نبذة عن حياة العالم “مندلييف”
1999 تاريخ الكيمياء
صلاح محمد يحياوي
KFAS
العالم مندلييف شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة
ولد ديمتري ايفانوفيتش مندلييف في 7 شباط (فبراير) من عام 1834م، وقد انحدر نم أسرة كبيرة ضمّت ما بين 14 و 17 ولداً ذلك أن السجلات لم تكن جلية في هذا الصدد.
كان ديمتري أصغر الأولاد، ومن المرجح أن أحد أجداده كان آسيوياً إذ أن أمه منغولية من أحد أبويها، تلقى مندلييف أولى دروسه في العلوم من لاجئ سياسي سجين كان قد أرسل إلى سيبرية.
وفي عام 1840م عندما أنهى مندلييف دراسته الثانوية مات أبوه، واحترق مصنع زجاج كانت تمتلكه والدته مما جعلها بلا مورد.
وكان أغلب أولادها قد غدوا مستقلني بحياتهم لذلك أخذت ابنها مندلييف إلى موسكو أولاً ثم إلى بطرسبورغ، وتدبرت أمرها بإرسال الشاب إلى الجامعة ثم ماتت.
أنهى مندلييف، دراسته الجامعية عام 1855م، وكان الأول على صفة (قسمه)، وذهب إلى فرنسة وألمانية لينتسب إلى الدراسات العليا، ثم عاد إلى بطرسبورغ ليغدو أستاذاً في جامعتها، كان مندلييف أقدر مدرس وأكثر المدرسين إثارة للاهتمام في روسية، وأحد أجودهم في أوربة.
وبفضله تمكن الشباب في روسية من تلقي الدراسات العليا في الكيمياء دونما حاجة لترك بلدهم، وضع مندلييف كتاباً جامعياً يمكن أن يكون أجود ما كتب في روسية.
وكان للكتاب حواشي عديدة شغلت من الكتاب حيزاً عادل الحيز الذي شغله النص، وضع مندلييف الجدل الدوري للعناصر عام 1869م مما جعل دراسة العناصر عقلانياً في نهاية الأمر.
وقد قام مندلييف بغية وضع الجدول بما لم يتجرأ على القيام به أحد إذْ ترك فراغات قال بأنها ستملأ بعناصر لم تكتشف بعد، وبدا ذلك للكيميائيين الغربيين رَجْماً بالغيب، ومع ذلك فقد تم خلال خمسة عشر عاماً – اكتشاف ثلاثة عناصر، ودلت خاصياتها على أنها تتطابق مع ما تنبأ به مندلييف الذي غدا فجأة أشهر كيميائي في العالم.
ورغم أن مندلييف كان ليبرالياً إلا أن حكومته أرسلته موفداً إلى الولايات المتحدة لدراسة تكنولوجية النفط، مات مندلييف في بطرسبورغ في الثاني من شباط 0فبارير) من عام 1907م.
اكتشف الكيميائي الروسي ديمتري مندلييف علاقة أساسية ما بين العناصر الكيماوية تعتمد على أوزانها الذرية، وصاغ اكتشافه هذا في جدول دوري للعناصر يعد الآن حجر الزاوية في الكيمياء الحديثة.
وقد مكن اكتشاف هذه العلاقة الأساسية الكيميائيين من تحديد هوية "فصائل" من العناصر متشابهة في خاصياتها الفيزيائية والكيماوية.
كما مكن من التنبؤ بوجود عناصر ما كان معروفة عندئذٍ، وذلك عند تحديد هوية الفجوات في هذه الفصائل، وقادت الأهمية الأساسية للوزن الذري التي أبرزها عمل مندلييف الفيزيائيين إلى طرح جديد للبنية النووية ولأهمية هذه البنية في تحديد سلوك المادة وخاصياتها.
كان مندلييف أصغر أفراد أسرة تَعُدُّ سبعة عشر أخاً في توبولسك في سيبرية، وكان والده معلم المدرسة المحلية، وقد أصيب بالعمى عندما كان مندلييف صغيراً، لذلك قضى مندلييف جزءاً كبيراً من طفولته في وسط محاط بصعوبات اقتصادية.
وكان على أمه أن تعمل لتسد رمق أسرتهان ولكن ما إن حل عام 1849م، وكان مندلييف يكاد ينهي تحصيله المدرسي، حتى حلت مأساة مزدوجة بالأسرة. غذْ مات والده، وأجهز حريق على متجر أمه الصغير.
وكان على أم مندلييف بعد أن استقل الأبناء الكبار أن تنظم تربية الأبناء الصغار وتعليمهم، وأثمرت عزيمتها التي تستحق الإعجاب عندما دخل ديمتري كلية العلوم في جامعة بتروغراد (لينينغراد سابقاً وبطرسبورغ حالياً)، وكان ذلك قبل موتها بأسابيع قليلة.
كان مندلييف طالباً لامعاً استغل الفرص التي أتيحت له أجود استغلال فحصل على شهادته الجامعية بأعلى الدرجات، وانتسب إلى الدراسات العليا في فرنسة وألمانية، وعاد إلى روسية عام 1866م، كيميائياً ذا مكانة مرموقة، فشغل وظيفة كرسي الأستاذية في جامعته القديمة، وقاده عدم رضاه عن الكتب المستعملة إلى وضع كتاب مختصر خاص به بعنوان "مبادئ الكيمياء" نشره عام 1870م، وهو اليوم من الكتب الكلاسيكية.
ولإنجاز هذا الكتاب قام مندلييف ببحوث تبين منها وجود علاقات بين عناصر كيماوية مختلفة، فحاول إيجاد قرائن لبنية موحدة بين الخاصيات.
كان كيميائيون آخرون قد حاولوا ذلك قبله، فقد سعى كثيرون – منذ وضع الكيميائي الإنكليزي جون دالتون مفهوم الوزن الذري – إيجاد علاقة رياضية بين الأوزان الذرية للعناصر متوقعين حل لغز البنية الأساسية. وجد مندلييف مفتاح الحل بوضعه التصنيف الدوري للعناصر.
أعد قائمة بالعناصر الثلاثة والستين المعروفة في عصره دون أن يضيف شيئاً على ما قام به سابقوه. كان قوام اكتشافه التاريخي معرفته أن بعض مميزات العناصر تتكرر دورياً، وتبينه بشكل خاص الزيادة والنقصان المنتظمين في تكافؤات العناصر، أي اكتشافه الوسيلة الي تعرف بها السعة الكلية الكاملة للاتحاد الكيماوي مع العناصر الأخرى.
وقد أطلق مندليف على تصنيفه هذا – منطلقاً من الطريقة الدورية التي تتكرر بها تلك المميزات – اسم الجدول الدوري للعناصر، وهو الاسم الذي لا يزال يعرف به الجدول إلى يومنا هذا.
استقبل الجدول الدوري بتشكك كبير على الرغم من شهرة مندلييف في الأوساط الأكاديمية، غير أن كثيراً من العلميين الذين كانوا قد أعلنوا سابقاً ترتيبات مزعومة للعناص، رأوا حججهم تتهاوى عندما قدم مندلييف عام 1871م الدليل الذي جعل تصنيفه، فيما بعد، مقبولاً على نطاق واسع.
ففي رسالة تاريخية نشرتها الصحيفة اليومية للجمعية الكيماوية الرسوية حدد مندلييف هوية عناصر ما كانت مكتشفة بعد، لا بل تعدى ذلك إلى الإعلان عن أن موقع الفراغات يشير إلى أن العناصر الجديدة ستكون ذات خاصيات مماثلة لخاصيات جاراتها في الجدول.
وبالفعل فقد كان وصف مندلييف للعناصر التي ينبغي اكتشافها وصفاً مفصّلاً، اكتشف أول هذه العناصر، ألا وهو الغاليوم، بعد أربع سنوات، وسرعان ما تلته العناصر الأخرى.
كانت تنبؤات مندلييف دقيقة جداً، ونجح تصنيفه الدوري في الاختبار الذي ينبغي لكل نظرية علمية أن تخضع له، ألا وهو اختبار التنبؤ بنجاح بوقائع جديدة قابلة للتحقق، وفجأة تحول مندلييف إلى إنسان شهير عالمياً، وانهال عليه التكريم من جميع الأنحاء.
فكان عليه أن يقوم بالكثير من الرحلات إلى الخارج، كان ذا شخصية شعبية، وقد اضفى عليه شعره الطويل ولحيته الكثة مظهراً بطريرقياً… يروق للجسم.
ومع ذلك ما كان مندلييف يُقَدَّرُ حق قدره في روسية، وذلك نتيجة للموقف الحكومي منه، فقد كان فقد كانت الحكمة ترتاب من أفكاره التحررية التي تتسم بالإيمان بالمساواة بين الناس.
توفي مندلييف قبل أشهر قليلة من الثورة الروسية، وفي عام 1955، وبعد وفاته أطلق اسمه على عنصر اكتشف حديثاً (المندليفيوم) اعترافاً باكتشافه الهام.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]