نبذة عن حياة الشاعر الكويتي “فهد البورسلي”
2002 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثالث عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الشاعر فهد البورسلي شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة
الشاعر الكويتي الشعبي فهد راشد ناصر بورسلي، هو أحد أبناء أسرة «بورسلي»، وهي إحدى الأسر العريقة في الكويت. وكان والد الشاعر أحد تجار اللؤلؤ المشهورين في ذلك الوقت.
ولد فهد سنة 1918، وترعرع على يد والده (راشد)، فأدخله كتابا تعلم فيه القراءة والكتابة والحساب، وحفظ شيئا من القرآن الكريم.
وكان راشد بورسلي – والد الشاعر – من المهتمين بالشعر النبطي، فكان يحفظ بعضا منه وينشده في مجالسه. كما كان ملا علي الموسى – خال الشاعر – من شعراء الشعر النبطي المعروفين في ذلك الوقت.
وفي هذه البيئة نشأ شاعرنا فهد، فبدأ يهتم بالشعر النبطي في وقت مبكر من شبابه، فحفظ الكثير منه.
وساعده ذلك على تكوين ثروة لغوية جيدة. ثم بدأ في نظم الشعر على تلك الطريقة السائدة في ذلك الوقت، وهي طريقة أهل البادية.
ولكن فهدا تحول بعد فترة قصيرة إلى الكتابة بلهجة أهل الكويت. ولذلك يعد فهد بورسلي من أوائل الشعراء الذين كتبوا قصائدهم بلهجة الحضر.
وقد أدى ذلك إلى انتشار قصائده انتشارا واسعا بين الناس في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي. ومما ساعد على انتشار شعر فهد بورسلي اهتمامه بقضايا الناس اليومية ومشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية، فكانت قصائده بمثابة صيحفة يومية يتناقلها الناس في مجالسهم ودواوينهم.
نظم فهد بورسلي الشعر في مختلف المجالات، كالهجاء والغزل والمديح والشكوى. واشتهر بقصائده التي تعرض فيها بالنقد لبعض مشاهير الأشخاص في الكويت، ممن كانوا يتولون مناصب قيادية كبيرة.
وعرف فهد بشجاعته في مواجهة أولئك الكبار، فكان يمزج نقده لهم بالسخرية اللاذعة والتهكم الشديد.
ولكن – وعلى الرغم من ذلك – كان كثير من الوجهاء والأعيان يتصلون بالشاعر، ويستمعون إلى قصائده، ويتحملون نقده اللاذع. وحرص كثير منهم على كسب مودته والتقرب إليه.
وكان شاعرنا فهد ذا قدرة عجيبة على نظم الشعر ارتجالا، وكانت له مساجلات شعرية مع كبار شعراء عصره، وقد لقي منهم احتراما وتقديرا لموهبته الشعرية النادرة.
واشتهر فهد بورسلي بحبه للفقراء ودفاعه عنهم، وبكراهيته للنفاق والمنافقين، يقول في إحدى قصائده الشعبية:
أعاتب زماني ولا من زمان
ألا يا زمان اشحدا مابدا
تفرق رجال الوفا واللزوم
وتجمع رجال العشا والغدا
اتكلم حقائق فتصبح ذليل
تنافق تجد منزلك صاعدا
أنا ودي أصبر ولكن صعيب
أنافق على غير حق وهدى
أما الشعر الغنائي فللشاعر فهد باع طويل فيه. فله الكثير من القصائد الغزلية التي تفيض رقة وجمالا.
وقد غنى المغنون الكثير منها، ولا يزال بعضها يتردد على الألسنة إلى اليوم. ومن أشهر تلك القصائد القصيدة التي مطلعها:
يا ناس دلوني
درب السنع وينه
ما شوف لي مرقى
من ير الأهوال
والقصيدة التي مطلعها:
جزى البارحة جفني من النوم
جزى من غرابيل الزمان
والقصيدة التي مطلعها:
يوم الاثنين الضحى
شفت لي غرو عجيب
والقصيدة التي مطلعها:
سلموا لي على اللي سم حالي فراقه
حسبي الله على اللي حان بيني وبينه
وغير ذلك من القصائد.
نشر ديوان فهد بورسلي لأول مرة سنة 1955، ولكن هذا الديوان لم يتضمن إلا القليل من قصائد الشاعر. ثم نشرت ابنة الشاعر وسمية ديوان والدها سنة 1994، ولكنها لم تنشر الديوان كاملا، فحذفت منه بعض القصائد التي قالها والدها في هجاء بعض الأشخاص المعروفين.
على الرغم من أن تلك القصائد تقدم لنا صورة واضحة عن المجتمع الكويتي في تلك الفترة، وتكشف جانبا هاما من مقدرة فهد بورسلي في الهجاء.
توفي الشاعر فهد بورسلي في شهر أبريل من سنة بعد مرض أبعده عن الناس وعن مخالطتهم، ولكنه ترك من بعده ثروة في مجال الشعر الشعبي ما تزال تحظى باهتمام الناس وعنايتهم.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]