نبذة عن حياة العالم “ابن وافد”
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول
صبري الدمرداش
KFAS
العالم ابن وافد شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة
إذا أردت أن تعرف من هو الطبيب الأسمى والصيدلي الأوفى والنباتي الأبقى، فإن ذاكرة التاريخ تهمس لك – بغير استحياء – باسم : ابن وافد (شكل رقم 82).
ثلاثةٌ… في واحد!
هو أبو المطرف عبدالرحمن بن محمد بن عبدالكريم بن يحيى بن وافد بن مهند اللخمي.
ولد في مدينة طليطلة العريقة التي تقع قرب مدينة مجريط، مدريد عاصمة أسبانيا الآن، وكان ذلك في عام 387 هـ (997م).
كان ابن وافد دؤوباً على القراءة والكتابة متفانيا في الدرس والتحصيل، مما جعله يُحلِّق في سماء روَّاد العلوم في الحضارة الإسلامية وهو أحد أشراف أهل الأندلس وذوي السلف الصالح منهم،
وكان ذا ثروة واسعة وغنى وجاه. توفى عام 467هـ (1076م) عن عمرٍ يناهز الثمانين، قضاها في البحث في علوم الطب والصيدلة والنبات حتى صار الطبيب الأسمى والصيدلي الأوفى والنباتي الأبقى، كبيراً من كبار علماء الأندلس ومن بعدهم.
ابن وافد… نباتياً وصيدلياً وطبيباً!
اهتم ابن وافد بعلمي النبات والصيدلة، فدرس عن كثب إنتاج كلٍ من ديسقوريدس وجالينوس في هذين المجالين.
ومن هذا الإنتاج، ومن خبراته الأخرى، ألّف كتاباً في الأدوية المفردة، احتوى على معظم المعلومات التي وردت في كتب كلٍ من هذين العالمين الإغريقيين مرتَّبةً في أحسن ترتيب، مما جعله إسهاماً مفيداً بحق لطلاب العلم ولعلماء أوروبا، لما فيه من معلوماتٍ نادرةٍ وقيمة في آن ضمَّتها صفحاته البالغة خمسمائة.
وقد قضى ابن وافد نحواً من عشرين عاماً لينجز كتابه هذا، جامعاً وباحثاً ومنقِّباً وناقداً وصولاً للحقيقة، ضالته وغيره من علماء العرب والمسلمين، ليس في الأندلس فحسب ولكن في جميع أنحاء الأمة الإسلامية.
وما تضمنه الكتاب من دراسة وافيةٍ عن العقاقير، جعلته مفيداً لمن عاصروا مؤلَّفه والتابعين له. وكان إنتاج عالمنا في الزراعة وفيراً، مما جعل علماء أوروبا يولون تراثه الزراعي عنايةً خاصة، فقد ترجموه إلى اللغة القشتالية في العصور الوسطى.
وإذا كانت شهرة ابن وافد لدى علماء العرب أنه كان نباتياً صيدلياً، فإن نبوغه في هذينا المجالين لا يجب أن يحجب عنا تفوقه في المجالات الأُخر وعلى رأسها الطب فقد تعلَّمه، ومارسه وعلَّمه.
واشتُهر بنصائحه الطبية التي كان دائماً ما يذكِّر بها طلابه ومرضاه. ويظهر ذلك من قول القاضي أبي القاسم صاعد الأندلسي في كتابه (طبقات الأمم) والذي ننقله عن علي عبدالله الدفاع في كتابه (إسهام علماء العرب والمسلمين في علم النبات) : (لابن وافدٍ في الطب منزع لطيف ومذهب نبيل، وذلك أنه لا يرى التداوي بالأدوية ما أمكن التداوي بالأغذية، أو ما كان قريباً منها، فإذا دعت الضرورة إلى الأدوية، فلا يرى التداوي بمركبها ما وصل إلى التداوي بمفردها، فإن اضطر إلى المركب لم يكثر التركيب بل اقتصر على أقل ما يمكنه منه).
وذلك منزعٌ ومذهبٌ ميَّز علماء العرب الذين عملوا في مجال الطب والصيدلة والنبات، فجميعهم فضَّل العلاج بالغذاء على العلاج بالدواء مفرداً كان أم مركباً.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]