شخصيّات

نبذة عن حياة العالم والأديب “إسْحَقُ المُوصِلِيُّ”

1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثاني

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

إسْحَقُ المُوصِلِيُّ شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

مِنَ العلماءِ من بَرَّزَ في أكثرِ من لَوْنٍ من ألوانِ العِلْمِ والفنِّ، وإنْ غَلَبَتْ شهرتُه في واحدٍ منها.

وينطبقُ هذا على كثيرٍ من علمائِنا المسلمين، ومنهُم إسحقُ الموصِلِيُّ العالِمُ الأديبُ والذي كان دُرَّةَ عَصْرِهِ في الغِنَاءِ.

اسمُه إسحقُ بنُ إبراهيمَ بنُ ميمون التميميُّ، وكُنْيَتُه أبو محمد، وهو من العراق وُلِد سنة 150هـ (767م).

 

وأبوه إبراهيمُ المَوْصِلِيُّ المغنّي المشهورُ والذي اكتسب لقبَه "الموصليَّ" حين سافرَ إلى المَوْصِل وتعلّم الغناءَ بها، وَرِثَ إسحقُ صَنْعَةَ الغناءِ عن أبيه، وبرعَ فيها حتى تفوَّقَ على أقرانِه، وذلك لأنه جمع بين المَوْهِبَةِ والدِّراسةِ.

فأصبح يضاهِي علماءَ الموسيقَى الأقدمين في الشـرقِ والغربِ. وأتقنَ العزفَ على العودِ وأكثرِ الآلاتِ الموسيقيةِ، وغنَّى حوالَيْ أربعِمئةِ لَحْنٍ.

وكان خبيراً بالألحانِ، حضـرَ مرّةً حفلةً كبيرةً على رأسِها الخليفةُ المأمونُ وكان يغني فيها عشـرون جاريةٍ واستطاعَ أن يكتشفَ خطأ دقيقاً في لَحْنِهِنَّ لم يَنْتَبِهْ إليه غيرُه من محترِفي الغناء. وقد أدهشَ ذَلك الحاضرين.

 

كان إسحقُ كذلك عالِماً في الفِقْهِ والحديثِ وعلومِ اللّغةِ والكلامِ وراوياً للشعرِ، وشاعراً يُغَنَّى شِعْرُهُ.

وكان يقدِّر العلمَ ويحبُّ أن يُذْكَرَ بينَ العلماءِ أكثرَ ممَّا يذكرُ بين المُغَنِّيين.

وقد أخذَ كلَّ هذا بالجِدِّ حتى كان من البارزين فيه، وحقَّقَ ثروةً كبيرةً من عَمَلِه، وتركَ مؤلَّفاتٍ قيّمةً بلغتْ خمسةً وعشـرين كتاباً في الشِّعِر والأَدبِ والغناءِ والموسيقَى، ومنها كتاب أغانيه، "مواريثُ الحُكَمَاء"، و"جواهرُ الكلامِ"، و"النَّوادِرُ المُتَخَيَّرَةُ"، و"تفضيلُ الشِّعر والردُّ على من يُحَرِّمُه ويَنْقُضُه" وغيرها:

 

ومن شعره قولُه:

أرى الناس خِلاَّنَ الكِرَامِ ولا أرى

                                                     بخيلاً له حتَّى المَمَاتِ خليلُ

وإني رأيتُ البُخْلَ يُزْرَى بأهلِه

                                                      فاكرمتُ نَفْسِيَ أن يُقَالَ بخيلُ

 

وكان إسحقُ معروفاً بالعِفَّةِ والصِّدْقِ والأَمانةِ حتَّى قالَ عنه الخليفةُ المأمونُ "لولا شهرتُه بالغناءِ لَوَلَّيتُه القَضَاء".

ذاع اسمُه في كُلِّ أنحاءِ عَصـْرِه، وقرَّبَه الخلفاءُ وكرَّموه وكافئوه، ومنهم الرشيدُ، والمأموُن، والمعتصمُ، والواثقُ، والمتوكِّلُ.

وقال عنه الواثقُ: "ما غنَّاني إسحقُ قَطُّ إلاَّ ظننتُ أنه قد زِيدَ في مُلْكِي، وإنَّ إسحقَ لَنِعمةٌ مِنْ نِعَمِ المُلْكِ التي لم يَحْظَ أحدٌ بمِثلِها".

 

تُوُفِّيَ إِسحقُ الموصليُّ  في بغدادَ سنة 235ه (850م) ونال من الثناءِ والتكريمِ بعدَ وفاتهِ مثلَ ما لَقِيَ في حياتِه، فقال عنه الخليفةُ المتوكلُّ: "ذهبَ صدرٌ عظيمٌ من جَمَالِ المُلكِ وبهائِه وزينتِه". ورثاه كثيرٌ من الأدباءِ والشعراءِ.

وهكذا يَلْقَى العلماءُ والفنانون المخلصون لعِلْمِهم وفَنِّهم كلَّ تقديرٍ ويبقى اسمُهم لامعاً في سِجِّل التاريخِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى