهُ إلَى أحَدِ جانِبَيْهِ قليلاً حتَّى لا يَتَجَمَّعَ اللُّعابُ (أو الدَّمُ) في فَمِهِ.

 

ويُشتَبَه في كسورِ العمودِ الفَقَارِيَّ عْنِدَ وُجودِ آلامٍ شديدَةٍ بالرَّقَبَةِ أو الظَّهْرِ عَقِبَ إصابَةٍ عنيفَةٍ. وتَتَفاوَتُ أَعْراضُ الأَلم في حالاتِ كُسورِ العَمودِ الفقارِيِّ من آلامٍ بالِغَةٍ إلَى آلامٍ بسيطةٍ، كما تَتَفاوَتُ الإصابَةُ بالخَدَرِ أو الشَّلَلِ الجُزْئِيِّ، ويَنْدُرُ وجودُ التَوَرُّمِ والإيلامُ.

ولا بدَّ مِنْ نَقْلِ هؤلاءِ علَى نقَّالاتٍ صُلْبَةٍ حتَّى لو اقْتَضَى الأَمْرُ خَلْعَ بابٍ خَشَبِيٍّ واسْتخدامَهُ كنَقَّالةٍ. ويلزمُ إمْساكُ الرَّأْسِ في مُسْتَوَى الجِسْمِ دونَ السَّماحِ بِتَحريكِها يَمْنَةً أو يَسْرَةً. ولا يجوزُ مُطْلَقاً السَّماحُ بِنَقْلِ المريضِ علَى نقَّالةٍ لَيِّنَةٍ، فَقَدْ يُؤَدِّي هذا إلَى خطرٍ بالِغٍ أو إلَى الوَفاةِ.

وكَسْرُ الأَنْفِ يُعالَجُ بإيقافِ النَّزيفِ. ويعالجُ كَسْرُ الفَكِّ السُّفْلِيِّ بِرَفْعِهِ وتَثْبيتِهِ بِرِباطٍ يَمْتَدُّ مِنْ أَسْفَلِ الذَّقنِ إلَى أَعْلَى الرَّأْسِ.

وكسورُ الأَضْلاعِ لا تُؤْدِّي إلَى تَوَرُّم أو تَشَوُّهٍ ملحوظٍ، إنَّما يَشْعُرُ المريضُ بأَلَمٍ مِنَ التَّنَفُّسِ العَميقِ. ويمكنُ رَبْطُ الصَّدْرِ بِرِباطٍ أو مُشَمَّعٍ لاصِقٍ لِتَقْليلِ حَرَكاتِ التَّنَفُّسِ.

 

وفي الحوادِثِ العنيفَةِ قَدْ يَنْكَسِرُ عَدَدٌ مِنَ الأَضْلاعَ، وقَدْ تصابُ بعضُ الأعْضاءِ الدَّاخِلِيَّةِ، كالرِّئَتَيْنِ، ومِنْ ثَمَّ يَسْعَلُ المَريضُ ويَبْصُقُ دَماً.

وعِنْدَ الاشْتِباهِ في إصابَةِ الأَعْضاءِ الدَّاخِلِيَّةِ، لا يجوزُ رَبْطُ الصَّدرِ لأنَّ هذا يزيدُ مْنِ خطورَةِ الإصابَةِ. وإذا اُشْتُبِه في كَسْرِ الحَوْضِ، يمكنُ ثَنْيُ الرُّكبَتَيْنِ قليلاً بوَضْعِ وِسادَةٍ تَحْتَهُما إذا كانَ هذا يُريحُ المَريضَ.

وإذا اشْتَكَى المُصابُ ألماً في الحَرْقَفَةِ أو أَعْلَى الفَخذِ وَجَبَ وضعُ الرِّجْلِ علَى جبيرَةٍ لاحْتِمالِ وُجودِ كسرٍ بِعَظْمِ الفَخِذِ أَيْضاً.

وفي كسورِ الأطْرافِ، عموماً، يَنْحَصِرُ الإسعافُ الأوَّلِيُّ في مَنْعِ العَظْمِ المَكْسورِ مِنَ الحَرَكَةِ، ويَلْزَمُ أنْ يَرْبَط الطَّرَفُ المصابُ إلَى جبيرَةٍ بسيطَةٍ.

 

وفي جَميعِ الأحْوالِ، يتوَلَّى الأطِبَّاءُ المُخْتصُّونَ تَقْديمَ العِلاجِ المُناسِبِ للشَّخْصِ المُصابِ وفي كثيرٍ منَ الأَحْوالِ، يَتَطلَّبُ الأَمْرُ إِجراءَ جِراحَةٍ، أو جِراحاتٍ، لإعادَةِ العظامِ إلَى أوْضاعِها الطَّبيعِيَّةِ، وكَذَلِكَ لِرَأْبِ الأَنْسِجَةِ والأَوْعِيَةِ الدَّمويَّةِ والأَعْصابِ المصابَةِ.

وقَدْ أوْدَعَ اللهُ العِظَامَ آلِيَّةً رائِعَةً تَجْعلُها قادِرَةً علَى العَوْدَةِ إلَى الالْتِئامِ ولكنَّ هذا قَدْ يتطَلَّبُ شُهوراً وبَعْدَها يوضَعُ المُصابُ تَحْتَ بَرْنامَجٍ مِنَ العِلاجِ الطَّبيعِيِّ، حتَّى تَتَّخِذَ العِظامُ أشْكالَها وأَحْجامَها الطَّبيعَيَّة. 

وكذَلِكَ لتَنْشيطِ العَضلاتِ الّتي ظَلَّتْ مُعَطَّلَةً وقتاً طَويلاً ولتَنْمِيَتِها بعدَ إصابَتِها بالضُّمورِ، وكَذَلِكَ لإعادَةِ التَّنسيقِ بينَ عَمَلِ العَضلاتِ والأَعْصابِ في تحريكِ العِظامِ.

 

وتَضْعُفُ هذه القُدُراتِ نِسْبيّاً مَعَ تقدَّمِ العُمْرِ، ولكنَّها تكونُ قَوِيَّةً في الطُّفولَةِ والصِّبا. والأَغْذِيَةُ الغَنِيَّةُ بالكالسيوم مفيدَةٌ في الْتِئامِ العظامِ، بِصِفَةٍ عامَّةٍ.

ولا يفوتُنا هُنا أَنْ نَنْتَبِهَ إلَى القاعِدَةِ الحكيمَةِ العامَّةِ، وهي: الوقايَةُ خيرٌ مِنَ العِلاجِ!

فلابُدَّ أنْ نَبْذُلَ جُهْدَنا في تَجَنُّبَ التَّعَرُّضِ لحوادِثِ كسورِ العظامِ، وبخاصَّةٍ بالالْتِزامِ بالقواعِدِ الصَّحيحَةِ في قِيادَةِ السَّياراتِ، وعُبورِ الطَّريقِ، والتَّعَقُّلِ في حَرَكاتِنا، وعَدَمِ الانْدفاعِ فيها، والنَّظَرِ إلَى ما قَدْ يَعْتَرِضُ طريقَنا من عَقَباتٍ.. وقانا اللهُ شَرَّ العَثَراتِ!

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى