نبذة تعريفية عن مفهوم السُرعة وكيفية حسابها
2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
مفهوم السرعة كيفية حساب السرعة الفيزياء
كَثيراً ما نَسْتَخْدِمُ في لُغتِنا اليَّومِيَّةِ كَلِماتٍ مِنْ قَبيلِ: سُرْعَةٍ، وتَسَارُعٍ، وعَجَلَةٍ، لِوَصْفِ أَداءِ ما يَتِمُّ بِمُعَدَّلٍ كبيرٍ.
وقَدْ وَصَفَ اللّهُ تعالَى نَفْسَهُ بأنَّهُ أَسْرَعُ مَنْ يَتَوَلَّى الحِسابَ والجَزَاءَ، وذلك في قوله تعالى(ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ ۚ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ) (الأنعام:62).
ووَصَفَ اللّه الذينَ يَخْشَوْنَهُ ويَهابُوَه بِقَوْلِهِ عز من قائل( أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) (المؤمنين:61).
مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، تُحَذّرُنا الحِكْمَةُ من أَخْطارِ التَّسّرُّعِ أو العَجَلَةِ في العَمَلِ والتَّفْكيرِ: «في التَّأّنِّي السَّلامَةُ، وفي العَجَلَةِ النَّدَامَةُ».
أمَّا في العِلْمِ فإنَّ لمُصْطَلَحاتِ السُّرْعَةِ والتَّسَارُعِ (العَجَلَةِ) مَعانِيَ مُحَدَّدَةً تَماماً، وإنْ كانَتْ تَعْكِسُ معانِيَ هذِه الألفاظِ في لُغَتِنا اليَّوْمِيَّةِ بصفةٍ عامَّةٍ.
مِنَ المَعْرُوفِ في مُبَارَيَاتِ السِّباقِ أنَّ كلاًّ مِن المُتَنَافِسِينَ يَبْذُلُ قُصَارَى جُهْدِهِ لِكَيْ يُحْرِزُ قَصَبَ السَّبْقِ بِقَطْعِ المَسافَةِ المُحَدَّدَةِ للسِّباقِ في أَقَلِّ زَمَنِ مُمْكِن.
فإذا كانَتْ المُبَارَاةُ في العَدْوِ – مثلاً – لمسافَةِ مئتي مترٍ، وكانَ الزَّمَنُ الّذي اسْتَغْرَقهُ العّدَّاءُ الفَائِزُ في قَطْعِ هَذِهِ المَسافةِ مُساوياً مئةَ ثَانِيَةٍ، نُحَدِّد مِقْدَارَ سُرْعَتِهِ بِحِسابِ المَسَافَةِ المَقْطُوعَةِ في وَحْدَةِ الزَّمَنِ، هكذا:
وعموماً، تعتبر السرعة التي يتحرك بها جسم ما إحدى المكونات الأساسية في وصف حركته، وتقاس بمقدار التغير في المسافة بالنسبة للزمن، ويمكن أن يعبر عنها بوحدات الطول مقسومة على وحدات الزمن (م/ث؛ كم/ساعة؛ كم/يوم؛ …. ).
ولا يَكْفي مِن النَّاحِيَةِ العِلْمِيَّةِ تَحْديدُ السُّرْعَةِ الّتي يَتَحَرَّكُ بِها جِسْمٌ ما بِمِقْدارِها فَقَطْ، إذْ يَلْزَمُ أَيْضًا تحديدُ الاتِّجاهِ والمَنْحَى.
ولِهَذا تُعْتَبَرُ السُّرْعَةُ «كَمِيَّةً مُتَّجِهَةً». فإِذا وُصِفَتْ حَرَكَةُ سَيَّارَةٍ بأنَّها تَسيرُ بِسُرْعَةِ 80 كيلومتراً/ ساعة، فهذا الوَصْفُ يُشيرُ إلَى سُرْعَةِ انْطِلاقِ السَّيَّارَةِ دُونَ اعْتِبارٍ لاتِّجاهِ حَرَكَتِها.
أمَّا إذا وُصِفَتْ حَرَكَةُ السَّيَّارَةِ بأنَّها تَسيرُ بِسُرْعَةٍ مُتَّجِهَةٍ مِقْدَارُها 80 كم/ساعة نَحْوَ الشَّرْقِ، فهذا يُعْطي وَصْفاً أَكْثَرَ دِقَةً لِحَرَكَةِ السَّيَّارَةِ.
وتَأْثِيرُ هَذِه السُّرْعَةِ يَخْتَلِفُ، بِطَبِيعَةِ الحَالِ عَمَّا إِذَا كانَتْ السَّيَّارَةُ تَسيرُ بهذه السُّرْعَةِ نفسِها نَحْوَ الشَّمالِ أو الجَنُوبِ، مثلاً.
ولمزيدٍ من الدَّقَّةِ يَنْبَغِي التَّمييزُ بَيْنَ نَوْعَيْن مِنْ السُّرْعَةِ: السُّرْعَةِ المُنْتَظِمَةِ، والسُّرْعَةِ المُتَوَسِّطَة.
فإذا كانَتْ السَّيَّارَةُ تَقْطَعُ مسافاتٍ مُتساويَةً في أزْمِنَةٍ مُتَساويَةٍ وكانَ اتِّجاهُ الحَرَكَةِ ثَابِتاً، فإنَّها تُوصَفُ بأَّنَّها تَسيرُ بسرعةٍ مُنْتَظِمَةٍ أَوْ ثاَبِتَةٍ.
لكِنَّنا نلاحِظُ، مِنْ مُشاهَدَاتِنا اليَّومِيَّةِ، أنَّه عِنْدَ انْتِقَالِ شَخْصٍ بسَيَّارَتِه مِنْ مَكانٍ إلى آخَرَ، لا تَتَحَرَّكُ السَّيَّارَةُ عادةً بِسُرْعَةٍ مُنْتَظِمَةٍ بِسَبَبِ ما يُواجِهُها في أَثْناءٍ سَيْرِها من إشاراتِ المُرورِ، وعُبورِ المُشَاةِ والمُنْعَطَفَاتِ، وغيرِ ذلِكَ.
فَهِيَ مِن النَّاحِيَةِ العَمَلِيَّةِ تُسْرِعُ أَحْياناً وتُبْطِئُ أَحياناً، وقَدْ تَتَوَقَّفُ لِبَعْضِ الوَقْتِ، فتكونُ سُرْعَتُها مُتَغَيِّرَةً مِنْ وَقْتٍ لآخَرَ.
ويُسْتَحْسَنُ في هّذِهِ الحَالةِ حِسابُ سُرْعَتِها المُتَوَسِّطَةِ بأنْ نَقْسِم المسافَةَ الكُلِّيَّةَ المَقْطوعَةَ عَلَى الزَّمَنِ الّذي اسْتَغْرَقَتْهُ الرِّحْلَةُ كُلُّها.
فإذا فَرَضْنَا مَثَلاً أن السَّيَّارةَ قَطَعَتْ مَسافَةً كُلِّيَّةً مِقدارُها 216 كيلو متراً في زَمَنٍ قَدْرُه 4 ساعاتٍ، فإنَّ:
ويمكنُ حٍسابُ هذهِ السُّرْعَةِ بالمترِ في الثانيةِ، كما يلي:
وتَدُلُّ هذه القِيمةُ عَلَى مُتَوَسِّطِ سُرْعَةِ السَّيَّارَةِ في أَثْناءِ حَرَكَتِها، ولا يَتَحتَّمُ أنْ تَكونَ قَدْ سَارَتْ بهذِهِ السُّرْعَةِ في أيِّ وَقْتٍ في أَثْناءِ حَرَكَتِها.
أمَّا إذَا كانَ المَطْلُوبُ هُوَ تَعيينَ سُرْعَةِ جسمٍ ما في لَحْظَةٍ ما عِنْدَ نُقْطَةٍ مُحَدَدَّةٍ في مَسارِ حَرَكَتِهِ، فإنَّنا نَعْتَبِرُ المَسافَةَ المَقْطُوعَةَ خلِالَ فَتْرَةٍ زَمَنِيَّةٍ قَصيرَةٍ جِدًّا. وَعِنْدَئِذٍ تُعْرَّفُ السُّرْعَةُ باسمِ «السُّرْعَةِ اللّحْظِيَّةِ».
ومِثْلَمَا عَرَّفْنَا السُّرْعَةَ بأنَّها مُعَدَّلُ التَّغَيُّرْ في المَسَافَةِ بالنِّسْبَةِ للزَّمَنِ، فإنَّ السُّرْعَةَ بِدَوْرِهَا يُمكنُ أنْ تَتَغَيَّر زَيادَةً ونُقْصانًا بالنِّسْبَةِ للزَّمَنِ.
فيُلاحَظُ عِنْدَ بَدْءِ تَحَرُّكِ سَيَّارَةٍ أَنَّ سُرْعَتَها تَزْدَادُ تَدْريجيًّا من الصِّفْرِ (أيْ حالَةِ السُّكُونِ) حتَّى تَنْتَظِمَ نَوعاً ما خِلالَ فَتْرَةٍ قَصيَرةٍ. وعِنْدَ إيقافِها تَقِلُّ سُرْعَتُها تَدْرِيجِيًّا أيضًا حتَّى تَصِلَ إلَى الصِّفْرِ.
ويُقالُ في أثْناءِ تَغَيُّرِ سُرْعَةِ السَّيَّارَةِ بالزِّيادَةِ أو النُّقْصَانِ أَنَّها تَتَحرَّكُ بِعَجَلَةٍ (أو تَسَارُعٍ). وَقَدْ أُصْطُلِحَ عَلَى أنْ تكونَ إشارَةُ العَجَلَةِ (أو التَّسَارُعِ) مُوجَبَةً في حالَةِ ازْديادِ السُّرْعَةِ، وسَالِبَةً في حالَةِ تَنَاقَصِ السُّرْعَةِ.
فمثلاً، إذا زادَتْ سُرْعَةُ سَيَّارَةِ من 3 أمتارٍ/ ثانية إلى 15 متراً / ثانية خِلالَ 6 ثوانٍ، فإنَّ:
أمَّا إذا نَقَصَتْ سُرْعَةُ السَّيَّارَةِ من 15 م/ث إلى 3 م/ث خلال 6 ثونٍ، فإنَّ العَجَلَةَ = -2 م/ث2؛ وعموماً:
وعِنْدَمَا يَسْقُطُ أيّ جِسْمٍ في مجالِ الجَاذِبِيَّةِ الأَرْضِيَّةِ سُقوطاً حُرَّاً فإنَّهُ يَتَحَرَّكُ بِعَجَلَةٍ مُنتظِمَةً تُسّمَّى «عَجَلَةَ الجاذِبيَّةِ الأَرْضِيَّةِ»، وهي تساوي 9.8 م/ث2.
وهي تَخْتَلِفُ مِنْ نُقْطَةٍ إلَى أُخْرَى باخْتِلافِ ارْتِفاعِ المّكَانِ على سَطْحِ الأرْض.
ويَقْضِي أَحَدُ فُروضِ نَظَريَّةِ النِّسْبيَّة لأْيْنِشْتَين أَنَّهُ لا يُمْكِنُ قِياسُ السُّرعاتِ المُطْلَقَةِ، وإنَّما تَتَحَدَّدُ سُرْعَةُ أَحَدِ الأجسام بالنِّسْبَةِ لجسم آخَرَ. فمِقياسُ السُّرْعَةُ في السَّيارَةِ، مثلاً،
يدُلُّنا على سُرْعَة حَرَكَةِ السَّيَّارَةِ بالنَّسبّةِ لِلْطَريقِ، وهَذِهِ السًّرعة لَيْسَتْ مُطْلَقَةً. وبِمَعْرِفَةِ سُرْعَةِ السَّيَّارَةِ وسُرعَةِ دَوَرَانِ الأَرض يُمْكنُ إيجادُ سُرْعَةِ السَّيّارَةِ بالنسِّبَة للشَّمْسِ!
ولكنَّ الشَّمْسَ نَفْسَها تَتَحرَّكُ في مَجَرَّتِنا، دَرْبِ التَّبَّانَةِ، ومَرْكِزُ المَجَرَةِ اَيْضاً يَتَحَرَّكُ بالنِّسْبَةِ لنُجومٍ أَكْثَرَ بُعْداً.
وهَكّذَا يَبْدُو كَما لَوْ أنَّه كانَ مُسْتَحِيلاً أَنْ نَعْرِفَ سُرْعَةً مُحَدَّدَةً مُطْلَقَةً لجسمٍ ما، ويَكونُ مِن الأَصْوَبُ أَنْ نَتَحَدَّثَ عَنْ «سُرْعَةٍ نِسْبِيَّةٍ».
ونقدِّمُ لك فميا يلي بياناً بقيمِ بعضِ السُّرْعاتِ الثابِتَةِ:
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]