نبذة تعريفية عن مراحل تصنيع الوَرَق واستخداماته المتعددة
2004 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السادس عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
مراحل تصنيع الوَرَق استخدامات الورق أدوات التكنولوجيا والعلوم التطبيقية
يُعْتَبَرُ الوَرَقُ أحدَ أهمِّ الخاماتِ النَّافِعةِ للإنسانِ في حياتِهِ اليَوميَّةِ. كما أنَّ حضارتَنا الحديثةَ لم تكنْ لِتَقومَ وتَزْدَهِرَ لَوْلا معرفتُنا الوَرَقِ واسْتِخْدامُنا لهُ في مُخْتلِف المَجالاتِ.
وقد اشْتقَّ أَصْلُ كلمةِ «وَرَقٍ» من الكَلمةِ المِصْريّةِ القديمةِ «البرْدِيّ» وهو نباتٌ كانَ ينمو على شَاطىءِ النِّيلِ صَنَعَ مِنْهُ المصريونَ القُدماءُ الوَرَقَ المعروفَ باسْمِهِ «ورق البُرْديِّ»، وما زالَ هذا الورقُ يُصنَّعُ في مِصْرَ وفي دولٍ أُخْرى للاسْتخداماتِ السِّياحيَّةِ وغَيْرِها من الأغراضِ
ومنذُ فجرِ التَّاريخِ والإنسانُ يحاولُ تَسْجيلَ مَوْرُوثِهِ الثَّقافيِّ، فقامَ أوَّلاً بتسجيلِهِ على شَكْلِ رموزٍ بدائيَّةٍ على جُدرانِ الكهوفِ والأحْجارِ، وتَدْريجيّاً أَخَذَ شكلُ الدّعامةِ الّتي يَسْتخدِمُها للكتابَةِ عليْها يَتَغيَّرُ في البلادِ بتغيُّرِ الزَّمانِ والمكانِ وحَسبَ الخاماتِ المُتاحة في كلِّ بلدٍ.
فالسُّوريونَ مَثَلاً كانُوا يكتبونَ على صَفَحاتِ الطِّين أو الخَزَفِ أو الفَخَّار الّتي كانُوا يَصنعونَها من الطَّمِي. والفِينيقيُّونَ (بلادِ سُوريا ولبنانَ) كانُوا يكتبونَ على أَلْواح الخَشَبِ المَأْخوذةِ من الأشجارِ.
والمصريونَ القُدَمَاءُ كانُوا يكتبونَ على وَرَقِ البُرْديِّ كما ذَكَرْنا وأَيْضاً على جدرانِ المَعَابدِ والمَسلَّاتِ. كما كانتْ بعضُ شعوبِ شرقيِّ آسْيا تكتبُ على صَفَحاتٍ من سَعَفِ النَّخيلِ وجَوْزِ الهندِ ولحاءِ الأَشْجارِ.
واليابانيونَ كانُوا يكتبونَ على لفائِفِ الحريرِ، وكذلكَ الصينيونَ وكانُوا عليها وعلى شرائحِ نَباتِ البَامْبُو يَكتبونَ.
ويَرْجِعُ الفَضْلُ للعربِ في صناعَة أوَّلِ كتبٍ عَرَفَها العالمُ صفحاتهُا من ورِقٍّ مَصْنوعٍ من جلودِ الماعِزِ والأغنامِ، وكانُوا يُصدّرونَ صفحاتِ الرِّقِّ وكذلكَ الألواحَ الخَشبيَّةَ لأُوروبا للكتابَةِ عَلَيْها.
وظلَّ الحالُ كذلكَ حتَّى اسْتطاعَ أحدُ المْهتمينَ بصناعَةِ الكتبِ في الصِّين ويُدْعَى «تساي لون» في عام 105 ميلاديَّةِ من ابْتكار طريقةٍ لصِناعةِ الوَرَقِ مِنْ لحاءِ الشَّجرِ وبعضِ الحَشائشِ والخِرَقِ وشِباكِ الصَّيْد القَديمةِ!
واسْتطاعتِ الصِّينُ أنْ تحتفظَ لنفسِها بأَسْرارِ صِناعَةِ الوَرَقِ مُدَّةً تزيدُ على نحوِ سبعةِ قرونٍ، حتِّى استطاعَ القائدُ العربيُّ زيادُ بنُ صالحٍ من غَزْوِ الصِّينِ وهَزيمتِها في معركةٍ سَمَرْقَنْدَ عامَ 751 ميلاديّة.
وكانَ من بينِ أسْرى الحَرْبِ بعضُ صُنّاعِ الوَرَقِ الذين أَطْلعُوا العربَ على أسْرارِ صناعتِهِ مقابلَ تأمينِ حياتِهِمْ.
ومنذُ ذلكَ الحينِ أقامَ العَرَبُ في سَمَرْقَنْدَ مَصانعَ للورقِ، ومنها انتقلتْ إلى شِبْهِ الجزيرةِ العربيَّةِ حيثُ أَنْشَأَ الخليفةُ هارونُ الرَّشيدُ أوَّلَ مَصْنعٍ للورقِ في بغدادَ عامَ 793 ميلادية.
ويَرجِعُ الفضلُ للعربِ والمُسلمينَ في تَعليمِ أُوروبا أسرارَ صِناعَةِ الوَرَق وإنشاءِ أوَّلِ مَصْنَعٍ لذلكَ في الأَنْدلسِ عامَ 1150 مِيلاديَّة، ومِنْ بَعْدُ في إيْطاليا وفرنْسَا ثُمَّ أَلْمانيا.
وتَعتمدُ صِناعةُ الورق في الأَصْلِ على أليافِ السيلولوزِ، وهي مُركَّبٌ من عناصرَ ثلاثةٍ الكَرْبونِ والهيدروجينِ والأكسجينِ، وصِيغتُهُ الكيميائيَّةُ C6H10O5.
وتقومُ ببنائِهِ الخَلايا الحيَّةُ في النباتِ. وتُستخدَمُ في صناعَةِ الوَرَق ثلاثةُ أنواعٍ من السليولوزِ أَنْقاها السليولوزُ الناتجُ من نباتِ القُطنِ.
والوَرقُ، كما نعرِفُهُ اليومَ، بمثابةِ رقائقَ مستويةٍ من أليافِ السّليولوزِ القَصيرةِ الّتي تُضَافُ إليها موادٌ خاصَّةٌ مثلُ الطّفلِ الأبْيضِ أو مسحوقٍ حَجَرِ الجِيرِ وبعضِ الرَّاتنجاتِ، حيثُ تَعملُ هذه الموادُّ على سَدِّ مَسَامِّ الوَرَقِ وتجعلُهُ قابلاً للصَّقْلِ وصَالحاً للكتابةِ.
وفي بادئِ الأَمْرِ كانَ يتمُّ تَصنيعُ الوَرق يَدويًّا، أمَّا الآنَ فبالطرقِ الميكانيكيَّةِ الحَديثَةِ.
وعُمُوماً تمرُّ صناعةُ الورقِ بمرحلتينِ أساسيتينِ هُما:
1- المرحلةُ الأُولى: تحضيرُ العَجِينَةِ: وذلكَ بتَقْطيعِ كُتَلِ الخَشَبِ الكبيرةِ المَأْخوذةِ من الأشجارِ إلى قطعٍ صغيرةٍ تُوضعُ في وعاءٍ أسطوانيٍّ مِنْ الصُّلْبِ.
يُدْفَعُ داخلَهُ ببخارِ الماءِ وبعضِ المَحاليلِ الكيميائيَّةِ في درجةِ حرارةٍ مُعيَّنةٍ ولمدَّةٍ مُعيَّنة فيذوبُ لجينُ الخشبِ في المَحْلولِ بينَما تظلُّ أليافُ سيلولوزِهِ عالقةً بِهِ (وتُسَمَّى هذه العمليةُ الطَّبْخَ).
ثُمَّ تُغْسَلُ العَجينةُ بالماءِ جَيداً لتخليصِها من المَوادِّ الكيميائيَّةِ العالقةِ، وتُخَفَّفُ بالماءِ، ثُمَّ تُنْقَلُ إلى قِسْمِ التَّنْقيةِ الميكانيكيَّةِ حيثُ تُوضَعُ في شبكةٍ سِلْكيةٍ هَزّازةٍ تَسمحُ بمرورِ أليافِ السليولوزِ من خلالِها وتَحجزُ ما سِواها.
2- المَرْحَلةُ الثَّانيةُ: تحويلُ العَجينةِ إلى ورقٍ: وهيَ تَشملُ عملياتٍ عديدةً هي بالتَّرتيب: الغَسْلُ، والتَّرشيحُ ، والتَّبييضُ، والضَّربُ أو التَّفتيتُ، والصَّقْلُ، والحَشْوُ، والتَّلوينُ، وتَشبيكُ الأليافِ لتكوينِ أَشْرطةٍ.
ثُمَّ لفُّ الأشرطةِ على مِحْوَرٍ أُسطوانيٌّ للحصولِ على لَفَّاتٍ زنةُ الوَاحدةِ مِنْها حَوَالي 4 أَطْنانٍ وعَرْضُها 3.25 أمتارٍ.و
أخيراً التَّقطيعُ حيثُ تُقَطَّعْ اللَّفَّاتُ إلى بوبيناتٍ (بَكَر) حسبَ المَقاساتِ المطلوبةِ أو تُقطَّعُ في شَكْلِ أَفْرخٍ وتُجمَعُ في رِزَمٍ تَحْتَوي كُلُّ رِزْمةٍ منْها على 500 فرخٍ.
وقدْ تَقدَّمتْ صِناعةُ الوَرقِ كثيراً حتَّى أصبحتْ تُنتجُ لنا أنواعاً عَديدةً منه قَدْ تَصلُ إلى نحوِ مائةِ نوعٍ تَبِعاً لاسْتخداماتِها منها: ورقُ الطباعةِ، وورقُ التغليفِ (وهو أنواعٌ كثيرةٌ منها الورقُ النَّباتيُّ المُقاومُ للماءِ، والورقُ الشَّمعيُّ المقاومُ للشُّحومِ.
والورقُ المعدنيُّ، وورقُ تغليفِ الحَلْوَى)، والورقُ المُقَوَّى أو الكرتونُ، والورقُ الشَّفَّافُ، وورقُ الكربونِ، والوَرقُ الحَراريُّ، وورقِ المناشِفِ والمناديلِ، وورقُ الاسْتخداماتِ الخاصَّةِ مِثلُ ورقِ النَّقْدِ وورقِ جوازاتِ السَّفرِ.
واللَّونُ الشائعُ للورقِ هو اللَّونُ الأبيضُ ولكنَّهُ قد يَتَواجَدُ في مختلفِ الألوان.
وتُطْلقُ على الورقِ مُسميَّاتٌ تجاريَّةٌ خاصَّةٌ منها: ورقُ الكُوشيهِ، وورقُ البنواكوتِ، وورقُ الكرومو، وورقُ البريستولِ، والورقُ الفنيُّ، والورقُ نصفُ الفنيِّ، إلخ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]