نبذة عن حياة العالم “الحسن البصري”
1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثامن
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
العالم الحسن البصري شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة
كان يَسَارُ – والدُ الحسنِ البصريَّ – من أهلِ ميْسان في جنوبِ العراقِ، ثم أصبحَ مولىَّ لزيدِ بن ثابتٍ الأنصاريّ، وعاشَ في المدينةِ المنورةِ. وتزوجَ إمرأةً خيرة – كانت تشتغلُ عندَ أمّ المؤمنين «أمّ سَلَمة المخزومية».
وكان ثمرةُ هذا الزواج أن وُلِدَ الحسنُ البصريَّ في المدينة سنة 21 ه 642/م، في أثناء خِلافةِ عمر بن الخطاب.
وتربّى الحسن في وادي القُرى (شماليّ الحجازِ) في المدينةِ المنورةِ، ومعنى ذلك أنه أدرك – وربّما رأى – بعضَ صحابةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وربّما سمع منهم أحاديثَ.
بعدَ ذلك انتقلَ الحسن إلى البصرةِ وسكنَ فيها، وتولّى منصب القضاء، وتولّى أيضا منصبَ كاتب الوالي وذلك حين أصبحَ كاتباً للربيعِ بن سليمانَ، والي خراسان في عهدِ معاويةَ.
ويُعدُّ الحسنُ البصريّ (وكنيته: أبو سعيد) من الشخصيات البارزةِ في القرنِ الأول الهجريّ، فهو من كِبارِ التابعينَ وعلمائهم.
وكان الحسنُ البصريّ عالماً كبيراً يتميّزُ بالفقه، وهو أيضاً من رواةِ الحديثِ ( النّبويَّ )، كما كان قصّاصا واعظاً ينجذبُ الناس إلى أُسلوبِهِ الجيّد في القَصَص وإلى أسلوبِهِ الفصيح في الوعظ.
واشتُهر كذلك بالفصاحة حتى قيل فيه: أخطبُ الناس صاحبُ العمامةِ السودا، يعنون أبا الحسنِ البصريّ.
فقد كان أحدَ رجلين مشهورين – في زمنهما – بالفصاحة، وهما الحسنُ البصريّ، والحَجَّاجُ بنُ يوسفَ الثَّقَفيّ المشهور، بل أن بعضَ العُلماء يعتبره أفصح من الحجاج.
وإلى جانبِ علمِه وفقهه وفصاحتِهِ، كان – أيضاً – شُجاعاً قوياً، يُشاركُ في حَملاتِ الجهاد في سبيل الله، حتى أن المُهلَّبَ كان يجعلُهُ في مقدمةِ الجيشِ لقتالِ المشركين.
لم يكن هو كلَّ ما يتميزُ به أبو سعيد: الحسن البصريّ، بل ذكرنا سابقا أنه كان كاتبا للوالي، وكان يتميزُ أيضاً بالشجاعةِ الأدبية في إبداء رأيِهِ، ولا يَخافُ في قولِ الحقَّ لومةَ لائمٍ.
ومواقِفُهُ مع الحجاج بن يوسف تثبتُ ذلك، والحجاجُ بن يوسف معروفٌ بِقسوتِه وجبروتِه لكنّ اللهَ سَلَّمَهُ منه.
وكان إذا تكلّم لا يملُّ سامِعُهُ من الاستماع إليه، فقد كان صاحب نصائحَ ومواعظَ وحكمةٍ وبيانٍ يصوغها في كلامٍ فصيحٍ، واضح وجميل. هذا فضلا على أنه كان من أعلمِ الناسٍ بالحلال والحرامِ، ولذلك اشتهر بالوّرع والتقشف.
ومنَ الجوانِبِ الانسانية في شخصيته: أنه على الرغم من قوته وشجاعتهِ، كان رقيقَ القلبِ: فقد كان له أخٌ اسمه سعيد، وكان سعيدٌ هذا من ثِقاتِ التابعين، وكان كثيرَ العبادةِ، فلما تُوفيَ أخوه بكى عليه الحسنُ البصريّ وحزن كثيرا.
وكان الحسنُ البصريّ تقياً زاهداً، واسعَ الحلمِ، حسنَ الأخلاقِ. ويُروى أنه أغمي عليه عند موته، ثم أفاق فقال: لقد نَبَّهتموني من جناتٍ وعيونٍ ومقامٍ كريم.
وتُوفيَ الحسنُ البصريّ في البصرة (1 رجب، 110ه، من اكتوبر، 728م)، وشَيَّعَ جنازتَهُ كثيرٌ من الناس.
ومن أقوالِهِ الجميلةِ والحكيمة:
– التقديرُ نصفُ الكسبِ، والتّودّد نصفُ العقل، وحُسْنُ طلب الحاجةِ نصفُ العلم.
– بِعُ دُنياك بآخرتك تربحُها جميعا، ولا تَبِعْ آخرتَك بدنياك فتَخْسَرْهُما جميعا.
– تهاديتُم الأطباق، ولم تتهادوْا النصائح.
– ما أطال عبْدٌ الأمل إلاّ أساء العمل.
– إذا سرَّكَ أن تنظُر إلى الدُنيا بعدَك، فانظُرْ إليها بعد غيرك.
– لمّا ولي عمرُ بن عبدِالعزيزِ الخلافةَ كتبَ غلى الحسنِ البصريّ: إنّي قد ابْتُليتُ بهذا الأمر (أي: الخلافةَ) فانْظُر (أي: إبحث) لي أعواناً يُعينونني عليه، فأجابَهُ الحسنُ: أمّا أبناء الدنيا فلا تريدُهُم وأمّا أبناءُ الآخرةِ فلا يُريدونَك، فاستعنْ بالله.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]