علوم الأرض والجيولوجيا

نبذة تعريفية عن معدن “الكُوزَيْت”

1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الخامس

ترجمة أ.د عبد الله الغنيم واخرون

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

معدن الكوزيت علوم الأرض والجيولوجيا

الكوزيت الطبيعي معدن ذو أهمية كبيرة واسعة، وهو عبارة عن ضرب من السِيليكا (SiO2) المتعددة الشكل (البلوري) .

وقد اكتشف لأول مرة في يونيو 1960، حيث تم التعرف عليه من الحجر الرملي الكوكو – نيني (المسامي) الموجود في فوهة نيزك بولاية أريزونا الأمريكية، وذلك من قبل أي. سي. تي . شاو (E. C. T. Chao) الذي يعمل في هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية .

وفيما بعد تم التعرف عليه في فوهة (نيزك) وَبَار (Wabar Crater) في المملكة العربية السعودية، وفي فوهة ريز (Ries Crater) في بفاريا بجنوب ألمانيا، وفي فوهة بحيرة بُوسَمْتوِي (Bosumtwi) في أشانتي بغانا في أفريقيا، وفي بحيرة مين (Mien) في السويد .

 

كما تم التعرف على المعدن في بعض التكتيت* (الأجسام الكونية – Tektites) التي وجدت في تايلاند، والتي يعتقد أنّها تكونت أيضاً بفعل عملية تكوين الفوهات.

والمعلومات المتعلقة بهذا الموضوع مبينة في الجدول المرفق. إن وجود الكوزيت في الطبيعة يؤكد أنه ضرب حقيقي من المعادن.

نظراً لأن تكوينه يتطلب شرطاً فريداً من نوعه، وضغطاً مرتفعاً للغاية أعلى من 20 كيلوبار (2×10 9 نيوتن/ متر مربع).

 

لذا فإن وجوده مرتبط بظاهرة طبيعية خاصة، وهي تأثير اصطدام نيْزَكِيّ (Meteorite) بالأرض بسرعة عالية جداً.

وهذه الحقيقة وهي أن الصدمة اللحظية يمكن أن تخلق مادة تشبه الكووزيت، قد فتحت آفاقاً واسعة من البحث العلمي عن ظاهرة الموجات الصدمية.

وعن إمكانية إيجاد مواد ذوات ضغط عال ومتعدد الشكل البلوري، ولها من الخواص ما هو غير عادي بالنسبة للحياة اليومية.

 

وقد أدى هذا الاكتشاف إلى دراسة معادلة حالة الأطوار المعدنية بإجراء تجار على الموجات الصدمية. وهذه الدراسة مهمة في فهم التجمعات المعدنية في منطقة وشاح الأرض وما دونها، والتي تقع تحت ضغوط تزيد عن (300) كليوبار.

ومثل هذه الحالات ذوات الضغط الهائل لا يمكن اكتشافها بالتقنيات المختبرية الخاصة بالضغط المرتفع الموجود في الوقت الحاضر.

 

تصنيع الكوزيت :

صنع الكوزيت في المختبر على هيئة مركب كيميائي لأول مرة عام 1935 من قبل كوز الصغير (L. Coes, Jr.) وذلك تحت ضغط يعادل حوالي (35) كيلوبار وفي درجة حرارة تتراوح ما بين (500-800) درجة سيليزية. ثم تبعه جى. ماكدونالد عام 1956، وأف. دشيل وآر.

روى عام 1958، وأف. آر. بويد وجي. أل. إنجلاند عام 1960، الذي درسوا حقل الاستقرار لهذا النوع من السيليكا متعدد الشكل وذي الضغط العالي، كما هو موضح في شكل (1).

ويتضح من هذا الرسم البياني الطوري، أن الكوزيت لا يتكون عند ضغط يقل عن (20) كيلوبار (أي حوالي 20.000 ضغط جوي).

 

كما وجد الكوزيت أيضاً في الماس الصناعي، وقد تشكل نتيجة تحويل الكوارتز ألفا (Alpha Quartz) باستخدام تقنية الإجهاد التمزقي، (انظر ظواهر الضغط المرتفع).

ومنذ توليف الكوزيت صناعياً، أجريت تحريات للبحث عنه وهو في حالته الطبيعية، فقد بحث عنه في الكمبرليت (Kymberlites)، وهو صخر بركاني يحتوي على الماس، وفي الاكلوجيت (Eclogites)، وهو صخر غني بالجارنت البيروكسيني.

يعتقد الجيولوجيون وعلماء الصخور أنه قد تكون تحت ضغط عال، إلا أنهم فشلوا في الحصول على الكوزيت. وعلى ضوء المعلومات التي توصل إليها العلماء في المختبر، فقد كان معروفاً أن الكوزيت لا يتكون طبيعياً في القشرة الأرضية عند أعماق تقل عن (60) متراً.

 

يوجد الكوزيت في حبيبات يقل حجمها عادة عن (5) ميكرون، وتوجد بوجه عام بكميات قليلة، لذا لم يتمكن الباحثون السابقون من التعرف عليه، أمثال جورج ميرل، الذي كان أول من درس ووصف التركيب الصخري للحجر الرملي الكوكيتي المسامي حوالي عام 1907.

وقد عرفت الخواص العامة لمعدن الكوزيت بشكل رئيسي من الدراسات التي أجريت على البلورات الصناعية. فهو معدن عديم اللون، ذو بريق زجاجي وصلادته حوالي (8)، وعديم الانفصام.

وله وزن نوعي يساوي  كما أن بلورته ثنائية المحور موجبة، ذات (2V) حوالي (64) درجة، ومعاملات انكسارها هي ألفا (1.5940) وبيتا (1.5940)، وجاما .

 

وتشتتها أفقي، حيث تكون (r) أقل من (V) أي ضعيفة. وأما التوجيه أو التهيئة البصرية فهو درجات، وبيتا = (120) درجة.

توجد البلورات الصناعية على شكل لويحات (Platelets) سداسية كاملة إلى ناقصة الأوجه وشرائح ذوات استطالة موجبة. وتوجد توائم تماسية بسيطة عند [120] كتوأم ومستوى مركب.

ومعدل معامل (Mean Index) الكوزيت الطبيعي المأخوذ من فوهة نيزك في أريزونا، هو (1.595 = 0.002). ويتبلور الكوزيت في فصيلة أحادي الميل، حيث يكون طول المحور أ = (16,17) المحور ب = (12,39)، والمحور ج = (7,16)، وزاوية بيتا (B) = (120) درجة.

 

ولا يذوب المعدن تقريبا في حمض الهيدروفلوريك المخفف بنسبة (5%) عند درجة حرارة الغرفة ولكنه يذوب بسهولة في حمض الهيدروفلوريك المركز عند درجات حرارة مرتفعة.

وقد قدر ب. جي. سكينز (B. J. Skinner) التمدد الحراري للوحدة البنائية للكوزيت. كما تبين أف. داشيل، وأر. جي. زيتو، أو روى الكوزيت غير مستقر عندما لدنوه (أزالوا سقايته) عند درجات حرارة تزيد عن (1300) درجة سليزية.

 

وتحت مثل درجات الحرارة هذه سيبقى الكوزيت على أية حالة غير واضح. وهذا يفسر وجود الكوزيت في فوهة ريز في جنوبي ألمانيا، والتي يقدر عمرها بحوالي (15,000,000) سنة.

يمكن التعرف على الكوزيت الطبيعي في القطاعات الرقيقة للصخور من هيئته الشاذة، ومن معامل انكساره العالي، وعلى أية حال، فإن التعرف عليه بدقة لا بد وأن يعتمد على استخدام تقنية قياس شدة انحراف الأشعة السينية على مسحوق المعدن.

 

القيمة العلمية للكوزيت :

نظراً لعدم وجود فائدة تجارية جلية للكوزيت حتى الآن، لذلك ليس له قيمة اقتصادية واضحة. ولكونه يستخدم كحجر تدريجي (Setpping – Stone) في البحث العلمي، فإنه يخدم على الأقل بطريقتين:

1- حيثما يتواجد الكوزيت طبيعياً، فإنه دليل مميز على حدوث ضغط عال خلال التاريخ الماضي.

2- يدل بوضوح وجود الكوزيت في فوهة نيزك، على أن التصادم كعملية يمكن أن تحول مادة عادية ذات كثافة منخفضة إلى أخرى ذات كثافة عالية وصفات فريدة.

 

الأصل التصادمي (الإرتطامي) :

نظراً لوجود النيازك الحديدية في فوهة النيزك في إريزونا وفي فوهة وبار في المملكة العربية السعودية، فإنه لا يوجد ثمة شكل في أن الفوهة وكذلك الكوزيت في الصخور السليكية قد حدثا نتيجة لارتطام نيازك حديدية بالأرض بسرعة عالية جداً .

ولو افترضنا وجود مصادر أخرى لطاقة، على سبيل المثال ثوران بركاني أو حركة أرضية، فإن هذه المصادر لا تنتج ضغطاً كافياً لتحويل الكوارتز إلى كوزيت، لذا فإن وجود الكوزيت خاصة إذا كان مرافقاً للفوهة دليل على الأصل التصادمي للنيزك.

بناء عليه فإن فوهة ريز (Ries Crater) وفوهة بحيرة بوسمتوي، اللتان كان أصلهما مشكوك فيه، يمكن الآن اعتبار أنهما من أصل تصادمي رُجْمِيّ (نَيْزكِيّ) مع أن بقاياهما النيزكية لم يعثر عليها بعد في هاتين الفوهتين الكبيرتين.

 

الأصل الصَّدْمِيّ :

إن اكتشاف الكوزيت الطبيعي في فوهات النيازك التصادمية، قد فتح حقل التجرية في امكانية تخليق مركبات صناعية أخرى ذوات ضغط عال، وذلك بتوليد الصدمات.

كما أن وجود الكوزيت في فوهة النيزك يساعد في تفسير وجود الماس في نيزك أُخْدود دَيَابْلُو باعتباره ذو أصل صَدْمي حسب رأي م. إي. ليبشوتز (M. E. Lipschutz) وادوارد أندرز، وذلك قبل اكتشاف الكوزيت الطبيعي.

وفي تجربة لاحقة أجراها ب. أس دوكارلي (P. S. DeCarli) وجي. سي. جاميسون (J. C. Jaieson) نجحا في صنع ماس، وذلك بتوليد صدمة فجائية.

 

وبناء عليه، فإنه من الممكن فعلاً تخليق صور متعددة الشكل (البلوري) وذوات ضغط عال لمواد أخرى بإحداث صدمة فجائية وهذه الصور كما في حالة الماس، يمكن أن يكون لها قيمة اقتصادية محتملة وكبيرة …

ومنذ ذلك الوقت، وجد الكوزيت في المواد المقذوفة من فوهات صنعها الإنسان بفعل تفجير (500,000) طن من مادة تي. أن. تي. (T. N. T) شديدة الانفجار.

إن لمثل هذه الاكتشافات أهمية جيولوجية كبيرة، حيث أنها تعزز فكرة أن جوف الأرض ربما يتكون من معادن غير معروفة على سطح الأرض. والأرض صلبة حتى عمق (2900) كيلومتراً، ويعتقد بأنها بوجه عام تتكون تحت السطح من سيليكات الحديد والمغنسيوم.

 

وأما عند الأعماق الكبيرة، فإن مادتها توجد في صور متعددة الشكل البلوري، وتختلف عن معادن الاوليفين والبيروكسين الموجودة في الصخور السطحية للأرض.

وما زال البحث جار على وجود الكوزيت في الصخور المتحولة بفعل مصادر الطاقة الأخرى، من مثل الثورانات البركانية والحركات الأرضية التكوينية العميقة.

إن دراسة الكوزيت والفوهات ضروري لدراسة الفوهات التصادمية، سواء الموجودة منها على سطح الأرض أو تلك الموجودة على سطح القمر.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى