نبذة عن حياة العالم “بييرسيمون لابلاس”
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول
صبري الدمرداش
KFAS
العالم بيبرسيمون لابلاس شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة
كان مؤرِّخو العلوم على حقٍ عندما أطلقوا على الماركيز دى لابلاس (شكل رقم 45) لقب (نيوتن فرنسا) .
ولقد استحق هذا اللقب بفضل أعماله الضخمة في ميكانيكا الأجرام السماوية التي توَّج بها جهود أجيالٍ ثلاثة من علماء الفلك الرياضيين، ولأنه قدَّم للعالم قاعدة عامة يمكن تطبيقها في كافة ميادين الفيزيقا.
أما مؤرِّخو سيرته الذاتية فقد رأّوا فيه شخصاً يدعو إلى الاهتمام أكثر منه رجل علم.
فقد كان يجمع كثيراً من الصفات التي امتزجت معاً بشكل غريب: كان طموحاً دون أن تنقصه المودة، وكان لامعاً ولكنه لا يتورَّع عن سرقة أفكار غيره، وكان مرناً بحيث يصبح جمهورياً أو ملكياً وفق ما تقتضيه الحال في زمنه الكثير التقلب، زمن الثورة الفرنسية.
تضاربٌ.. حول النشأة
ولد بيير في قرية بومونت-أن- أوج بمقاطعة نوماندى التي تطل على القناة الإنجليزية في الثالث والعشرين من مارس عام 1749.
والحقائق المتعلقة بحياته، وخاصة في سنينها الأولى، قليلة ومتباينة، ذلك أن أغلب الوثائق الأصلية التي تتناول تاريخ حياته قد احترقت خلال الحريق الذي دمَّر قصر حفيده الكونت كولبرت لابلاس في عام 1925، كما فُقد منها جزءٌ آخر خلال الحرب العالمية الثانية من جراء إلقاء القنابل على مدينة كان.
والآراء الخاطئة كثيرة حول حياته، كالقول إن أباه كان فلَّاحاً مُعدماً، وأن بعض جيرانه الأثرياء هم الذين كفلوا تعليمه، وأنه عمد إلى إخفاء نشأته المتواضعة بعدما صار شهيراً.
والحق – كما يرى السير إدمون ويتاكر عالم الرياضيات المعروف- أنه مهما كانت الأسباب التي دعت لابلاس إلى تحفظه عند الحديث عن طفولته، فإن فقر والديه ليس واحداً منها، فقد كان أبوه يملك ضيعة صغيرة، وكان يعمل رئيساً في إحدى الأبراشيات.
وكانت أسرته برجوازية ميسورة. كان أحد أعمامه جرَّاحاً والآخر قّساً، وهو الذي أثار في الصبي حبه للرياضيات، وقد اعتقد الناس في وقت ما أن بييرسيسير على نهج عمه ويصبح قساً.
غير أن الفتى أظهر كفاءته الرياضية في جامعة كان التي دخلها وعمره لم يتجاوز السادسة عشرة، وقد كتب وهو في هذه السن بحثاً عن علم التفاضل والتكامل للفروق المتناهية في الصغر ونشره في مجلة علمية.
كان يشرف عليها ويرأس تحريرها عالم الرياضيات الكبير لاجرانج(شكل رقم 46) الذي كان يكبر لابلاس بثلاثة عشر عاما والذي تعاون معه فيما بعد.
النضوج المبكر
وما إن بلغ بيير الثامنة عشرة حتى شدَّ الرِّحال إلى باريس حاملاً خطابات توصية حارة إلى جين لوروند دولامبير أبرز عالم فرنسي في الرياضيات. ولكن دولامبير لم يعرها اهتماماً.
ولم يفُت هذا التجاهل في عضد الفتي، فأرسل إلى العالم الكبير رسالة.. ليست استعطافاً، وإنما هي رسالة علمية تضم بحثاً عن القواعد العامة للميكانيكا.
وكان لهذه الرسالة أعظم الوقع وأكبره على نفس دولامبير الذي أرسل في طلب الشاب الباكر النضج.
ولما مثل أمام دولامبير قال له: استمع يا بني. أنت ترى أنني لا ألقي إلى التوصيات بالاً.
ومن حسن الحظ أنك لا تحتاج إلى توصية. لقد قدَّمت الدليل على كفاءتك وهذا يكفيني لأن أكون بجانبك. وسرعان ما كفل له العالم الكبير وظيفة أستاذ الرياضيات في مدرسة باريس العسكرية.
وشق لابلاس طريقه بسرعة. قدَّم إلى أكاديمية العلوم الفرنسية بحثاً من وراء بحث مستثمراً قدرته الرياضية الهائلة في حل المشكلات المتعلقة بنظرياتٍ كثيرة مثل نظرية دوران الكواكب.
وقد علَّق أحد علماء الأكاديمية على ذلك قائلاً: لم نر شاباً يُقدِّم في هذا الوقت الوجيز، ذلك العدد الكبير من البحوث المتعلقة بمشكلاتٍ صعبة ومتداخلة الجوانب مثلما قدَّم لابلاس.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]