نبذة عن حياة العالم “الخوارزمي”
1998 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء التاسع
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
العالم الخوارزمي شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة
الخوارزمي من أبرز علماء المسلمين. اسمه: محمد بن موسى، وكنيته: أبو عبد الله.
ولد لعائلة ثرية (من بني موسى) في خوارزم، التي ينسب إليها، وخوارزم من بلاد أوزبيكستان. عاش في بغداد في عصر المأمون (198 – 218 هـ)، الذي ولاه أمينا على "دار الحكمة".
وقد نبغ الخوارزمي في الرياضيات، والفلك، والموسيقى، والجغرافيا، والتاريخ، وألف فيها جميعا، ولكن أعظم أعماله كان في الرياضيات. فهو مؤسس علم الجبر، الذي يعرف بهذا الاسم العربي في العالم كله حتى اليوم.
وقد سجل الخوارزمي أفكاره العبقرية عن الجبر في كتابه المشهور: "الجبر والمقابلة"، الذي أهداه إلى الخليفة المأمون، وظل عدة قرون المصدر الأساسي العالمي لعلم الجبر.
ولكن ما الذي كان يعنيه الخوارزمي بلفظي: "الجبر" و "المقابلة"؟
الجبر: هو أن نتخلص من الحدود السالبة في المعادلة، ويكون ذلك بإضافة مقدار موجب مساو للحد السالب إلى كل من جانبي المعادلة وبذلك لا تختل المعادلة، كما في المثال التالي:
4 س + 15 = س2 + 8 س – 6
فإذا أفنا (+ 6) إلى الطرفين تصبح:
4 س + 15 + 6 = س2 + 8س – 6 + 6
أي: 4 س + 21 = س2 + 8 س
(وهذا يساوي ببساطة: نقل الحد السالب إلى الجانب الآخر من المعادلة).
أما المقابلة فهي توحيد الحدود المتماثلة في الطرفين. ففي الصورة الأخيرة للمعادلة (بعد الجبر)، ننقل الحد (4 س) إلى الطرف الأيسر، كي نضمه مع ما يماثله، هكذا:
21 = س2 + 8 س – 4 س
أي: 21 = س2 + 4 س
ووضع الخوارزمي مصطلحات جديدة لعلم الجبر، أهمها: الشيء، والمال، والعدد.
الشيء: هو الجذر، وهو الشيء المجهول. (وهو في المعادلة السابقة: س).
المال: هو مربع الجذر أو الشيء. (وهو: س2).
والعدد: هو العدد الملفوظ، وهو الحد المعلوم في المعادلة (وهو: 21).
ومن الطريف أن نعلم أن "س"، المستخدمة في الجبر، أصلها: شيء، اختصـرت إلى: ش، ثم تحولت إلى: س.
ولعل الدافع للخوارزمي إلى حله المسائل بالجبر هو إيجاد طريقة دقيقة لحساب الأنصبة المختلفة للورثة في الشـريعة الإسلامية (وهو ما يعرف بحساب المواريث). ولكن الخوارزمي بهذا قد أوجد علما رياضيا جديدا مستقلا عن علم الحساب.
والراجح أن كتاب "الجبر والمقابلة" كان مختصـرا لكتاب أكبر. وقد ترجم الكتاب من العربية إلى اللاتينية، ليصبح مرجعا أساسيا في أوروبا.
ثم نشـرت النسخة العربية في لندن عام 1831، ثم نشرت ترجمة إنجليزية لها، ونشرت ترجمة لبعض فصولها باللغة الفرنسية، ثم توالت الترجمات.
وفي العصـر الحديث، حقق الكتاب وشرحه وعلق عليه العالمان المصـريان: الدكتور علي مصطفى مشرفة، والدكتور محمد مرسي أحمد، عام 1939.
ويدين العالم للخوارزمي بالفضل في علم الحساب أيضا. فهو الذي استخدم الأرقام المنقولة من الهند في المسائل الحسابية، ومنه عرفها الأوروبيون فأسموها "الأرقام العربية".
والخوارزمي هو الذي أبرز ترتيب الأعداد في خانات (الآحاد، العشـرات، المئات.. إلخ)، فجعل عمليات الحساب بالأعداد الكبيرة ميسورة.
وهو الذي أبرز معنى "الصفر"، وعنه أخذه الأوربيون فدخل لغاتهم بألفاظ محورة من اللفظ العربي. وكان هذا تطورا كبيرا في الرياضيات.
وأهم أعمال الخوارزمي في الحساب كتابه المسمى "الجمع والتفريق" (أو "الجمع والطرح، بالحساب الهندي")، الذي ترجم أيضا إلى اللاتينية.
والواقع أن لفظ "ألغورزم" في اللغات الأجنبية، الذي يعني نظام الترقيم المتبع في العالم، ويعني أي نظام حسابي منهجي، لدليل على أهمية الخوارزمي في الرياضيات، وكان نظام الخوارزمي العشـري في كتابة الأعداد أساسا للرياضيات في الحضارة الإسلامية، ثم في الحضارة الغربية المعاصرة.
وقد حل الخوارزمي المسائل الهندسية بطرق جبرية، فكان من مؤسسي علم "الهندسة التحليلية".
ومن إنجازات الخوارزمي في علم الفلك كتابه المسمى "السندهند الصغير" (والسند هند" أصلها كلمة هندية: "سدهانتا"، ومعناها: المعرفة).
وهذا الكتاب هو زيج – أي جداول فلكية – مزج فيه الخوارزمي بين علوم الهند والفرس واليونان، واتخذه كثير من المؤلفين بعده أساسا لأزياجهم (جداولهم الفلكية). وقد اختار الخليفة المأمون الخوارزمي بين العلماء الذين كلفهم بقياس محيط الكرة الأرضية.
وفي الجغرافيا يعد الخوارزمي من المجددين لجغرافية "بطليموس"، وله في ذلـك كتاب أسماه "تقويم البلدان"، عرض فيه أيضا آراءه الخاصة المستقلة عن العلم الإغريقي. وللخوارزمي أيضا كتاب في التاريخ، كتبه بالفارسية. وهذه هي بعض الكتب التي ألفها الخوارزمي.
حقا إن الخوارزمي كان رياضيا عبقريا، وعالما موسوعيا في الوقت نفسه.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]