نبذة عن حياة العالم “ميشيل فاراداي”
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني
صبري الدمرداش
KFAS
ميشيل فاراداي حياة العالم فارادي شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة
يشتهر فاراداي (شكل رقم 168)، بأنه صاحب التجارب التي أدت إلى كشف كهرباء الحث، ويتجاهل التاريخ أنه كان أيضاً أحد عظماء مؤسِّسي الفيزيقا الحديثة، بل هو أبو الفيزيقا التجريبية.
ويقيناً يمكننا القول بأنه الرجل الذي بدأ الثورة التي حطمَّت حكم نيوتن الطويل والتي أعادت بناء الفيزيقا على أسسٍ نظرية جديدة.
ذلك لأ فاراداي كان العالم الأول الذي اقترح فكرة المجال، وهو المفهوم الذي أصبح فيما بعد الركن الأساسي في نظرية جيمس كليرك ماكسويل الكهرومغناطيسية، والنظرية العامة لألبرت آينشتاين عن النسبية، وتقدم القرن العشرين نحو سبر أغوار حقائق الطبيعة.
ابن الحداد … يصبح عالما !
كان ميشيل فاراداي قد وصل في عام 1857 إلى ما يعتبر قمة الانتصارات الدنيوية.
فقد عرض عليه الاستاذ " تيندال" رئاسة الجمعية الملكية، ولكن فاراداي – ألمع علماء عصره – رفض هذا الشرف قائلاً كلمة تقطر تواضعاً : " يجب أن أظل، ياتيندال، ميشيل فاراداي البسيط " .
بتلكم الكلمات المتواضعة لخَّص لنا فاراداي بشكلٍ واضحٍ أهم ملامح شخصيته غير العادية. فقد كان يرفض مختلف الامتيازات الأكاديمية والمكافآت المادية طوال حياته ، وذلك حتى يكون حراً في بحثه عن أسرار الطبيعة الغامضة وهو ما زال "ميشيل فاراداي البسيط ".
وكان منبته في الواقع بسيطاً كذلك، فقد ولد في 22 سبتمبر عام 1791 في بلدة "نيونجستن" بيوركشير من أصلٍ متواضع .
كان والده حدّاداً ، وشقيقه سبَّاكاً . وأعمامه بدّالين وإسكافيين وفلّاحين وكتبة! ولكن شجرةالعائلة هذه الأقل من العادية قد أنتجت لنا زهرة واحدة فائقة الروعة : " ميشيل فاراداي" .
جاء في مذكرات فاراداي : " كان تعليمي عادياً جداً ، لا يتعدى الإلمام بالقراءة والكتابة والحساب في إحدى المدارس الصباحية العامة. وكنت أقضي وقتي خارج المدرسة إما في المنزل أو في الشارع" .
الألثغ … !
لم تظهر على فاراداي الطفل أي بشائر تنبئ عن مستقبل نبوغه . فكان – كما قال هو عن نفسه – تلميذاً عادياً في مدرسة عادية ، وكان يمضي ساعات فراغه من المدرسة إما في المنزل أو في الشارع وهو يلعب " البلي " أو يعتني بأخته الطفلة أو متفرجاً على غروب الشمس ! .
وانتهت دراسته النظامية نهاية سريعة غير متوقعة بسبب عيبٍ لديه في النطق، إذ كان ألثغاً لا يستطيع نطق حرف "الرَّاء" ، ومن ثم كان ينطق اسم أخيه الأكبر "ووبرت" بدلا من "روبرت" .
وكانت مُدَرِّسته ، وهي عانس، جافة العواطف، تحاول أن تخلِّصه من ذلك العيب عن طريق التندر والسخرية .
وعندما وجدت آخر الأمر أن السخرية لا تفيد عزمت على اللجوء إلى الضرب واللطم، فنادت روبرت إلى المنصة، وكان تلميذاً مع أخيه ميشيل في نفس الفصل، وأعطته بنساً وأمرته أن يشتري عصاً، وقالت : " إني سأستعملها في إعطاء ميشيل علقة على رؤوس الأشهاد ! " .
ولكن روبرت كان ينظر إلى الموضوع من زاوية أخرى، ومن ثم فقد قذف بقطعة النقود في الطريق وجرى ليبلغ والدته عن قسوة معلمته . ولما كانت الأم ترى أن صحة ابنيها أهم من تعليمهما فقد قامت بسحبهما من المدرسة.
منتهى … الفقر !
بعد انتزاع الأخوين روبرت وميشيل من دراستهما، كان والدهما قد ضاق به شظف العيش في قريته ، فعزم على الانتقال بعائلته إلى لندن، مدينة السحر والمعجزات، التي ترصف شوارعها بالذهب! وسافر آل فاراداي إلى لندن، واتخذوا لهم من فوق اسطبل عربات في ميدان مانشستر مسكناً ! .
يا تُرى هل يغير مقر أسرة فاراداي الجديد من حظها؟ كلا، إذ كان عليها – حتى في لندن – أن تتغذى بقشور الخبز اليابسة المدهونة بالأمل الزائف!.
وكانت جراية ميشيل نفسه رغيفاً واحداً في الأسبوع ! وحتى هذا الرغيف كان يحصل عليه من إعانة الفقراء التي تدفعها لأسرته الحكومة، وقد سمحت له والدته بأن يوزعه كما يريد على أيام الأسبوع، ويا له من تدريبٍ رائعٍ حقاً لعالمٍ من أشهر علماء المستقبل!.
وعندما كان ميشيل يستلم رغيفه يوم الإثنين من كل أسبوع كان يقسمه بعناية إلى أربعة عشر قسماً، أي قسمين لكل يوم، أحدهما للإفطار والآخر للعشاء! ونتيجة لتلك "السياسة" الدقيقة لم يكن يشعر في يوم من الأيام بأنه جائع تماماً، وكذلك لم يشعر بأنه ممتلئ تماماً.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]