نبذة تعريفية عن مسجد القيروان المتواجد في تونس
2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الخامس عشر
عبد الرحمن أحمد الأحمد
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
مسجد القيروان تونس الاماكن والمدن والدول المخطوطات والكتب النادرة
يطلق على جامع القيروان بتونس اسم «أزهر المغرب العربي» وذلك – كما يرى كثير من المفكرين الإسلاميين – لمكانة المدينة الإسلامية العريقة – القيروان – التي كانت بوابة نشر الإسلام في القارة الأفريقية.
إضافة إلى وجود المدارس المسجدية التي ساهمت بشكل بارز في تخريج العلماء والفقهاء الذين أدلوا بدلوهم الجيد في الحياة الدينية، ونشر الدعوة الإسلامية.
ويعد مسجد القيروان أبرز ما جاءت به العمارة القيروانية في الحضارة الإسلامية بالمغرب العربي. وقد أسس سنة 50هـ، ويعود الفضل لزيادة الله الأول في رسم ملامحه وتخطيطه النهائي. وهو يستمد تخطيطه من الجامع الأموي مع الاقتداء بمثال جامع الرسول بالمدينة
ويتميز جامع القيروان، بالإضافة إلى معماره وتركيبه الهندسي، بالمحافظة على أغلب أثاثه الأصلي الذي يرجع إلى فتراته الأولى.
ومنذ ذلك العهد أصبحت قبلة جامع القيروان موضع إجلال الناس وتعظيمهم لشرف انتمائها إلى التابعي عقبة بن نافع الذي أورث اسمه الجامع فصار يعرف بجامع سيدي عقبة.
ولم يكن هذا المسجد أول الأمر إلا مساحة مسورة بسور سميك من اللبن على هيئة حصن، فهو يماثل المساجد الأولى، فقد كان بسيط البناء، صغير المساحة. ويغلب على الظن أن أسقفه كانت تقوم مباشرة على الأعمدة دون أن تحملها عقود.
ولم تلبث المدينة أن عمرت – بعد تخطيط الجامع – بالدور ومختلف الأبنية والمساجد، وشد الناس إليها الرحال وعظم قدرها وتحقق الرجاء من بنائها، وأصبحت بحق قاعدة للمسلمين في بلاد المغرب. وكانت القيروان في وسط الصحراء، ولم يمنعها انعزالها هذا من أن تنمو وتكبر.
وإذا كان عقبة بن نافع قد عزل عنها فترة من الزمن فإنها استعادت عظمتها بعودته عام 61هـ. وظلت ما يقرب من أربعمئة عام على رأس مدن إفريقية والمغرب، وكان لها سور له أربعة عشر بابا.
وكانت سوقها متصلة بالمسجد من جهة القبلة، وممتدة إلى باب يعرف باسم «الربيع». وذكر البكري أنه كان لهذه السوق سطح متصلة به جميع المتاجر والصناعات، وأن هذا السطح قد تعرض لبعض التهدم.
وأمر هشام بن عبد الملك بترميمه عام 105هـ. ولقد كان هذا المسجد منارة العلم في المغرب الإسلامي قاطبة حيث تخرج فيه من العلماء من يفخر بهم العالم الإسلامي على مر العصور.
ولعل أبرز شاهد على ذلك هو أن شيوخ القيروان ممن تلقوا علومهم في هذا المسجد هم الذين جعلوا من مسجد القرويين بفاس جامعة كبرى على أثر نزوجهم إثر الغارة الهلالية.
وكان من بين العلماء الذين نشروا علمهم في هذا الجامع كل من: علي بن زياد تلميذ مالك بن أنس، وأسد بن الفرات الذي أقام مدة طويلة بالمدينة المنورة قادما إليها من القيروان ليأخذ المذهب المالكي.
كما أن الإمام سحنون بن سعيد هو الآخر قد سافر إلى المدينة المنورة للاستزادة من العلم وعاد إلى القيروان ليلقي دروسه في جامعها وليكون إماما وقاضيا في القيروان.
ويدعم جدران المسجد الشرقية من الخارج ركائز ضخمة ملاصقة للجدران وظيفتها ليس – كما يتبارد إلى الذهن – دعم البناء وتحمل الضغط الذي تمارسه عقود بيت الصلاة، لأن هذه الركائز أقيمت في مواضع بعيدة عن نقط امتداد العقود ومراكز اندفاعها.
وإنما الغرض منها أن تتمشى في مظهرها مع الدعائم البارزة التي تكتنف أبواب المسجد فتضفي عليه جمالا، لأن هذه الدعائم لو تركت بمفردها لظهرت كأنها زيادات منفرة تشوه المظهر الجمالي للمسجد من الخارج.
ويتميز المسجد بمئذنة فريدة تعد من نوادر المآذن وأجملها. بل إن المآذن التي بنيت بعدها في المغرب شاكلتها واقتدت بها كمئذنة جامع سفاقس ومآذن تلمسان وأغادير والرباط والقرويين.
وتتكون هذه المئذنة الرائعة من ثلاث طبقات كلها مربعة الشكل إلا أن الطبقة الثانية أصغر من الأولى، والثالثة أصغر من الثانية. ويخيل إلى الناظر أن المنارة ليست سوى برج ضخم عال جميل.
وهذه المئذنة تقع في الحائط المقابل لجدار القبلة آخر الصحن المكشوف. وضلع طبقتها الأولى المربعة من أسفل يزيد على 5.10 متر، مع ارتفاع يقارب 19 مترا.
وقد بنيت الأمتار الثلاثة والنصف الأولى منها بقطع حجرية ضخمة مصقولة، بينما شيد بقية جسم المئذنة بقطع حجرية مستطيلة الشكل.
وللمئذنة فتحات ضيقة من الخارج متسعة من الداخل للإنارة والتهوية، وتعلوها من خارج المئذنة عقود تشبه حدوة الفرس لتخفيف الضغط. ويدور بداخلها سلم ضيق يرتفع مع ارتفاع البناء، ويتناسب مع حجمه، فكلما ارتفع ضاق.
ويرى بعض الأثريين أن هذه المنارة الضخمة لم تبن دفعة واحدة، بل إن الجزء الأول منها، وهو الأضخم، بني في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك أيام واليه على القيروان بشر بن صفوان، ثم بعد فترة طويلة بني الجزء الثاني والثالث فوق تلك القاعدة الضخمة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]